الوقت - بعد مرور أربع سنوات ونصف السنة على مونديال روسيا 2018، تستضيف قطر هذه المرة النسخة الثانية والعشرين من هذه البطولة والتي ستبدأ يوم الأحد. في المباراة الافتتاحية الساعة 17:00 بتوقيت قطر، سيصطف الفريق المضيف ضد الإكوادور وتستمر البطولة حتى 18 ديسمبر.
يوجد 32 فريقًا من 5 قارات مختلفة في هذه البطولة وسيواجهون بعضهم البعض في 8 مجموعات من أربعة فرق في الفترة التمهيدية وستقام 64 مباراة في 8 ملاعب. هذه المسابقة هي الأولى التي تقام في العالم العربي بل حتى في دولة إسلامية. منذ أشهر، وفرت قطر وبالتعاون مع 13 دولة شروط أمن البطولة، ووفقًا لسلطات الدوحة، يتولى نحو 50 ألف جندي عسكري مسؤولية أمن الألعاب والأماكن الترفيهية والثقافية، وبالتالي كل شيء تم تجهيزه من أجل إقامة مباريات كرة القدم.
يعتبر كأس بطولة العالم بكرة القدم من أغلى الجوائز من نوعها في تاريخ الرياضة، بقيمة 20 مليون دولار، ويحلم كل فريق بامتلاكها. يختلف كأس العالم في قطر عن الفترات السابقة من وجهة نظر أخرى، وهي المرة الأولى التي يقام فيها المونديال في شهري نوفمبر وديسمبر، لأن ظروف إقامة المباريات في قطر لم تكن مناسبة بسبب الطقس الحار في يونيو.
رمز كأس العالم قطر 2022 هو "لعيب"، وهو مصطلح عربي يشير إلى "لاعب ماهر". وتقول السلطات القطرية إن هذا الرمز يحتوي على كل الأصول الثقافية لدولة قطر، وسينقل رسالة "روح الشباب" و "الفرح والثقة". بالنسبة لكأس العالم في قطر، تم بيع حوالي 3 ملايين تذكرة، حيث اشترى مواطنو الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإنجلترا والمكسيك أكبر عدد من التذاكر.
تقام هذه الجولة من المسابقة في موقف يواجه فيه العالم العديد من الأزمات في الأشهر الماضية بسبب الحرب في أوكرانيا، وأبعاد هذه القصة واسعة جدًا لدرجة أنها طالت جميع الدول، وقد أثر ذلك أيضًا على بطولة كأس العالم.
وبينما استضافت روسيا هذه البطولة في الجولة الأخيرة من المونديال، استُبعدت هذه المرة من المنافسة بسبب الهجوم على أوكرانيا، وربما تكون أكبر غائب سياسي ورياضي سيظهر غيابه في البطولة.
أقيمت كأس العالم لكرة القدم لأول مرة عام 1930 في أوروجواي بمشاركة 17 فريقًا، ومنذ ذلك الحين تقام كل أربع سنوات في دولة واحدة، وتوقفت في عامي 1942 و1946 بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية.
القوانين الإسلامية لدولة قطر
على الرغم من أن قطر قد أعدت نفسها لاستضافة مئات الآلاف من المواطنين الأجانب، إلا أنها فرضت أيضًا قواعد لمن سيدخلون البلاد يجب عليهم الامتثال لها. انتشرت خلال الأشهر القليلة الماضية أنباء كثيرة بخصوص قوانين قطر تقضي بضرورة التزام مشجعي كرة القدم بالشرائع الإسلامية وإلا سيتم التعامل مع المخالفين.
على الرغم من أنه قيل سابقًا أنه تم التخطيط لأماكن خاصة لبيع المشروبات الكحولية حول الملاعب حتى يتمكن عشاق كرة القدم من استخدامها، لكن قواعد الدوحة الجديدة التي أقرها الاتحاد العالمي لكرة القدم "فيفا"، الجمعة، فاجأت الجميع.
وبناءً عليه، حظرت الحكومة القطرية استهلاك أي مشروبات كحولية في الشوارع والملاعب والأماكن العامة، وبدلاً من ذلك قررت السلطات القطرية أن المشروبات الوحيدة التي تباع للجماهير في الألعاب ستكون خالية من الكحول. وفي آخر الأخبار، أعلنت السلطات القطرية منع جميع شعارات المثلية خلال المونديال، وسيتم التعامل مع المخالفين بشكل قانوني. نقطة أخرى مثيرة للاهتمام في هذه القواعد هي أن حكومة قطر قررت أنه خلال أوقات الصلاة الخمس، سيتم إيقاف جميع الموسيقى المتعلقة بمباريات كأس العالم في الأماكن العامة بالمدينة حتى يتمكن المصلون من إقامة صلاتهم.
دفاع FIFA عن قواعد البلد المضيف
كان لحظر الحكومة القطرية للكحول في مباريات كأس العالم، والذي وافق عليه الفيفا، هوامش كثيرة. حيث أدانت وسائل الإعلام الأوروبية بشدة هذا الإجراء القطري الذي تم الإعلان عنه في اللحظة الأخيرة، لكن جياني إنفانتينو رئيس الفيفا أيد قرار قطر وقال: حظرت دول مثل فرنسا وإسبانيا والبرتغال استهلاك المشروبات الكحولية في الملاعب وحولها، ولم نسمع كلمة اعتراض بخصوصها. لكن عندما يتعلق الأمر بقطر، فإن كل أصواتهم كانت مسموعة لأن قطر دولة إسلامية وهذه الهجمات الظالمة هي لأن القطريين مسلمون.
وقال رئيس الفيفا أيضا "أشعر الآن أنني قطري وعربي وأفريقي". أشعر أنني بحالة جيدة هنا. لست هنا للدفاع عن قطر، لكني هنا للدفاع عن العدالة. لقد أثبتت قطر قدرتها على استضافة كأس العالم بشكل جيد للغاية وهذه الانتقادات غير صحيحة.
دفاعًا عن قطر ومزاعم حقوق الإنسان التي يوجهها الأوروبيون ضد هذا البلد، أكد رئيس الفيفا أنني فوجئت عندما رأيت هذه الانتقادات من الأوروبيين. أعطي مثالا عن نفسي.
انتقلت إلى سويسرا مع عائلتي عندما كنت طفلاً. هناك، وشعرت بالضغوط والقمع اللذين تعرضت لهما عائلتي كمهاجرين. هذه الأحداث المريرة لم تحدث لعائلتي في قطر، ولكن في سويسرا، في قلب أوروبا.
وانتقد إنفانتينو بشدة جرائم الأوروبيين عبر التاريخ وقال: "أنا أوروبي". أعتقد أننا يجب أن نعتذر لـ 3000 سنة قادمة عما فعلناه نحن الأوروبيين في جميع أنحاء العالم في الثلاثة آلاف عام الماضية.
وبينما تحاول بعض الدول تسييس المونديال والقضاء على خصومها، أيد رئيس الفيفا مشاركة المنتخب الإيراني في المونديال واعتبر أن طلب استبعاد هذا الفريق من هذه البطولة لا أساس له من الصحة، وقال هنا لا يلعب نظامان سياسيان مع بعضهما البعض، وليست أيديولوجيتان تلعبان مع بعضهما البعض، ولكن فريقين لكرة القدم يتنافسان مع بعضهما البعض. جاءت تصريحات رئيس الفيفا بينما أرادت الدول الغربية في الأسابيع الأخيرة، من خلال دعم الاضطرابات في إيران واتهام الجمهورية الإسلامية بقمع المتظاهرين وتجاوز حقوق الإنسان، إخراج المنتخب الإيراني من المونديال، لكن الفيفا لم تستسلم لهذه الضغوط السياسية وسقطت سهام الغربيين في الحجر.
منذ عام 2010، عندما مُنحت قطر حق استضافة كأس العالم، أصر المسؤولون وقادة كرة القدم العالميون على أن استهلاك البيرة والكحول هو ممارسة معتادة في الأحداث الرياضية في جميع أنحاء العالم، لكنه يخضع لرقابة مشددة في قطر. لذلك، لم يسمع الآلاف من المشجعين الذين وصلوا إلى المونديال بهذه الأخبار إلا بعد هبوط طائراتهم في الدوحة، واحتج مشجعون من بعض الدول، بما في ذلك المكسيك وإنجلترا، على هذه القضية. وأدان اتحاد أنصار كرة القدم في إنجلترا وويلز قرار منع بيع البيرة. وفي بيان صادر عن اتحاد مشجعي كرة القدم، فإن بعض المشجعين يفضلون الجعة في المباراة والبعض الآخر لا يحبها، لكن القضية الأساسية هي عدم تواصل وشفافية لجنة الفيفا المنظمة تجاه الجماهير.
وما لا شك فيه أن دور إنجلترا الفاعل في انتقاد استضافة قطر يرجع إلى الهزيمة المريرة التي عانت منها لندن في منافسات استضافة الكأس 22 مع الدوحة، والآن يحاولون الانتقام من خلال إظهار أن قرار الفيفا باستضافة قطر كان خاطئًا. وفي هذا الصدد، قال هاري كين، كابتن إنجلترا، إنه سيدخل الألعاب برمز المثليين، على الرغم من إعلان الدولة المضيفة منع إظهار هذه الرموز.
تتوقع الدول الغربية، وخاصة البريطانيين، أنه يجب معاملتهم وفقًا لقوانينها الداخلية الخاصة في كل دولة يزورونها وأن تتمتع بحرية التصرف في كل شيء، لكن قطر حرمتهم من هذه الميزة.
بينما تتهم أمريكا وأوروبا دائمًا الدول النامية بانتهاك حقوق الإنسان، أظهرت تصريحات رئيس الفيفا بوضوح أن الغربيين "ذئاب في ثياب الحملان" ارتكبوا أكبر الجرائم الإنسانية التي يخجل حتى أتباعهم من سردها.