الوفت- بينما تحسنت العلاقات بين تركيا والنظام الصهيوني في الأشهر الأخيرة، خلقت التصريحات الأخيرة لمسؤولي تل أبيب برفض سفر المواطنين الإسرائيليين إلى تركيا توترات بين الجانبين. لهذا السبب، سيتوجه وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى تركيا يوم الخميس لمناقشة القضايا الاقتصادية الثنائية والمخاوف الأمنية مع المسؤولين في أنقرة.
اللعبة الشريرة للصهاينة في تركيا
تأتي زيارة لابيد إلى تركيا في وقت تصاعدت فيه التوترات بين إيران وإسرائيل بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة. وفي أعقاب اغتيال حسن صياد خُضائي، أحد قادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري في طهران، حذر مسؤولون إيرانيون كبار من أنهم سينتقمون بشدة من الصهاينة، ولهذا كان الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب قصوى خوفًا من انتقام إيران. ولقد رفع المسؤولون في تل أبيب، الذين يرون أن انتقام إيران مؤكد، مستوى التحذيرات الأمنية لمواطنيهم فحذروا السكان من السفر إلى تركيا التي يقولون أن إيران قد تستهدف المواطنين الاسرائيلين فيها. وقال مجلس الأمن القومي الاسرائيلي في بيان "بالنظر إلى الطبيعة المستمرة للتهديد وفي ضوء النوايا الإيرانية المتزايدة لمهاجمة إسرائيليين في تركيا، وخاصة إسطنبول، رفع مجلس الأمن القومي تحذير السفر لإسطنبول إلى أعلى مستوى: المستوى الرابع".
لقد انخرطت إيران وإسرائيل في حرب ظل منذ سنوات، لكن التوترات تصاعدت بعد سلسلة من الحوادث البارزة التي ألقت طهران باللوم فيها على إسرائيل. واتّهمت الجمهورية الإسلامية إسرائيل بالوقوف وراء مقتل العقيد بالحرس الثوري الإيراني صياد خدائي الذي قُتل بالرصاص وهو في سيارته قرب منزله بشرق طهران في 22 أيار/مايو، وفق الاعلام الرسمي. ووصفه الحرس الثوري بأنه كان من "المدافعين عن المراقد المقدسة (مدافع حرم)"، وهي العبارة المستخدمة للإشارة إلى أفراده الذين أدوا مهاما في نزاعي سوريا والعراق. وتعهد بالثأر لاغتياله على يد "الصهاينة". كما ألقت طهران باللوم على إسرائيل في الضربات الجوية الأسبوع الماضي على مطار دمشق الدولي التي ألحقت أضرارا كبيرة بمدرجين في المطار الواقع جنوب العاصمة السورية.
في الوقت نفسه، حاولت أنقرة تبديد التصور الصهيوني بأن تركيا ليست دولة آمنة للسياحة وأبدت استياءها من تحذيرات إسرائيل. وتحقيقا لهذه الغاية، خلال هذه الزيارة، سيحاول لبيد تهدئة مخاوف السلطات التركية وكسب رأيها المؤيد. لأن إصدار مثل هذه التحذيرات الأمنية سيؤدي إلى انخفاض عدد السياح الذين يسافرون إلى تركيا مقارنة بالدول الأخرى، وفي هذه الحالة، ستواجه صناعة السياحة في هذا البلد تحديًا خطيرًا. وحسب ما ورد فقد انخفض عدد السياح الإسرائيليين في تركيا بمقدار الثلث منذ أن أصدرت سلطات تل أبيب تحذيراتها الأمنية.
كما نقلت وسائل الإعلام الصهيونية، التي أشعلت نار المواجهة مع إيران، عن أجهزة استخبارات الموساد، زعمت أن هناك احتمالية لمهاجمة الصهاينة في تركيا خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأمر لبيد فيما بعد المواطنين الإسرائيليين بالمغادرة في أسرع وقت ممكن. ولقد غادروا تركيا وادعوا أن كل من يعتدي على مواطني هذا الكيان سيدفع الثمن. كما أجرى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ اتصالا هاتفيا بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأحد الماضي لشكره على تعاونه في إحباط الهجمات الإيرانية المزعومة. وزعم وزير الدفاع الإسرائيلي بني جينتس في خطاب ألقاه أن تل أبيب تعد خيارات لمهاجمة إيران إذا لزم الأمر.
وفي غضون ذلك، هدد الصهاينة إيران برد حاسم على سلسلة من الأحداث التي وقعت في الأراضي المحتلة في الأسابيع الأخيرة ولم يتمكنوا حتى من منعها. وعليه، هناك نوعان من التحليلات للحركات السياسية والدعاية للكيان الصهيوني. التحليل الأول هو أن وزير الخارجية الإسرائيلي سيحاول إقناع تركيا، ربما بالوساطة بين طهران وتل أبيب، وربما لثني إيران عن السعي للانتقام. لأنه في حال نشوب صراع بين إسرائيل وإيران ستكون أبعاده أوسع بكثير على المنطقة. لكن تحليلاً آخر هو أن تحركات القادة الصهاينة يمكن أن تمهد الطريق لعمليات تشويه الذات واغتيال بعض المستوطنين على الأراضي التركية بهدف خلق جو إعلامي ومنع الانتقام الإيراني الشديد، وثانيًا قطع العلاقات بين طهران وأنقرة.
الاسباب الخفية لزيارة لبيد
نقطة أخرى مهمة يمكن ذكرها في زيارة لبيد هي قضية ضم تركيا إلى تحالف المناطق المعادية لإيران. وستتم زيارة لابيد لأنقرة بعد يوم واحد بالضبط من وصول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى تركيا، وليس مستبعد على الإطلاق أن يعقد وزير الخارجية الصهيوني اجتماعاً منفصلاً مع ولي العهد السعودي في حضور المسؤولين الاتراك.
وفي غضون ذلك، تجري تحركات دبلوماسية واسعة النطاق على المستوى الإقليمي قبل زيارة جو بايدن للمنطقة، بهدف تشكيل تحالف إقليمي للعرب والإسرائيليين، لذلك من المرجح أن مسؤولي تل أبيب والسعودية يريدون إشراك تركيا في ذلك التحالف، لأنه بوجود تركيا في المعسكر العبري العربي، ستكون كفة الميزان لمصلحة هذه الأنظمة ثقيلة ضد إيران. ورغم أن حضور تركيا في القمة العربية الصهيونية لم يتم الاعلان عنه بعد، إلا أن المحور السعودي الصهيوني يحاول زيادة عدد أعضاء التحالف، وبالفعل بدأت التحركات الدبلوماسية لإقناع العراق وتركيا.
وفي سياق متصل، قالت وزارة الخارجية التركية إن السلطات المختصة في البلاد تتخذ كل الإجراءات الأمنية اللازمة في إطار آليات التعاون المتعلقة بمكافحة الإرهاب. ونقلت وكالة "الأناضول" التركية عن المتحدث باسم الوزارة طانجو بيلجيتش، القول يوم الثلاثاء الماضي، تعليقا على نشر بعض الدول تحذيرات سفر لمواطنيها الموجودين في تركيا: "يُعتقد أن هذه التحذيرات مرتبطة بتطورات ودوافع دولية مختلفة". وشدد على أن "تركيا بلد آمن، ويواصل مكافحة الإرهاب بأكثر الطرق فاعلية، من خلال عمليات أمنية داخل حدود البلاد وخارجها"، لافتا إلى أن "النتائج الإيجابية لمكافحة الإرهاب واضحة للعيان".