الوقت- اعترف مايكل ميلستين، رئيس مركز البحوث الفلسطينية في مركز موشيه ديان للنظام الصهيوني، في مقال نشرته صحيفة معاريف، أن الأسابيع الأخيرة شهدت تطورات دراماتيكية في الشرق الأوسط يمكن أن تغير مسار التيارات الإقليمية، وهذا الامر سيجبر إسرائيل على تغيير سلوكها أمام حلفائها وأعدائها. واعترف بأن "التغييرات في المحور السني الشيعي التي حدثت بعد التقارب بين السعودية وإيران، إلى جانب عودة سوريا المتوقعة إلى الجامعة العربية بعد 2011، كلها تعكس عدم ثقة العرب تجاه الولايات المتحدة. وقال في جزء آخر من مقالته: لم يعد العرب يثقون بواشنطن. واستكمالا لهذا المقال جاء في الجزء الخاص بإيران: "لقد اكتسبت طهران ثقة بالنفس أكثر فأكثر، وبرنامجها النووي يتقدم ولا يشكل أي خطر حقيقي على الساحة الدولية لهذا البلد، ولقد تعزز موقف محور المقاومة يوما بعد يوم وبجرأة أكبر تعمل ضد إسرائيل".
وبينما يعيش كيان الاحتلال هاجس بيت العنكبوت وعقدة الثمانين، تحقق الانقسامات والمظاهرات هذه الهواجس. ويشير باحثون سياسيون في "اسرائيل" الی مقولة شهيرة لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب بيت العنكبوت الذي القاه عام 2000، حيث قال: قلت لكم، عليكم بالصبر فقط. ويری خبراء اسرائيليون ان السيد حسن نصرالله وباقي العالم باتوا اليوم يتفرجون علی تحقق هذه المقولة في "اسرائيل"، مؤكدين ان السيد نصرالله تمنی في عدة خطابات ألا تری "اسرائيل" عيد استقلالها الـ80. ويقول خبراء اسرائيليون ان نظرية بيت العنكبوت التي اطلقها السيد حسن نصرالله، بدأت تتحقق بعدما ساد الانقسام في المجتمع والسلطة في "اسرائيل".
وما هز كيان الاحتلال، كان سلاح الجو الاسرائيلي الذي ظهر كبركان يهدد بالثوران والانفجار لكن ليس علی الايرانيين أو حماس، بل في الداخل الاسرائيلي ما لم يشهده الكيان من قبل. فقد أعلن 37 طياراً احتياطياً للمقاتلات في أكثر كتيبة سلاح الجو استراتيجية معروفة باسم كتيبة 69 المطارق، انهم لن يحضروا للتدرب هذا الاسبوع. لكن الامر لم يقتصر علی ذلك، فكان هناك ضباط في البحرية الاسرائيلية والتي لاتتوقف عملياتها سواءاً قبالة سواحل غزة او لبنان او في المتوسط، انضموا للاحتجاجات واغلقوا ميناء حيفا الاستراتيجي.
ويقول موغاريا سيغل وهو ضابط سابق في الجيش الاسرائيلي ان المحتجين لديهم خطط غير معلنة قد يلجؤون خلالها الی استعمال السلاح او الصعود الی الكنيست للسيطرة عليها وتقسيم "اسرائيل" الی دولة يهود ودولة "اسرائيل". اما وزير الحرب الاسرائيلي السابق بيني غانتس فقد حذر من ان ما يجري في "اسرائيل" ليس حربا اهلية بل حرب اخوة. وتحقق ما قاله غانتس بعد ما بثت وسائل الاعلام الاسرائيلي تقارير عن حدوث طلاق بين العوائل بسبب الخلافات السياسية ما بين أعضاء العائلة. وفي هذا الحال بدأت الشركات التجارية نقل رؤوس أموالها الی خارج "اسرائيل" خوفاً من مصير هذا الكيان.
في إشارة إلى العمليات الأخيرة ضد الصهيونية، أكد هذا المحلل أن التطورات الأخيرة لها تأثير مباشر على العالم العربي، بينما تعاني إسرائيل من الخسائر الاستراتيجية الناجمة عن التغييرات الناتجة في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، أشار إلى أنه إذا سعت إسرائيل إلى حماية مصالحها، فعليها أن تولي اهتمامًا خاصًا لسلوكها في ركائزها الاستراتيجية الأربعة:
الركيزة الأولى من وجهة نظر ميلشتاين هي المشهد الفلسطيني، الذي من وجهة نظره يجب أن يولي اهتماما خاصا بالبنية الفلسطينية بشكل عام والمسجد الأقصى بشكل خاص، لأن هذا النوع من السلوك يمكن أن ينعكس سلبا على تل أبيب والعلاقات على الساحة العربية والدولية
الركيزة الثانية من وجهة نظر هذا المحلل الصهيوني هي الملف النووي الإيراني الذي يعتقد أن تل أبيب لن تتمكن من التعامل معها بشكل صحيح حتى يتم الاستقرار في المشهد الفلسطيني.
الركيزة الثالثة هي إنهاء التوتر الحالي (مع غزة ولبنان وسوريا) لأنه حتى يتحقق ذلك لن تكون إسرائيل قادرة على تجديد قوتها الرادعة ومواجهة أعدائها.
الركيزة الرابعة، والأهم من وجهة نظره، هو التضييق الواضح والفوري للمقاربة التي تشكلت في الإصلاحات القضائية، لأنها تسببت في خسائر استراتيجية متعددة الأبعاد لإسرائيل.
من الواضح أن تدمير إسرائيل وتحرير فلسطين من احتلال هذا النظام هو الهدف الأكبر والمثل الأعلى للمقاومة الإسلامية في المنطقة ولكل شعوب العالم الأحرار، ومنذ سبعة عقود مضت منذ أن كانت فلسطين محتلة بيد الصهاينة، و اسرائيل شنت حملات واسعة ضد الغزاة بأشكال مختلفة، لكن إضافة إلى استراتيجية المقاومة لتدمير الصهيونية والوعد بالحرية الفلسطينية، أقر الإسرائيليون أنفسهم بهذه الحقيقة أيضًا، وبعيدًا عن الخبراء والمحللين، اعترف المسؤولون الصهاينة مرارًا وتكرارًا بأن وجود انهيار اسرائيل الداخلي قد بدأ بالازدهار.
رغم أن النظام الصهيوني بذل الكثير من الجهود لتثبيت موقعه في المنطقة وبتوقيعه لاتفاقيات التطبيع مع عدة أنظمة عربية مدعومة من الولايات المتحدة، إلا أنه يحاول تشكيل تحالف عسكري ضد المقاومة، لكن المؤشرات تدل على أن جهد الإسرائيليين على المستوى المحلي والأجنبي لم يسفر عن أي نتائج. على وجه الخصوص، لم يتمكن الصهاينة أبدًا من التعرف على أنفسهم ليس فقط بين الدول العربية، ولكن أيضًا بين شعوب العالم كله و هذا هو من أهم أسباب انهيار اسرائيل الداخلي.
بمعنى آخر، إسرائيل، كنظام مزيف بنى أساس وجودها في أرض مغتصبة، تفتقر دائمًا إلى الخصائص الطبيعية للحكومات الأخرى في العالم، وهذا دفع الصهاينة إلى استخدام أساليب غير طبيعية من أجل بقائهم، وأبرزها العنف والجريمة بحق أصحاب الأرض الفلسطينيين الحقيقيين و فعلوا كل هذه الجرائم و العالم كان يراقبهم و الذين هاجروا الى الأراضي المحتلة قد يأسوا من عيشه في هدنة وسلام و انعدام الثقة بالكيان الصهيوني يعتبر أحد أسباب انهيار اسرائيل الداخلي.
لكن بما أن الفلسطينيين وجميع الدول العربية لم يعترفوا بسيادة الكيان الصهيوني على فلسطين، ولأن اليهود الذين يعيشون في الأراضي المحتلة لم يكونوا أبدًا أمة واحدة وهاجروا إلى فلسطين بمعتقدات وأعراق مختلفة من جميع أنحاء العالم و هم الذين سيكونون محطة انطلاق انهيار اسرائيل الداخلي. ولهذا لا يستطيع الإسرائيليون أن يعيشون في العالم في سلام لأنهم يعانون من انعدام الأمن والخوف من الحرب كأكبر مخاوفهم. ولهذا يعترف الصهاينة بأن الخطر الرئيسي الذي يهدد إسرائيل هو الأزمات الداخلية، وهذه الأزمات تضع الصهيونية على حافة الهاوية قبل الأخطار الخارجية. إن احتمال نشوب حرب أهلية هو أحد أكثر العوامل التي تثير قلق الإسرائيليين، ويعتقدون أنه بعد اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين عام 1995، سيشعر الإسرائيليون بظلال حرب أهلية، وخلال كل تلك سنوات لم يتمكن الصهاينة من تنظيم مؤسساتهم السياسية والعسكرية بانتظام. وفي هذا الإطار، يوصي بأن تقوم مراكز صنع القرار في الكيان الصهيوني بصياغة سياسات استراتيجية لأربع سنوات مختلفة عن السنوات الأربع الماضية.