الوقت- مر نحو 20 يومًا على بداية عطلة رأس السنة اليهودية للصهاينة، دخلت الضفة الغربية أجواء توتر غير مسبوقة وعمليات مختلفة من قبل قوات المقاومة الفلسطينية ضد الجنود والمستوطنين. في بعض الأيام، يتم تنفيذ أو إحباط أكثر من 60 عملية مقاومة في جميع أنحاء الضفة الغربية. وأدى الموقف إلى قيام قائد حرس الحدود في الكيان الصهيوني بإصدار أوامره للكتائب الاحتياطية الثماني بوضعها في حالة تأهب قصوى منذ الأسبوع الماضي بعد الأحداث والاشتباكات العنيفة في القدس المحتلة.
حالة أمنية غير مسبوقة
أعلنت القناة 14 التابعة لقناة الكيان الصهيوني في تقرير لها، أن الوضع في القدس خرج عن السيطرة بشكل كامل. وقال ضابط كبير في شرطة الكيان الصهيوني إن هذه الأيام كانت أصعب الليالي على قواتهم بعد عملية حرس الأسوار (معركة سيف القدس في غزة).
الظروف الخاصة في الضفة الغربية، قبل أسابيع قليلة من انتخابات الكنيست، فتحت فرصة لنتنياهو. وانتقد بنيامين نتنياهو حكومة يائير لابيد ووصف الوضع الحالي بأنه نتيجة ضعف هذه الحكومة وعجزها في كل الجبهات.
هذه الحالة الخاصة هي نتيجة مجموعة جديدة تسمى "عرين الأُسود". وسرعان ما تحولت مجموعة مقاومة عرين الأُسود التي تنشط في الضفة الغربية وخاصة نابلس وتقوم بعمليات مقاومة ضد الغزاة الى كابوس للصهاينة.
أكد إيلون بن دافيد، مراسل صحيفة معاريف الناطقة بالعبرية، يوم الجمعة 22 مهر، أن "جماعة عرين الأسود في نابلس لم تتمكن فقط من تنفيذ هجمات وعمليات قاسية ضد الإسرائيليين في الأيام الأخيرة. لكنهم يشجعون فلسطينيين آخرين في الضفة الغربية وحتى القدس على القيام بعمليات ضد الصهاينة. وأشار بن دافيد إلى أن هذه المجموعة أصبحت جماعة مقاومة في أقل من عام، لدرجة أن عملياتها أكثر فاعلية من مجموعات المقاومة الشهيرة الأخرى، والآن تشكل هذه المجموعة تهديدًا لكل من النظام الصهيوني ومستقبل الجيش الصهيوني ومنظمة الحكم الذاتي.
كيف نشأت عرين الأسود؟
في الثاني من شهر أيلول (سبتمبر) الجاري، أي بعد أربعين يومًا من استشهاد "محمد العزيري" (أبو صالح) و "عبد الرحمن صبح"، أقيمت مراسم تذكارية لهؤلاء الشهداء، شاركت خلالها عرين الأُسود، وأعلنت عن وجودها كظاهرة مقاومة مستمرة، وأعلنت أنها تسعى لمواصلة النضال والحفاظ على راية المقاومة ضد الاحتلال ولن تسمح بسقوط هذا العلم على الارض. في ذلك التاريخ وفي شارع حطين وسط مدينة نابلس، ظهر مقاتلو هذه المجموعة المقاومة بكل ما لديهم من معدات وفي شكل منظم، الأمر الذي كان مذهلاً لجميع الفلسطينيين المشاركين في هذا الحفل ووسائل الإعلام، والتي أثارت غضب المحتلين ليبدأ العمل ضدها.
في هذا البرنامج قرأ بيان عرين الأسود وبرنامج المقاومة الخاص بها من قبل أحد المقاومين الذي غطى وجهه وتم التأكيد على أن دماء الشهيد "محمد العزيزي" 23 سنة مؤسس هذه المجموعة ورفيقه "عبد الرحمن صبح" لن تُنسى ولن يبقى علم المقاومة على الأرض وهذه المجموعة ستستمر في طريقها.
معارك جديدة، السمة الرئيسية لعرين الأُسود
وفي بيان لهذه المقاومة، حذر المحتلون من أن "معارك جديدة" ستُفرض عليهم قريبًا، قد لا يتمكنون من توقع شكلها وطبيعتها مسبقًا. وخاصة أن عرين الأسود جماعة منظمة متشابكة مع القيادة، يمكنها إحياء الدم في عروقها كل يوم بطرق مختلفة، لخوض معركة موحدة تحت لواء "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وهو شعار لهذه المقاومة ولكل فصائل المقاومة وقادتها مثل الشهيد ياسر عرفات "مؤسس نواة المقاومة" في حي الياسمينة بالبلدة القديمة والشهداء أحمد ياسين وأبو علي مصطفى وفتحي الشقاقي وقادة المقاومة الفلسطينية الآخرين.
من المزايا العظيمة لهذه المجموعة استخدام الوسائط. إن توثيق العمليات وتحميلها على مواقع التواصل الاجتماعي فورًا بعد ذلك يخلق حماسًا كبيرًا لدى الشباب ومحاولات لتقليدها. والدليل على شعبيتها هو حقيقة أنهم هم الذين أعلنوا إضرابًا في الضفة الغربية يوم الجمعة، وهو إضراب لوحظ في كل مكان تقريبًا ونُفذ في مدن الضفة الغربية.
ولمواجهة الإجراءات الجديدة لهذه المجموعة، قام النظام الصهيوني بإزالة صفحات هذه المجموعة المقاومة من على منصات تيك توك وفيسبوك وإنستغرام، حتى يتمكنوا من منع أهالي الضفة الغربية من الانضمام لهذه المجموعة الجديدة.
غنيمة الطائرات دون طيار أحدث عمل لعرين الأُسود
أعلن المتحدث باسم الجيش الصهيوني، أفيخاي أدري، مساء الجمعة، إسقاط طائرة مسيرة صهيونية في نابلس بسبب عيب فني. هذه هي ثاني طائرة دون طيار يتم إسقاطها خلال 72 ساعة الماضية؛ كما أفادت وسائل الإعلام العبرية، مساء الأربعاء، بسقوط طائرة إسرائيلية دون طيار في شمال الخليل.
جاء هذا الاعتراف في الوقت الذي أصدرت فيه جماعة المقاومة "عرين الأسود" بيانا يوم الجمعة وأعلنت أن الخبراء والوكلاء الفنيين يدرسون الطائرة التجسسية المسيرة ويتحققون من أسباب سقوطها في مكان بعيد عن مواقع القوات المقاومة. ما يظهر أن الطائرة دون طيار المحطمة في أيدي هذه المجموعة الجديدة.
وفيما يلي بيان جماعة المقاومة "عرين الأسود": أعلنت جماعة عرين الأسود للنظام الصهيوني أنها على علم بمخططات هذا النظام وحيله القذرة لمهاجمة المقاومين. لقد تفحصنا بعناية تاريخك المظلم منذ زمن عملية الفردان وخطة خداع المقاومة في غزة خلال عملية سيف القدس وقلنا لأمتنا أن جماعة عرين الأسود أحبطت خطة نظام الاحتلال لعمل مجزرة لمقاتلي هذه المجموعة.
تسليح الضفة وخطوة تثقيفية
تُظهر أدبيات تصريحات عين الأسود، وأفعال الجماعة، والاهتمام الخاص بجذب الناس إلى جانب الأعمال المسلحة، بوضوح أن أبناء المقاومة في نابلس قد فهموا جيدًا أن طريق المقاومة ينتقل من التسلح في الضفة الغربية إلى جذب الناس في الضفة الغربية إلى جانبهم هو في الأساس إجراء ثقافي وليس تدبيرًا أمنيًا في الحرب ضد منظمات الحكم الذاتي وقوات الأمن في تل أبيب.
إن تسليح الضفة الغربية هو أحد المصطلحات التي عبّر عنها زعيم الثورة قبل حوالي 8 سنوات كاستراتيجية رئيسية لمساعدة فلسطين: "نؤمن بأن الضفة الغربية يجب أن تكون مسلحة مثل غزة. اليد المقتدرة ضرورية. أولئك الذين يهتمون بمصير فلسطين، إذا كان بإمكانهم فعل شيء ما، فهو هذا: يجب عليهم تسليح الناس هناك أيضًا. الشيء الوحيد الذي قد يقلل من معاناة الفلسطينيين هو أن لديهم القوة، يمكنهم إظهار القوة؛ لن يتم عمل أي شيء لصالح الفلسطينيين بالمواقف الناعمة والخاضعة.
إن الدقة في كلام قائد الثورة تظهر بوضوح أن المكون الرئيسي لضرورة تسليح الضفة الغربية هو تكافؤ القوة ضد العدو، وفي الواقع، في العملية التي حدثت في غزة، كان الوضع في قطاع غزة في مرحلة ما يشبه الضفة الغربية تمامًا. الأغلبية الفلسطينية، تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، لكن مع الوجود الأمني والعسكري للصهاينة. لكن، منذ الثمانينيات، بدأت عملية تسليح قطاع غزة وتطبيق القوة العسكرية ضد الصهاينة بإطلاق النار والعمليات المسلحة والاستشهادية، والتي بلغت ذروتها في الانتفاضة الثانية بين عامي 2000 و2005. حيث قام الصهاينة من جانب واحد (بدون عقد أو التزام من سكان غزة) بإخلاء قطاع غزة بأكمله، ولأول مرة، أصبح جزء من فلسطين تحت السيطرة الكاملة للفلسطينيين بعد الاحتلال.