الوقت - جدد وزير الداخلية الجزائري إبراهيم مراد، اتهامه للمغرب، مؤكدا أن مصالح الدولة تشن حربا ضروسا لـ”إحباط المخططات العدائية ولا سيما تلك التي يقودها النظام المغربي”.
وأكد مراد، في تصريحات خلال زيارة قادته إلى مقر المصلحة المركزية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات، على أن الجزائر مستهدفة في أمنها وشبابها بمحاولات إغراقها بمختلف أنواع المخدرات، وخاصة أنواع جديدة دخيلة سامة وقاتلة.
وأشار إلى أن مصالح الدولة تشن حربا ضروسا لإحباط هذه المخططات العدائية ولا سيما تلك التي يقودها “المخزن” (وصف للنظام المغربي)، داعيا المواطنين وفعاليات المجتمع المدني للتجند والمساعدة الفعالة لإحباط هذه المحاولات الهدامة لحماية شبابنا، ولا سيما من خلال تكثيف العمل التوعوي والتبليغ عن الأعمال المشبوهة.
وكان مراد، قال الخميس الماضي، خلال جلسة علنية بمجلس النواب، “الجزائر مستهدفة من خلال المخدرات، إذ تواجه حربا من الجارة الغربية (المغرب) تستوجب علينا مواجهتها بشتى الوسائل”.
وكان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، برر قطع العلاقات مع المغرب، بأن ذلك كان البديل لـ"الحرب" بين الدولتين، وأنه كان نتيجة تراكمات بدأت في الستينيات.
وقال تبون في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، نهاية العام الماضي؛ إن قطع العلاقات مع المملكة المغربية صيف العام 2021، كان "نتيجة تراكمات منذ العام 1963".
وأضاف إن "النظام المغربي هو من سبب المشاكل وليس الشعب، فهناك 80 ألف مغربي يعيشون في الجزائر بكرامة"، وتنفي الرباط عادة اتهامات الجزائر بهذا الشأن.
وتابع: "قطع العلاقات مع المغرب كان بديلا للحرب معها، والوساطة غير ممكنة بيننا".
وكانت الجزائر قطعت علاقاتها مع المملكة المغربية في أغسطس 2021 بسبب ما اعتبرته "الأعمال العدائية" للمملكة، وفق ما أعلنه وزير الخارجية الجزائري السابق، رمطان لعمامرة.
وتتباين وجهات النظر بين محللين جزائريين ومغاربة بشأن المطالب الجزائرية من المغرب، بين من يعتبرها مشروعة، وبين من يرى في الاتهامات الجزائرية للرباط "خطابا موجها للداخل".
وتعليقا على هذه التطورات يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة المسيلة بالجزائر، أحمد رواجعية، أن بلاده "تريد من الجارة الغربية وقف كل محاولات اعتبارها جزءا من النزاع في الصحراء الغربية"، واصفا هذا المطلب بالمشروع.
ويشير رواجعية، إلى أن "إصرار المغرب على أن الجزائر طرف في هذا النزاع هو استفزاز متعمد يسعى من خلاله المغرب إلى إطالة أمد الصراع".
ويضيف "فيما تعمل الرباط على تحويل ملف الصحراء الغربية إلى قضية داخلية، فإنها تسعى في المقابل إلى محاولة إظهار الجزائر أنها جزء من النزاع".
وفي الشق الثاني من الخلاف بين البلدين ، يؤكد رواجعية أن "الأطماع المغربية التاريخية بشأن الحدود المشتركة بين البلدين ملف منتهٍ دوليا وإقليميا، لكن المغرب يستعمله لتبرير تجاوزاته على الحدود من حين لآخر، وهذا ما ترفضه الجزائر".
وبالنسبة لأستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، إسماعيل معراف، فإن "قضية دعم المعارضين خارج الجزائر من قبل المغرب تشكل اهتماما جزائريا، حيث تريد الجزائر من المغرب التوقف عن تمويل النشاطات العدائية".
واعتبر أن "وقف تدفق المخدرات نحو التراب الوطني أصبح مطلبا جزائريا أمام الكميات الكبيرة التي تعبر الحدود الغربية".
وأغلقت الجزائر حدودها البرية مع المغرب في أغسطس 1994، عقب اتهامات وجهتها لها الحكومة المغربية بالتورط في تفجيرات فندق "أسني" بمراكش حينها.
وتبعا للنقاش الدائر حول ما تريده الجزائر من المغرب، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس بالمغرب، إسماعيل حمودي، أن "الخطاب الجزائري بشأن القضايا المثارة موجه للداخل أكثر منه للمغرب".
ويضيف حمودي، إن الجزائر "تحاول تبرير ارتفاع نسبة استهلاك المخدرات من خلال توجيه التهم مجددا للمغرب"، مشيرا إلى أن "الجميع يعرف أن الحدود مغلقة والعلاقات مقطوعة والخطوط الجوية متوقفة".
ويعتبر المتحدث أن الاتهامات والمطالب الجزائرية اتجاه المغرب "غايتها تبرير القطيعة الجزائرية مع المغرب من خلاله تقديمه على أنها دولة شريرة تريد السوء بهم وببلدهم"، مشددا على أن المغرب "بات ورقة للمزايدات السياسية وورقة سياسية في الصراع الداخلي"، مضيفا إن هذه الاتهامات المتجددة "تعمق الشرخ بين البلدين".
ويستبعد حمودي أن "تقبل الجزائر في المرحلة الراهنة أي مبادرة للمصالحة مهما كان مصدرها سواء في القمة العربية القادمة أم خارجها".
وفي سياق تصاعد التوتر، انتقدت الجزائر قبول الاتحاد الأفريقي أوراق اعتماد دبلوماسية مغربية قالت إنها "تقدم نفسها زورا على أنها الممثلة الدائمة" لاتحاد المغرب العربي لدى الاتحاد الأفريقي.
وجاء في بيان لوزارة الشؤون الخارجية إن الجزائر أعربت عن استغرابها العميق إزاء القرار "المتهور" و"الطائش" لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد، بقبول أوراق اعتمادها ووصفه بأنه "غير مقبول".
والدبلوماسية المشار إليها هي أمينة سلمان، التي تشغل حاليا منصب مديرة الشؤون الاقتصادية باتحاد المغرب العربي، وفق موقع اتحاد المغرب العربي.
وكان موسى فقي محمد استقبلها، الخميس الماضي، حيث قدمت له أوراق اعتمادها ممثلة دائمة لاتحاد المغرب العربي لدى الاتحاد.
وكتب الموقع أن تعيينها "يندرج في سياق تعزيز دور التجمعات الإقليمية الاقتصادية الأفريقية الثمانية، التي تضطلع بدور محوري في تحقيق أجندة الاتحاد الأفريقي 2063، ولاسيما على مستوى التنمية الاقتصادية والاندماج".
من جهة أخرى، اعتبر البيان الجزائري، الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية، أن هذا التعيين "لا يقع ضمن صلاحيات الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الذي انتهت ولايته دون إمكانية تمديدها، كما لم تتم استشارة السلطات الجزائرية فيه، وقال إنه "يخالف" معاهدة تأسيس اتحاد المغرب العربي، لفبراير 1989، والتي تقتضي التصويت بالإجماع من طرف الدول الأعضاء على مستوى مجلس وزراء الخارجية.
ورفضت الجزائر لجوء مفوضية الاتحاد الأفريقي لاستخدام صفة "بالنيابة" معتبرة أنها "خدعة قانونية من أجل التعامل مع وضعية الأمين العام السابق لاتحاد المغرب العربي" وتؤكد على أن معاهدة فبراير 1989 "لا تنص بتاتا على مثل هذه الوضعية".
وجاء في البيان أنه "بقبوله لهذه المسرحية البروتوكولية المبتذلة"، فإن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي "يرضخ لعملية تلاعب غير نزيهة، تم إعدادها وتنفيذها لغايات لا تخدم بأي حال من الأحوال مصالح اتحاد المغرب العربي والاتحاد الأفريقي".
ودعت الجزائر في نهاية البيان مفوضية الاتحاد إلى "توضيح موقفها النهائي بشأن هذا الانتهاك الصارخ وغير المقبول للقواعد البروتوكولية والقانونية"، مؤكدة حقها في "اتخاذ كل الإجراءات المناسبة حسب تطور هذه القضية"، وفق نص البيان.
