الوقت- حلت الذكرى الـ17 للحرب التي شنها العدو الاسرائيلي على لبنان في يوم 12 تموز/يوليو من العام 2006 واستمرت 33 يوما، وعلى الرغم من ارتكاب الصهاينة جرائم فظيعة بحق المدنيين، واستخدامهم القوة المفطرة لإحداث تدمير هائل في البنى التحتية والابنية السكنية في مختلف المناطق ولا سيما الضاحية الجنوبية لبيروت وقرى الجنوب والبقاع.
رغم كل ذلك خرجت “إسرائيل” بأكبر هزيمة في تاريخها، جراء الضربات التي وجهتها لها المقاومة الاسلامية سواء باستهداف الداخل الصهيوني او بتلقين القوات البرية والبحرية دروسا في المواجهة، كل ذلك تصديقا للمرحلة الجديدة في أمتنا التي أعلن عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وعنوانها “ولّى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات”
في اليوم الأخير من العدوان الاسرائيلي على لبنان، جُن ّجنون العدو الإسرائيلي في الربع الساعة الاخيرة للحظة وقف إطلاق النار بعدما عجزت عن إحراز أي تقدم بري وبعد تضرر أكثر من 25 دبابة في وادي الحجر، ولهذا قامت “إسرائيل” بتصعيد عملياتها العسكرية ضد البلدات والقرى اللبنانية مستهدفة الحجر والبشر في محاولة منها لإلحاق أكبر قدر من الضرر قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وكانت المقاومة الاسلامية ترصد قوة إسرائيلية معادية عند محور عيتا الشعب قوامها 30 جنديا حاولت التسلل إلى البلدة وعند وصولها إلى مكمن محكم باغتها المجاهدون بنيران أسلحتهم وقذائفهم الصاروخية ودارت اشتباكات عنيفة بين المقاومة وقوات العدو ما أسفر عن إصابة 25 جنديا بين قتيل وجريح، وتمكنت المقاومة من مهاجمة قوة عسكرية معادية في جبل الباط قرب عيترون وخاضوا معها اشتباكات ما أدى إلى وقوع إصابات مؤكدة في صفوف الاحتلال .
المقاتلات الحربية الصهيونية كانت تقصف الأحياء السكنية في البرج الشمالي – جبشيت – الخيام- القليعة – كفركلا –ديرميماس – وطاول القصف اطراف مرجعيون ومنطقة راشيا الفخار- الهبارية- قعقية الجسر- الحوش – البازورية والحصيلة 20 شهيدا، كما أن المقاتلات الحربية الإسرائيلية كانت تقصف ضاحية بيروت الجنوبية وترتكب مجزرة مروعة في منطقة الرويس وتستهدف مجمع الإمام الحسن (ع) السكني المؤلف من ثمانية مباني بعشرين غارة في أقل من دقيقتين ما يؤدي إلى استشهاد العائلات الموجودة داخل المبنى.
ولهذا فإن المقاومة الاسلامية واصلت قصفها للمستعمرات الصهيونية وأمطرت بصليات من الصواريخ مدينة حيفا- كريات شمونة – كفرجلعادي – كفاريوفال- مسكاف عام – واستهدفت تجمعا للآليات العسكرية في الجليل ما أسفر عن تدمير 20 آلية متنوعة.
مصادر عسكرية في قوات العدو تعترف بأن المقاومة وجهت ضربات قاسية لقوات النخبة في الجنوب وأعلنت عن مقتل 120 و40 جريحا في المواجهات المباشرة مع مقاتلي حزب الله فيما خسرت “إسرائيل” ما يقارب الـ50 قتيلا وإصابة 2500 جريح من المستوطنين.
"إسرائیل" دخلت حرب تموز بدعم من المجتمع الدولی وأمریکا لکنها خسرت
فی تصریح بمناسبة الذکرى الــ 11 للانتصار فی حرب تموز 2006، قال المحلل السیاسی اللبنانی ومنسق شبکة الأمان للبحوث والدراسات الاستراتیجیة«أنیس النقاش» ، إن أول هدف تحقق بعد انتصار القاومة فی حرب تموز، هو أن الجیش الذی یدعی بأنه أکبر جیش فی المنطقة وأحد أقوی جیوش العالم، خسر فی تحقیق أهدافه المعلنة.
واضاف نقاش: "إن انتصارات المقاومة فی تلک الحرب أدت إلی أن العدو یطلب وقف اطلاق النار، وهذا یعنی أن "إسرائیل" فشلت فی تحقیق أهدافها وأنها أصبحت معطلة فی الصراع السیاسی فی المنطقة".
وتابع: "اننا لو عدنا إلی تلک الحرب، لرأینا فإن اسرائیل استخدمت کل قوتها وأسلحتها فی تلک الحرب، وأطلقت کماً هائلاً من الصواریخ یفوق عدد الصواریخ التی اطلقت فی حرب تشرین علی الجبهیتن السوریة والمصریة، لکن مع ذلک اسمتر الالتحام الشعبی مع المقاومة فی لبنان، وهذا الأمر اثبت رسالة واضحة للاسرائیلیین بأنهم لا یستطیعون أن یحققوا اهدافهم متی واین ما ارادوا، إنهم استخدموا احدث اسلحتهم ودباباتهم فی هذه الحرب، لکن مع ذلک فشلوا فی احتلال القری اللبنانیة، وتکبدوا الهزائم الفادحة".
واعتبر منسق شبکة الأمان للبحوث والدراسات الاستراتیجیة، أن "إسرائیل" علاوة علی الهزائم العسکریة، انهزمت فی الحرب الاستخباراتیة ایضا، وأوضح: أن الصهاینة وخلال 33 یوما من الحرب، ما استطاعوا أن یستهدفوا أحدا من کوادر المقاومة، وانهم استطاعوا فقط استهداف المدنیین وعدد من المجاهدین، لکنهم فشلوا فی تحدید مواقع القیادة ومواقع التحکم.
وفی المقابل استطاعت المقاومة ان تستهدف القوات الاسرائیلیة بدقة وذلک عن طریق حصولها علی المعلومات الاستخباراتیة، لذا یمکن القول بأن "إسرائیل" فشلت علی المستوی الاستخباراتی والعسکری وایضا الحرب النفسیة التی کان یقودها السید نصرالله. وأشار إلی تأثیر خطابات الأمین العام لحزب الله اللبنانی، السید حسن نصرالله، فی تلک الحرب وقال: إن خطابات السید نصرالله کان لها تأثیر فی الانتصار، حیث إن الصهاینة کانوا یصدقون بیانات السید نصرالله خلال الحرب ولا یصدقون التصریحات الصادرة عن قادتهم.
وفی جانب آخر من تصریحاته، أشار إلی تأثیر هذا الحرب علی المستوی الاقلیمی وقال: صحیح ان هذه الحرب انحصرت فی لبنان، لکن کان لها تأثیر کبیر علی مستقبل المنطقة ، حیث إنها غیرت موازین القوی واثبتت بأن "إسرائیل" لا تستطیع أن تهدد أی بلد عربی وتشن الحرب علیه فی ای وقت ترید.
وتابع: إن المقاومة ومنذ الیوم الثانی لانتهاء الحرب علی لبنان، استمرت ببناء قوتها وعملت علی مضاعفة قدراتها العسکریة والبشریة والمعنویة، وبالتالی نری هذا التفوق مستمر إلی یومنا هذا، ثم اشار إلی تأثیر المقاومة فی لبنان علی المقاومة فی غزة، وقال: إن المقاومة فی غزة استفادت من تجربة المقاومة کما أنها استفادت من سلاح المقاومة فی لبنان، واستطاعت أن تصمد أمام تجاوزات العدو؛ هذا الامر یؤکد علی أن انتصار لبنان، لم یعد محصوراً فی لبنان لأن روح المقاومة انتشرت فی المنطقة، کما ثبت أن اطراف المقاومة-مهما اختلفت اسماؤهم وعناوینهم- تنسق مع بعضها البعض، وانها ستنقل تجاربها لتعید هذه الانتصارات مرة ثانیة.
ترسانة "ثأر الله".. تهديد مباشر للاحتلال الصهيوني
للمرة الأولى كشف حزب الله المقاومة الاسلامية في لبنان هذا النوع من منصة مزدوجة لمنظومة "ثأر الله" للصواريخ الموجهة، ضمن مشاهد عرضها الاعلام الحربي للحزب، خلال تدريبات على السلاح ضد الدروع التي يستخدمها العدو الصهيوني.
الكشف عن هذه المنظومة يعد رسالة في التوقيت وخاصة عشية ذكرى انتصار حرب تموز، إذ إن حزب الله عادة لا يكشف دائماً عن اسلحته امام الاحتلال الاسرائيلي، لكنه يختار من حين لآخر الوقت والنوع الذي يقتضي للكشف عن اسلحته، لاهداف عديدة ورسالة ليزداد الاحتلال رعباً بعد الدراسات الصهيونية التي قالت ان الكيان الاسرائيلي يعاني صعوبة للقيام بحرب مع المقاومة.
هذا النوع من السلاح، والذي يتمثل بمنصة متطورة فعالة مضادة للدروع كانت من قبل تحمل على الكتف، تصدى خلالها حزب الله لدبابات ميركافا فخر الصناعة الصهيونية وغيرها في حزب تموز، اضافة الى عبوات ناسفة كان عناصر حزب الله يلصقها تحت الدبابة الاسرائيلية بشجاعة هائلة.
المنظومة وفقا لما كشف عنه الحزب تتألف من منصتي إطلاق تتمتع بدقة إصابة الأهداف بشكل هائل بتوقيت متزامن وتدميرها، وتمتاز بمرونة الحركة حيث يمكن نقلها بسهولة في المعركة. في الواقع لا يعلم الصهيوني بالضبط ما يمكن ان تفاجئه المقاومة اللبنانية في اي عدوان على لبنان، فعندما كشف حزب الله عن منظومة "ثار الله" للصواريخ الموجهة، عشية ذكرى انتصار حرب تموز، من اجل نقل رسائل سياسية ذات طابع ميداني لها علاقة بتهديدات يطلقها قادة الاحتلال في ظل هذه الظروف مع تصاعد بعض الاحداث الميدانية على حدود فلسطين الشمالية، اضافة الى هشاشة الواقع الداخلي الصهيوني.
يظل أن نقول إن المقاومة اللبنانية اكتسبت تجارب ونجاحات متعددة خلال السنوات الماضية، وتمتلك بالفعل ادوات نوعية اخرها ترسانة "ثأر الله" المميزة التي تهدد من خلاله المقاومة دروع الاحتلال التي يتفاخر بقدرتها التحصينية العالية، فالمنظومة الجديدة، تهديد مباشر للاحتلال على تطوير المقاومة نفسها وعلى قدرتها وقف سلاح مدرعات الاحتلال.