الوقت- قبل ثماني سنوات، في مثل هذا اليوم بعد سقوط الموصل في أيدي إرهابيي داعش واحتلال أكثر من ثلث العراق من قبل الجماعة، أصدر آية الله السيد علي السيستاني، المرجع الشيعي الاعلى في العراق، فتوى الجهاد الكفائي لمجابهة تنظيم الدولة الإسلامية؛ والتي أدت إلى تشكيل الحشد الشعبي الذي كان قادراً على وضع حد لإرهاب داعش في العراق مع القوات المسلحة العراقية الأخرى.
حزيران 2014 هو تذكير بالأحداث المأساوية للشعب العراقي، حيث سقطت المدن عراقية الواحدة تلو الأخرى في أيدي المتعطشين للدماء من تنظيم داعش. بدأ الغزو التكفيري لشمال العراق بغزو سامراء واحتلال عدة مدن في 4 يونيو 2014، واستمر مع احتلال الموصل في 10 يونيو وتكريت في 11 يونيو. في الساعات الأخيرة من يوم 9 حزيران (يونيو) 2014، وفي صباح يوم 10 حزيران (يونيو)، واصل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام احتلاله للموصل، وواصل تحركاته في شمال العراق. بعد سقوط الموصل في 10 حزيران / يونيو 2014 بيد داعش، سقطت أكثر من 20 مدينة عراقية أخرى في أقل من أسبوع في شمال وغرب البلاد، أبرزها "البعاج" و "سنجار" و "القيارة" و "والحظر" و "ربيعة" و "الجزيرة" وحوصرت "تلعفر". ثم "تكريت" و "بلد" و "الدور" و "الإسحاقي" و "الرمادي" و "هيت" و "الرطبة" و "القائم" و "الكرمة" و "راوة" و "عانه" و "ألوس" وغيرها سقطت المدن التي غطت معا مساحة كبيرة من العراق. بينما كانت داعش تدعو إرهابييها للتقدم نحو بغداد وكربلاء بعد السيطرة على تكريت.
تشكيل قوة الإنقاذ في ذروة تحركات داعش
كان الوضع خطيرًا جدًا، فالناس مرعوبون والتكفيريون يتقدمون، وإذا استمر الوضع على هذا النحو لكان الوضع القادم مريرًا جدًا؛ لكن العراق كان يتمتع بالمرجعية الدينية، ومهد آية الله السيستاني بفتواه التاريخية في 13 يونيو 2014 الطريق لتنظيم شعبي وعسكري يسمى الحشد الشعبي العراقي. بعد فتوى جهاد الكفائي للمرجعية الدينية العليا في العراق، تم تشكيل منظمة تعبئة شعبية لتنظيم ملايين المتطوعين العراقيين لمحاربة داعش. وكان اكثرها ولبها من الشيعة العراقيين، لكن بعد ذلك، شاركت مجموعات عرقية ودينية أخرى في العراق.
الغرض من تشكيل الحشد الشعبي
الغرض من هذه القوات هو مساعدة الجيش العراقي وقوات الأمن على حماية الأماكن الدينية، وكذلك لمواجهة هجوم داعش، الحشد الشعبي تشير إلى قوات الشعب العراقي التي انحازت للجيش العراقي وتم تنظيمها لمحاربة داعش.
هل الحشد الشعبي للشيعة فقط؟
تتكون قوات الحشد الشعبي من مجموعات مختلفة، وهي في الأساس مجموعات شيعية، ولكن هناك مجموعات سنية ومسيحية وأيزيدية، وتشارك في الحشد الشعبي مجاميع دينية من الشيعة والسنة والمسيحيين وجميع الأعراق من العرب والأكراد والتركمان مشاركون فيه أيضا.
الجماعات غير الشيعية في الحشد الشعبي
على الرغم من أن هيكل وجسم الحشد الشعبي يتكون من شيعة عراقيين، إلا أن بعض العشائر العراقية السنية من محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار، وكذلك الأيزيديين والمسيحيين العراقيين، انضموا إليها لاحقًا. والحقيقة أن الدفاع عن وحدة أراضي العراق وتحرير جميع المناطق التي احتلها تنظيم داعش قد جمع هذه الأطياف من الشيعة والسنة والمسيحيين في تشكيل واحد؛ ومنهم:
الحشد العشائري، وهم من السنة عموماً، ومن الوحدات المهمة في هذا التنظيم، الذي يتمتع حالياً بحضور قوي وفعال في حفظ الأمن في المحافظات السنية في الأنبار ونينوى وصلاح الدين.
"لواء بابليون" بقيادة "ريان الكلداني" من الكتائب المهمة في الحشد الشعبي وهو مكون من المسيحيين، ومتواجد حاليا في المناطق والمدن المسيحية في محافظة نينوى. كما أن بعض المقاتلين المسيحيين ينتمون إلى لواء "أبا عبد الله الحسين" المحسوب على الحشد الشعبي، والذي يسيطر أيضًا على جزء من أمن المناطق المسيحية في محافظة نينوى.
الأيزيديون والشبك والتركمان لديهم عدة كتائب ضمن الحشد الشعبي، والآن في "سنجار" (شنكال) (مستوطنة اليزيديين) وسهل نينوى، وما يعرف في العراق بـ "سهل نينوى" (موطن الشبك) ، وكذلك الجزء الجنوبي من محافظة كركوك، حيث يتواجد التركمان العراقيون، حيث تقع عليهم مسؤولية أمن هذه المناطق.
الحشد الشعبي مؤسسة رسمية
وحسب مجلس الوزراء العراقي، فإن منظمة الحشد الشعبي هي منظمة رسمية مرتبطة برئيس الوزراء، هذه القوة هي رسمياً جزء من هيكل القوات المسلحة العراقية وهي تابعة للقائد العام للقوات المسلحة العراقية. تم الاعتراف بالحشد الشعبي في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 من قبل غالبية أعضاء البرلمان العراقي على أنها تنظيم عسكري منفصل عن الجيش.
عدد مجموعات وقوات الحشد الشعبي
وتشير التقارير الأخيرة إلى أن العدد الإجمالي لقوات الحشد الشعبي يتراوح بين 140 ألفًا و160 ألفًا، بينما قُدِّر عدد هذه القوات في الحرب ضد داعش بما يتراوح بين 100 ألف و110 آلاف.
بعض المجموعات المهمة المكونة للحشد الشعبي والقادة الرئيسيون
تنقسم القوى المكونة للحشد الشعبي إلى مجموعتين: المجموعات المسلحة المعروفة والمتطوعين الذين قدموا لمساعدة الجيش بفتوى المرجعية. وتتكون قوات الحشد الشعبي العراقي من مئات الآلاف من الشباب الشيعة العراقيين الذين يعملون في أكثر من 42 جماعة، بعضها منظمات كبيرة كانت موجودة قبل فتوى آية الله السيستاني وبعضها منظمات صغيرة تشكلت بعد الفتوى.
المجموعات النشطة في الحشد الشعبي
1- عصائب أهل الحق
2- سرايا الخراساني
3- كتائب سيد الشهداء
4- حركة أنصار الله النجباء
5- كتائب حزب الله
7- سرایا السلام
8- لواء الوعد الصادق
9- فيلق بدر - الجناح العسكري لمنظمة بدر
10- لواء عمار بن ياسر
11- لواء أسد الله الغالب
12- لواء اليوم الموعود
13- سرايا الزهراء
14- لواء ذو الفقار
15- لواء كفيل زينب
16- سرايا أنصار العقيدة
17- لواء المنتظر
18- بدر، المجاميع الخاصة
19- لواء ابو الفضل العباس
20- حركة الجهاد والبناء
21- سرايا الدفاع الشعبي
22- کتائب درع الشیعة
23-حزب الله الثائرون
24- كتائب التيار الرسالي
25- سرايا عاشوراء
26- كتائب مالك الأشتر
27- كتائب أنصار الحجة
28- كتائب الدفاع المقدس
29- لواء القارعة
30- كتائب الغضب
31- لواء الشباب الرسالی
32- كتائب الإمام الغائب
33- حركة الابدال
34- كتائب الإمام علي
35- جيش المختار
36- لواء الحمد
37- لواء الامام القائم
38- لواء العاديات
39-حركة أنصار الله الأوفياء
40- لواء الحرس الخاص الخامس البتار
41 - جيش الكرار
42- فرقة العباس
المجالات التشغيلية لتعبئة الفروع
وكانت مناطق عمليات هذه القوات بشكل رئيسي بغداد وبابل وديالى وصلاح الدين والأنبار والكرمة، وهي من حرر مدينة الفلوجة الاستراتيجية في الأنبار.
كبار المسؤولين في الحشد الشعبي
فالح الفياض رئيس منظمة الحشد الشعبي، كريم النوري عضو مجلس الحشد الشعبي والمتحدث الرسمي باسمه. وكان أبو مهدي المهندس نائبا لرئيس الحشد الشعبي وقائدا ميدانيا له. بعد استشهاد المهندس ومعه اللواء قاسم سليماني من قبل الإرهابيين الأمريكيين، انتخب "عبد العزيز المحمداوي" الملقب بـ "أبو فدك المحمداوي" أمين عام حزب الله السابق وعضو مجلس كتائب في حزب الله، قائداً للقوة بدلا من الشهيد أبو مهدي المهندس. هادي العامري رئيس منظمة بدر وقيس الخزعلي قائد عصائب اهل الحق وشبل الزيدي قائد كتائب الامام علي (ع) والشيخ ريان الكلداني امين عام الحركة المسيحية العراقية وقائد لواء بابليون ومقتدى الصدر زعيم التيار الصدري هو قائد سرايا السلام.
الأهداف الخمسة لتشكيل الحشد الشعبي
يمكن قراءة أهم سبب لتشكيل الحشد الشعبي هو أحداث العراق بعد هجوم داعش. حيث تمكنت قوات داعش المتطرفة في فترة وجيزة من السيطرة على الموصل وأجزاء كبيرة من محافظتي صلاح الدين وديالى، بل تقدمت بالقرب من العاصمة العراقية بغداد. أجبر عجز وتشرذم الجيش العراقي (كهيكل أمني عسكري مدعوم من الولايات المتحدة في حقبة ما بعد صدام) في مواجهة إرهابيي داعش النخبة السياسية العراقية على اتخاذ إجراءات جديدة لمواجهة التنظيم. لذلك، وبمساعدة بعض السياسيين العراقيين وبدعم من المراجع الدينية، تم تشكيل قوة شعبية على شكل حشد شعبي لمحاربة داعش والدفاع عن سيادة العراق، ودخلت ساحة المواجهة مع داعش بمعنويات عالية وتماسك استثنائي. أعلن قادة "الحشد الشعبي" في آذار / مارس 2015 في بغداد عن الأهداف الخمسة لهذا الهيكل الجديد على النحو التالي:
1- محاربة داعش وطرده من العراق.
2- حماية الوطن.
3- حماية المقدسات.
4- تحرير الشعب العراقي من نير الإرهاب.
5. مساعدة العراقيين غير القادرين على الجهاد.
تضحيات وإنجازات كثيرة
منذ تشكيل الحشد الشعبي، وجد التكفيريون أنفسهم أمام قوة مسلحة ومتفانية كبحت جماحهم، وانفرد الحشد الشعبي العراقي بمشاهد فريدة من نوعها في مواجهة داعش. يمكن وصف أهم إنجازات الحشد الشعبي ضد داعش حتى الآن في شكل عدة انتصارات استراتيجية أهمها: تحرير جرف النصر، تحرير آمرلي وتحرير العلم والبغدادي وتحرير تكريت (واحدة من أعقد عمليات قوات الحشد الشعبي والتي تم تنفيذها بالتوازي مع عملية لبيك يا رسول الله). بشكل عام، انتشرت هذه قوات الحشد الشعبي بسرعة في الأجزاء الجنوبية والشمالية والغربية من حزام بغداد لتوفير الأمن ولعب دور مهم في وقف تحركات داعش بسبب التنسيق الممتاز بين الحشد الشعبي وقوات الأمن الحكومية. وقد ضحى الحشد الشعبي بالكثير من الشهداء والجرحى من أجل تحرير العراق والمنطقة من دنس داعش، وتم تحرير العديد من المدن من التكفيريين على يد هذه القوات.
دور الحشد الشعبي في افشال المؤامرات الاميركية في العراق
أحبط الحشد الشعبي، إلى جانب الجيش العراقي وقوات الأمن، كل خطط الولايات المتحدة وبعض الدول المتحالفة مع واشنطن المناوئة للعراق، وحالت دون تفككه. شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون والمحليون في العراق حربًا واسعة النطاق ضد الحشد الشعبي بعد أن أصيبوا بالإحباط مطالبين دوماً بحل الحشد الشعبي او تقييده. لم يقتصر عداء البيت الأبيض للحشد الشعبي على السنوات الأخيرة، فتقريبًا منذ بداية تأسيس الحشد الشعبي لقى معارضة من الولايات المتحدة، على الرغم من كونه قوة لعبت دوراً مباشراً في تدمير داعش. في كانون الثاني / يناير 2020، أعلنت وزارة الخارجية أن الولايات المتحدة أدرجت قيس الخزعلي وليث الخزعلي على قائمة الإرهابيين الدوليين، بينما اعتبرت عصائب أهل الحق أنها منظمة إرهابية أجنبية. حتى أثناء عملية تحرير مدينة الرمادي، جعلت واشنطن تقديم المساعدة لحكومة بغداد في محاربة تنظيم داعش مشروطا بعدم مشاركة الحشد الشعبي في العملية. في غضون ذلك، تعرضت مواقع الحشد الشعبي لهجمات متكررة من قبل الطائرات الأمريكية. وهكذا يتضح أن الأمريكيين الذين هم في الحقيقة العامل الأساسي في نشوء وانتشار تنظيم داعش، غير راضين عن الحشد الشعبي وانتشاره وشعبيته وإقرار القانون لمصلحته، ويعتبرونه عقبة في طريقهم. تصاعدت المطالب بانسحاب القوات الأمريكية من العراق في أعقاب الضربات العسكرية الأمريكية ضد الحشد الشعبي. أخيرًا، في 5 كانون الثاني (يناير) 2020، بعد يومين من اغتيال اللواء سليماني وأبو مهدي المهندس، أقر مجلس النواب العراقي قرار إخراج الأمريكيين من العراق، وفي 25 كانون الثاني (يناير) تظاهر الشعب العراقي بالملايين للمطالبة بطرد القوات الأمريكية. الحقيقة أن الحشد الشعبي ومجاميع المقاومة العراقية هما العقبة الرئيسية أمام تنفيذ المشاريع الأمريكية على الأراضي العراقية، وبالتالي فإن مؤامرات واشنطن للقضاء على هذه القوى أو إضعافها على الأقل لم تكتمل.
الإرث العظيم الذي تركه أبو مهدي المهندس واللواء سليماني للحشد الشعبي
بعد تشكيل الحشد الشعبي انتخب "أبو مهدي المهندس" نائباً لقائده وشارك بانتظام في كل ساحات القتال. اللواء الحاج قاسم سليماني، وعلى الرغم من رفضه المتواضع لدوره للتوسط في إنشاء الحشد الشعبي وتخليص العراق من شياطين داعش، أكد مرارًا وتكرارًا على دوره من قبل شخصيات سياسية عراقية مهمة. في 29 سبتمبر 2016 أكد "أكرم الكعبي" الأمين العام لحركة النجباء الإسلامية على دور اللواء سليماني في تشكيل الحشد الشعبي. كما ذكر الشهيد أبو مهدي المهندس في 3 يوليو 2017 على هامش الاجتماع التاسع لاتحاد الإذاعة والتلفزيون الإسلامي وفي مقابلة مع شبكة الكوثر: دور اللواء قاسم سليماني المهم في التدريب والتخطيط لمصلحة القوات العراقية، حيث قام هو وإخوانه في حزب الله بدور فاعل في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك بناءً على طلب وموافقة الحكومة العراقية ورئيس الوزراء السابق.
دور الحشد الشعبي في الوضع الراهن
وتعمل قوات الحشد الشعبي حاليا بشكل جيد في المناطق الموكلة إليها، من ديالى إلى الأنبار وصلاح الدين ومناطق أخرى. إضافة إلى توفير الأمن في مناطق مختلفة من العراق، تلعب هذه القوات أيضًا دورًا مهمًا في حماية أرواح وممتلكات الشعب العراقي في المناسبات الوطنية والدينية العراقية.