الوقت - تفاصيل جديدة بدأت تتكشف وتُنشر لأول مرة حول العمليات الأمنية “السرية” التي يُنفذها الجيش الإسرائيلي خلال عمليات ملاحقة واعتقال وقتل المقاومين الفلسطينيين، داخل القرى والمدن “العنيدة” في الضفة الغربية المحتلة.
ومع تطور المقاومة وخلق معادلة جديدة في قواعد الاشتباك المُسلح، وجعل أي عملية ملاحقة لجيش الاحتلال تواجه مقاومة شديدة وزخات من إطلاق النار والرصاص والعبوات الناسفة التي تزرع في الشوارع، وتحويل عملية الملاحقة والاعتقال لمعركة حقيقية، بدأ الجيش الإسرائيلي يدخل تقنيات جديدة تُسهل عملياته عنوانها الأول والأخير القتل ثم القتل.
ما جرى في مدينة نابلس الخميس الماضي من مجزرة إسرائيلية بشعة في اغتيال المقاومين الفلسطينيين، تتشابه كثيرًا مع مجازر الاحتلال السابقة.
فما كشفه الإعلام العبري فعليًا يعد نقلة وتطورا غير مسبوق قد يخلق حالة من التصعيد لا حدود لها، ويقلب الأوضاع بالضفة رأسًا على عقب.
واستُشهد 3 شبان وأصيب 4 آخرون الخميس الماضي، بعد خوضهم اشتباكا مسلحًا عنيفًا مع قوات الاحتلال الإسرائيلي التي اقتحمت البلدة القديمة من مدينة نابلس.
وأفادت وزارة الصحة في بيان، باستشهاد 3 فلسطينيين، اثنان منهم تشوهت ملامحهما كلّيًّا، جراء كثافة إطلاق النار عليهما، وبأن الشهداء هم: معاذ مصري، وابراهيم جبر، وحسن قطناني.
فأكثر من مئتي جندي وطائرة من نوع “كاميكازي” التفجيرية، استخدم جيش الاحتلال لاغتيال ثلاثة من المقاومين الفلسطينيين، في البلدة القديمة.
وحسب شهود عيان؛ فإن الاحتلال اغتال الفلسطينيين الثلاثة باستخدام الطائرة المسيرة حيث دخلت من نافذة المنزل الذي تواجدوا فيه وانفجرت.
تحول تكتيكي جديد في سياسة الاغتيالات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، استخدمها الاحتلال تتمثل باستخدام المسيّرات المفخخة لاغتيال المقاومين.
وصفت العملية الأخيرة في نابلس، على أنها تطور غير معهود بإدخال الطائرات المسيرة المفخخة، وخاصة أن جيش الاحتلال دائما ما يستخدم القوات الخاصة وقوات كبيرة من جيش الاحتلال لاعتقال أو اغتيال المطاردين الفلسطينيين، ولكن هذه المرة كانت مختلفة من خلال استخدام طائرة مفخخة، ربما لإنهاء الاشتباكات مع المقاومين في وقت أقصر تجنبا لتعريض قوات الاحتلال للخطر.
استخدام الطائرات المسيرة في نابلس الخميس الماضي لم يكن الأول خلال عام مضى في الضفة الغربية؛ فقد تم اغتيال القيادي في عرين الأسود الشهيد وديع الحوح في أكتوبر 2022، كذلك من خلال استهدافه بطائرة مفخخة.
تشير مصادر عبرية، إلى أن جيش الاحتلال عادة ما يستخدم الطائرات المسيرة لجمع المعلومات الاستخباراتية، أو لإطلاق الصواريخ لاستهداف المقاومين في قطاع غزة، ويتم استخدام الطائرات المسيرة كذلك ضد أهداف إيرانية ولكن ليس في الضفة الغربية المحتلة.
وفي نهاية العام الماضي، كان جيش الاحتلال قد أعلن أنه يستعد لاستخدام الطائرات المسيّرة في الضفة الغربية “للمرة الأولى”، وفق ما أعلنته هيئة البث الإسرائيلية في حينه، حيث إن جيش الاحتلال فوّض قائده بالضفة الغربية لتشغيل مركز هجومي تابع لسلاح الجو لدى الاحتلال، يقوم بالإشراف على نشاط المسيّرات التي تحمل أسلحة هجومية.
وكان الهدف من هذا القرار هو استخدام الطائرات المسيرة المتفجرة أو تلك التي تحمل أسلحة؛ في حالات الاعتقالات الصعبة بالنسبة لجيش الاحتلال، من خلال قصف الهدف أو تفجير الطائرات المسيرة في المكان الهدف.
وهو ما يشير إلى الخشية والقلق الكبيرين لدى جيش الاحتلال من ارتفاع عمليات المقاومة والتشكيلات المسلحة والمقاومين في الضفة الغربية المحتلة في العامين الأخيرين، وصعوبة القضاء عليها.
يذكر أن جيش الاحتلال استخدم سابقا، الطائرات المسيرة الانتحارية في أكثر من جبهة (لبنان وغزة) بسبب عجز قواته عن الوصول للهدف، لكن لم يعهد استخدامها في الضفة الغربية، وتشير البيانات إلى أن هناك توجها إسرائيليا لاستخدامها في الفترة المقبلة في الضفة الغربية.
يذكر أن طائرات كاميكازي والطائرات الانتحارية تستخدم لتنفيذ عمليات الاغتيال أو استهداف المنشآت، إذ تعمل وفق نظام المهمة الواحدة “ذهاب بلا عودة”.
من جانبه، يرى المختص بالشأن الأمني ناجي الظاظا، أن لجوء الاحتلال الى استخدام الطائرات المسيرة في عمليات جيش الاحتلال، يعني أن الاحتلال لا يتحمل الخسائر البشرية التي تقع في صفوف جنوده، خلال العمليات التي يقوم بها، وتقابل بمقاومة على الأرض، وبالتالي فإنّ هذه نقطة تُحسب لصالح المقاومة الفلسطينية، وعملياتها باتت مؤثرة، من حيث كثافة النيران، والخبرة في استخدام السلاح.
وقال إنّه عندما يدفع جيش الاحتلال بهذا الاتجاه، فهذا يعني أن تصاعد المقاومة الى نقطة لا يمكن العودة عنها، وان تصفية المقاومين واغتيالهم لم يعد يقتصر على الاجراءات العادية، بمعنى ان تقوم قوة بمحاصرة منزل وتستخدم سلاحا عاديا في تصفية المقاومين، حيث شاهدنا في الفترة الأخيرة استهداف مطاردين محاصرين بقذائف الانيرجا.
كما بيّن مختص في التقنية وأمن المعلومات، مهام الطائرات المسيرة التي أدخلها جيش الاحتلال للخدمة في الضفة الغربية مؤخرا، في ظل تصاعد عمليات المقاومة.
وقال المختص أشرف مشتهى، إن “الهدف من استخدام مثل هذه الطائرات يمكن حصره في ثلاث نقاط، هي جلب معلومات استخباراتية، واستهداف شخصيات فلسطينية من ضمنها مقاومون، وأي مواقع يعتقد أنها تضر بأمن الاحتلال”، محذرًا من دور لا يستهان به يمكن أن تلعبه الطائرات المسيرة، مطالباً المقاومين بـ”أخذ أعلى درجات الحيطة والحذر لإفشال مهامها”.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال “من أولى الدول التي تنتج مثل هذا النوع من الطائرات، بل تعمل على تصديرها”، لافتا إلى أنها تستخدمها في قطاع غزة منذ مدة طويلة.
وأوضح مشتهى أن “الاحتلال اضطر لاستخدام مثل هذه الطائرات بعد فشل جيشه بمواجهة العمليات الفدائية اليومية في الضفة الغربية، والصعوبات التي تواجهه في ملاحقة المقاومين”.