الوقت- ما بين سوء فهم وسوء تقدير كما يشاع ونتيجةً لعلاقة تاريخية شابتها تقلبات وتوترات في كثير من المحطات دخلت العلاقات الفرنسية المغربية أجواء التوتر والخلاف على مستوى عالٍ ،وفي محاولة منها لاغتنام الفرصة و بخطوات متسارعة تحاول اسبانيا أن تعمل على تقوية وتمتين العلاقة ما بينها وبين المغرب حيث بدأت اسبانيا وبشكل سريع في احتلال المكانة التي كانت تتمتع بها فرنسا في الأسبق كشريك مميز لدى المغرب، ويتجسد هذا التطور في الزيارات والاتفاقيات وحسن النوايا الذي يشهده البلدان مؤخراً.
وفي هذا الصدد، أكدت المغرب وإسبانيا، الأهمية الاستراتيجية التي يكتسيها الحفاظ على علاقة متميزة تتطلع إلى المستقبل، اذ ترى سفيرة المغرب لدى إسبانيا، كريمة بنيعيش، أن المملكتين تظهران إصراراً راسخاً على بناء شراكة عالمية متجددة تلبي التحديات وكذلك الفرص التي يوفرها القرن الحادي والعشرون، على حد تعبيرها.
وتجري التحضيرات على قدم وساق، لعقد اجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، مطلع شباط (فبراير) المقبل بالرباط، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية وفتح صفحة جديدة وطي خلافات الماضي.
حيث أجرى رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز، مكالمة هاتفية مع العاهل المغربي محمد السادس الأربعاء، قبل اجتماع رفيع المستوى ينتظر عقده اليوم الخميس بالعاصمة المغربية الرباط.
وأعلن رئيس الحكومة الإسبانية على تويتر أنه أجرى للتو محادثة مع الملك محمد السادس قبل الاجتماع رفيع المستوى.
وكشف الاتفاق أن هذا الاجتماع سيكون ناجحاً للبلدين، مضيفا “تدعم إسبانيا والمغرب المرحلة الجديدة من علاقاتهما الثنائية”.
ويعقد، اليوم الخميس، الاجتماع رفيع المستوى بالرباط، برئاسة رئيسي حكومتي المغرب واسبانيا، وسيحضر الاجتماع أكثر من عشرة وزراء من الحكومة الإسبانية، من مختلف القطاعات.
وأشاد الملك محمد السادس، خلال محادثاته مع سانشيز، بـ”التطور الذي تشهده المرحلة الجديدة للشراكة الثنائية، في سياق من التشاور والثقة والاحترام المتبادل”، وذلك منذ اللقاء الذي جرى في 07 نيسان أبريل 2022 بين العاهل المغربي ورئيس الحكومة الإسبانية، حيث تم تفعيل الالتزامات التي تضمنها البيان المشترك المعتمد بهذه المناسبة بشكل جوهري.
ونوه الملك المغربي، وفق ما نقلته وكالة الأنباء المغربية، بانعقاد الدورة الثانية عشرة للاجتماع رفيع المستوى المغرب-إسبانيا، بعد ثماني سنوات على عقد آخر دورة لهذه الآلية المؤسساتية.
وفي أفق تعزيز هذه الدينامية الإيجابية في الشراكة الاستراتيجية الثنائية الممتازة، دعا محمد السادس، رئيس الحكومة الإسبانية للقيام بزيارة رسمية للمغرب، في أقرب الآجال.
وستشكل هذه الزيارة مناسبة سانحة لتعزيز العلاقات الثنائية بشكل أكبر، من خلال اعتماد مبادرات ملموسة تتميز بالنجاعة، وبمشاريع فعلية في مختلف المجالات الاستراتيجية ذات المنفعة المشتركة، وفق مصادر رسمية.
واستقبل رئيس الوزراء المغربي، عزيز أخنوش، نظيره الإسباني، اليوم الأربعاء، لدى وصوله إلى الرباط للمشاركة في الاجتماع الثاني عشر رفيع المستوى، لتطبيع العلاقات الثنائية.
وعقد الاجتماع الأول قبل أن يذهب كلاهما إلى منتدى الأعمال الذي يعد بمثابة مقدمة للاجتماع رفيع المستوى.
تولي السلطة التنفيذية الإسبانية أهمية كبيرة لهذا المنتدى لتعزيز العلاقات في المجال الاقتصادي والتجاري، وهو الهدف الذي يتم من خلاله تناول البروتوكول المالي الذي سيتم التوقيع عليه خلال القمة والذي سيسهل من خلال هبة 800 مليون يورو (870 مليون دولار) من الاستثمار من خلال الشركات الإسبانية في المغرب.
وكشفت وكالة الأنباء الاسبانية، أنه كان من المقرر أن يحضر رئيس الجمعية الإسبانية لأصحاب العمل، أنطونيو غارامندي، المنتدى، لكنه في النهاية لم يسافر إلى الرباط “لأسباب شخصية”.
وأكد ذات المصدر، أنه سيتم توقيع حوالي عشرين اتفاقية، يوم الخميس، بعد الزيارة التي سيقوم بها سانشيز في مرقد السلطان الراحل محمد الخامس.
مصادر حكومية إسبانية قالت عن الزيارة التي وصفت بـ “التاريخية” للمغرب، أن بيدرو سانشيز مصمم على المضي قدماً نحو تدعيم العلاقات مع الرباط حتى لا تتأثر بالأزمات السياسية، من خلال وضع لبنات التعاون الاستراتيجي خلال القمة المرتقبة بالرباط.
وبهذه المناسبة، أكد رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق، خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو، على أن الاجتماع الرفيع المرتقب، سيكون بمثابة “توطيد” للمرحلة الجديدة التي تم تدشينها بين البلدين في نيسان (أبريل) الماضي بمناسبة زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى المغرب بدعوة من العاهل المغربي.
وقال ثاباتيرو في مقابلة أجرتها معه وكالة المغرب العربي للأنباء، إن البلدان في “مرحلة انتعاش واضح للعلاقات الثنائية في إطار إيجابي”، مشيرا إلى أنه “في كل مرة يعمل فيها المغرب وإسبانيا سويا، تكون النتائج إيجابية دائما في جميع المجالات: الهجرة والاقتصاد والتنمية والتقدم”.
ومنذ اعتماد خارطة الطريق الجديدة بين البلدين، ارتفع حجم المبادلات التجارية، ويرى متابعون اسبان، أن الآفاق تبدو في هذا الصدد “واعدة وأفضل”.
وأكد المتحدث، أن النخب السياسية والشركات الإسبانية، شبه مجمعة، على أن العلاقات مع المغرب هي أولوية.
ويتعلق الأمر بتسليط الضوء على تنزيل النقاط والالتزامات الرئيسية الواردة في خارطة الطريق بين البلدين المرتبطين جغرافيا وتاريخيا.
وقال العاهل الإسباني، في كلمة ألقاها بمناسبة استقبال خص به أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد بإسبانيا، إن “هذا اللقاء الذي لم يعقد منذ العام 2015، سيتيح تعميق علاقاتنا الثنائية واسعة النطاق، من أجل العمل سويا على أسس أكثر متانة” ، مذكرا بأن البلدين دشنا “مرحلة جديدة” في علاقتهما الثنائية.
يذكر أنه تأتي هذه الطفرة في العلاقات بين المغرب واسبانيا، في وقت يزداد فيه التوتر الخفي بين الرباط وباريس، والأسبوع الماضي، وبشكل مفاجئ، تم إلغاء اجتماعين مهمين لمسؤولين فرنسيين، في خطوة تعكس استمرار استياء الرباط من قرار البرلمان الأوروبي الناقد لحالة الحريات في المملكة.
ويتهم المغرب فرنسا بالوقوف وراء الموقف الأوروبي الجديد تجاه المملكة، وهو ما تنفيه باريس التي تؤكد حرصها على بناء علاقات متينة مع المغرب، فيما يرى محللون سياسيون وخبراء العلاقات الدولية، أن الأزمة موجودة وقد تتجه إلى التصعيد.
واتهم رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والوزير الأسبق، الحسن حداد، اليوم الثلاثاء ما سماها “الدولة العميقة الفرنسية” بالوقوف وراء توصية البرلمان الأوروبي حول حرية الصحافة.
وقال حداد في مؤتمر صحفي بالرباط “أظن أن جزءا من الدولة العميقة في فرنسا تزعجه الانتصارات الأمنية والدبلوماسية للمغرب، واستغل هذه الأزمة ليحرك الليبراليون الفرنسيون لتبني هذا القرار”.