الوقت - طالبت "منظمة العفو الدولية"، في تقريرها البحثي الجديد، المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في الهجمات غير القانونية التي شُنت خلال الهجوم "الإسرائيلي" على قطاع غزة في أغسطس (آب) 2022، بوصفها جرائم حرب.
حيث انه في 5 أغسطس/آب 2022، شن الكيان الصهيوني عدوانا على قطاع غزة المحاصر، مستهدفا حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وجناحها العسكري سرايا القدس؛ وادعت "السلطات الإسرائيلية" انّ الهجوم جاء ردًا على تهديدات بتنفيذ هجمات.
وتشير تقديرات منظمة العفو الدولية إلى أنّ القوات الإسرائيلية قتلت 33 فلسطينيًا، من بينهم 17 مدنيًا.
وسبق لمنظمة العفو الدولية أن وثقت حوادث قتل غير قانوني وجرائم حرب محتملة في غزة. وفي تقريرها الصادر في فبراير/شباط 2022، اتهمت المنظمة إسرائيل بإقامة نظام فصل عنصري (أبارتهايد) ضد الفلسطينيين.
وفتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني من المتوقع أن يركز في جزء منه على جرائم حرب محتملة ارتكبت خلال نزاع عام 2014 في غزة.
وتدعم السلطة الفلسطينية التحقيق، لكن إسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية وترفض ولايتها القضائية في المناطق الفلسطينية.
وقبل العدوان الإسرائيلي في أغسطس/آب شهدت غزة منذ عام 2008 أربعة حروب بين إسرائيل وجماعات فلسطينية مسلحة.
وتخضع غزة لحصار محكم تفرضه إسرائيل منذ عام 2007 بعد سيطرة حركة حماس على القطاع.
واستدلت المنظمة في تقريرها الموجز الذي يحمل عنوان "كانوا مجرد أطفال"، بصور لشظايا أسلحة وتحليل صور الأقمار الصناعية وشهادات من عشرات المقابلات، لتعيد بناء الظروف المحيطة لعدّة هجمات محددة، نفذتها القوات "الإسرائيلية"؛ موضحة العوامل التي بسببها قد ترقى هذه الهجمات إلى جرائم حرب.
وخلصت العفو الدولية، الى أنّ الهجمتين الإسرائيليتين معًا أسفرتا عن مقتل ستة مدنيين فلسطينيين، من بينهم طفل يبلغ من العمر أربع سنوات، ومراهق كان يزور قبر والدته، وطالبة تبلغ من العمر 22 عامًا كانت تمكث في المنزل مع عائلتها.
وفي سياق متصل، صرحت "أنياس كالامار"، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية : استمرّ الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة ثلاثة أيام فقط، ولكن ذلك كان زمنًا كافيًا لإطلاق العنان لموجة جديدة من الذعر والدمار ضد السكان المحاصرين. يجب التحقيق في الجرائم المميتة التي فحصناها بوصفها جرائم حرب، ويستحق جميع ضحايا الهجمات غير القانونية وأسرهم العدالة والتعويض.
واضافت : لقد ارتُكبت الانتهاكات التي وثقناها في سياق الحصار الإسرائيلي غير القانوني المستمر على غزة، وهو أداة رئيسة يوظّفها نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) الإسرائيلي، حيث يتعرض الفلسطينيون في غزة للهيمنة والاضطهاد والتفرقة والعزل، وهم عالقون في كابوس متواصل منذ 15 عامًا، ومأساة إنسانية متفاقمة تتخلّلها هجمات غير قانونية متكررة.
وشدّدّ بيان منظمة العفو الدوليّة، على أنّه “في إطار إعداد هذا التقرير الموجز، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 42 شخصًا بمن فيهم ضحايا الهجمات، وأقارب القتلى أو الجرحى، وشهود عيان، وأطبّاء، ومسعفون، وتمنع السلطات الإسرائيلية منظمة العفو الدولية من دخول قطاع غزة منذ عام 2012، لذلك تعاقدت المنظمة مع عامل ميداني زار 17 موقعًا تعرض للهجمات وجمع أدلة مثل صور بقايا الأسلحة. وحلّل خبير الأسلحة ومختبر الأدلة في منظمة العفو الدولية الأدلة التي جُمعت على الأرض، فضلًا عن صور الأقمار الصناعية وغيرها من المواد مفتوحة المصدر ذات الصلة بالهجمات.
واعتبرت منظمة العفو الدولية أنّ لديها أدلة كافية لتقييم قانونية ثلاث من الهجمات الـ 17 التي وثقتها، وهذه الهجمات الثلاث هي محور هذا التقرير الموجز.
فطالبة الفنون الجميلة دنيانا العمور قُتلت وهي تبلغ من العمر 22 عامًا وتعيش مع أسرتها في قرية بالقرب من خان يونس في جنوب قطاع غزة، أثناء ما تعتقد منظمة العفو الدولية أنها أول هجمة إسرائيلية في هجوم نهاية الأسبوع. ففي حوالي الساعة 3:55 مساءً، 5 أغسطس/آب، أصاب مقذوف أطلقته دبابة إسرائيلية منزل عائلة العمور، مما أسفر عن مقتل دنيانا وإصابة والدتها فرحة، وشقيقتها أريج البالغة من العمر 25 عامًا. وقال عدنان العمور، والد دنيانا، الذي كان يسقي أشجار الزيتون في حقله عندما سمع الضربة، إنّ زوجته وأبناءه كانوا يشربون الشاي داخل المنزل في ذلك الوقت، كما كانت عادتهم كل يوم جمعة.
ومكّنت معاينة الصور الفوتوغرافية لبقايا الذخائر خبير الأسلحة في منظمة العفو الدولية من تحديد نوع المقذوف الذي قتل دنيانا بأنه قذيفة دبابات تُصنّعها وتستخدمها إسرائيل ويُحقق احتمال إصابة وفتك عاليين مع ضرر جانبي ضئيل.
وخلصت منظمة العفو الدولية إلى أنّ القوات الإسرائيلية استهدفت منزل عائلة العمور عمدًا، ولم تعثر المنظمة على أدلة تشي بأن أحد أفراد عائلة العمور يمكن أن يُعتقد بشكل معقول أنه منخرط في قتال مسلح.
وفي حوالي الساعة 7 مساء في 7 أغسطس/آب، أصاب صاروخ مقبرة الفالوجة في جباليا شمال قطاع غزة، وأسفر ذلك عن مقتل خمسة أطفال هم: نظمي أبو كرش، 15 عامًا، وأربعة أبناء عمومة هم جميل نجم الدين نجم، أربع سنوات، وجميل إيهاب نجم (14)، وحامد حيدر نجم (16)، ومحمد صلاح نجم (16). وأصيب أمير أبو المعزة، البالغ من العمر ثماني سنوات، بجروح خطيرة خلّفت شظايا عالقة بالقرب من نخاعه الشوكي.
وسكن جميع الأطفال في مخيم جباليا للاجئين شديد الاكتظاظ، وقال حيدر نجم، والد حامد نجم، إنّ الأطفال كثيرًا ما كانوا يلعبون في المقبرة حيث توجد مساحة أكبر. كان نظمي أبو كرش البالغ من العمر خمسة عشر عامًا يزور قبر والدته عندما وقعت الهجمة، وقال والده فايز: “وفجأة، سمعنا ضربة صاروخ ينفجر على مسافة قريبة منا. فركضت نحو المقبرة شأني شأن كل أهل الحارة تقريبًا. وشرع الناس في جمع أجزاء الجثث، الأشلاء. ولم يستطع الأهالي التعرف على أطفالهم. ولم يعرفوا ما إذا كانت الأجزاء التي يحملونها تعود إلى أبنائهم”.
وخلص خبير الأسلحة في منظمة العفو الدولية إلى أنّ القطع المعدنية المخروطة خراطة ملساء التي صورها العامل الميداني في الموقع تتوافق وشظايا صاروخ إسرائيلي موجه.
وأفاد سكان محليون بأنّهم سمعوا صوت مسيرة تحلق في السماء قبيل وقوع الهجمة. ويشير غياب أهداف عسكرية واضحة إلى أنّ الغارة ربما كانت هجمةً مباشرة متعمدة على مدنيين أو مواقع مدنية، وبالتالي قد تشكل جريمة حرب.
يمكن مطالبة هيئة الأمم المتحدة بإرسال لجنة تحقيق دولية للتحقيق في الجرائم المرتكبة التي ترتقي لجرائم حرب ضد الإنسانية وخاصة المدنيين العزل في قطاع غزة المحاصر، وذلك استناداً على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بهدف ضمان محاسبة ومساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة من قبل الكيان الصهيوني.
ينظر الفلسطينيون إلى التقرير بوصفة خطوة مهمة لمحاسبة الاحتلال وقادته على جرائمهم المتواصلة بحق المدنيين الفلسطينيين، و تؤكد بأن التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية لها قيمة قانونية، تضع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، أمام مسؤولياتها لفضح الجرائم التي ترتكب ونظام الهيمنة الذي تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطيني.
وتدعو المجتمع الدولي إلى الاستجابة العملية للتوصيات ودعوة منظمة العفو الدولية للتحرك الفوري لوقف الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين ، كما تدعو المحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، ليشمل تحقيقاً رسمياً، حول ارتكاب إسرائيل جرائم حرب واعتبارها جريمة ضد الإنسانية.