الوقت- وصل وفد سعودي وآخر عماني، السبت الماضي، إلى العاصمة اليمنية صنعاء برفقة رئيس الوفد التفاوضي التابع لجماعة أنصار الله، محمد عبد السلام، لبحث تمديد الهدنة في اليمن. ويتوقع أن يعقد الوفدان السعودي والعماني لقاءات مع قادة جماعة أنصار الله لإعلان هدنة جديدة وبحث جهود إحلال السلام في اليمن. وتأتي هذه التطورات في إطار تحركات إقليمية ودولية لحلحلة الأزمة اليمنية، وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة في البلاد. وأكد عبد السلام المقيم بعُمان -في تغريدة على تويتر- وصوله "والوفد العماني الشقيق إلى العاصمة صنعاء". وكان مسؤول حكومي يمني رفيع المستوى أعلن، الجمعة الماضية، أن تحالف العدوان وجماعة انصار الله اتفقتا على تمديد الهدنة من 6 أشهر إلى سنة، مشيرا إلى أن إعلان الاتفاق رسميا خلال موعد أقصاه يومان. وكانت الهدنة -التي استمرت 6 أشهر- بين طرفي الصراع في اليمن انتهت في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويتبادل تحالف العدوان وانصار الله اتهامات بشأن المسؤولية عن فشل تجديدها.
تصور سعودي للحل
وحسب مصادر حكومية يمنية، فإن حكومة صنعاء وافقت مؤخرا على تصور سعودي بشأن حل الأزمة اليمنية بعد مباحثات برعاية عمانية استمرت شهرين في مسقط. ويقوم التصور السعودي على الموافقة على هدنة لمدة 6 أشهر في مرحلة أولى لبناء الثقة، ثم فترة تفاوض لمدة 3 أشهر حول إدارة المرحلة الانتقالية التي ستستمر سنتين، يتم خلالها التفاوض حول الحل النهائي بين كل الأطراف. وتتضمن المرحلة الأولى إجراءات بناء الثقة، وأهمها دفع رواتب الموظفين الحكوميين في كل المناطق، وبينها المناطق الشمالية، وفتح الطرق المغلقة والمطار. ويرى مسؤولون في الأمم المتحدة وخبراء في الشأن اليمني أن اتفاق طهران والرياض -على استئناف العلاقات الدبلوماسية- قد يدفع باتجاه حل سياسي في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
والأحد الماضي، حذّر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ من أن البلد الذي مزقته الحرب يواجه "وقتا حرجا"، داعيا إلى إنهاء النزاع بشكل دائم، وذلك بعد عام بالضبط من التوصل إلى هدنة أدت إلى توقف القتال بشكل كبير. ورأى الدبلوماسي السويدي أن الهدنة التي تم التوصل إليها في 2 أبريل/نيسان 2022 بوساطة من الأمم المتحدة "لحظة من الأمل"، مشيرا إلى أنها قائمة بشكل كبير رغم انتهاء مفاعيلها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. أما المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ الذي زار سلطنة عمان في الأسابيع الأخيرة فقد حث الاطراف المتنازعة الأربعاء الماضي على "أن يظهروا حقا أنهم يحدثون تحولا إيجابيا في النزاع".
تبادل الاسرى
أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الجمعة الماضي بدء تنفيذ عملية تبادل الأسرى بين تحالف العدوان وانصار الله على مدى 3 أيام، وأفاد مراسل الجزيرة بأن برنامج اليوم الأول لعملية تبادل الأسرى انتهى بإطلاق سراح 319 أسيرا من الطرفين. وقد وصلت إلى مطار صنعاء رحلتان قادمتان من مطار عدن تقلان 250 أسيرا تابعين لأنصار الله. كما وصل إلى مطار عدن 69 من الأسرى التابعين للحكومة المستقيلة في دفعتين قادمين من مطار صنعاء بينهم وزير الدفاع الأسبق اللواء محمود الصبيحي واللواء ناصر منصور هادي شقيق الرئيس السابق. بدوره، قال الصليب الأحمر الدولي في بيان إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدأت نقل نحو 900 محتجز على صلة بالنزاع في اليمن، في إطار عملية إنسانية تستمر 3 أيام.
وأفادت اللجنة بأنها تستخدم طائراتها لنقل المحتجزين جوا من وإلى 6 مدن في اليمن والمملكة العربية السعودية. وأضافت اللجنة الدولية إنّ عمليات الإفراج تأتي نتيجة المحادثات التي اختُتمت في 20 مارس/آذار الماضي في مدينة بيرن السويسرية. وأعربت اللجنة الدولية عن أملها في أن تعطي مثل هذه العمليات زخما لحل سياسي أوسع. وتوافدت قيادات عسكرية وأمنية كبيرة ومئات المواطنين إلى المطار لاستقبال الأسرى بعد الإفراج عنهم ضمن اتفاق التبادل.
فتح الموانئ
قالت بعض المصادر الاخبارية، إن المحادثات تركز على معاودة فتح الموانئ التي يسيطر عليها انصار الله، ومطار صنعاء بشكل كامل، ودفع رواتب الموظفين العموميين، وجهود إعادة الإعمار، وإطار زمني لخروج القوات الأجنبية من البلاد. وتشير الزيارة إلى إحراز تقدم في مشاورات تجري بوساطة عمانية بين الرياض وصنعاء، وبالتوازي مع جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة. وتأتي هذه الزيارة في خضم مساع إقليمية ودولية للدفع باتجاه "حل سياسي" يسدل الستار عن النزاع بين انصار الله والحكومة المستقيلة والذي أودى بحياة مئات الآلاف.
وكان وفد من سلطنة عمان بدأ، السبت، زيارة إلى صنعاء لإجراء محادثات مع حكومة صنعاء ضمن وساطة تهدف إلى التوصل لهدنة جديدة في اليمن، وكذلك إحياء عملية السلام. وقال المتحدث باسم انصار الله محمد عبد السلام، إن مطالب جماعته "رفع الحصار بشكل كامل، وصرف مرتبات جميع الموظفين من استحقاقات إيرادات النفط والغاز، وخروج القوات الأجنبية من اليمن، والتعويضات وإعادة الإعمار"
من نتائج التقارب السعودي الإيراني؟
تشير الزيارة إلى إحراز تقدم في مشاورات تجري بوساطة عمانية بين الرياض وصنعاء وبالتوازي مع جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة . واكتسبت جهود السلام قوة دافعة أيضا بعدما اتفقت السعودية وإيران على استئناف العلاقات بموجب اتفاق بوساطة صينية. وسبق أن زارت وفود سعودية العاصمة صنعاء لإجراء محادثات حول عمليات تبادل للأسرى مع انصار الله الذين يسيطرون على العاصمة ومناطق شاسعة في شمال ووسط وغرب أفقر دول شبه الجزيرة العربية، لكن هذه الزيارة رفيعة المستوى تأتي في خضم مساع إقليمية ودولية للدفع باتجاه حل سياسي يفتح الباب أمام خروج السعودية من الحرب، ثم إسدال الستار عن النزاع بين انصار الله والحكومة المستقيلة والذي أودى بمئات آلاف الأشخاص.
الدور العُماني في اليمن
يقول الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور عادل المسني: "إن الوفد العُماني يلعب دورا فيما يتعلق بإيجاد حل للأزمة اليمنية، ونقل الأفكار السعودية لحكومة صنعاء وأوضح أن "عُمان لها محددات في المشهد اليمني، فهي تسعى لإنهاء التوتّر في المناطق الحدودية معها، ومن ثم في اليمن بشكل عام، وخصوصا أن هذه المشاكل تزداد حدّة وتنعكس على دول الجوار". وأضاف: "تحاول عُمان أيضا أن تلعب دورا في التقارب الإقليمي بين إيران والسعودية، من خلال الأزمة اليمنية، كما أنها تلعب دورا حيويا فيما يتعلّق بالوساطة، خصوصا في شقّها الخارجي، وما يتعلّق بالهدنة، وكان لها دور كبير في تحقيق الهدنة السابقة". وتابع: "بسبب الحرب الأوكرانية - الروسية أصبحت الجهود الدولية تنصب بشكل عام فيما يتعلق بالمشهد اليمني، وتحقيق الهدنة في اليمن، وإيقاف الحرب الخارجية لضمان سلامة تدفق الطاقة للمجتمع الدولي".
وقال: "عُمان لا تريد أن تستفرد دول التحالف في الملف اليمني، وخاصة أن هناك توترا في المحافظات الشرقية الحدودية معها، ولاسيما أن هناك تدخلا فجا من قِبل الإمارات، وتصدير المشاكل للطرف العُماني، وهذا يشكّل تهديدا وجوديا لعُمان". وأضاف: "إذا كانت الحكومة المستقيلة موجودة ربما كان الدور العُماني مختلفا، لكن التحالف تكفّل بإقصاء حكومة المرتزقة، لذلك أصبحت عُمان مضطرة للتعامل مع الوقائع الموجودة على الأرض في اليمن". ويرى أن "عُمان تنظر إلى أن هناك طرفا قويا، الذي هو حكومة صنعاء، وفي الجانب الآخر السعودية والإمارات، وتلاحظ أن الأزمة تسير في مسار تسوية سعودية - يمنية وسط تجاهل للحكومة المستقيلة". وتابع: "المفاوضات السابقة، التي كانت تتم بين تحالف العدوان وحكومة صنعاء سواء في الكويت أو استوكهولم، حينها كان تحالف العدوان يتحرج من مفردة الأطراف، وكانت تعتبر ذلك تسوية بينها وبين حكومة صنعاء، اليوم حكومة صنعاء تكفّلت بالإطاحة بشرعية الحكومة المستقيلة تماما كطرف، وأجبرت السعودية لتقوم بدور التشاور عبر عُمان".