الوقت - أكد الخبير بالشأن الفلسطيني "منصور براتي" أن الأرضية اللازمة للانتفاضة الفلسطينية الثالثة جاهزة. حيث لم يستبعد، اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، وقال: هناك أرضية لمثل هذه الانتفاضة لأن سياسات حكومة نتنياهو تسير في طريق سيقود الفلسطينيين حتما لانتفاضة ثالثة.
وفي حديث له قال الخبير في الشأن الفلسطيني: إن الاحتجاجات الداخلية للكيان الصهيوني، أي الاحتجاجات المتعلقة بالإصلاحات القضائية، مستمرة ودخلت أسبوعها الرابع عشر على التوالي، وفي غضون ذلك، رأينا أن الاشتباك بين حماس والكيان الصهيوني قد اندلع في كل من غزة وفي لبنان. كان من المتوقع أن يقلل هذا الاشتباك الاحتجاجات الداخلية للكيان الصهيوني، لكن هذا التوقع لم يتحقق وخرج الصهاينة إلى الشوارع.
وأضاف: ان "استمرار التظاهرات الداخلية للكيان الصهيوني خلق ظروفًا قاسية لهذا الكيان وتسبب في إصابة حكومة نتنياهو بالشلل في العديد من المجالات وعدم قدرتها على حفظ النظام والأمن".
جذور الاشتباك بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني
وتحدث هذا الخبير في الشأن الفلسطيني عن جذور الاشتباك الأخير بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، وقال: كل عام في شهر رمضان نشهد اشتباكا بين الجانبين. في بعض السنوات، تتزايد الاشتباكات المذكورة وتصبح نقطة تحول، وفي بعض السنوات تقل الاشتباكات. عادة ما يكون سبب الاشتباك في شهر رمضان هو أن عدد المسلمين الذين يأتون لأداء الصلاة والشعائر الدينية في المسجد الأقصى يزداد، وبما أن التقويم العبري يعتبر في الواقع تقويما قمريا، أي إنه يتناوب من حيث الوقت ، لذلك تتزامن بعض مناسبات التقويم العبري مع شهر رمضان، وفي هذه الأيام يزداد عدد الصهاينة الراغبين في الصلاة في المسجد الأقصى وبجوار حائط البراق. وعادة ما يكون بين هذه الجماعات أشخاص راديكاليين يؤمنون أكثر بالفكر الصهيوني ، ونتيجة لذلك تزداد أرضية الاشتباك.
وذكر براتي أن الاحتجاجات الداخلية للكيان الصهيوني قضت جزئيا على اهتمام وسائل الإعلام بالانقسام العربي الصهيوني، وقال: في الوقت نفسه، لا يزال هناك احتمال لحدوث صراع بين الفلسطينيين والصهاينة خلال شهر رمضان. لا بد من الإشارة إلى أن حكومة متطرفة برئاسة نتنياهو تحكم في تل أبيب وأشخاص مثل "بن غفير" وزير الأمن الداخلي و "سموتريتش" وزير المالية موجودون في هذه الحكومة ولديهم في الوقت نفسه صلاحيات في وزارة حرب الكيان الصهيوني. هذه القضية جعلت نهج تل أبيب تجاه المسلمين والعرب الذين يعيشون في الأراضي المحتلة متطرف للغاية.
وأكد هذا المختص بالتطورات الفلسطينية أن حكومة نتنياهو الحالية لديها نهج أكثر حدة مقارنة بوزارات تل أبيب السابقة ، وقال: لم تكن وزارات نتنياهو السابقة متشددة ومتطرفة مثل حكومته الحالية لأن اليمين المتطرف كان في ذلك الوقت تيارا صغيرا. وفي الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) لم يكن لديه مقعد أو مقعدان آخران ، لكن هذا التيار لديه الآن 14 مقعدا في الكنيست وأصبح أحد شركاء نتنياهو الرئيسيين، وهذا موضوع مهم للغاية لأنه دفع سياسة ونهج حكومة تل أبيب الحالية إلى اتخاذ إجراءات أكثر شدة ضد المسلمين والعرب مقارنة بما كان عليه الحال في السابق.
حماس تمد قوتها حتى جنوب لبنان
وأشار براتي إلى قيام الكيان الصهيوني باعتقال 350 فلسطينيا في المسجد الأقصى خلال الأيام الماضية، وقال : إن تدنيس المسجد الأقصى أدى إلى ردود فعل شديدة. ورداً على هذا الإجراء، شنت سلسلة من الهجمات الصاروخية من قطاع غزة وجنوب لبنان على بعض المواقع الصهيونية ، بعدها قصفت مقاتلات إسرائيلية بعض المواقع في غزة وجنوب لبنان. في غضون ذلك هناك نقطة مهمة يجب الانتباه لها وهي أن المجموعة التي استهدفت المواقع الصهيونية من جنوب لبنان هي حماس، وهذا يعني أن حماس تمكنت من مد قوتها إلى جنوب لبنان، وهذا أمر مهم للغاية.
لماذا يرفض الكيان الصهيوني توسيع دائرة الصراع مع المقاومة؟
وعن سبب تجنب الكيان الصهيوني توسيع نطاق الصراع مع حماس، قال هذا الخبير بالشأن الفلسطيني: هذا الموضوع يتعلق جزئياً بزيادة قوة حماس ومستوى الردع الذي تمكنت هذه المجموعة من تحقيقه خلال السنوات الماضية. القضية التالية هي أن الصهاينة يواجهون حاليا مشاكل على عدة جبهات. القضية التالية هي الاحتجاجات المستمرة ضد إصلاحات المحكمة العليا. قضية أخرى هي أن استمرار اضطهاد الفلسطينيين عرض اتفاقات ابراهام(تطبيع علاقات بعض الدول العربية مع تل أبيب) للخطر، ولهذا السبب نرى ذلك عندما وقعت الحكومات العربية على اتفاق ابراهام وينتقدون سياسة تل أبيب، حيث يقول نتنياهو: نحن ملتزمون بالسلام ونحاول تجنب الصراع مع المسلمين، وفي الوقت نفسه طلب من وزراء حكومته عدم دخول المسجد الأقصى وعدم استفزاز المسلمين.
تل أبيب تحاول الامتناع عن توسيع أبعاد الأزمة
وفي جانب آخر من حديثه أضاف براتي: يبدو أنه إذا تمكن الصهاينة من حل قضية الاشتباك (مع فصائل المقاومة الفلسطينية) على المدى القصير ولم يتسع هذا الاشتباك كثيرا، قد يكون من الجيد لنتنياهو أن يقلل جزئيا من الاحتجاجات الداخلية بسبب وجود أزمة خارجية (حرب مع فصائل المقاومة) أو جعلها أكثر قابلية للإدارة. لكن يبدو أن تل أبيب تحاول تجنب توسيع أبعاد الأزمة.
اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة ليس أمرا مستبعدا
ولم يستبعد هذا الخبير بالشأن الفلسطيني احتمال اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، وقال: هناك أرضية لمثل هذه الانتفاضة، لأن سياسات حكومة نتنياهو في اتجاه يقود الفلسطينيين حتما إلى الانتفاضة الثالثة. على سبيل المثال ، تنص خطة الحكومة الحالية على ضم الضفة الغربية رسميا إلى إسرائيل. في الواقع، في حال تنفيذ مثل هذا الإجراء، سيقضي على قضية "أوسلو" وحل الدولتين (الإسرائيلية والفلسطينية) تماما لأنه عندما يتم احتلال الضفة الغربية ، فلن يتبقى واحد بالمئة من الأساس الذي بني عليه السلام. لهذا السبب، يبدو أن حكومة الكيان الصهيوني لا تترك سبيا للفلسطينيين اللهم إلا توجه الفلسطينيون نحو المقاومة.
احتمال اشتداد الصراع بين الفلسطينيين والصهاينة
وتوقع براتي أوضاع الكيان الصهيوني في الأيام المقبلة على النحو التالي: في ضوء تزامن مسيرة "العلم" مع شهر رمضان المبارك وخلالها يريد عدد من الصهاينة التواجد في المسجد الأقصى ، لذلك يتوقع الصراع بين الفلسطينيين والصهاينة وسيتزايد وسيكون من الصعب جدا على الكيان الصهيوني ادارة مثل هذا الوضع. من ناحية أخرى، لا يزال الانقسام الداخلي في إسرائيل مفتوحا وعميقا، ويبدو أن وضع حكومة نتنياهو معقد للغاية. الآن، قد تكون استراتيجية تصدير الأزمة مناسبة إلى حد ما، وستتراجع الاحتجاجات على إصلاحات المحكمة العليا ، لكن علينا أن ننتظر ونرى الأوضاع التي ستتسبب بها تراكم هذه الأزمات للكيان الصهيوني. على الرغم من أنني أعتقد أن الأوضاع ستصبح أكثر تعقيدا.