الوقت - وصل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى أبوظبي في 30 يناير 2022، في أول زيارة رسمية له إلى الإمارات العربية المتحدة، وكان في استقباله وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان.
هذه الزيارة ذات أهمية كبيرة من الناحيتين السياسية والزمنية. في البعد السياسي لهذه الزيارة، فهي الزيارة الأولى لرئيس إسرائيلي إلى الإمارات، لكن مرور طائرة هرتسوغ فوق الأجواء السعودية ضاعف من أهمية الموضوع.
ومن حيث التوقيت أيضًا، تتزامن زيارة رئيس الکيان الصهيوني إلى الإمارات مع جولة جديدة من ضربات أنصار الله في عمق الإمارات. وفي ضوء هذه الظروف فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، هل يمكن أن تكون زيارة رئيس الكيان الصهيوني خلاصاً للإمارات أم لا؟
وعود الكيان الصهيوني الفارغة: من التعاون الثنائي إلى حرب اليمن
في الأيام التي أعقبت 13 أغسطس 2020، عندما تم الإعلان رسميًا عن تطبيع العلاقات بين الإمارات والکيان الصهيوني، ازداد التعاون بين الجانبين في مختلف الأبعاد الاقتصادية والتجارية والأمنية والطاقة على نطاق واسع.
ومع ذلك، فإن أحد أهم جوانب الزيارة الأخيرة يتعلق بدافع الإمارات لجذب دعم الکيان الصهيوني في مواجهة الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة من قبل قوات حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية.
وفي هذا الصدد، تشير التقارير الآن إلى أن زيارة الرئيس الإسرائيلي الأخيرة إلى الإمارات العربية المتحدة، ركزت بشكل خاص على قضية هجمات أنصار الله الأخيرة على الإمارات.
فمن ناحية، تسعى الإمارات لجذب الدعم الروحي والعسكري للکيان الصهيوني لمواجهة هجمات أنصار الله، ومن ناحية أخرى، تناولت الأجهزة السياسية والإعلامية الصهيونية بشكل صريح زيارة رئيس الکيان كرسالة دعم للإمارات في حربها على اليمن.
وفي هذا الصدد، وبحسب وسائل الإعلام، أثار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، خلال اجتماعه مع إسحاق هرتسوغ، بالإضافة إلى أبعاد التعاون الثنائي، موضوع التعاون الأمني.
بدوره أدان رئيس الکيان الصهيوني، خلال الاجتماع، هجمات أنصار الله الأخيرة على الإمارات، قائلاً إن "إسرائيل تدين أي اعتداء يستهدف سيادة الإمارات وأمنها". كما دعم هرتسوغ جهود الإمارات لحماية نفسها من هجمات أنصار الله.
الصهاينة خدعوا الإمارات
إن تصريحات ومضمون اجتماعات الرئيس الإسرائيلي مع المسؤولين الإماراتيين في إطار التعاون الثنائي والدعم لأبوظبي في قضية هجمات أنصار الله، أثارت مسألتين مهمتين.
الأولی، هي ما إذا كان بإمكان الإمارات الآن جني ثمار التطبيع عبر الحصول علی دعم سياسي من الکيان الصهيوني. والأخری إلى أي مدى يمكن للإمارات أن تأمل في الحصول على دعم حقيقي من الکيان الصهيوني، لمواجهة هجمات جيش حکومة الإنقاذ الوطني اليمنية؟
فيما يتعلق بهذه الأسئلة، من الضروري الانتباه إلى حقيقة أنه حتى الآن، وعلى عكس الدعاية التي قدمتها وسائل الإعلام الصهيونية والعربية، فإن قضية التطبيع كانت في مصلحة تل أبيب فقط ولم تحقق أي إنجاز خاص للإمارات.
في الواقع، بينما يحصد الصهاينة باستمرار ثمار تطبيع العلاقات لأنفسهم، فإن الإمارات هي التي تتحمل عبء تكاليف هذه القضية.
في البداية، من الضروري الانتباه إلى حقيقة أن جميع مستويات العلاقات والتعاون حتى الآن بين الجانبين كانت لصالح الكيان الصهيوني، في شكل "لعبة محصلتها صفر".
في الوضع الحالي، يبدو أن الصهاينة سعداء بتصعيد التوترات بين الإمارات واليمن، ويقيِّمون التوترات بين المسلمين بما يتماشى مع مصالحهم الخاصة لزيادة النفوذ في المنطقة، وتصفية قضية فلسطين بين المجتمعات العربية والإسلامية والخروج تاريخيًا من العزلة الجيوسياسية.
وهكذا، فإن الإمارات التي تأمل في دعم الکيان الصهيوني لها في مواجهة هجمات أنصار الله - في صورة شراء أنظمة دفاع صاروخي إسرائيلية – فإن آمالاها لن تبصر النور، لأنه على عكس هذه التصورات، رفض جهاز الأمن التابع للکيان الصهيوني إمكانية بيع التكنولوجيا المتقدمة، أو نظام القبة الحديدية نفسه، إلى الإمارات، ليثبت أن أبو ظبي كانت الطرف الخاسر في قضية التطبيع بالکامل.
والهزيمة الأخرى للإمارات هي أنه مع الكشف عن وعود كاذبة وتنازلات لقبول التطبيع في العامين الماضيين، مثل بيع مقاتلة F-35 أو الدعم العسكري من الکيان الصهيوني للإمارات ضد الهجمات الصاروخية اليمنية، سادت موجة من التشاؤم والامتناع بين الدول العربية عن ركوب قطار التطبيع.
والآن، ليس فقط دول مثل الإمارات والبحرين والمغرب لم تحصل على مزايا خاصة من تطبيع العلاقات، ولكن أيضًا دول مثل السعودية أصبحت مترددةً جدًا في إقامة علاقات دبلوماسية مع الکيان الصهيوني.