الوقت - كانت وفاة المواطنة الإيرانية "مهسا أميني" ذريعةً لوسائل الإعلام المناهضة لإيران لتحريض الإيرانيات ضد المجتمع، والحديث لهن عن الحرية الزائفة التي سلب منهن.
على الرغم من أن الحرية لم يكن لها معنى ومفهوم دقيق وقيِّم في مفردات تلك الوسائط، وقد تم تلخيصها في الغالب في العري وحرية العلاقات الجنسية، إلا أن وسائل الإعلام المناهضة لإيران حاولت غرس مفهوم في أذهان المرأة الإيرانية، وهو أن النساء في جميع أنحاء العالم لديهن حقوق لا تملكها المرأة الإيرانية.
إن مدى صحة هذا المفهوم، سؤال قد تکشف الإجابة عليه أكاذيب وسائل الإعلام المعادية لإيران وتفضح زيفها.
كانت بي بي سي الفارسية إحدى وسائل الإعلام التي لعبت دورًا مهمًا في الاضطرابات الأخيرة في إيران. كانت هذه الوسيلة الإعلامية المناهضة لإيران تحاول عبر بريطانيا إبقاء أعمال الشغب في إيران حيةً، وجرّ النساء الإيرانيات إلى الشوارع، وذلك من بلدٍ، أي بريطانيا، تقتل فيها امرأة على يد رجل كل ثلاثة أيام، حسب صحيفة "الغارديان"، دون أي ذنب أو سبب وباسم العنف الأسري.
يبدو أن المراسلين والمذيعين العاملين في وسائل الإعلام المعادية لإيران، الذين تحترق قلوبهم للشعب الإيراني، لم يسمعوا أصوات كل هؤلاء النساء البريطانيات البريئات اللائي تعرضن للتحرش أو القتل في منازلهن، والآن أصبحوا منقذين للنساء الإيرانيات، كما يزعمون؛ المنقذون الذين رسموا خططاً مشؤومةً للمرأة الإيرانية، وقصصهم الليلية كانت تدور حول وضع المرأة في الغرب.
والآن، من الجيد إلقاء نظرة على حياة النساء ومفهوم حرية المرأة في الغرب. وربما من الأفضل أن نبدأ من بريطانيا، حيث وسائل إعلام مثل بي بي سي الفارسية، كما تزعم، تناضل من أجل حرية المرأة الإيرانية.
العنف الأسري نصيب المرأة في المونديال!
يمكن لأي حدث وظاهرة في بريطانيا أن تزيد من العنف المنزلي ضد المرأة، وتجعل الحياة أكثر صعوبةً بالنسبة لها.
وحتی لا نذهب بعيداً، کان كأس العالم كابوساً مريراً بالنسبة للنساء البريطانيات، حيث کان نصيبهن في كأس العالم ومباريات كرة القدم هو الغضب والإساءة الذهنية والجسدية، ولا يهمّ ما إذا كان فريقهن خاسرًا أم فائزًا. على أي حال، تصبح النساء أكياس ملاكمة للتنفيس عن مشاعر الرجال الإنجليز.
وتظهر الدراسات الحديثة في جامعة لانكستر، أن العنف الأسري ضد المرأة زاد بنسبة 38٪ بعد خسارة إنجلترا في بطولة كرة القدم خلال كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر. ويصل هذا العنف إلى ذروته بعد حوالي 10 ساعات من بدء اللعبة، ويسبب جروحًا في أجساد النساء الإنجليزيات، وأحيانًا يقتلهن.
عندما لا يهمّ أن يفوز الفريق أم يخسر!
إن بدء مباريات كرة القدم وكأس العالم للسيدات والأطفال الإنجليز، يساوي بداية الخوف والقلق، بغض النظر عن أي نتيجة!
لدرجة أنه خلال كأس العالم الأخيرة، قام المركز الوطني البريطاني للعنف المنزلي بوضع ملصقات في جميع أنحاء المدينة، للحد من العنف ضد النساء بعد مباريات بريطانيا. وأظهرت هذه الملصقات وجه امرأة ملطخ بالدماء، وكتبت عليه عبارة "إذا فشلت بريطانيا فسوف تنكسر".
بالنسبة لي، كرة القدم تساوي الضرب!
إحدى ضحايا العنف من النساء البريطانيات لديها رأي مرير حول مباريات كرة القدم، حيث تقول: "كرة القدم تسمى لعبةً جميلةً، لكن بالنسبة لي كرة القدم تساوي الضرب والعنف الجنسي؛ وهو ما ليس غريباً في بريطانيا. لم أعد أتذکر عدد المرات التي تعرضت فيها للضرب بعد خسارة فريق النادي أو المنتخب الوطني في البطولة."
كورونا و 700 بلاغ عن عنف منزلي في يوم واحد فقط!
لم تكن المرأة البريطانية بمأمن من مضايقات شريك حياتها حتى في زمن كورونا. خلال أيام الحجر الصحي، كانت النساء البريطانيات يکافحن كورونا والعنف الأسري والتحرش في المنزل في آن واحد.
في ذروة كورونا والحجر الصحي المنزلي، ولأن أفراد الأسرة اضطروا لقضاء ساعات أكثر معًا، زاد عدد العنف الأسري في إنجلترا. لدرجة أنه خلال أول إغلاق وطني لبريطانيا في أبريل 2020، أبلغت جمعية "Refuge" الخيرية المعنية بالعنف المنزلي، عن زيادة بنسبة 700٪ في المكالمات إلى خط المساعدة الخاص بها في يوم واحد.
النساء اللواتي يفضلن الصمت!
تأتي هذه الإحصائية في وقت فضلت فيه الكثير من البريطانيات تحمل العنف الأسري خوفاً من كورونا، لكنهن لم يبلغن عنه ولم يغادرن المنزل. وكانت هؤلاء النساء خائفات من الذهاب إلى الملاجئ في الحجر الصحي والإصابة بالفيروس، ولهذا السبب تعرضن للعنف المنزلي.
عيد الميلاد عطلة مريرة للنساء البريطانيات
لا يرتبط العنف الأسري في بريطانيا فقط بمباريات المنتخب البريطاني وكورونا. فالعنف المنزلي مصير دائم للمرأة البريطانية، والذي يتفاقم بسبب الظروف العاطفية وضغط الحياة.
حتى أثناء عيد الميلاد والمشاكل الاقتصادية، تتزايد هذه الانتهاكات. ووفقًا لـ اكسبرس، في الفترة من مارس 2021 إلى مارس 2022، تعرضت 1.7 مليون امرأة في بريطانيا للعنف المنزلي.
وعلى الرغم من أن عيد الميلاد هو وقت الاحتفال والفرح لشعوب أوروبا، إلا أنه بالنسبة لبعض النساء البريطانيات، فإنه وقت صعب يزيد من آلامهن وجروحهن. وشجرة الكريسماس ليست شجرة أمنيات النساء البريطانيات. وبالنسبة لهن، لا يجلب "سانتا كلوز" سوى غضب الرجال عليهن.
عندما لا تكون الأمهات الحوامل بأمان
حسب مركز الصحة الوطني في بريطانيا، فإن هذه المضايقات لا تنتهي حتى أثناء حمل المرأة، وقد تزداد الانتهاكات أثناء الحمل وحتى بعد الولادة.
يزيد العنف المنزلي من مخاطر الإجهاض والعدوى والولادة المبكرة، وإصابة الرضع أو وفاتهم، مما يعرض الأمهات الحوامل وأطفالهن للخطر. كما يمكن أن يسبب مشاكل عقلية وعاطفية مثل التوتر والقلق، مما يؤثر على نمو الطفل.
ضغوط الأوضاع الاقتصادية على المرأة البريطانية
في بريطانيا، قد تؤثر الظروف الاقتصادية والزيادة في تكلفة المعيشة على النساء بشكل أكبر من أي شخص آخر. لأنه عندما تصبح الظروف الاقتصادية للرجل صعبة، سيزداد عدد المضايقات للنساء.
وهذا الضغط الاقتصادي، من ناحية أخرى، يجبرهن على التزام الصمت في مواجهة هذا العنف، لأنهن يخشين ألا يتمكنّ من تحمل نفقات معيشتهن بعد مغادرة المنزل.
تقول إيلين ييتس، المديرة التنفيذية لمركز مساعدة المرأة: "هناك قلق هذا العام أكثر من أي وقت مضى بشأن حالة العنف ضد المرأة. لأن الزيادة في تكلفة المعيشة في إنجلترا جعلت النساء اللاتي تعرضن للعنف يتحملن الظروف، لأنهن لا يستطعن توفير حياة مستقلة لأنفسهن."
العنف المنزلي مصير قاتم للنساء والفتيات في بريطانيا
"رامونا" هي إحدى الفتيات الإنجليزيات اللواتي عذبها شريك حياتها في سن الخامسة عشرة.
تقول رامونا: "كنت مثل الرهينة. إذا أردت الهروب، كانت والدته تغلق الباب. وإذا كانت لدي كدمات على وجهي، فسوف يغطونها بالمكياج. وعندما جاءت الشرطة إلى الباب بعد أن اتصلت الأخصائية الاجتماعية، قالت والدته إنني لا أسكن هناك وأجبرتني على الاختباء في الخزانة".
يواجه معظم ضحايا العنف المنزلي مثل رامونا صعوبةً في الخروج من هذه الظروف، وحتی عندما يفعلن ذلك، فإنهن لا يسلکن الطريق الصحيح بسبب حالتهن النفسية، وينضمن مثل رامونا إلى عصابات المخدرات للحصول علی لقمة العيش.
معظم الناجيات لا يبلغن عن العنف المنزلي
تقترب بريطانيا منذ فترة طويلة من نقطة الأزمة بالنسبة للعنف المنزلي. حيث تظهر أحدث الإحصاءات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء في هذا البلد، أن عدد الجرائم المتعلقة بالعنف المنزلي التي سجلتها الشرطة، قد ارتفع بنسبة 6٪ تقريبًا من عام 2020 إلى عام 2021؛ كما زادت اتصالات الناس بمراكز متابعة العنف المنزلي ضد المرأة بنسبة 22٪.
وتقول محامية الأسرة فيكتوريا كانن: "معظم الناجيات لا يبلغن عن العنف المنزلي، لأنهن يخشين العواقب ويتعرضن لمزيد من الإيذاء. وفي معظم الحالات، لا تمضي الشرطة الكثير من الوقت في التعامل مع قضايا العنف الأسري، وتقول إن هذه القضايا هي قضايا عائلية".
عندما تتعاطف بريطانيا بإحصائياتها الرهيبة مع الإيرانيات
قبل أيام، تمت إزالة إيران من لجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة، بطلب غير قانوني من الولايات المتحدة.
وكانت بريطانيا، وهي تصوت لصالح إخراج إيران من هذه اللجنة، تتعاطف مع النساء الإيرانيات، بينما هي نفسها تدان باعتبارها منتهكةً لحقوق المرأة وارتفاع معدل العنف الأسري فيها. وإذا كانت هناك عدالة، لكان يجب إزالة إنجلترا وأمريكا وغيرهما من هذه اللجنة في وقت أبكر بكثير.
إن العنف الأسري في إنجلترا ليس قصة الأمس واليوم بالنسبة للنساء في هذا البلد، والذي يتم تجاهله. إنه مصير قضی علی حياة النساء الإنجليزيات لفترة طويلة، ويتزايد عدده يومًا بعد يوم.
يجب أن تفكر بريطانيا ووسائل إعلامها في نساء هذا البلد بدلاً من الشعارات والتعريفات الزائفة عن الحرية. نساءٌ حقهن في الحياة هو الضرب فقط، وحقهن من الحرية هو الحبس في المنزل والقمع.
ربما يجب أن ينشروا هاشتاغ "المرأة والحرية والحياة" وما شابه في بلدهم، لأنهم إذا تحدثوا فقط عن الحرية، فقد أعطت إيران الحرية الحقيقية للنساء منذ فترة طويلة.