الوقت- أعلنت المملكة العربية السعودية والحكومة السورية رسميًا عن استئناف مسار التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والأنشطة الاقتصادية بين البلدين، بالتزامن مع موجة التطبيع العربي مع الحكومة السورية.
في التفاصيل، جاء ذلك بعد مباحثات أجراها رئيس اتحاد الغرف التجارية السعودية “حسن بن معجب الحويزي”، مع رئيس اتحاد غرف التجارة السورية “محمد أبو الهدى اللحام”، على هامش المؤتمر العربي الصيني الذي عُقد في الرياض يوم الاثنين الماضي.
ووفق ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية “واس”، شدد الجانبان على “ضرورة تبادل زيارات الوفود التجارية، وإتاحة الفرص للمستثمرين للاستثمار في اقتصاد السعودية وسوريا، وعقد المنتديات الاقتصادية للمضي قدماً على طريق التعاون الاقتصادي”.
من جانبه، أعرب رئيس اتحاد غرف التجارة السورية عن “رغبة قطاع الأعمال السوري بالدخول للسوق السعودية والاستثمار بمختلف القطاعات الاقتصادية”.
وفي سياقٍ متصل، فقد انضمت الحكومة السورية لمؤتمر رجال الأعمال العربي – الصيني، الذي انطلق في العاصمة السعودية الرياض، الأحد الماضي، وشارك فيه أكثر من ثلاثة آلاف شخص، بينهم وزراء ورؤساء شركات ومستثمرون لبحث التعاون المشترك.
ويأتي المؤتمر بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والمجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية واتحاد الغرف العربية، تحت شعار “التعاون من أجل الرخاء”، ويعقد برعاية ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.
وفي كانون الثاني الماضي، سمحت الحكومة باستيراد المواد المصنعة في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك المواد الكيماوية والبتروكيماوية، مشيرةً إلى أنه “لا مانع سياسيا من استيراد المواد المصنعة في السعودية”.
وأشار قرار الحكومة وقتها إلى أن الموافقة على طلب الاستيراد، جاءت بسبب “السعر المناسب والجودة العالية”، وأعطى موافقة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لاستيراد 10 آلاف طن من السكر الأبيض من السعودية.
وخلال المنتدى الاقتصادي السوري – الأردني، الذي عقد في دمشق، في تشرين الأول الماضي، اشتكت الجهات الممثلة للسلطات السورية من حالة “الشلل” التي يعاني منها قطاع الشحن في البلاد، بسبب قيود سياسية مفروضة من قبل السعودية على سيارات الشحن السورية.
وثمن أعضاء الوفد السوري مواقف المملكة العربية السعودية تجاه سوريا وشعبها، وأشاروا إلى استعداد قطاع الأعمال السوري لدخول السوق السعودي والاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وكتبت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن الجانبين أكدا على ضرورة تبادل اجتماعات وفود رجال الأعمال وإمكانية استغلال المستثمرين للفرص الاستثمارية المتاحة في السعودية وسوريا، وإقامة منتديات اقتصادية بما يمهد الطريق للتعاون الاقتصادي بين البلدين.
انطلقت فعاليات المؤتمر العاشر لرجال الأعمال العرب الصينيين عام 2023 تحت شعار (تعاون من أجل الرخاء والازدهار) يوم الأحد في مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية.
عقد هذا المؤتمر بإشراف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وبحضور مسؤولين سعوديين وعرب وأكثر من 2000 مشارك رفيع المستوى من الحكومات وكبار المسؤولين وكبار التنفيذيين والمستثمرين ورجال الأعمال العرب. يعد هذا المؤتمر من أكبر التجمعات لرجال الأعمال وفرصة لمناقشة مجالات التعاون والاستثمار والاقتصاد والتجارة.
حضر الجلسة الافتتاحية للاجتماع التجاري بين الدول العربية والصين فيصل بن فرحان وزير خارجية المملكة العربية السعودية وخالد بن عبد العزيز الفالح وزير الاستثمار السعودي وأحمد أبو الغيط الامين العام لجامعة الدول العربية و خو تشون خا نائب رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني.
وقال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ، خلال حضوره حفل افتتاح المؤتمر العاشر لرجال الأعمال الصينيين والعرب ، إن الصين هي الشريك التجاري الأكبر للدول العربية ، وأعلن أن هناك رغبة مشتركة بين الدول العربية والصين لتطوير الشراكة. والتعاون.
واستضافت السعودية في ديسمبر الماضي قمة الدول العربية والصينية على هامش زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للرياض، حيث تم الاتفاق خلالها على تعزيز الشراكة الاستراتيجية وتعزيز التضامن بين الجانبين على الساحة الدولية.
وفي هذا الصدد، التقى وزير الخارجية السوري، الذي سافر إلى الرياض، وتحدث مع نظيره السعودي.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية، أن لقاء بن فرحان وفيصل المقداد عقد على هامش الاجتماع الثاني لوزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والدول النامية في جزر المحيط الهادئ الصغيرة الذي استضافته الرياض.
وحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية، فقد ناقش الجانبان في هذا الاجتماع العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، وكذلك التطورات في سوريا والمنطقة، وتبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأكد فيصل المقداد في هذا اللقاء أن متانة العلاقات بين سورية والسعودية تعطينا الأمل في المستقبل ودور الأمة العربية في الساحتين الإقليمية والدولية لمواجهة التحديات المشتركة.
وشدد بن فرحان على أهمية عودة سوريا للعب دورها العربي والإقليمي والمشاركة في الاجتماع المشترك لوزراء الدول العربية ومجموعة جزر الباسيفيك.
كما عقد فيصل المقداد، على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول العربية مع دول جزر الباسيفيك، عدة اجتماعات مع رؤساء وفود الدول المشاركة في الاجتماع، وفي هذا الاجتماع قال إنه وشرح آخر المستجدات الإقليمية والدولية ومواقف سوريا تجاهها.
غادر فيصل المقداد إلى السعودية، الأحد، بدعوة من فيصل بن فرحان في رحلة تستغرق يومين وتعد هذه ثاني زيارة يقوم بها المقداد للرياض بعد استئناف العلاقات بين البلدين.
وزار وزير الخارجية السوري سفارة بلاده بالرياض التي تستعد لافتتاحها.
وفي إشارة إلى هذا الموضوع، أكدت الخارجية السورية أن الخدمات القنصلية للمواطنين السوريين في السعودية ستستأنف قريبًا.
أدى الزلزال القاتل في سوريا وضرورة مساعدة ضحايا الزلزال في هذا البلد إلى تسريع عملية إعادة العلاقات بين دمشق والعواصم العربية الأخرى ورأت دول عربية ومنها السعودية في هذا الحادث فرصة للتطبيع وذهب وزير الخارجية السعودي إلى دمشق.
بعد هذه الرحلة، وجهت المملكة العربية السعودية دعوة رسمية إلى الرئيس السوري بشار الأسد للمشاركة في القمة العربية.
وفي اجتماع بالقاهرة، أنهى وزراء خارجية الدول العربية رسميًا الحظر وقطع العلاقات مع سوريا وأعلنوا عودة هذا البلد إلى جامعة الدول العربية.
العلاقات التجارية بالأرقام
شهدت العلاقات التجارية بين سوريا والسعودية، تراجعاً ملحوظاً في سنوات الحرب الماضية، حيث سجلت المبادلات التجارية (الصادرات والمستوردات) مع السعودية والإمارات العربية المتحدة تراجعاً واضحاً بنسبة 60%، حيث بلغت قيمة المبادلات التجارية بين سوريا من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى عام 2010 إلى نحو 1.724 مليار دولار، بينما لم تتجاوز قيمتها عام 2020 أكثر من 675 مليون دولار، وفقاً لموقع "الميادين نت".
وحسب بيانات وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية في عام 2019، ، كانت السعودية من بين أهم 20 دولة صدّر إليها القطاع الخاص، ومن بين هذه الدول، 13 دولة عربية تجاوزت مستورداتها من سوريا 344.8 مليون يورو، لا بل إن 6 دول منها استحوذت على المراكز الستة الأولى في تلك الدول. وكانت السعودية متصدرة قائمة تلك الدول التي صدّر لها القطاع الخاص عام 2019 ما قيمته 74.5 مليون يورو، بزيادة قدرها 19 مليون يورو عن العام 2018، الذي جاءت فيه ثانياً بعد لبنان، وذلك على خلفية إعادة تشغيل معبر نصيب الحدودي مع الأردن بعد سيطرة الحكومة عليه، ما سهل فتح الطريق جزئياً أمام سلع زراعية وصناعية عديدة للوصول إلى الأسواق السعودية.
وفي منتصف أكتوبر/تشرين الأول عام 2020، كشفت تقارير الاقتصادية عن حجم التبادل التجاري بين سوريا والسعودية في الأشهر السبعة الأولى من ذلك العام، حيث بلغت قيمة الصادرات السورية إلى السعودية نحو ما يقارب 140 مليار ليرة سورية، بينما كانت قيمة المستوردات منها لنحو 370 مليون ليرة سورية.
وفي مايو/أيار عام 2022، حضر وزير وزير السياحة في الحكومة السورية، محمد رامي مرتيني، على رأس وفد وزاري إلى العاصمة السعودية الرياض، للمشاركة في اجتماع تعقده منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب الإرهابية على سوريا عام 2011.
واعتبرت الزيارة وقتئذ بادرة تحسن في العلاقات الرسمية بين البلدين.
وعلقت المستشارة السياسية للرئيس السوري بشار الأسد، بثينة شعبان، في ذلك الوقت على زيارة الوزير السوري إلى الرياض، مشيرة إلى جهود تبذل لعلاقات أفضل بين دمشق والرياض، ووصفت زيارة وزير السياحة للرياض بأنها خطوة إيجابية، حيث إنها قبل سنوات لم تكن ممكنة.
إذا سوريا تسير على طريق النصر وكل ما تحقق على الأرض بدأت نتائجه تظهر في ملفات السياسة والدبلوماسية والاقتصاد والأيام المقبلة ربما تشهد انفراجات كبيرة يشعر بها المواطن السوري الذي عانى طول الأزمة.