الوقت- يواصل المحتجون المعارضون لخطة "التعديلات القضائية" في إسرائيل، اليوم الاحد، احتجاجاتهم في عدة مناطق مع إغلاق شوارع رئيسية، تزامناً مع دعوات جديدة إلى التصعيد.
وانطلقت، صباح يوم الثلاثاء الماضي، فعاليات ما يُعرف بيوم الـ"تشويش"، دعا إليها معارضو خطة الحكومة الإسرائيلية لتقويض القضاء، وبدلاً من إغلاق المطار على غرار المظاهرات الأخيرة، سيركّز المتظاهرون هذه المرة على الاحتجاج في محطات القطار، فيما ستتركز الاحتجاجات مساءً في تل أبيب، وترافق الاحتجاجات خطوات من قبل العاملين في قطاع التكنولوجيا الفائقة، قد تشمل تشويشات في تطبيقات ومواقع إلكترونية.
وتأتي المظاهرات في ضوء مضي الحكومة الإسرائيلية في خطتها لتقويض القضاء، ومواصلة لجنة القانون والدستور القانونية مناقشاتها بشأن قانون إلغاء حجة "المعقولية"، أحد قوانين إضعاف القضاء، والذي سيحرم المحكمة من إمكانية إلغاء قرارات لوزراء ومنتخبي الجمهور، حتى لو بدت غير منطقية أو تنطوي على فساد.
وسبق أنّ صوت الكنيست الإسرائيلي على القانون بالقراءة الأولى، ومن المتوقع تصويته عليها بالقراءتين الثانية والثالثة (النهائية)، الأسبوع المقبل.
وشهد "يوم التشويش" الذي نُظم في الأسبوع الماضي، مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الشرطة الإسرائيلية في عدة مناطق انتهت باعتقالات، وهو ما ينذر بمواجهات في هذا اليوم أيضاً، وفي غضون ذلك، غادر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ تل أبيب، الليلة الماضية، متوجهاً إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، وإلقاء خطاب في الكونغرس. وأبدى هرتسوغ قلقه إزاء ما يحصل، وقال إنه رغم مغادرته فإن تفكيره يتركز على الأحداث في الساحة الإسرائيلية.
وأعرب هرتسوغ، في فيديو عممه على وسائل الإعلام، لدى صعوده الطائرة، عن سعادته بأنه سيلتقي بايدن في واشنطن، وبأنّ بايدن عاد وأكد خلال محادثة هاتفية أجراها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الاثنين الماضي، "على الالتزام الأميركي تجاه أمن "إسرائيل" وكبح جماح إيران، والتعاون الوثيق في المجالات الأمنية والسياسية".
وأضاف هرتسوغ: "لكن قلبي وعقلي منشغلان بما يحدث في "إسرائيل"... أعود وأناشد أعضاء الكنيست وجميع النشطاء في أوساط الجمهور بأنه يمكن التوصل إلى تفاهمات معقولة، في قضية (المعقولية) وقضايا أخرى، وهذا يتطلب جهداً وبعض التنازلات، والدخول إلى غرف (الحوار)، وليس بالضرورة أن يكون ذلك في بيت رئيس الدولة وإنما يمكن أيضاً أن يكون خلف الكواليس في الكنيست".
يُذكر أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن تحدثا هاتفياً، مساء الاثنين الماضي، ودعا بايدن نتنياهو للقاء قريب في الولايات المتحدة، حسب بيان أصدره مكتب نتنياهو. ولم يحدد بايدن موعد ومكان اللقاء، ما يعني أنه قد لا يكون في البيت الأبيض.
وأعرب بايدن عن قلقه إزاء التعديلات القضائية والبناء في المستوطنات، وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي في إحاطة صحافية، الاثنين الماضي، إنّ بايدن أكد مجدداً خلال محادثته مع نتنياهو على أهمية التوصّل إلى إجماع واسع بما يتعلق بالتعديلات القضائية في "إسرائيل"، وإنّ "القيم الديمقراطية المشتركة كانت دائماً ويجب أن تظل السمة المميزة للعلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل".
وأعلن ديوان نتنياهو في بيان له أنّ المسؤولين أجريا محادثة هاتفية "دافئة وطويلة"، وقد ركّزت على تعزيز التحالف القوي بين البلدين، وكبح جماح التهديدات من قبل إيران وحلفائها، وتوسيع دائرة السلام الإقليمي، إضافة إلى استمرار جهود التهدئة والاستقرار في الضفة الغربية، بموجب تفاهمات العقبة وشرم الشيخ، وأبلغ نتنياهو الرئيس الأمريكي بشأن القانون الذي سيتمّ تمريره الأسبوع المقبل في الكنيست الإسرائيلي (أحد قوانين إضعاف القضاء الذي تقوده حكومته)، وبشأن نيته محاولة التوصل إلى إجماع واسع في ما يتعلق ببقية العملية (التشريعية)، خلال عطلة الكنيست الصيفية.
تحذيرات من مواجهات داخل "إسرائيل"
تستمر الاحتجاجات في "تل أبيب"، حيث قطع المتظاهرون أحد الطرقات الرئيسة في المدينة، رفضاً للتعديلات القضائية.
وأشار الإعلام الإسرائيلي إلى أنّ الشرطة الإسرائيلية تعمل على منع المحتجين من الدخول الى محطة القطار في "تل أبيب".
وبالتزامن، تعرضت متظاهرة لإصابة خطرة بعد أن صدمتها سيارة عند الجسر 531 في رعنانا، وأحدث المتظاهرون اضطرابات في العديد من محطات القطار، وخارج مبنى "الهستدروت" (اتحاد العمال) العامّ في "تل أبيب". وذكر الإعلام الإسرائيلي، في وقت سابق اليوم، أنّ "الشرطة" حذّرت من تزايد "احتمال حدوث مواجهة جسدية بين متظاهرين ومؤيدي التشريعات القضائية".
كذلك، أبدى الكثير من المسافرين خشيتهم من عدم قدرتهم على الوصول إلى مطار "بن غوريون"، وتركز الاحتجاجات هذه المرة على وجود المحتجّين في محطات القطار ومحاولة تعطيل مواقع إنترنت وتطبيقات، وفي الساعات الأولى من صباح اليوم، بدأ المحتجّون العاملون في الـ"هاي تك" (الصناعات ذات التقنيات المعقدة) بمحاولة تعطيل نشاط مواقع إنترنت وتطبيقات، كذلك، أعلن محتجّو الـ"هاي تك" إنشاء "مقرّ للاضطراب التكنولوجيّ" سيقود نشاطاً رقمياً مخططاً، وقالوا: "كما هي الحال في الشوارع والطرق، في وقت الطوارئ الذي نعيش فيه، يجب أيضاً الشعور بالاحتجاج في الفضاء الرقمي".
وأضافوا: "ستؤثر الإجراءات المخطط لها بطريقة قانونية في التطبيقات والمواقع الشائعة الموجودة على الجهاز المحمول والحاسوب لكل إسرائيليّ، حيث يفكر كل فرد على الأقلّ، لبضع دقائق في اليوم، في تدمير الديمقراطيّة التي تخطط لها الحكومة".
وعند الساعة السابعة صباحاً، انطلقت تظاهرة من ساحة "بيما" في "تل أبيب"، ومن المتوقع أن يحاول المتظاهرون في وقت لاحق من صباح اليوم قطع طريق رقم 531 قرب "كفار سابا" و"رعنانا"، وخلال المرحلة التالية من احتجاجات اليوم، ستنظَّم تظاهرات أمام المحاكم الدينية لليهود، ونقل موقع "واللا" العبري عن أحد قادة الاحتجاجات، الذي لم يسمّه، القول إنهم "لن يأمروا المتظاهرين بالتدخل في العمل العادي للقطارات، ولكن "عندما يحضر الكثير من المتظاهرين، فقد يكون هذا هو ما سيفعلونه".
ومساءً، ستنظَّم تظاهرات في شارع "ريغر" في بئر السبع، وفي "هرتسليا"، وفي القدس المحتلة، وأمام سفارة الولايات المتحدة في "تل أبيب"، وفي أماكن أخرى كذلك. وسيقام الاحتجاج أمام السفارة الأمريكية بالتزامن مع زيارة الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، للولايات المتحدة.
وتدرس قيادة الاحتجاجات اتخاذ مزيد من الإجراءات أمام السفارة الأمريكية في نهاية الأسبوع، وذكرت صحيفة "هآرتس" الأسبوع الفائت، أن المحتجين يخططون في يومي الأربعاء والخميس، لتظاهرات خارج منازل أعضاء كنيست الاحتلال، وكذلك مسيرات وتظاهرات في مدنٍ محتلة كثيرة.
وخرج عشرات آلاف المستوطنين، السبت الفائت، في تظاهرات احتجاجاً على التعديلات القضائية التي تعتزم حكومة نتنياهو إقرارها. وتظاهر نحو 141 ألف مستوطن للأسبوع الثامن والعشرين على التوالي في شارع كابلان في "تل أبيب" ضد التعديلات القضائية، كما تظاهر نحو 20 ألف مستوطن في حيفا المحتلة، ويشهد كيان الاحتلال منذ نحو 28 أسبوعاً احتجاجات غير مسبوقة ضدّ التعديلات القضائية التي تصرّ الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو على إقرارها، مع استمرار التحذيرات من أنّها تسفر عن "شرخ خطر في الداخل الإسرائيلي".
مهلة أخيرة للحكومة
حذّرت نقابات عمالية من أنها ستتخذ تدابير إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والمعارضة بشأن التعديلات المقترح إدخالها على النظام القضائي، والتي تقول الحكومة إنها ضرورية "لإصلاح النظام القضائي"، فيما تعتبره المعارضة جهوداً للنيل من استقلال القضاء.
وعقد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلية (الهستدروت) أرنون بار دافيد، ومدير رئاسة القطاع التجاري الإسرائيلي دوبي دوبي أميتاي اجتماعاً طارئاً، مساء السبت، قالا بعده إنهما قدما مخططاً لنتنياهو ورؤساء المعارضة، وفق صحيفة "جيروزاليم بوست". وأضاف الاثنان إنهما سيعقدان اجتماعاً إضافياً لإعلان قرارات بشأن خطوات مستقبلية، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول الساعة الرابعة مساء الأحد الماضي.
والتقى بار ديفيد وأميتاي رئيس الوزراء، الأسبوع الماضي، من أجل بحث سبل التوصل إلى تسوية بشأن مشروع قانون "المعقولية"
مقربان من نتنياهو يدعوان لوقف التشريع
أشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" إلى أن اثنين من أقرب مستشاري نتنياهو السابقين، هما رئيس الموساد السابق يوسي كوهين ورئيس مجلس الأمن القومي السابق مائير بن شبات، دعيا إلى وقف التشريع، في مقالتي رأي منفصلتين لكنهما متزامنتان، صباح الأحد الماضي، ولم يشارك كوهين ولا بن شبات في التوقيع على خطاب صدر خلال عطلة نهاية الأسبوع من قبل جميع رؤساء الموساد الخمسة الآخرين السابقين، الذين ما زالوا على قيد الحياة، والعديد من قادة الجيش الإسرائيلي، وجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) والشرطة، وغيرهم من قادة الأمن وكبار المسؤولين، والذين ألقوا باللائمة على نتنياهو في الأزمة بشأن إلغاء "بند المعقولية"، والتحديات التي تواجه استقرار مؤسسة الدفاع، وبدلاً من ذلك، حافظت مقالة كوهين، التي نشرتها "يديعوت أحرونوت"، ومقالة بن شبات التي نشرتها صحيفة "يسرائيل هايوم"، على "نبرة محايدة" من دون أي انتقاد مباشر لنتنياهو، لكنهما مع ذلك طالبا بشدة بوقف مساعي الحكومة لدفع التشريع، من أجل التوصل إلى إجماع على التغييرات في فصل السلطات التي يسعى نتنياهو لتنفيذها.