الوقت - قال مبعوث الجزائر الخاص المكلف بمسألة الصحراء الغربية ودول المغرب العربي عمار بلاني، إن المغرب متورط وبصورة كبيرة في تخريب جهود المبعوث الأممي للصحراء الغربية ستافان دي ميستورا.
وقال عمار بلاني في حوار مع موقع “الشروق أونلاين” الجزائري إن الأسباب واضحة ومعروفة وراء عدم تمكن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية من السفر إلى العيون والداخلة كما كان مخططا.
وأضاف “بعد تردد شديد في تنظيم هذه الزيارة إلى الأراضي الصحراوية، أرادت السلطات المغربية أن تفرض على دي ميستورا محاورين دمى تم اختيارهم بشكل تعسفي من قبل الرباط.. إنهم في الواقع مستوطنون متنكرون في هيئة “منتخبة” أو منظمات تابعة وأخرى تابعة مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان الشهير الذي يمكننا قياس درجة استقلاليته من خلال قراءة تقريره المربك والمروع عن القتل العنيف والقتل الوحشي لعشرات المهاجرين في الناظور”. إن قرار دي مستورا تأجيل هذه الرحلة، في مثل هذه الظروف غير المقبولة والهجومية، سيؤدي حتما إلى الضغط على المغرب، الذي يقع على عاتقه عملية تخريب جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة.
وتابع قائلا: “لكن من الممكن ممارسة الضغط من بعض الأعضاء المؤثرين في مجلس الأمن في مرحلة ما و لا سيما من أولئك الذين نجحوا بصعوبة في إقناع المغرب بالموافقة النهائية، بعد خمسة أشهر، على تعيين دي ميستورا في هذا المنصب.
وبخصوص البيان الصحفي الذي نشر في نهاية المحادثات بين المبعوث الشخصي دي ميستورا ووزير الخارجية المغربي، أكد أن الموقف كما عبر عنه البيان، يشكل عقبة خطيرة أمام جهود دي ميستورا لأن هذه الثوابت الشهيرة لموقف الرباط هي ببساطة تعبير عن إنذار غير مقبول لا يترك مجالا للتفاوض والذي لن تتغاضى جبهة البوليساريو ولا المجتمع الدولي في يوم من الأيام عنه.
وأشار إلى أن جميع قرارات مجلس الأمن تدعو الطرفين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية إلى دراسة مقترحات كل منهما المطروحة على طاولة الأمم المتحدة منذ عام 2007، والتفاوض بحسن نية ودون شروط.
وبينما أعلنت الأمم المتحدة أن دي ميستورا كان يعتزم خلال زيارته مقابلة "جميع أصحاب المصلحة في المنطقة في الأيام المقبلة"، برزت تساؤلات كثيرة عن توقيت زيارته للمغرب بالذات، ودلالاتها، وعن سبب جعل زيارته حصراً على المغرب، وكذا عن سبب استبعاده، باقي المحطات التي اعتاد المبعوثون الأمميون زيارتها خلال جولاتهم في المنطقة (مخيمات تندوف، الجزائر وموريتانيا).
وكان دي ميستورا قد زار بداية الشهر الحالي العاصمة المغربية الرباط، في ثاني زيارة له إلى المنطقة منذ تعيينه في هذا المنصب قبل تسعة أشهر خلفاً للمبعوث السابق الألماني هورست كوهلر، الذي كان استقال في عام 2019 لـ"دواع صحية". وكانت الزيارة الأولى قد حصلت في يناير/كانون الثاني الماضي.
وكان المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك قد قال، إن دي ميستورا "قرر عدم المضي قدما في زيارة الصحراء الغربية خلال هذه الرحلة، لكنه يتطلع إلى القيام بذلك خلال زياراته المقبلة إلى المنطقة".
ولم يصدر أي توضيح حول سبب ذلك، لكن مصادر مقربة من الملف، نقلت عنها وكالة فرانس برس، قالت إن السلطات المغربية سبق أن أعربت عن تحفظاتها حول زيارته المنطقة المتنازع عليها، أثناء زيارة سابقة في يناير.
ورد ممثل جبهة البوليساريو في الأمم المتحدة سيدي عمر، في بيان، قائلا إن الجبهة "تعرب عن أسفها الشديد" لأن المغرب "لجأ مرة أخرى إلى أساليب العرقلة والتأجيل لمنع المبعوث الأممي ... من إجراء زيارته الأولى إلى المنطقة".
ويقترح المغرب، الذي يسيطر على نحو 80 في المئة من المنطقة المتنازع عليها، التفاوض حصريا حول مقترح لمنحها حكما ذاتيا تحت سيادته، مشترطا حضور الجزائر باعتبارها "طرفا في النزاع".
في حين سبق للأخيرة أن أعلنت رفضها العودة إلى طاولة المحادثات، داعية إلى مفاوضات ثنائية بين المغرب والبوليساريو.
أما جبهة بوليساريو فتدعو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتحدة، كان تقرر عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المملكة والجبهة في سبتمبر 1991.
وقال عمر، في البيان، إن عرقلة المغرب لزيارة دي ميستورا "تظهر بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة المحتلة ليس لديها إرادة سياسية للمشاركة بشكل بناء في عملية السلام التي تقوم بها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية".
وكان سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة، نذير العرباوي، قد قال في رسالة وجهها إلى الأعضاء، لا يتوانى ممثل المغرب عن الكذب على نحو شائن فحسب، بل يحاول أيضا صرف انتباه أعضاء مجلس الأمن عن حقيقة ولاية ومهمة بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية.
تجدر الإشارة إلى أن بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) أُنشئت بموجب قرار مجلس الأمن 690 المؤرخ 29 نيسان / أبريل 1991 ، وفقاً لمقترحات التسوية التي قبلها المغرب وجبهة البوليساريو في 30 آب / أغسطس 1988 وتمت الموافقة عليها من قبل مجلس الأمن.
وأكد أن أفضل طريقة للتحقق من كل أكاذيب المغرب في الماضي والحاضر ومؤكدا في المستقبل، بخصوص حالة حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، يكون بتوسيع ولاية بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حالة حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية وفي مخيمات اللاجئين بتندوف.
ومن المعلوم لدى الجميع أن المغرب يسعى، عشية اعتماد كل قرار يجدد ولاية المينورسو من قبل مجلس الامن، لمنع السماح لهذه البعثة برصد حالة حقوق الإنسان بالأراضي الصحراوية المحتلة. يضاف الى ذلك مسؤولية القوة المحتلة عن الانتهاكات الجسيمة و الممنهجة لحقوق الإنسان ضد الشعب الصحراوي في الأراضي المحتلة موثقة بشكل جيد وتوضحها آليات حقوق الإنسان وأصحاب الولايات ذات الصلة مضيفا ان الدولة التي قامت بالقتل وبوحشية لعشرات من المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة، قبل أيام قليلة مضت، تحت أنظار المجتمع الدولي، والذي سبق لها، عمدا وبتهور، إلقاء مواطنيها ، و خاصة الأطفال، الى اراضي دولة مجاورة في استغلال و ابتزاز مشين لورقة المهاجرين، ليس من المستغرب من الدولة أن تستمر في ارتكاب جميع أشكال الانتهاكات ضد الشعب الصحراوي.
ولم يتوان السفير العرباوي عن الإشارة إلى أن المغرب تراجع بالتزاماته في إطار خطة التسوية للأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية، التي قبلها الطرفان، جبهة البوليساريو والمغرب، في عام 1988، واعتمدها مجلس الأمن في عامي 1990 و 1991. مضيفا، لقد كان هناك الكثير من المبادرات التي تمت عرقلتها والفرص التي تم إهدارها لتحقيق حل عادل ودائم يضمن لشعب الصحراء الغربية ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير. الحقيقة واضحة، إن الإجراءات المغربية الأحادية الجانب والعقبات المتعمدة جعلت من الصعب، تمكين الامم المتحدة من تنظيم استفتاء حول الصحراء الغربية.