الوقت - أوفدت خمس دول فقط من أصل 22 بلدا عضوا في جامعة الدول العربية، وزراءها، يوم الأحد الماضي لحضور فعاليات الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب في العاصمة الليبية طرابلس، حيث افتتحته وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، نجلاء المنقوش، وشارك فيه وزراء خارجية تونس والجزائر والسودان وجزر القمر وسلطنة عمان، فضلا عن وزير الدولة القطري.
وقررت بعض الدول عدم المشاركة في الاجتماع التمهيدي لاجتماع آخر سيعقده وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة، ومنها مصر التي كانت قد أبدت موقفا واضحا في اجتماع سابق من حكومة الوحدة الوطنية، فضلا عن السعودية والامارات، كما قررت بعض الدول خفض تمثيلها الدبلوماسي على غرار قطر، وغاب أيضًا عن الاجتماع الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط.
ويُظهر ذلك الانقسامات بين الدول العربية حول الحكومة التي تتخذ من طرابلس (غرب) مقرًا لها، وقد تشكلت بداية عام 2021 برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتتنافس على السلطة مع حكومة أخرى برئاسة فتحي باشاغا عيّنها مجلس النواب في آذار/مارس الماضي ويدعمها المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد.
في افتتاح هذا الاجتماع “التشاوري”، استنكرت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش بشدة “محاولات البعض كسر إرادة الليبيين لتحويل التضامن العربي إلى حقيقة”.
وشدّدت المنقوش على أن ليبيا التي تتولى الرئاسة الدورية للجامعة، “مصممة على لعب دورها بالكامل داخل جامعة الدول العربية” و”ترفض تسييس المواثيق التأسيسية للجامعة”.
وغرقت ليبيا في الفوضى بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 وانتشر عدد كبير من الجماعات المسلحة والمرتزقة الأجانب في كل أنحاء البلاد على وقع تدخل أجنبي من جانب دول عربية وكذلك تركيا وروسيا ودول غربية.
وقالت المنقوش في مؤتمر صحفي: “أتحفظ على موقف بعض الدول التي تغيبت عن الحضور (..) استغربنا عدم تعاون بعض الدول”، دون تسمية أي دولة.
وحول غياب جامعة الدول العربية عن الاجتماع، قالت المنقوش: “استغربنا ابتداع أمانة الجامعة العربية شرطا غير موجود في الميثاق واللوائح وغير مسبوق”.
وأفادت بأن الجامعة العربية “اشترطت (لحضور الاجتماع) أن تؤكد 14 دولة حضورها كتابيًا ما وضع الكثير من الدول في إحراج الاصطفاف”.
وأضافت: “الجامعة أقحمت نفسها في الانحياز الواضح لإحدى الدول (لم تسمها) وهو ما تمنينا تجنبه حرصا على وحدة الصف العربي”.
وتابعت: “لا شك أن الظروفَ الإقليمية والعربية ألقت هي الأخرى بظلالها على انسيابية عقد الاجتماع لكننا اليوم في طرابلس وقد عقدنا الاجتماع التشاوري بنجاح”.
وشارك بالاجتماع، وزيرا خارجية الجزائر رمطان لعمامرة، وتونس عثمان الجرندي، فضلا عن وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري سلطان المريخي.
كما حضر الاجتماع، ممثلون عن دول جزر القمر وفلسطين والصومال والسودان وسلطنة عمان وموريتانيا.
كما ذكرت المنقوش، أن “ذاكرة الشعوب لا تنسى من يتضامن معها ومن يسهم في تعافيها”.
وأفادت بأن الليبيين “أدركوا اليوم ماذا تعني قيمُ التضامن العربي ووحدة الموقف العربي ولن توقفهم محاولات تنميط صورة بلادهم أنها أرض خطر وحروب”.
و ردا على غياب جامعة الدول العربية عن الحضور في الاجتماع قال الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية، محمد حمودة، إن الاجتماع الذي تم في ليبيا قانوني وتم بشكل سليم ولا يحتاج لنصاب لانعقاده، مشيرا الى أنه تم وفق ميثاق جامعة الدول العربية. وتابع حمودة إن ما قامت به الأمانة العامة للجامعة العربية يعد انحيازا لعضو أمام دولة أخرى، وهو الأمر الذي كان من الأجدر أن لا يحدث، مشيرا الى أن الحكومة لا تزال تدرس القيام بأي خطوات أخرى ردا على هذا التصرف. وعن البنود التي نوقشت خلال الاجتماع قال حمودة إن القضية الفلسطينية كانت كالعادة على رأس حوار التجمع العربي، فضلا عن الملف الليبي ، باعتبار ان الاجتماع عقد في ليبيا . وتابع حمودة إن ليبيا دائما حريصة على لمّ شتات الدول العربية وتوحيد الكلمة العربية، وأن هذا الاجتماع هو فقط خطوة نحو هذا التضامن الأزلي، وإن أي جهود تحاول عرقلة مساعي ليبيا ومساعي الدول الشقيقة لن تنجح لأنها ستكون عكس إرادة الشعوب وإرادة الدول .
ووفق خبراء، يدل غياب بعض الدول العربية عن المشاركة في الاجتماع، إلى استمرار الانقسام العربي حول الصراع الليبي.
ومنذ مارس/ آذار الماضي، تتصارع في ليبيا حكومتان إحداهما برئاسة فتحي باشاغا وكلفها مجلس النواب بطرق (شرق)، والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة وهي حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.
وبمبادرة من الأمم المتحدة، تشكلت لجنة مشتركة في ليبيا من مجلسي النواب والأعلى للدولة (نيابي استشاري) للتوافق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، لكن هذا المسار ما زال متعثرا.
يشار الى أن مصر لا تعترف بشرعية حكومة الوحدة الوطنية، حيث سبق وأن غادر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اجتماعاً لوزراء الخارجية العرب في القاهرة في أيلول/سبتمبر الماضي، احتجاجاً على ترؤس وزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، نجلاء المنقوش، للاجتماع.