الوقت - تحولت الاحتجاجات في الأراضي المحتلة رداً على ما تسميه الحكومة اليمينية خطة "الإصلاح القضائي"، إلى تحدٍّ أمني مع تمرد الطيارين وقوات الاحتياط في الجيش، وزادت المخاوف بشأن تنفيذ انقلاب وتزايد الفوضى داخل الكيان الصهيوني.
وعلى الرغم من أن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، قال إنه يجب على الجيش الانصياع لأوامر مجلس الوزراء، فقد انضم الآلاف من جنود الجيش إلى صفوف المعارضة بغض النظر عن هذه التحذيرات، ليدق ذلك ناقوس الخطر بشأن اندلاع حرب أهلية في الأراضي المحتلة أكثر من أي وقت مضى.
من أجل النظر في الأوضاع الحرجة في الجيش الصهيوني وانعكاساتها المحتملة على التطورات الداخلية وأمن الأراضي المحتلة، تحدث "الوقت" مع السيد حسن هاني زاده، الخبير في شؤون غرب آسيا.
الوقت: من وجهة نظركم، ما مدى خطورة الانقسام في الجيش الصهيوني؟ وما هي تداعيات هذه القضية الأمنية على الصهاينة والأراضي المحتلة؟
السيد حسن هاني زاده: لقد ازدادت الفجوة بين الجيش الإسرائيلي مؤخرًا بسبب المقاربات الهجومية من حكومة بنيامين نتنياهو، واستخدامها غير المبرر لقوات الاحتياط لقمع الشعب الفلسطيني، الأمر الذي أدى إلى تآكل قوات الجيش.
ويُظهر الاستقطاب في الجيش واستقالة أكثر من 10 آلاف من أفراد الجيش، أن المجتمع الصهيوني يواجه الاستقطاب السياسي، وقد يؤدي هذا الاستقطاب إلى إزالة حكومة نتنياهو، وعلى الرغم من عدم وجود تاريخ للانقلابات في الجيش الإسرائيلي، فإن هروب الجنود سيكون مقدمةً لبداية أعمال الشغب في الشوارع، والإطاحة النهائية بحكومة نتنياهو.
ويبدو أن الرئيس الأمريكي جو بايدن وفريقه غير راضين عن تشكيل حكومة نتنياهو المتطرفة، والتي جلبت تكاليف سياسية وأخلاقية باهظة لأمريكا والغرب، وهكذا، فإن الوضع الآن سيضطر حكومة نتنياهو إلى الاستقالة قبل انتشار التظاهرات واحتمال اندلاع حرب أهلية.
الوقت: إلى أي مدى سيؤثر تمرد قوات الاحتياط على تنفيذ الخطط المثيرة للجدل لحكومة نتنياهو؟
السيد حسن هاني زاده: من الطبيعي أن الجيش كان ولا يزال في خدمة الحكومات الإسرائيلية كأداة قمع، لكن الاستخدام غير المبرر للجيش لمواجهة الشعب الفلسطيني يساهم في تآكل قوات الجيش.
لقد أدى تزايد النزاعات في الأراضي المحتلة وانتفاضة سكان الضفة الغربية ضد الکيان الصهيوني، إلى انتشار انعدام الأمن في الأراضي المحتلة، وقد أثار بدء الهجرة العكسية للصهاينة من الأراضي المحتلة إلى أمريكا والدول الأوروبية مخاوف القادة الغربيين، لأنهم يرون أن هذه الهجرة كانت بسبب السياسات العدوانية وغير العقلانية لحكومة نتنياهو.
الوقت: إلى أي مدى يرافق الهيکل الرئيسي للجيش قوات الاحتياط؟ وهل سيرافق الجيش المتمردون في حال حدوث أزمة؟
السيد حسن هاني زاده: تعتبر قوات الاحتياط التابعة للجيش الإسرائيلي جزءاً من القوات المسلحة، ويقدر عدد قوات الاحتياط بأكثر من 400 ألف فرد، وهو عدد كبير لأنهم ضعف عدد القوات الدائمة للجيش، ولذلك، هناك علاقة منهجية ومنظمة بالكامل بين القوات الثابتة والاحتياطية.
وبما أن قوات الاحتياط تُعتبر عادةً جزءًا من الأحزاب السياسية للکيان الصهيوني، يمكن أن يكون لأحزاب المعارضة في حكومة نتنياهو تأثير كبير على هذه القوى، لذلك، فإن الأوضاع الداخلية في الکيان الإسرائيلي غير مستقرة اجتماعيًا وسياسيًا، وإذا استمرت احتجاجات المعارضة، فقد يؤدي ذلك إلى حرب أهلية.
ويقال إن بعض الأشخاص المحيطين بجو بايدن، قد طلبوا من نتنياهو إقالة 5 وزراء متطرفين تابعين للأحزاب الصهيونية الدينية من الحكومة، لكن نتنياهو عارض هذا الاقتراح، ويُعتقد أن نتنياهو سيضطر قريباً إلى الاستقالة من منصب رئيس الوزراء بسبب المرض، وأن انتخابات مبكرة ستجرى في فلسطين المحتلة في أوائل الخريف.
الوقت: کيف سيكون تأثير الانقسام في الجيش في التعامل مع فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية؟
السيد حسن هاني زاده: الانقسام في الجيش سيضعف قدرة هذه القوات على التعامل مع محور المقاومة، ولا سيما حزب الله اللبناني والحركات الفلسطينية المسلحة، ورغم أن نتنياهو يحاول نقل الأزمة الداخلية إلى الخارج من خلال هجوم خاطف على لبنان أو قطاع غزة، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعرف جيداً أنه يفتقر إلى الدعم الدولي والإقليمي، ويخشى بدء مغامرة جديدة.
الوقت: ما هو احتمال انتشار الانقسام في الجيش إلى قوى أمنية أخرى، بما في ذلك الموساد والشاباك؟ وخاصةً أن رئيس الموساد قال مؤخراً إنه إذا تصاعدت الأزمة، فإنهم سيقفون في الجانب الصحيح من التاريخ ويتصرفون وفق القانون؟
السيد حسن هاني زاده: هناك احتمال أن ينضم جزء من المؤسسات الأمنية والاستخباراتية المعارضة لسياسات نتنياهو العدوانية إلى المعارضة في المستقبل، وهذا يشكل خطورةً على جسد الكيان الصهيوني.
ظهور الانقسامات في صفوف الجيش لم يسبق له مثيل في السنوات الـ 75 الماضية، ويمكن اعتبار ذلك مقدمةً لتفكك الکيان الإسرائيلي التدريجي.
والسبب في ذلك أن كل خطط نتنياهو لإخراج الکيان الصهيوني من العزلة السياسية وتطبيع العلاقات مع الدول العربية في المنطقة، قد فشلت بسبب سلوكه العدواني.
الوقت: ما احتمالية تدخل الجيش في السياسة وتنفيذ انقلاب بحجة الدفاع عن الديمقراطية؟ ومع تشديد الأوضاع الأمنية، إلى أي مدى يمكن إجراء تغييرات سياسية في الکيان الإسرائيلي؟
السيد حسن هاني زاده: في الأساس، لا مكان للانقلاب في أدبيات الجيش الإسرائيلي، لأن هذا الجيش يعتبر أداةً للقمع بيد حكومات الكيان الصهيوني، لكن الاستخدام غير اللائق وغير العقلاني للقوات يقابل بطبيعة الحال برد فعل الجنرالات.
وبسبب تأثير قيادات الحزب في الجيش، فإن السيناريو الذي تم تنفيذه عام 2011 لحسني مبارك، الديكتاتور المصري السابق، قد يتكرر لنتنياهو، ومن المحتمل أن تستمر الاحتجاجات في فلسطين المحتلة وتشتد الاشتباكات، وسيطلب قادة الجيش من نتنياهو الاستقالة من منصبه.
ويبدو أن انتقاد بايدن القاسي لسلوك نتنياهو العدواني، هو ضوء أخضر لجنرالات الجيش الإسرائيلي لاستخدام آليات غير هجومية لإجبار نتنياهو على الاستقالة.