الوقت- توفي السيد علي شاه جيلاني أحد أبرز قادة المسلمين في الهند عن عمر ناهز 92 عاماً.
توفي جيلاني، الذي تخلى عن كل نشاط سياسي في يونيو من العام الماضي، ليلة الأربعاء في مسقط رأسه في سريناغار. وقد دفن في هذه المنطقة يوم الخميس تحت حراسة مشددة من المسؤولين الهنود، ولم يُسمح إلا لعدد قليل من عائلته، بمن فيهم ولديه، بالحضور.
وقال مسؤول في الشرطة لقناة الجزيرة، إن أسرته وعدد قليل من الجيران فقط هم من سُمح لهم بحضور الجنازة. وقالت عائلته إن هذا السياسي الكشميري كان مريضًا منذ سنوات، وكان قيد الإقامة الجبرية لمدة 12 عامًا لقيادته احتجاجات مناهضة للهند، وقضى 15 عامًا في مختلف السجون الهندية.
وبعد ساعات فقط من إعلان وفاة جيلاني، انتشرت قوات الشرطة والجيش على نطاق واسع حول منزله، وفُرضت قيود في جميع أنحاء المنطقة، وتم قطع شبكة الهاتف المحمول.
من هو جيلاني؟
بدأ جيلاني، وهو كاتب وخطيب ناري، حياته المهنية كمدرس، ثم انضم إلى حزب "الجماعة الإسلامية" السياسي والديني في الخمسينيات من القرن الماضي.
تم انتخابه في الحكومة المحلية ثلاث مرات، لكنه استقال بعد انتخابه للانضمام إلى أكبر حملة مناهضة للهند في أواخر الثمانينيات. وعُرف بـ "رمز مقاومة كشمير" حتى نهاية حياته.
السيد جيلاني كان منظراً ومؤيداً قوياً لدمج كشمير في باكستان، ورفض التفاوض مع نيودلهي لسنوات، وأکد أنه "طالما أن الهند لا تعتبر كشمير منطقةً متنازع عليها ولا تجرد المنطقة من السلاح ولا تطلق سراح السجناء السياسيين، فلا يمكن الوثوق بها لإجراء حوار جاد". وهکذا، رفضت العديد من الحكومات الهندية هذا الموقف، واعتبرت جيلاني كسياسي متطرف.
وقبل أن يتنحى عن السياسة في يونيو 2020، ترأس جيلاني أيضًا التيار المتطرف لـ"مؤتمر حريات جميع الأحزاب"، والذي کان تحالفاً انفصالياً.
كان مؤتمر "تحريك الحريات" جمعيةً لجماعات سياسية ودينية مختلفة في كشمير تشكلت عام 1993 لقيادة حركة تحديد مصير المنطقة. لم يقبل هذا التحالف بالحكم الهندي في جامو وكشمير، ودعا إلى الحكم الذاتي أو ضمها لباكستان. كما قاد جيلاني العصيان المدني ضد الهند في كشمير.
تجدر الإشارة إلى أنه بعد أن ألغت حكومة الهند الوضع الخاص الممنوح لجامو وكشمير وفقًا للمادة 370 من دستور الهند في 5 أغسطس 2019 في سلسلة من الإجراءات واسعة النطاق، تفاقم مرض جيلاني ولزم المنزل للمعالجة.
منطقة جامو وكشمير هي منطقة متنازع عليها بين الهند وباكستان، ويؤيد العديد من المسلمين الكشميريين توحيد هذه الأرض، سواء في ظل الحكم الباكستاني أو كدولة مستقلة.
في المقابل، يعتبر المسؤولون الهنود انفصاليي كشمير إرهابيين "مدعومين من باكستان"؛ وهو اتهام تنفيه باكستان. ووفقاً للتقارير، في الاشتباكات التي دارت بين القوات الهندية والجماعات الانفصالية المسلحة منذ عام 1989؛ قتل عشرات الآلاف من المدنيين والمتمردين والقوات الحكومية.
وفاة جيلاني وردود فعل مختلفة في الهند وباكستان
بعد الإعلان عن وفاة هذه الشخصية المثيرة للجدل لمسلمي كشمير، اجتمعت مجموعة من الناس حول منزله وأقاموا العزاء عليه. كان علي شاه جيلاني قيد الإقامة الجبرية طوال العقد الأخير من حياته، وکان يعاني من أمراض مختلفة.
إتخذت الحكومة الهندية على الفور إجراءات أمنية مشددة في وادي كشمير، لمنع حشود كبيرة من الناس لحضور جنازته. وعلى الرغم من هذه القيود، أعلنت المساجد في جميع أنحاء كشمير وفاة السيد علي جيلاني، ودعت الناس إلى النزول إلى الشوارع. كما دفن السيد علي جيلاني في مقبرة محلية بقرار من السلطات المحلية.
وقال ابنه، نسيم جيلاني، لوكالة أسوشيتيد برس، إن عائلته أرادت دفنه في مقبرة الشهداء الرئيسية في مدينة سريناغار تنفيذاً لوصية السيد علي جيلاني، لكن الشرطة لم تسمح لهم بذلك.
وأضاف: "لقد خطفوا جثته ودفنوه بالقوة. ولم يحضر الجنازة أي من أفراد عائلته. حاولنا مقاومة هذا القرار لكنهم واجهونا، بل واشتبكوا مع النساء".
وتشير التقارير الواردة من المنطقة إلى أن سكان كشمير لا يغادرون منازلهم، وتقوم الشرطة والجنود بدوريات في هذه المنطقة المتوترة. کما أقيمت المزيد من نقاط التفتيش في البلدات والقرى، وانتشرت القوات الحكومية على العديد من الطرق والجسور والتقاطعات، ونصبت الحواجز للسيطرة على حركة المرور.
کذلك، تم قطع خدمات الإنترنت وشبكة الهاتف المحمول كإجراء آخر أصبح تكتيكًا شائعًا في هذه المنطقة لمنع الاحتجاجات الشعبية.
لکن في باكستان، على عكس ما حدث في الهند، تفاعلت الحكومة بشكل كبير مع الإعلان عن وفاة زعيم انفصاليي كشمير.
بعد وفاة السيد علي شاه جيلاني، أعلنت باكستان الحداد العام ليوم واحد، ونکست الأعلام بأمر من رئيس الوزراء عمران خان. كما ندد وزير الخارجية الباكستاني بدفن جيلاني سراً من قبل المسؤولين الهنود، واصفاً إياه بأنه "محاولة وحشية لاختطاف جثة زعيم كشمير".