الوقت - من قال إن إحراق المسجد الأقصى 1969 يخمد جذوة المقاومة، ومن قال إن كيان الاحتلال الصهيوني سيكون بعدها قرير العين آمن الجانب، ومن قال إن الاحتلال سيصبح "شرعياً" يوماً ما.
عندما تحل الذكرى المشؤومة لإحراق المسجد الأقصى، لا يتذكرها الشعب الفلسطيني لمجرد الذكرى، إذ إن الحديث عنها والتذكير بها واجب على كل فلسطيني، وحق للأجيال اللاحقة للحدث المشؤوم، وهنا مقتل الكيان فأن تدرك الأجيال الجديدة جرائم الكيان منذ عقود فهذا يعني إصرار على المقاومة التي لن تنطفئ شعلتها، وبالتالي لسنا أمة نائمة كما ادعت غولدا مائير .
الشعب الفلسطيني في انتفاضة متجددة ولا يمكن للعدو المحتل أن يقف في وجه تلك الانتفاضة، إذ كانت معركة سيف القدس ٢٠٢١ نقطة مفصلية ومتجددة في مسيرة النضال الفلسطيني ومواجهة المحتل، ولا سيما أنها وحّدت الساحات، ليس فقط في الداخل الفلسطيني بل حتى في الإقليم المنتمي بجزء منه للمقاومة والمتوحد معها في النضال ومقارعة المحتل من جبهته ولكن إن لزم الأمر ستكون وحدة النضال والمقاومة على الأرض الفلسطينية ذاتها، وعندها سيضيق الحصار على الكيان المحتل أكثر فأكثر وكما نشاهد ونرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة فإن عملية واحدة فقط كفيلة باستنفار العدو ووقوفه على "رجل ونص" وهذه حقيقة لا يمكن التعتيم عليها أو الالتفاف عليها إذ دائما ما يفضح العدو نفسه باستنفاره سياسياً وأمنياً وإعلامياً واستخباراتياً.
فبعد (54) عامًا على جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك، لا يزال الاحتلال ماضياً في مخططه البائس الذي يهدف إلى تدمير الحرم الشريف وإقامة الهيكل المزعوم بدلًا منه، ويسعى بكل طاقته ويوظف كل مقدراته لإتمام هذا المخطط الشيطاني.
وأكدت حركة حماس أن جريمة إحراق المسجد الأقصى وغيرها من جرائم الاحتلال التي تستهدف هوية وتاريخ مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك، لن تفلح في تغيير معالمهما أو طمس هويتهما أو فرض سيادة الاحتلال عليهما مهما طال الزمن، مشددةً أن الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة، بوحدته ومقاومته، سيظل حامياً مدافعاً عنهما بكل الوسائل، حتى تحريرهما من الاحتلال الفاشي.
ودعت حركة حماس في بيان لها، بمناسبة الذكرى 54 لإحراق المسجد الأقصى الأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى تحرك فاعل وجاد لوضع حد لجرائم الاحتلال الصهيوني في مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك حتى تحريرهما من دنس الاحتلال ومستوطنيه الفاشيين.
وأوضحت، أن هذه المحاولات والانتهاكات لا تزال مستمرة بشكل ممنهج؛ عبر الاقتحامات الاستفزازية والمحاولات المحمومة لفرض التقسيم الزماني والمكاني وتنفيذ مخططات الهدم، واستهداف المرابطين وأهلنا في القدس بالقتل والإبعاد والاعتقال والملاحقة.
وقالت: «ستبقى القدس والأقصى عنوان الصراع مع العدو الصهيوني، وبوصلة شعبنا وأمّتنا في الدفاع عنهما ونصرتهما والتضامن مع المرابطين فيها، سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً وإنسانياً»، داعيةً إلى دعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته لمواجهة الاحتلال الذي يستهدف الأرض والإنسان والمقدسات.
بدوره علق الناطق الإعلامي باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة (فتح) عماد محسن، في الذكرى (54) لإحراق المسجد الأقصى، إن الصمت العالمي وتراخي المنظمات الدولية ساهم في تشجيع الاحتلال على مواصلة جرائمه بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، مع عجز المجتمع الدولي عن معاقبة المحتلين.
وأكد، أن استمرار هذا الصمت يرقى إلى حد التواطؤ، وأن الشعب الفلسطيني بإرادته وعزيمة شبابه سيواصل نضاله وكفاحه العادل دفاعًا عن مقدساته، مهما كانت التضحيات، مشدداً أن المساس بالمسجد الأقصى والمقدسات خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو القبول به.
ودعا الناطق باسم “إصلاحي فتح” إلى تدخلٍ دوليٍ سريعٍ للجم الاحتلال عن مواصلة اعتداءاته بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ووقف كل محاولات تهويد القدس واقتحامات المسجد الأقصى المبارك، وطالب دول العالم كافة أن تتحمل مسؤوليتها لجهة ردع الاحتلال عن مواصلة خطط بناء الهيكل المزعوم، لأن أي مساسٍ بالأقصى يعني اشتعال حرائق لن يتمكن أحدٌ من إطفائها.
وعلى المقلب الآخر أثير الحديث مؤخراً عن أن "الكيان الصهيوني" عازم على إعطاء مكانة للسعودية في الحرم، إضافة أو بديلاً عن المملكة الهاشمية الأردنية، وسبب ذلك هو الشائعة بأنه قريباً سيكون هناك اتفاق سلام وتطبيع مع السعودية، إلا أن هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا في الأوساط "الإسرائيلية" لأنه من وجهة نظرهم فإن إعطاء مكانة خاصة للمملكة سيكون ثمنا مناسبا لقاء السلام المنشود كما أنه يحتمل أن توجد اليوم تفاهمات مع ولي العهد السعودي لكن لا يوجد أي ضمانة أن تبقى على مدى الأيام وبالتالي فإن الوجود السعودي في الحرم سيفاقم الوضع فقط وهو ما يستوجب العمل على طرد كل الجهات الإسلامية من النطاق واستئناف السيادة اليهودية على المكان الأكثر قدسية لليهود مع التأكيد أنه لا مانع من أن يواصل المسلمون الصلاة في الحرم، لكن السيادة والإدارة يجب أن تكونا في يد "إسرائيل".
الخشية الإسرائيلية من الخطوة باتجاه أن يكون دور للرياض في الأقصى، هو أن يبعث ذلك أملاً في قلوب المسلمين بأنه قريبا سيطير اليهود من هنا إلى الجحيم، كما يمكن أن يفهم من الخطوة أن "إسرائيل" تنازلت عن مكان الهيكل المزعوم ما يمكن أن يفهم أنهم حقا لا يؤمنون بارتباطهم بالقدس وبالبلاد، إذ إن ادخال السعودية إلى الحرم سيعزز هذا الإحساس الذي يقبع في أساس الجهاد ضد وجود "دولة إسرائيل كدولة الشعب اليهودي".
ما لا يجب إغفاله هو أن وضع دولة الاحتلال الداخليّ الأسوأ في تاريخها منذ 75 عامًا على أرض فلسطين، ومحاولات الكيان المحتل بالاعتداء على المقدسات الدينية والترويج لادعاءاته ومزاعمه الباطلة "بأحقيتها اليهودية"، لن يزيد الشعب الفلسطيني إلا مقاومة، وتلك الادعاءات لن تغير الحقائق التاريخية ولن تصنع "دولة" للمحتل.
الوحشية الممنهجة التي ينتهجها الكيان بحق الشعب الفلسطيني لا تزيد من عمره بل تقربه من النهاية الحتمية، فالمقاومة اليوم تأخذ على عاتقها إنهاء الاحتلال وهي أقوى عوداً وأشد صلابة من ذي قبل وليست لوحدها.