الوقت - في إشارة إلى اشتداد مغامرات الصهاينة في الأيام القليلة الماضية، قال السيد حسين أجولو، محلل شؤون غرب آسيا، عن التطورات الأخيرة بين الفلسطينيين والکيان الصهيوني: "كانت هذه المغامرات ملحوظةً في عدة مجالات؛ أولاً في القدس حيث تضمنت الاعتداء على المسجد الأقصى وتدنيسه، ثم الاعتقال الجماعي للمصلين الفلسطينيين في هذا المسجد".
وأضاف: "في الخطوة التالية، هاجم الصهاينة مواقع فصائل المقاومة، وخاصةً في سوريا، وقاموا ببعض التحركات في قطاع غزة. وبعد هذه الأعمال التي قام بها الكيان الصهيوني، أقدم محور المقاومة، وخاصةً داخل الأراضي الفلسطينية، علی تحركات واسعة النطاق في المجالين العام والميداني.
وتابع السيد أجرلو: "في المجال العام، قام الأهالي بمسيرات حاشدة للتنديد بأعمال الصهاينة، وفيما يتعلق بفصائل المقاومة، شاهدنا إطلاق صواريخ من قطاع غزة وجنوب لبنان باتجاه الأراضي المحتلة".
وفي تحليل لإنجازات التطورات الأخيرة لمحور المقاومة، قال مدير قسم دراسات غرب آسيا في مركز "أبرار" للدراسات المعاصرة في طهران: "معادلة ردع المقاومة، التي تم العمل عليها بجدية وبشکل استراتيجي في السنوات القليلة الماضية، يبدو اليوم أنها دخلت إلى ساحة جديدة وزادت كفاءتها أيضًا. معادلة الردع هذه تقوم على حقيقة أن كل عمل يقوم به الصهاينة سيقابل برد فوري من المقاومة، واليوم نرى أن محور المقاومة يتبع عمليةً فعالةً في هذا المجال".
وأشار أجرلو إلى أننا رأينا في الماضي أن تصرفات الصهاينة کانت تبقی دون رد، وكان رد فعل فصائل المقاومة يتم في وضع مناسب، وأضاف: "لكن في معادلة الردع الجديدة، يقابل كل عمل للصهاينة برد فعل المقاومة بشکل فوري، ولهذا السبب فإن هذا النهج يخلق عقبةً في طريق المغامرات الكبرى للصهاينة في المنطقة".
وعن الأداء الدفاعي للکيان الصهيوني في مواجهة الهجمات الصاروخية الأخيرة للمقاومة، قال: "القبة الحديدية لم تعمل بشكل مناسب ضد الهجمات من جنوب لبنان وقطاع غزة، وبعض الصواريخ أصابت أهدافها".
وأوضح أجرلو عن إنجاز آخر للمقاومة: "القضية الأخرى هي دخول المقاومة في عملية كسب التأييد الشعبي ورأس المال الاجتماعي المناسب داخل فلسطين. في الواقع، باستثناء الجماعات السياسية، خلقت مجموعات المقاومة نوعًا من التحالف مع الشعب، وفي هجوم الصهاينة على الأراضي المحتلة نشأت وحدة نادرة بين الناس، شوهدت لأول مرة بعد التطورات في غزة، كما ينتشر هذا الاتجاه في الضفة الغربية".
وحسب هذا الخبير، فقد توصل الفلسطينيون اليوم إلى نتيجة مفادها بأن المقاومة والتوجهات القائمة على المقاومة، ستحقق لهم المزيد في كل شيء.
كما أن التطورات الأخيرة في الأراضي المحتلة قد أثارت الشكوك لدی الدول التي دخلت في عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني، أو التي تستعد لها. وفي هذا الصدد قال السيد أجرلو: "مع التطورات الأخيرة التي حدثت وظهور المقاومة، خلق هذا التيار مساحةً للدول والجماعات التي كانت تبحث عن عملية تسوية مع الکيان الصهيوني، حتى يتمكنوا من التعبير عن معارضتهم بشكل أكثر صراحةً للتوسع الصهيوني".
وأضاف: "في الحقيقة، من جهة، شهدنا إجراءات الأردن والإمارات في إحالة قضية الاعتداء على المسجد الأقصى إلى مجلس الأمن، ومن جهة أخرى، اشتدت الاتجاهات السياسية في الضفة الغربية من قبل مجموعات المقاومة، والجماعات التي هي في طور التسوية".
كما أوضح هذا الباحث تداعيات هذه العملية على دول التسوية وعلاقاتها مع تل أبيب قائلاً: "يبدو أن تعزيز هذه الإجراءات وردود الفعل، سيؤثر علی كل الإنجازات التي حققتها بعض الدول العربية في اتفاقيات أبراهام وعمليات التسوية. حتى أن احتمال عكس هذه العملية وتقليص العلاقات السياسية للحكومات التي تعاملت مع الکيان الإسرائيلي ليس مستبعدًا".
كما يعتقد أجرلو أن الدول الغربية لم تكن راضية جدًا عن أفعال الكيان الصهيوني في العملية الأخيرة. وحسب هذا الخبير، على الرغم من أن أمريكا وبعض الدول الأخرى حاولت بطريقة ما دعم الصهاينة ببياناتهم السياسية، لكن كان من الواضح تمامًا أن تصرفات الصهاينة قد تسببت أيضًا في غضب حلفائهم الغربيين والأمريكيين.
وأكد: "هذا التغيير الطفيف في نهج الغرب، هو أحد آثار سياسة المقاومة الجديدة، لأن الدول الغربية خائفة للغاية من تصاعد الأزمة في منطقة غرب آسيا، وهي تدرك أنه إذا أصبحت الأزمة أكثر خطورةً وحدثت الحرب، فإن آثارها وتداعياتها الأمنية ستؤثر بالتأكيد على الدول الأوروبية أيضًا".
وقال هذا الباحث في شؤون غرب آسيا في تلخيصه للتطورات الأخيرة بين الصهاينة والفلسطينيين: ربما يكون الكيان الصهيوني قد بدأ مغامراته الأخيرة بهدف حرف الرأي العام وتقليص الأزمة الداخلية، ولكنه واجه محور المقاومة وفصائله ما يدل على فاعلية معادلة ردع المقاومة.
وأضاف: "في الوقت نفسه، أظهرت هذه التطورات أن الأداة التي يستخدمها الصهاينة لتحويل الرأي العام، من خلال خلق أزمات هامشية بهدف التوحيد داخل الأراضي المحتلة وبين الصهاينة، قد فقدت فعاليتها".
وختم السيد أجرلو بالقول إن أمن الكيان الصهيوني مهتز بشكل خطير اليوم، ومن الناحية الشعبية أيضًا نشهد وحدةً فريدةً بين الفلسطينيين تجاه نهج المقاومة ضد الكيان الصهيوني، وهو إنجاز مهم للغاية.