الوقت- خرج آلاف الإسرائيليين قبل عدة أيام في مظاهرات أطلقوا عليها "يوم مقاومة الدكتاتورية" للاحتجاج على مضي الحكومة قدما في تمرير قوانين تقلص صلاحيات القضاء لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية. وكثف المتظاهرون الإسرائيليون المعارضون لخطط الحكومة وجودهم في محيط مطار بن غوريون في مسعى منهم لعرقلة طريق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل رحلة رسمية إلى روما، وذلك في وقت يزور فيه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن تل أبيب.
وأفادت بعض المصادر الاخبارية بأن مئات المحتجين على خطة الإصلاحات القضائية يعرقلون حركة الدخول إلى مطار بن غوريون، كما شلّ آلاف السائقين حركة السير من وإلى المطار، في إطار الاحتجاجات. كما أفادت تلك المصادر بأن عشرات القوارب عرقلت حركة الملاحة في ميناء حيفا، احتجاجا على خطة الحكومة بشأن الجهاز القضائي. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الاثنين إنه سيرجئ التعديلات القضائية إلى الدورة البرلمانية المقبلة، رغبة في منع الانقسام في الأمة، وفق قوله.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير اتفقا على تأجيل التغييرات القضائية حتى الدورة البرلمانية المقبلة للكنيست، مقابل التصديق على إقامة الحرس الوطني، في حين يواصل آلاف الإسرائيليين التظاهر في تل أبيب ومدن أخرى ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي احتجاجا على إقالته وزير الدفاع يوآف غالانت. وقال بن غفير إنه وافق على إلغاء حق النقض عن تأخير التعديل القضائي مقابل طرحه في دورة الكنيست المقبلة. وذكر بيان لحزب القوة اليهودية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيؤجل مناقشة التعديلات القضائية المثيرة للجدل إلى الشهر المقبل.
وقال البيان إن مشروع القانون سيُطرح في الجلسة المقبلة للكنيست من أجل "إقرار التعديل من خلال الحوار". من جهته، قال إيتمار بن غفير يوم الاثنين الماضي إنه وافق على تأجيل التعديلات القضائية التي تريد الحكومة تمريرها في مقابل تعهد بطرحها بعد العطلة البرلمانية المقبلة. وقال بن غفير "وافقت على التخلي عن حق النقض لرفض التشريع، مقابل تعهد من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بطرح التشريع على الكنيست لتمريره في الجلسة المقبلة". وكان من المقرر أن ينتهي تمرير حزمة التشريعات الخاصة بخطة إصلاح القضاء المثيرة للجدل خلال الدورة البرلمانية الشتوية للكنيست التي تنتهي في الثاني من أبريل/نيسان المقبل.
وتبدأ الدورة البرلمانية المقبلة للكنيست في 30 أبريل/نيسان، وتستمر حتى 30 يوليو/تموز 2023، وفق موقع الكنيست الرسمي. رغم قرار رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بتجميد خطته المثيرة للجدل بشكل مؤقت، وواصل آلاف المتظاهرين التدفق إلى الشوارع في مدن إسرائيلية، بما في ذلك تل أبيب، مؤكدين ضرورة إلغاء جميع التشريعات التي تتضمنها الخطة، وعدم الاكتفاء بتجميدها مؤقتاً. وفي وقت سابق من مساء الإثنين الماضي، قال نتنياهو في خطاب متلفز "قررت تعليق تصويت الكنيست على تشريعات إصلاح القضاء، للتوصل إلى اتفاق واسع من منطلق المسؤولية الوطنية والرغبة في منع انقسام الأمة".
واندلعت اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين، الذين حاولوا الوصول إلى شارع أيالون في تل أبيب وإغلاقه، وفق صحيفة "هآرتس" العبرية، واستخدمت الشرطة وسائل تفريق المتظاهرين مثل الخيالة وسيارات المياه العادمة والقنابل الصوتية لمنع المتظاهرين من الوصول للشارع الرئيسي، حسب الأناضول. وأصيب شرطيان إسرائيليان بعدما ألقى متظاهرون تجاههم الزجاجات، في تل أبيب، ونقل موقع "والا" عن قادة الاحتجاج قولهم "مستمرون في التظاهر". وحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اعتقلت الشرطة ما مجموعه 33 متظاهراً خلال احتجاجات تل أبيب، ليلة الاثنين.
وكان رئيس المعارضة، يائير لبيد، رحب بشكل حذر بخطاب نتنياهو بشأن تجميد "إصلاح القضاء"، وقال لبيد في تغريدات على تويتر "يجب أن ندع للرئيس (إسحاق هرتسوغ) تحديد آلية التفاوض ونثق به كوسيط عادل. هذا كل ما طلبناه في الشهرين الماضيين: حوار حقيقي وبناء من قيادة مستعدة لتحمل المسؤولية". وأضاف "هذه أكبر أزمة في تاريخ البلاد. لدينا مسؤولية لحلها معاً، حتى نتمكن من العيش سوياً هنا، نحتاج اليوم إلى بناء البلد الذي سيعيش فيه أطفالنا في المستقبل". لكنه ألمح إلى إمكانية اتخاذ رئيس الوزراء القرار كمناورة لتهدئة الأجواء المتوترة في الشوارع قائلاً "سمعنا بقلق التقرير الذي بموجبه قال نتنياهو لرفاقه المقربين: أنا لن أتوقف في الحقيقة، أنا فقط أهدئ الأرواح"، وحذر لبيد من أنه "إذا حاول نتنياهو المناورة، فسيجد مرة أخرى مئات الآلاف من الوطنيين الإسرائيليين العازمين على النضال من أجل ديمقراطيتنا"
رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي يخاطب جيشه
من جهته، دعا رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي الجنود يوم الاثنين الماضي إلى مواصلة أداء واجبهم والتصرف بمسؤولية في مواجهة الانقسامات الاجتماعية المريرة بشأن خطط الحكومة لتعديل النظام القضائي. وقال هاليفي في تصريحاته "هذه الأوقات مختلفة عن أي أوقات شهدناها من قبل؛ لم نشهد توالي مثل هذه الأيام المليئة بالتهديدات الخارجية، بينما تتشكل عاصفة في الداخل". وفي رسالته التي وجهها إلى جنود وقادة الجيش، أكد هاليفي أن المجتمع الإسرائيلي يشهد أياما معقدة؛ من كل جهة ومن كل اتجاه، ويستحيل عدم الشعور بالقلق إزاء ما يجري.
وأضاف.. لقد عشنا الحروب وعشنا الألم وعشنا القتال ضد أعدائنا.. إنها فترة تختلف عن كل ما عهدناه سابقا، حيث لم نواجه مثل هذه الأيام التي تجتمع فيها التهديدات الخارجية مع العاصفة الداخلية. وتابع: أخاطبكم في هذا الوقت العصيب لأقول لكم إنه حان الوقت للتحلي بالمسؤولية. وشهدت الأسابيع الأخيرة احتجاجات من قبل المئات من جنود وضباط الاحتياط على مخططات الإصلاح القضائي الحكومية المثيرة للجدل، بالتوازي مع حركة احتجاجات واسعة تشهدها البلاد. وحذرت العديد من الأوساط السياسية والأمنية والعسكرية الإٍسرائيلية من تأثير هذه الاحتجاجات على قدرة الجيش الإسرائيلي على القيام بالمهام الموكلة له. وكان آلاف المتظاهرين تجمعوا في محيط الكنيست ورئاسة الوزراء بالقدس ورددوا هتافات تطالب بإلغاء التعديلات القضائية، كما أغلقوا شوارع رئيسية في تل أبيب ومدن أخرى
وفي أحدث تعليق من واشنطن على التطورات الجارية في إسرائيل، قال منسق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض جون كيربي "كنا واضحين مع الإسرائيليين من أن مواطن القلق بشأن التعديلات القضائية في إسرائيل ستطفو على السطح"، مؤكدا أن إسرائيل "لم تعالج بعد قلقنا من التعديلات القضائية". وأكد أن واشنطن تتواصل مع السلطات في إسرائيل ويساورها قلق عميق من التطورات. وأضاف كيربي إننا نراقب التطورات في إسرائيل عن كثب وبقلق بالغ، ونحث قادتها على التوصل إلى تسوية، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن يرغب في رؤية توصل قادة إسرائيل إلى تسوية تحظى بدعم أغلبية الإسرائيليين.
وأوضح أن الرئيس بايدن ليس قلقا من احتمال اندلاع حرب أهلية في إسرائيل ولا يتوقع ذلك. وكانت واشنطن دعت أمس الأحد إلى إيجاد "تسوية"، بعد أن أعرب بايدن عن "مخاوف" إزاء مشروع تعديل النظام القضائي في إسرائيل، وفق ما أعلنته المتحدثة باسمه كارين جان-بيار. وكان نتنياهو أقال مساء الأحد الماضي- وزير الدفاع يوآف غالانت، بعد يوم من مطالبة الأخير الحكومة بوقف قانون الإصلاحات القضائية المثير للجدل. وإثر ذلك، شهدت إسرائيل احتجاجات ليلية حاشدة استمر زخمها حتى ساعات فجر يوم الاثنين. ومنذ نحو 12 أسبوعا، يتظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين يوميا ضد خطة الإصلاح القضائي التي تعتزم حكومة نتنياهو تطبيقها.