الوقت - لبنان، الذي مرّ بأزمات عديدة منذ الجولة الأخيرة من الانتخابات النيابية قبل أربع سنوات، يستعدّ مرةً أخرى لاختبار كبير وصعب.
وفي هذا الصدد، أدلى المواطنون اللبنانيون بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية يوم الجمعة 6 مايو، في 13 مركز اقتراع في إيران وعمان والسعودية وقطر والكويت والبحرين والعراق والأردن وسوريا. وأعلن وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب عن مشاركة لبنانية بنسبة 59 في المئة في الجولة الأولى من الانتخابات النيابية.
وحسب بو حبيب، فقد جرت الجولة الأولى من الانتخابات في 10 دول، وشارك فيها 18.225 ناخباً من إجمالي 30929 ناخباً مؤهلاً.
وحسب المسؤول اللبناني، فقد سُجّلت أعلى نسبة مشاركة في سوريا بنسبة 84٪، وإيران 74٪، وقطر والكويت والبحرين وعمان بنسبة 66٪، والأردن 60٪، والسعودية 49٪، والعراق 48، ومصر 42٪.
ووفق وزارة الخارجية اللبنانية، فإن هذه هي الجولة الأولى من الانتخابات النيابية في الخارج، وستجرى الجولة الثانية الأحد(7 مايو) في 48 دولة غربية.
في هذه الجولة من الانتخابات، سيتنافس 718 مرشحاً في شكل 103 قوائم انتخابية على 128 مقعداً في البرلمان.
وستُجرى الانتخابات النيابية اللبنانية في عموم البلاد الأسبوع المقبل، 15 أيار/مايو، وسيتوجه اللبنانيون إلى صناديق الاقتراع في الجولة الرابعة والعشرين للانتخابات النيابية، ويتضح في نهاية المطاف ما هي التحالفات السياسية التي ستفوز بأكبر عدد من المقاعد.
شهدت هذه الجولة من الانتخابات زيادةً غير مسبوقة في تسجيل الناخبين المقيمين في الخارج، ووفقًا للمسؤولين اللبنانيين، تم تسجيل 225 الفاً و 114 مواطنًا لبنانيًا للتصويت في الخارج، يعيش 30 بالمئة منهم في أوروبا، وهذا الرقم أعلى بثلاث مرات من إحصائيات انتخابات 2018.
أعلى معدلات التسجيل سجل في فرنسا والولايات المتحدة وكندا على التوالي، وينظم القانون اللبناني عملية التصويت بحيث يكون لكل لبناني أو لبنانية فوق سن 21، سواء أكان مقيمًا في لبنان أم لا، حق التصويت.
النظام الانتخابي اللبناني
تُجرى الانتخابات النيابية اللبنانية كل أربع سنوات، للفوز بـ 128 مقعدًا مقسمًا بين الکتل السياسية.
وعليه، فإن 28 مقعدًا للسنة، و 28 مقعدًا للشيعة، و 8 مقاعد للدروز، و 34 للموارنة، و 14 مقعدًا للمسيحيين الأرثوذكس، و 8 مقاعد للمسيحيين الكاثوليك، و 5 مقاعد للأرمن، ومقعدين للعلويين، ومقعد واحد للأقليات داخل المجتمع المسيحي.
في هذه الفترة، إضافة إلى قفزة كبيرة في عدد القوائم الانتخابية، هناك حدث مهم آخر في هذه الجولة من الانتخابات وهو الزيادة الكبيرة في عدد المرشحين الشباب والمستقلين الذين يخوضون الانتخابات. ووفقًا للتقارير، تم تسجيل 88 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 25 و 35 عامًا للترشح للانتخابات.
ونظراً لكون الانتخابات النيابية اللبنانية تتم وفق قانون النسبية، فلا يحق للناخبين الأجانب التصويت إلا لواحدة من القوائم الانتخابية في الدائرة التي تم تسجيلهم فيها. إضافة إلى ذلك، يمكنهم التصويت لشخص في نفس القائمة بعنوان الصوت التفضيلي. ويتم توزيع 128 مقعدًا نيابيًا حسب القوائم المحددة التي حصل عليها كل حزب أو تيار أو کتلة.
في الانتخابات السابقة التي أجريت في مايو 2018، فاز تحالف حزب الله اللبناني وحلفاؤه بأغلب المقاعد في البرلمان. ولهذا السبب، حاول أعداء المقاومة منذ البداية تحميل حزب الله كل مشاکل البلاد من خلال خلق أزمات عديدة في لبنان، لكن كل هذه الجهود باءت بالفشل حتى الآن.
تفعيل أدوات السعودية لتشويه صورة المقاومة
تأتي هذه الجولة من الانتخابات اللبنانية في وقت يعاني فيه الشعب اللبناني من أزمات سياسية واقتصادية واسعة النطاق. ومع تجربة السنوات القليلة الماضية، يعتقد اللبنانيون أن حل المشاكل الداخلية لن يكون ممكناً عملياً دون إبعاد الأجانب عن الساحة السياسية.
على مدى السنوات الأربع الماضية، سعت السعودية، بمساعدة الولايات المتحدة والکيان الصهيوني، إلى إزاحة حزب الله من السلطة من خلال فرض عقوبات مالية، وأزمة الوقود، وتفجيرات بيروت، وأعمال الشغب المتكررة في لبنان.
السعودية، التي عرقلت المسار السياسي والاقتصادي للبنان في السنوات الماضية من أجل زعزعة استقرار البلاد، ستواصل سياساتها الهدامة في المستقبل أيضًا.
لأن السعوديين يريدون لبنان الذي لا يمتلك فيه حزب الله لا موقعاً ولا قوةً في تحديد سياسات البلاد. وإذا فاز حزب الله وحلفاؤه بأكبر عدد من المقاعد، ستزداد الأزمة والاضطرابات في لبنان أكثر فأكثر.
وفي الانتخابات الأخيرة، ضخّ السعوديون البترودولارات في لبنان لتقديم أكبر قدر من الدعم المالي للتيارات السياسية السنية، ثم للجماعات المسيحية المعارضة لحزب الله، لكنهم فشلوا في تشكيل حكومة خاضعة لهم.
في غضون ذلك، لطالما لعبت بعض التيارات السياسية داخل لبنان في ملعب الرياض، واتخذت خطوات لضمان مصالح السعوديين. کما انسحبت من الانتخابات بعض الشخصيات السنية البارزة، مثل رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري الذي يخضع للسياسات السعودية. كذلك، لم يترشح في هذه الانتخابات أشخاص مثل نجيب ميقاتي وتمام سلام، اللذين شغلا منصب رئيس الوزراء.
يظهر الموقف الجديد للشخصيات السنية، أن أدوات السعودية تحاول تقليص المشاركة الشعبية بعدم المشاركة في الانتخابات، وبتشويه صورة المقاومة، تعتبر حزب الله السبب الرئيسي لانحسار المشاركة وعدم الاستقرار السياسي.
وعلى الرغم من جهود السعودية لإيصال أدواتها إلى السلطة في لبنان، لم تسمح المقاومة للسعوديين وحلفائهم بركوب الموجة لجعل لبنان يعتمد على الخارج.
ولهذا، يمكن أن تكون هذه الجولة من الانتخابات نوعاً من الاستفتاء اللبناني على استمرار وجود المقاومة في السلطة السياسية، وإذا فاز حزب الله وحلفاؤه، فإن المؤامرة العبرية - العربية - الغربية ستفشل.