الوقت - قبل عام، وبالضبط في الـ7 من أكتوبر 2021، عين الملك المغربي محمد السادس أعضاء الحكومة الجديدة برئاسة عزيز أخنوش، وهي الحكومة التي تضم 25 وزيرا ووزيرة وتتشكل من 3 أحزاب هي “التجمع الوطني للأحرار” و”الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال”.
وعبّر الحزب الذي يقود الحكومة عن تفاؤله بخصوص الحصيلة السنوية، حيث أفاد بأن أعضاء مكتبه السياسي أجمعوا على أن “سنة كاملة من الأداء الحكومي قد اتسمت بالهدوء والرزانة وعدم الانزلاق وراء المزايدات التي لن تفيد الوطن والمواطن. كما اعتبروا أن الحكومة والبرلمان قد كرسا كل جهودهما لوضع الأسس والشروط اللازمة لمواجهة الأزمات من جهة، والإعداد الجيد لتفعيل الالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي من جهة ثانية”.
من جانبه دافع رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، عن إدارة حكومته للبلاد في عامها الأول، وعن توجهات عملها في العام المقبل .
حيث قال :"إن الوضعية الاقتصادية للمملكة بقيت صامدة رغم الأزمات العالمية المتتالية، بدءا من كوفيد إلى الأزمة الاقتصادية الحالية".
وقال أخنوش خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب أن الحكومة تسعى جاهدة الى أن ينعكس التأثير الإيجابي للسياسات العمومية لهذه الحكومة على الحياة اليومية للمواطنين.
وأضاف، إن الأزمات المتتالية لم تستثن الأسر المغربية، إلا أنها أظهرت “منسوب ثقة”، وأن البلاد تواجه تحديات أساسية أولها تفعيل الحماية الاجتماعية وإصلاح الصحة والتعليم وتخفيف عبء ارتفاع الأسعار وتحفيز الاستثمار.
و اعتبر أخنوش، أن حكومته حققت في ظرف وجيز ما لم تحققه الحكومات السابقة، ووصف ما أنجزته حكومته خلال عام بأنه “لم يكن متوقعا”.
وبعد ركود الاقتصاد عقب الوقوف شبه التام للإنتاج، يقول رئيس الحكومة، إن سنة 2022 مثلت سنة التعافي، إذ أحرز المغرب نموا يقدر بـ 7.9 في المئة وتحسن عجز الميزانية، مضيفا إن هذا التعافي “يرجع لارتفاع مستوى الأسعار وتحسن الموارد وعودة الحياة لطبيعتها تدريجيا الذي كان له النفع الكبير على مختلف الأنشطة”، وأن تعافي الاقتصاد مستمر ومطمئن رغم آثار “حرب أوكرانيا” .
ويتابع أخنوش إن المؤشرات القطاعية أظهرت انتعاشا يعود للنتائج الإيجابية المحققة في القطاعات التصديرية مثل الفوسفاط والسيارات وارتفاع تحويلات مغاربة العالم، وتسجيل مؤشرات القطاع السياحي أرقاما تقارب ما قبل الأزمة، مراهنا على تحقيق نسبة نمو 4 في المئة مع حصر معدل التضخم في 2 في المئة.
وأنهى أخنوش حديثه عن مشروع قانون مالية 2023 أمام مجلس النواب بتقطير الشمع على من طالبوه بقانون مالية تعديلي، وقال “نجحنا في التحكم في عجز الميزانية سنة 2022 بفضل الإرادة القوية، ولم نشتغل كثيرا بقانون مالية تعديلي بمساندة من الملك وحسن تدبير الحكومة ومبادرتها المتعددة الأهداف دون تقليص ميزانية الاستثمار العمومي كما وقع سنتي 2013 و2020
وفي اشارة الى الحكومة السابقة التي قادها حزب العدالة والتنمية، الذي ينسب له مناوؤوه ارث المديونية الحالية، قال أخنوش خلال جلسة مناقشة قانون الموازنة العامة أن حكومته لم تلجأ الى تجاوز القروض والمساس بميزانية الاستثمار “كما وقع في سنوات ماضية”، مشددا على أن المغرب نجح في الصمود أمام الصدمات مقارنة مع دول الجوار.
وأضاف إنه حكومته “حكومة توافق الشعارات والقرارات، لا حكومة تجاهل التعاهدات”.
ونبه رئيس الوزراء الى أن الحكومة تعيش “معادلة مركبة من آثار الأزمات والتحديات من جهة، ومن ثقل القضايا العالقة من جهة أخرى”.
ومحاور عمل الحكومة حسب عرض اخنوش ترتكز على تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، حيث تفعل الحكومة عشرة إجراءات قال أنها “غير مسبوقة” لتحسين وضعية الأسر، تشمل الأسر والعاملين في القطاع الخاص والمتقاعدين والعرض الصحي والمدرسة العمومية والولوج للسكن ودعم القدرة الشرائية للأسر لمواجهة الأزمات الخارجية.
ويتضمن المشروع حسب رئيس الحكومة، إجراءات اجتماعية تستهدف الأسر الأكثر هشاشة بتمكين أربعة ملايين أسرة في وضعية هشاشة من النظام الموحد للتغطية الصحية على المرض، وقال أخنوش في هذا الصدد، إن الحكومة “نجحت في تدارك التأخر المتراكم على مستوى ورش تعميم التغطية الإجبارية بعدما كان لسنوات متاحا أمام موظفي القطاعين العام والخاص”.
وتحدث أخنوش عن وجود “تأخر في تفعيل” تعميم التغطية الصحية، وهو التأخر الذي قال إن حكومته ستتداركه، من أجل استفادة الأسر الهشة والفقيرة من نفس سلة العلاجات وشروط السداد التي يستفيد منها الموظفون، حيث تم تخصيص 9 مليارات درهم لتحمل أعباء الاشتراك بالنسبة للأشخاص غير القادرين على واجبات الاشتراك ضمانا لولوجهم للخدمات الصحية، كما حرصت الحكومة حسب أخنوش على أن يؤهل الأشخاص المقيدون في السجل الاجتماعي الموحد الذين ثبتت عدم قدرتهم على الاشتراك للاستفادة، وبإدراج فئة “الرميد”.
وحسب رئيس الحكومة، سيتم العمل ابتداء من العام المقبل على تعميم الدعم المباشر على شكل تعويضات عائلية لمساعدة الأسر على العيش الكريم، المشروع سيستفيد منه 7 ملايين طفل من أسر هشة وفقيرة، إلى جانب اشتغال الحكومة على إعادة هيكلة العرض الاجتماعي وبرامج الدعم.
وانتقد أخنوش السياسات التي كانت معتمدة في البرامج الاجتماعية، وقال “وجدنا أنفسنا أمام ميزانيات مهمة لسنوات رصدت لبرامج اجتماعية، من أعطابها تعدد المتدخلين وضعف التلقائية وعدم استهداف الفئات الأكثر استحقاقا”، مبعدا عن نفسه شبهة معارضة تخصيص دعم مباشر للفقراء، وهو الاتهام الذي وجهه له مرارا الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وقال في هذا الصدد “كنا دائما مع الدعم المباشر ما دامت لا تحكمه خلفية سياسية أو انتخابية ويكون معيار الاستفادة هو الاستحقاق وباستعمال التكنولوجيا”
وتباينت آراء محللين مغاربة بخصوص تقييم حصيلة العام الأول للحكومة، بين من يرى أنها تمكنت من تحقيق عدد من الإنجازات واتخاذ قرارات وخطوات صائبة على الرغم من كون المواطن المغربي لم يستشعرها بعد ولم يصل أثرها لجيوبهم وموائدهم، وبين من لم يلمس أي تحول إيجابي في ظل غلاء الأسعار والمحروقات.
حيث قال الكاتب المغربي عادل الصغير، اليوم قال رئيس الحكومة في مجلس النواب “كنا دائما مع الدعم المباشر مادامت لا تحكمه خلفية سياسية أو انتخابية”.وبغض النظر عن أضحوكة التبرير، من الناحية الديمقراطية، ومن ناحية أن البرنامج الانتخابي لحزب التجمع الوطني حمل عدد من الإجراءات في هذا الشأن لكن يبدو أن مكتب الدراسات الذي أعده لم يطلع السيد رئيس الحزب على محتواه.
واضاف، إن التصريح فيه تأكيد ضمني على صدق ما صرح به ابن كيران بأن أخنوش جعل وقف الدعم المباشر ومشروع توسيعه أحد أهم شروطه لوقف البلوكاج الذي مورس عن طريقه خلال تشكيل حكومة بنكيران لسنة 2016، وقد كان أخنوش آنذاك أكثر انسجاما مع خلفيته الرأس مالية.
ولفت الصغير إلى أن أخنوش غير صادق في تصريحه ولا يؤمن بهكذا إجراءات، لكنه سيكون مضطرا للإيمان قسرا بل والحديث عن الدولة الاجتماعية والدعاية لها وكل هذه الشعارات ما دامت الإرادة الملكية والمطلب الاجتماعي هو هذا. هكذا هو عالم التجارة وهكذا هو التاجر (أخنوش) تجده حيث توجد مصلحته.