الوقت- بدأت القصة عندما أعلنت شركة "بن آند جيري" الأمريكية، وقف بيع منتجاتها في المستوطنات الإسرائيلية لتصف منظمة العفو الدولية القرار بأنه "شرعي وضروري"، ويتوافق مع القانون الدولي القاضي بعدم شرعية المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويتماشى مع مسؤولياتها في احترام حقوق الإنسان. وأضافت المنظمة: "في ظل هذه الظروف لا يمكن للشركات ممارسة الأعمال التجارية، أو أن يكون لها علاقات تجارية مع مستوطنات غير قانونية، دون المساهمة في الانتهاكات الجسيمة لكل من القانون الإنساني الدولي، وقانون حقوق الإنسان".
كانت قد أصدرت الشركة ، قراراً يقضي بوقف تصدير منتجاتها وبيعها في المستوطنات الاسرائيلية لاعتبارات أخلاقية، مشيرة إلى أن القرار يتواءم مع قيمها بشكل كامل، وليس رفضاً للكيان الاسرائيلي، بل هو رفض لسياسة إسرائيل في تكريس احتلالها غير الشرعي، بشكل ينتهك حقوق الفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال. ويعتبر المجتمع الدولي بأغلبية ساحقة المستوطنات غير شرعية، ويستند هذا جزئيًا إلى اتفاقية جنيف الرابعة، التي تمنع سلطة الاحتلال من نقل إسرائيليين إلى الأراضي المحتلة.
بدا حينها أن الرد على مقاطعة شركة البوظة واجب للسياسيين فقد تطرق لذلك رئيس الكيان الاسرائيلي ولم يفوت هذه الفرصة رئيس الحكونة نفتالي بنت الذي هدد الشركة الام المالكة يونليفر بانها ستواجه عواقب قانونية واقتصادية وقال: "’بن و جيري’ قررت جعل نفسها كمثلجات معادية لإسرائيل، هذا قرار خاطئ تجاريا، كذلك فعل وزير الخارجية ورئيس الحكومة البديل يائير لبيد.
عاصفة كبيرة داخل الكيان الصهيوني و تحركات من قبل بينت شخصياً
قرار شركة البوظة الأمريكية أحدث ضجة كبيرة داخل حكومة اليميني العنصري نفتالي بينيت، وفي أوساط سياسية أخرى وسرعان ما أثار قرار شركة المثلجات وقف تسويق منتجاتها في المستوطنات ردود فعل إسرائيلية جنونية داخل الكيان الإسرائيلي، وصل صداها إلى الولايات المتحدة الأميركية وخارجها، وذلك من خلال معركة بدأتها الحكومة الإسرائيلية للضغط من أجل وقف القرار أو مقاطعة الشركة.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إن “المقاطعة لم ولن تنجح، وسنكافحها بكل قوتنا”، مضيفا “لدينا الكثير من المثلجات، لكننا نملك بلدا واحدا”.
وعلق وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد في شريط فيديو قائلا إن “قرار بن اند جيري استسلام مخجل لمعاداة السامية، لحركة المقاطعة ولكل ما هو سيء في الخطاب المعادي لإسرائيل واليهود”. وتابع لبيد: "أكثر من 30 ولاية في الولايات المتحدة لديها قوانين مناهضة لحركة مقاطعة إسرائيل BDS. سأذهب إليها واحدة تلو الأخرى لأطالب بإنفاذ هذه القوانين ضدّ بن آند جيري".
من جانبه وجه سفير الكيان الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة والأمم المتحدة، غلعاد إردان، رسالة رسمية إلى 35 حاكم ولاية في الولايات المتحدة قامت بسن قوانين ضد حركة مقاطعة “إسرائيل” العالمية BDS، يطلب فيها منهم اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد شركة “بن آند جيريز”.
ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، الرد على قرار بن آند جيريز ووصفه بأنه "تصرف لشركة خاصة"، وأن إدارة الرئيس جو بايدن ملتزمة بموجب الدستور باحترام حق شركة بن آند جيريز الأميركية، ولكنه كرر معارضة إدارة بايدن للحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، وهي الحركة التي تسعى لعزل إسرائيل بسبب معاملتها للفلسطينيين.
جاءت الضربة هذه المرة يهودية أمريكية
هذه الشركة التي تاسست عام 1978 يملكها يهوديان أمريكيان هما: "بن كوهين وجيري جرينفيلد". ويبدو أن هذين اليهوديين أعادا التفكير ملياً بما يجري في المستوطنات وما يعانيه الفلسطينيون في الضفة الغربية، فقررا مقاطعة التعامل مع المستوطنات، وبذلك فكرا سياسياً ومنطقياً وإنسانياً وليس يهودياً فقط. فقد قاما بإبلاغ وكيل الشركة في إسرائيل بأن العقد القائم والذي ينتهي نهاية العام القادم لن يتم تمديده، وسيتم ترتيب مسألة البيع في إسرائيل فقط، أي ممنوع بيع منتوجات الشركة في المستوطنات. من الجدير بالذكر أن غالبية دول العالم تطالب بوضع علامة مميزة بين منتجات من داخل إسرائيل ومنتجات من داحل المستوطنات، التي يرفض الكثير من دول العالم التعامل مع منتجاتها لكونها منتجات احتلال.
منظمات و هيئات دولية و محلية داعمة للشركة
في خطوة مهمة على المستوى الاستراتيجي ولمساندة الحقوق الفلسطينية اصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قاعدة بيانات بأسماء الشركات العاملة في المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية وفقا للقانون الدولي وتأتي أهمية التزام تلك الشركات بقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والتوقف الفوري عن العمل والتعاون مع المستوطنات الاستعمارية في الأرض الفلسطينية المحتلة وضرورة متابعة تنفيذ قرارات مجلس حقوق الإنسان ذات الصلة وتطبيقها على الشركات التي تنتهك قرارات المجلس وتستمر في التعاون الاستثماري والاقتصادي مع تلك المستوطنات تحت طائلة المساءلة القانونية والملاحقة القضائية وأن هذه الخطوة المهمة تأتي في إطار محاصرة ورفض النشاط الاستيطاني الاستعماري الإسرائيلي في فلسطين امتثالا لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والتزاما بقرار مجلس حقوق الإنسان بهذا الشأن وانسجاما مع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لعام 2004 بشأن الجدار والاستيطان، وأن إصدار القائمة سيساهم في إنهاء تورط هذه الشركات بالمنظومة الاستعمارية باعتبارها ملزمة قانونيا بوقف أنشطتها وسيمنع الشركات الأخرى في العالم من العمل في المستوطنات.
و في هذا السياق، أطلق ناشطون أميركيون في الولايات المتحدة، عدة فعاليات لدعم شركة "بين اند جيري" لصناعة المثلجات، بعد أن قررت وقف بيع منتجاتها واغلاق فروعها في المستوطنات الإسرائيلية، بالضفة الغربية المحتلة. وحث النشطاء عبر حملات وهاشتاغات اطلقوها، على شراء منتجات الشركة لمساعدتها في مواجهة دعوات من انصار اسرائيل لمقاطعتها. فيما نشر نشطاء، صورا لعائلاتهم أثناء تناولهم منتجات الشركة، ووزع آخرون منتجات الشركة في عدة مدن أميركية منها شيكاغو ونيويورك، تعبيرا عن امتنانهم للشركة على قرارها الشجاع.
دعت حركة المقاطعة في مصر BDS لدعم شركة "بن آند جيريز" الأمريكيّة، وخاصّة أنّ الاحتلال الصهيوني يشن هجوماً عنيفاً على شركة المثلجات بعد إعلانها عن وقف تسويق منتجاتها في المستوطنات بفلسطين المحتلة.
وأكَّدت حركة المقاطعة في بيانٍ لها، أنّ التعامل مع الاحتلال يتعارض مع الانسانية وجهود مكافحة العنصرية والاحتلال والتهجير في حق الشعب الفلسطيني الصامد.
وتابعت الحركة: يجن جنون الاحتلال مع كل انتصار جديد لحملات المقاطعة التي تعريه وتكشف زيف روايته ويشن حملات تشويه وتضييق مضادة على أي شركة تقاطعه، لذلك مُساندة من انحاز لأصحاب الحق الصامدين وساهم برفع الظلم عن أهلنا في فلسطين المحتلة من خلال حملات المقاطعة أو كلمة حق واجبة علينا وندعوهم لنتوج انتصاراتنا بمزيد من المقاطعة الشاملة للاحتلال الصهيوني بشكلٍ كامل وليس فقط في المناطق المحتلة عام ١٩٦٧ لتشمل كل فلسطين المحتلة من شمالها إلى جنوبها حيث إن الاحتلال لا يجزأ فالعنصرية والتهجير والقتل يسري على امتداد فلسطين كلها.
وشدّدت الحركة على أنّ القضية الفلسطينية مركزية لمنطقتنا بسبب الاحتلال المزروع بيننا، ولها امتداد عالمي يتقاطع معه جميع أحرار العالم في وجه الاحتلال والتهجير والعنصرية لنسعى جميعاً نحو عالمٍ أفضل.
كما نظم حراك شبابي فلسطيني تحت عنوان”حركة المقاطعة فلسطين” فعالية شعبية بغزة، ترحيباً بقرار شركة بن آند جيريز، التي ستوقف تصدير منتجاتها للمستوطنات بانتهاء التعاقد معها نهاية الشهري الجاري، لاعتبارات وصفتها بـ”الأخلاقية”، لكون وجود المستوطنات يتعارض مع القانون الدولي القاضي بعدم شرعية وجودها. وحسب المنسقة الإعلامية للحملة، براء لافي، تم توزيع منشورات تعريفية عن حملة المقاطعة، وتقديم تفصيل أكبر للناس حول قرار الشركة، وإظهار الجدوى من استمرار حملات المقاطعة، وحجم الضرر الذي لحق بإسرائيل جراء قرار شركة بن آند جيريز، فضلاً عن ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة.
إن اعلان شركة بن آند جيريز الأميركية والعديد من الشركات وقف تعاملها مع المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي دولة فلسطين مؤكدة في الوقت نفسه أن عملها في الأراضي الفلسطينية المحتلة يتعارض مع قيم شركتها لإنتاج وتسويق مشتقات الحليب والمثلجات وأنها تعترف بالمخاوف التي يشاركها فيها زبائنها وشركاؤها يعد خطوة مهمة للتأكيد على دعم الحقوق الفلسطينية والثوابت الاساسية وطبيعة ما تنص عليه القوانين الدولية باعتبار الاراضي الفلسطينية هي اراضي محتلة.
أظهرت قصة الحظر المفروض من قبل شركة الآيس كريم الأمريكية في الأراضي المحتلة مرة أخرى مدى ضعف وهشاشة الأسس الاجتماعية و السياسية لهذا الكيان ، وشعاراته "معاداة السامية" وإظهار المظلومية "المحرقة" لا يمكن أن تساعد في تثبيت موقف تل أبيب. الكيان الاسرائيلي لطالما يواجه مشكلة "اللاشرعية" منذ بداية احتلاله لفلسطين على الرغم من اتخاذه العديد من الإجراءات - مثل محاكمة قادة ألمانيا النازية مثل أدولف أيخمان - لإضفاء الشرعية على جرائمه. إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل و وصلت إلى طريق مسدود ، حتى أن هذا الكيان الغاشم لم يكن قادر على جمع الأمريكيين معًا لمعارضة قرار شركة الآيس كريم "بن اند جيري".