الوقت- خلال كل حرب يشُنها الكيان الصهيوني على أبناء فلسطين يعلن عن أهداف إستراتيجية عسكرية على حسب وصفه لتبرير عدوانه على الشعب الفلسطيني، ثم يقوم بتدمير البنى التحتية المدنية والمشاريع السكنية في قطاع غزة، طبقاً لمنهج يسير عليه تصوغه الحكومة الإسرائيلية مسبقاً من أجل كسر إرادة الفلسطينيين. خلال عام 2021 قام الكيان الصهيوني بالعدوان على قطاع غزة وسعت إسرائيل عموماً في هذه الحرب كغيرها من الحروب الأخرى إلى شل القدرة الهجومية للمقاومة وقد فشلت إسرائيل فشلاً ذريعاً في ذلك. في المقابل حقّقت المقاومة الفلسطينية إنجازات مهمّة ،فأثبتت قوّتها، وتنامي خبرتها التقنية وقدرتها العسكرية، لتُخرج إلى دائرة الفعل الذي التزمت به في كل خطابتها لسنوات عبر تأكيدها أنّ القدس والاقصى خطّ أحمر . كذلك أعطت هذه الإنتصارات دفعة إيجابية لقوى المقاومة في المنطقة وأكّدت مركزية القضية الفلسطينية فارتفعت الروح المعنوية للمقاومة وأبناء فلسطين. حيث شهدنا في الحرب الاخيرة ضرب العمق "الإسرائيلي" وظهور التطور النوعي والواضح من حيث المدى وكثافة صواريخ المقاومة التي تجاوزت المنظومات الدفاعية للكيان الغاصب، وأبرزها "القبة الحديدية" التي تُعد فخر الصناعة "الإسرائيلية" لتضرب "العمق الاستراتيجي الاسرإئيلي"
مماطلة الاحتلال بعد هزيمته في معركة سيف القدس
الاحتلال الإسرائيلي الذي شن عدواناً لمدة 11 يوما على قطاع غزة، وتسبب بتدمير 1335 منشأة سكنية بشكل كامل، في حين لحق الضرر المتوسط والجزئي بحوالي 12 ألفا و886 منزلا، أُرغم في النهاية على إيقاف العدوان في 21 مايو/أيار الماضي. وهو يواصل اليوم المماطلة بتنفيذ تفاهمات رفع الحصار عن القطاع، والبدء بتنفيذ مراحل اعادة الإعمار، وهو يقوم بوضع العقبات والعراقيل امام تنفيذ التفاهمات. نتيجة لذلك أجرى مسؤولون من جهاز المخابرات المصرية، اتصالات منفصلة مع قادة الفصائل في غزة، من بينهم حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ناقشوا خلالها بشكل رئيسي الأوضاع المتدهورة في القطاع، وحالة الاحتقان الحاصلة والاستفزازات الإسرائيلية المتكررة.
من جهة أخرى أوضحت مصادر أن الفصائل كانت مُتفقة بشكل كبير على إمهال إسرائيل حتى الخميس المقبل ( 13/يناير) كأبعد تقدير، لاتخاذ خطوات عملية وجادة على الأرض تُخفف من الحصار المفروض على القطاع، وتزيل كل العقبات التي تضعها لإعاقة اعمار ما خلفته جولات التصعيد العسكري الماضية. فالفصائل تحدثت بصراحة للوسيط المصري، بأن صبرها على الاحتلال وممارسته في القدس والضفة وغزة وما يجري داخل السجون، بدأ ينفذ بالفعل، وانه إذا واصل سياسة الاستفزاز والتماطل فسيكون ما بعد تاريخ (13/ينار) ليس كقبله، وكافة الخيارات ستكون مفتوحة.
روحي فتوح يهدد بـ الصراع المفتوح
في نفس السياق كشف رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، إن أمام المجتمع الدولي مهلة حتى سبتمبر/أيلول المقبل، للاستجابة للمطالب الفلسطينية وعقد مؤتمر دولي للسلام أو الدخول في “صراع مفتوح” مع الاحتلال الإسرائيلي. جاء ذلك خلال لقاء على قناة فلسطين الرسمية، مساء السبت، بعد أيام من انتخابه رئيسا للمجلس الوطني (يعد بمثابة برلمان الفلسطينيين في الداخل والخارج ). وأضاف فتوح: “من هنا حتى سبتمبر، إما استجابة المجتمع الدولي وعمل مؤتمر دولي للسلام، أو نحن في حِل من أمرنا في كل القضايا التي أخذناها (..) والصراع مفتوح”، في إشارة لقرارات المجلس المركزي الفلسطيني الأربعاء. حيث قرر المجلس المركزي (هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني)، الأربعاء، بنهاية اجتماعاته برام الله، انتخاب فتوح، وإنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقيات مع سلطة الاحتلال الإسرائيلية. كما قرر تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل، إلى حين اعترافها بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 67 بعاصمتها القدس الشرقية ووقف الاستيطان. وقرر كذلك وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل. وتابع فتوح أن تطبيق قرارات المجلس المركزي سيكون بالتدريج، وأن اللجنة التنفيذية ستضع برامجها وجدولا زمنيا. وقال إن اللجنة التنفيذية ستعقد اجتماعا “مهما وجديا” الخميس المقبل، على ضوء التكليف الذي جاء في القرار المركزي، دون تفاصيل أكثر.
من الواضح أن ملامح المواقف والجهود الدولية والإقليمية على مستوى الأطراف التي تساند الاحتلال وتدور في فلك الموقف الأمريكي عمومًا، تشير إلى أنّ العمل جارٍ لمنع المقاومة، لا سيمّا حركة حماس، من جني أيّ مكاسب سياسية بعد معركة سيف القدس ومحاصرة هذا المسار ومنعه من تعزيز قوّته وقدراته، ويقوم في نفس الوقت بمحاولات تعويم السلطة الفلسطينية عبر الدفع باتجاه إعادة إحياء مسار المفاوضات الذي لا تزال السلطة متمسّكة به كمسار يحفظ حياتها واستمرارها، وذلك في ظلّ تنافرها التام مع مسار المقاومة وعجزها عن الاستفادة السياسية من أوراق القوّة التي يحقّقها هذا المسار.