الوقت- في الأسبوع الماضي، استضاف الروس وفدا من القادة الأفارقة سافر إلى روسيا لحضور اجتماع اقتصادي. وأظهر الحضور القوي للأفارقة في الاجتماع الاقتصادي الروسي في سانت بطرسبرغ، على عكس التوقعات الغربية، فإن الحرب في أوكرانيا لم تسبب فجوة بين روسيا وإفريقيا. وتعود علاقات روسيا بإفريقيا إلى فترة الحكم السوفيتي، ولروسيا تاريخياً علاقات حميمة مع العديد من الدول الإفريقية.
عدم الثقة في الغرب هو القاسم المشترك بين الدول الإفريقية وروسيا. ولطالما وضعت روسيا نفسها كشريك رئيسي للدول الإفريقية وهي تعارض بالمثل الهيمنة الغربية وغير مستعدة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الإفريقية. هذا الموقف، إلى جانب إرثه في دعم حركات التحرر الإفريقية خلال الحقبة السوفيتية، جلب لروسيا سمعة جيدة على نطاق واسع في إفريقيا. هذه السمعة الجيدة تجاه روسيا لا تُرى فقط بين القادة الأفارقة، ولكن أيضًا بين المواطنين الأفارقة.
في الواقع، كانت جهود روسيا لإدارة صورتها في إفريقيا ناجحة. وقد وجد استطلاع للرأي أجرته شركة Afrobarometer في عام 2021 أن 35 بالمئة فقط من المصوتين الأفارقة عارضوا وجود روسيا في القارة.
من ناحية أخرى، فإن المهاجرين الأفارقة في الدول الغربية وأوروبا، إضافة إلى شعورهم بالإهمال، يتعرضون بانتظام للعنصرية ولكراهية الأجانب. في بداية الحرب في أوكرانيا، أُجبر الطلاب والمهنيون الأفارقة الذين حاولوا الفرار من الحرب على مغادرة الحافلات والقطارات لإفساح المجال للمواطنين الأوكرانيين. وانتشرت هذه المشاهد على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، ما دفع الأفارقة إلى اتخاذ موقف سلبي ضد أوكرانيا ودعم روسيا.
بالنسبة لروسيا، تعد إفريقيا منطقة غنية ومهمة يمكنها تحدي الطموحات الإقليمية الغربية وإجبار الدول الغربية على التنافس مع روسيا.
من ناحية أخرى، على عكس الدول الغربية والأوروبية (مثل فرنسا وإيطاليا والبرتغال وبريطانيا العظمى)، لم يكن لروسيا أي وجود استعماري رسمي في إفريقيا. ومع ذلك، فإن العزلة الجغرافية لروسيا ووجود العديد من منافسيها الأوروبيين في إفريقيا جعلت روسيا تكافح من أجل الحصول على موطئ قدم في القارة، وقد نجحت حتى الآن نسبيًا.
استثمار مالي
في المجمل، يمثل الاستثمار الروسي أقل من 1 في المئة من الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا، وهو أقل بكثير من الاستثمار في أوروبا وأمريكا الشمالية والدول الآسيوية. في عام 2019، كان الاستثمار الأجنبي المباشر لروسيا أقل من سدس أكبر مستثمر، هولندا، و20٪ فقط من استثمارات الصين في القارة. كما أن الاستثمار الروسي في إفريقيا كان أقل بكثير من استثمار جنوب إفريقيا وموريشيوس في هذه القارة. ومع ذلك، ركزت روسيا استثماراتها بالكامل تقريبًا على الموارد واستخراج الطاقة في إفريقيا. المساعدات الروسية المباشرة في إفريقيا صغيرة أيضًا ورمزية في الغالب، وعادة ما تكون في شكل إعفاء من الديون أو المساعدة في الأزمات الإنسانية.
في عام 2020، بلغت التجارة الروسية الأفريقية 14 مليار دولار، أي حوالي 2 في المئة من إجمالي تجارة القارة، وهي نسبة أقل بكثير من أكبر شركائها التجاريين مثل الصين وفرنسا والهند والولايات المتحدة. علاوة على ذلك، فإن العلاقة التجارية غير متكافئة تمامًا. صدرت روسيا 12.4 مليار دولار من السلع والخدمات إلى القارة، بينما استوردت 1.63 مليار دولار فقط، تاركة إفريقيا مع عجز تجاري يقارب 11 مليار دولار. ما يقرب من 30 في المئة من واردات إفريقيا من روسيا هي القمح والحبوب، والتي تشتريها دول مثل الجزائر ومصر وكينيا ونيجيريا وتنزانيا وجنوب إفريقيا والسودان. وتشكل المعادن مثل الوقود والكيماويات والغاز 20٪ أخرى من صادرات روسيا إلى القارة. وتقوم إفريقيا بدورها بتصدير المنتجات الزراعية إلى روسيا.
شريك في استيراد السلاح
يتكون جزء كبير من الصادرات الروسية إلى إفريقيا من المعدات العسكرية والأسلحة. في الواقع، كانت موسكو أكبر تاجر أسلحة في القارة لأكثر من عقد من الزمان. بالطبع، تتغير هذه الأرقام بسبب المبيعات إلى الجزائر ومصر، اللتين تشكلان معًا أكثر من نصف واردات إفريقيا من الأسلحة الروسية. حجم مبيعات الأسلحة الروسية إلى هذه القارة أصغر من دول مثل الولايات المتحدة (16٪) وفرنسا (16٪) والصين (10٪) وألمانيا (6٪). كما وعدت موسكو بإنشاء منشآت مشتركة لإنتاج أو تخزين الأسلحة في القارة.
منذ عام 2010، أرسلت روسيا أسلحة إلى أكثر من ثمانية عشر دولة إفريقية، بما في ذلك جنوب وشمال ووسط إفريقيا. أكبر المشترين لهذه القارة هم الجزائر وأنغولا وبوركينا فاسو ومصر وإثيوبيا والمغرب وأوغندا. يعد الشراء من روسيا أمرًا جذابًا للعديد من الدول الأفريقية، ليس فقط لأنه أرخص من الأسلحة الغربية، ولكن أيضًا لأنه لا يفرض شروطاً مسبقة على الحاكم أو حقوق الإنسان. عندما رفضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما والإدارات الأمريكية المتعاقبة بيع طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر هجومية لنيجيريا بناءً على مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، تدخلت روسيا لبناء قدراتها الدفاعية بنشاط، وأمدتها بما تحتاجه.
العلاقات العسكرية بين روسيا وإفريقيا ليست مجرد تصدير معدات، حيث تحمي روسيا الدول الإفريقية وتساهم في تدريب كوادرها، والأهم من ذلك أنها تقدم الدعم العسكري الخاص.