الوقت- بوضوح، اعترف الجيش الصهيوني بأن تصرفات المستوطنين ضد الفلسطينيين "إرهابية"، وأن هذا إرهاب ولا يمكن وصفه بأنه نوع من الصراع، وقد صرح بهذه العبارات الناطق باسم الجيش الصهيوني في وصف تصاعد هجمات المستوطنين الصهاينة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، فقد اشتدت خلال الأشهر القليلة الماضية الجرائم الإرهابية والمنظمة التي يرتكبها المستوطنون الصهاينة بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث اعترف "دانيال حجاري" الناطق باسم جيش النظام الصهيوني أن الإرهاب اليهودي ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية أدى إلى تكثيف المقاومة ضد قوات الاحتلال والمستوطنين، وكان الهدف الحقيقي الذي تسعى "إسرائيل" لتحقيقه من تشكيل "الميليشيات اليهودية" هو إشعال المدن الفلسطينيّة التي يقطنها عرب ومستوطنون عن سابق إصرار وترصد، من خلال تسليح المدنيين وعسكرة المجتمع المدني في الكيان وتحديدا في المدن المختلطة وفي القدس المحتلة وفي الضفة الغربية أيضاً.
إرهابٌ إسرائيليّ خطير
نعلم أن الميليشيات اليهودية هجومية وليست دفاعية هدفها إشغال الشارع وضرب المواطنين العرب بيد من حديد، وقد تبيّن من تصرفات العدو أنّ العدو الصهيونيّ غير مستعد لأدنى تغيير في منهجه الإباديّ ضد الفلسطينيين، وتأتي تلك الأنباء بعد سلسلة من الهجمات وعمليات المقاومة في القدس والضفة الغربية وتل أبيب في الفترة الأخيرة، رداً على الجرائم الإسرائيليّة، وقدوم حكومة نتنياهو الفاشيّة التي بدأت تمارس العنف المفرط وتؤيّد ارتكاب المستوطنين اليهود جرائم الإعدام بحق أبناء فلسطين، والدليل ما قاله المسؤول الإسرائيلي في مقابلة مع موقع "واي نت" الصهيوني: "لقد اشتدت الجرائم العرقية والإرهاب العرقي في الأشهر الأخيرة، وهذا ما يدفع الفلسطينيين إلى الإرهاب"، على حد وصفه.
وفي الوقت الذي اعترف فيه الناطق باسم جيش الاحتلال أن أفعال المستوطنين ضد الفلسطينيين كانت إرهابية بقوله :"هذا إرهاب ولا يمكن وصفه بأي طريقة أخرى"، وخاصة بعد استشهاد الشاب الفلسطيني قصي معطان البالغ من العمر 19 عامًا في قرية "برقة" يوم الجمعة الماضي (4 آب) على يد المستوطنين، وحسب موقع "عرب 48"، وجه رئيس الشابك رونين بار "تحذيرا استراتيجيا" لرئيس وزراء النظام الصهيوني بنيامين نتنياهو، بشأن الأوضاع في الضفة الغربية وأبلغه أن الإرهاب اليهودي يغذي المقاومة الفلسطينية ويستهدف الفلسطينيين وممتلكاتهم ما سيؤدي إلى عمليات مسلحة فلسطينية.
علاوة على ذلك، من خلال رسم لمحة عامة عن الضفة الغربية، لم يعتبر أنه من غير المرجح أن يتم اختطاف المستوطنين الصهاينة خلال الهجوم على القرى الفلسطينية وأن الوضع في الضفة الغربية سوف ينفجر، وأكد أن الاستخدام المكثف للمستوطنين الصهاينة في الجيش بالضفة الغربية لمواجهة العمليات الفلسطينية، ولخطورتها، أثر سلبيا على التدريبات والاستعدادات العسكرية في القوة البرية، وحسب صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، حذر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، من أن "الإرهاب اليهودي" يزيد من الدافع للقيام بعمليات مسلحة ضد أهداف إسرائيلية.
وتعرف وسائل الإعلام الصهيونية بأن المستوطنين المتطرفين يشعرون أن مجلس الوزراء الإسرائيلي وأعضاء الائتلاف الوزاري في الكنيست يقفون إلى جانبهم ويؤيدونهم، ولهذا السبب يواصلون تكثيف هجماتهم ضد الفلسطينيين، وفي ظل "إعلان الحرب" من حكومة العدو ضد أبناء فلسطين، بما يؤكد أن الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين وصل حدا خطيرا للغاية لا يمكن السكوت عنه أبداً، فالحكومة الحالية في كيان العدو مسؤولة عن أي تصعيد في العاصمة الفلسطينية القدس أو اللد أو النقب أو الضفة وغيرها من المدن، ومن يعمل على إشعال النيران وعسكرة المدنيين وترسيخ العقلية العدوانية الأمنية تجاه المواطنين العرب، ويعمل منذ أشهر لترهيب المجتمع لدب الرعب خدمة لأجنداته، هو الملام الأول لأي مواجهات تحصل، فبالتزامن مع إعلان بن غفير عن تشكيل ميليشياته الشرطية، تصاعدت عمليات إتلاف المحاصيل الزراعية وهدم المنازل العربية ومصادرة أراضي الفلسطينيين في النقب، حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية لاستهداف الفلسطينيين وأراضيهم وبيوتهم، ضمن مَشاريع تهدف إلى إبادتهم أو تهجيرهم من وطنهم.
وفي مثل هذه الأجواء، قررت محكمة صهيونية في القدس المحتلة تمديد حبس قتلة الشهيد قصي معطان في قرية برقة لمدة خمسة أيام أخرى دون اتهامهم بقتل فلسطيني، فيما دخل المستوطنون بدعم من الجيش الصهيوني الأجزاء الغربية والشمالية الغربية من قرية برقة مساء الجمعة الماضي بشكل مفاجئ بهدف مصادرة أراضي أهل القرية واشتبكوا مع الفلسطينيين، حيث تواجد قصي معطان وفلسطينيان آخران، واستشهد معطان متأثرا بجراحه البالغة، كما نُقل إندور، المشتبه به الرئيسي في إطلاق النار على الشهيد، إلى المستشفى لتلقي العلاج بسبب اصطدام حجر برأسه خلال هذا الهجوم الإسرائيليّ.
تبعات كثيرة تهدد بانفجار
يمكن اعتبار أوامر الحكومة العنصريّة في زيادة أعداد إصدارات تراخيص الأسلحة أمراً خطيراً للغاية ضد أبناء فلسطين، تأكيداً على أن الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين أصبح سياسة علنية، فدعم عصابات المستوطنين بآلاف الأسلحة لقتل الفلسطينيين بشكل مباشر وبمختلف الطرق دون أيّ رادع قانونيّ أو إنسانيّ أو أخلاقيّ يمكن أن يؤدي بالأمور إلى ساحة حرب دامية، في ظل ارتفاع احتماليّة تصعيد المواجهة مع الكيان الغاشم، في كل الأراضي المحتلة، بسبب ارتفاع حدة الإجرام والاستيطان الصهيونيّ والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لمصلحة المستوطنين في القدس والضفة الغربيّة، وقيام قوات الاحتلال والمستوطنين باستهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، دون أي رادع أخلاقيّ أو إنسانيّ.
ووفقاً للوقائع، إنّ الأهداف الإسرائيلية أخطر من ذلك بكثير والهدف الأول والأخير هو حصد أرواح الفلسطينيين، حيث تم تخفيض متطلبات حصول المستوطنين على رخصة سلاح ناري ضمن شروط أبرزها العيش في مستوطنة قريبة من جدار الفصل العنصريّ الذي يحد بين أراضي الـ48 و الـ67 المحتلة، في تطور خطير يعني السماح بقتل الفلسطينيين وترهيبهم في بلادهم المحتلة عسكريّاً، ما يشي بارتفاع الرد الشعبيّ والفرديّ على هذه الجرائم التي يرتكبها العدو، وإنّ الأراضي الفلسطينية أرسلت رسائل عدّة للمحتل، أثبتت فيها أنّ ثورة الشعب الفلسطينيّ لن تتوقف إلا برحيل المحتل عن كامل الأراضي الفلسطينيّة، وأنّ رد الشعب الفلسطينيّ الذي يتعرض للإبادة في أراضيه المسلوبة سيكون بشكل دائم مقاومة جديدة وانتفاضة متواصلة.
ولم يخف الإعلام العبريّ أبداً، رغبة الحكومة وبن غفير على وجه التحديد بتوفير استجابة فورية لحوالي 9 آلاف مستوطن ينتظرون الحصول على تصريح لحمل الأسلحة، وبالاستناد إلى أنّ التسهيلات تسمح للمستوطنين من صغار بالسن، ممن ينتمي أغلبيتهم لمنظمات إرهابية "كشبيبة التلال" وعصابات "تدفيع الثمن"، حيث يثبت الكيان من جديد حقيقته الدمويّة والإجراميّة، والدليل الآخر على الخطر الشديد لهذا القرار، هو وجود نحو 145 ألف إسرائيليّ في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 يحوزون تصاريح لحمل السلاح، وهي لا تشمل الجنود وضباط الشرطة.
من ناحية أُخرى، إنّ قيام حكومة الاحتلال العسكريّ لفلسطين بتخفيف معايير ترخيص الأسلحة سيزيد عدد المستوطنين الذين يحملون رخصة سلاح بنحو 35- 40 ألفًا، ما يعني أن الخطوة ستؤدي إلى ارتفاع عدد المستوطنين الذين يحملون السلاح إلى ما يقارب 200 ألف، الشيء الذي يرفع بلا شك نسبة الجرائم الصهيونية بحق الأبرياء، كما أنّ العمليات الفدائية للشبان الفلسطينيين سترتفع لأقصى حدودها، لأنّ التحرر من استعباد المحتل الأرعن لا يكون إلا بالمقاومة مهما كلف الأمر.
في الختام، إنّ حكومة الاحتلال الإرهابيّ اختارت منهج إبادة أبناء فلسطين في كل المناطق الفلسطينيّة المحتلة، وإنّ اعترافات المسؤولين الصهاينة هي شهادة قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ العنصريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة الفاشيّة، واعتراف من قبل حكومة العدو نفسها بجرائمهما المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ، الشيء الذي يجب أن يدفع المجتمع الدوليّ بشكل أكبر إلى محاسبة "إسرائيل" وتحمل مسؤولياته بسرعة تجاه العنصريّة المقيتة التي تمارسها سلطات العدو، ومساءلة وتذكير الدول بالتزاماتها القانونيّة بموجب القانون الدوليّ، للجم خروقات الكيان المُعتدي التي تؤكّدها الوقائع والاعترافات، وبالتالي نقل ملف "الإرهاب اليهوديّ" إلى المحافل الدولية، للتحذير من خطورة هذه الترتيبات، والمطالبة بتوفير الحماية الدولية العاجلة للشعب الفلسطينيّ الذي يرزح تحت الاعتداءات الإسرائيليّة ويقاوم بشتى الوسائل.