الوقت – أصاب التقدم الملحوظ لطالبان في أفغانستان وخروج السيطرة على أراضي البلاد من أيدي القوات الأمنية الحكومية، ليس باستخدام الأسلحة الثقيلة والمقاتلات والمروحيات، وإنما باستخدام الأسلحة الخفيفة، أصاب المجتمع الدولي بالذهول.
لكن من ناحية أخرى، كشف خروج واشنطن وفشلها في بلد كان يمر بأشد مراحله السياسية والاقتصادية، عن هزيمة سياسية وعسكرية للسنوات العشرين التي قضتها أمريكا في أفغانستان. حتى أن المتحدث باسم البيت الأبيض اعترف بهزيمة أمريكا في أفغانستان، وقال، لو لم يتخذ بايدن قرار سحب قواته من هذا البلد، فسيكون لذلك عواقب وخيمة على الجيش الأمريكي.
ولا تزال الحكومة التركية تريد مواصلة وجودها العسكري في كابول رغم أن جميع أعضاء الناتو قد سارعوا في عملية انسحابهم من أفغانستان. حيث كان المسؤولون الأتراك يجرون محادثات مع طالبان عبر الدوحة وباكستان وأجهزة المخابرات قبل احتلال طالبان لأفغانستان. كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في خطاب له إنه مستعد للقاء قادة طالبان بنفسه.
يأتي إصرار حزب العدالة والتنمية على البقاء في أفغانستان في وقت تطالب فيه الكثير من الأحزاب بسحب القوات التركية من أفغانستان في أقرب وقت ممكن. وفي هذا السياق أجري حوار مع الاستاذ في جامعة بهتشه شهير و الخبير العسكري والسياسي التركي عبد الله أغار، تقرؤونه على النحو التالي:
كيف تقيمون الانسحاب الامريكي من افغانستان؟
اتبعت أمريكا سياسة الحرب الطائفية ضد الدول الإسلامية منذ سنوات. حيث اعتبر جورج بوش هدف هذه السياسة هو الاحتلال ومحاربة الدين الإسلامي. وللأسف نشهد بعض الصراعات الدينية في العالم الإسلامي، اذ يمكن تقييم موضوع دخول أمريكا إلى أفغانستان وانسحاب قواتها العسكرية منها في إطار هذه السياسة.
تركيا تتفاوض الآن مع طالبان عبر قنوات مختلفة. ما هو الهدف من هذه المحادثات وما هي السياسة التي تعتقد أنه يجب على تركيا اتباعها؟
تركيا من بين الدول التي يمكن أن تتأثر بالتطورات في أفغانستان. ولهذا تسعى، مثلها مثل أي حكومة أخرى، إلى تقديم مبادرة لحل القضية الأفغانية وإقامة شكل من أشكال الاتصال مع طالبان، لأنه إذا استمر عدم الاستقرار في أفغانستان، فإن هذه المسألة ستضر تركيا أيضاً، وإذا استمرت حالة عدم الاستقرار في أفغانستان، فسوف تتعمق الأزمة في المنطقة. برأيي، ستكون اجراءات تركيا في هذا الاتجاه، أي لحل مشكلة أفغانستان.
تريد الحكومة التركية استمرار وجودها في كابول رغم انسحاب الناتو من أفغانستان. لماذا تحظى أفغانستان بهذه الأهمية بالنسبة للحكومة التركية؟
تواجه تركيا أزمة الهجرة واللجوء لذلك يجب حل هذه القضية. أي أن قضية أفغانستان يجب ألا تحل على الحدود بين إيران وتركيا، بل داخل أراضي الأفغانية. لذلك هناك حاجة للاستقرار والهدوء في هذا البلد لمنع هجرة ملايين الأفغان إلى تركيا ودول أخرى في المنطقة. هذه هي أهم أولويات حكومة أنقرة.
لكن هناك نقطة أخرى، وهي أن أفغانستان مهمة جدا من الناحية الجيوسياسية وتريد أن تكون دولة مؤثرة في هذا الصدد. فمن جهة، يحتاج هذا البلد إلى إعادة الإعمار، ويُعتقد أن تركيا يمكن أن تساعد أفغانستان في هذين الأمرين. ومن جهة أخرى، تريد تركيا أن تكون مؤثرة في مناطق جغرافية مثل جنوب شرق آسيا ومنطقة جنوب آسيا.
لماذا لا يزال مطار كابول وكيف يتم إدارته قضية مهمة بينما تسيطر طالبان على جميع أنحاء أفغانستان تقريباً ؟
كان مطار كابول مهماً قبل وصول طالبان والآن تضاعفت أهمية هذا المطار مع وصول هذه الحركة إلى كابول. كانت تركيا تتولى مسؤولية كبيرة في المطار طوال العشرين عاماً الماضية، والآن جميع الدول تريد البقاء في أفغانستان. بطريقة ما، يريد الجميع مواصلة عملياتهم من خلال سفاراتهم. فالطريقة الوحيدة للبقاء في أفغانستان هي مطار كابول. ربما تكون طالبان قد سيطرت على البلاد، لكننا ما زلنا لا نرى صورة واضحة للوضع في هذا البلد تعكس الاستقرار فيه.
سيكون مطار كابول هو المكان الوحيد لإجلاء الدبلوماسيين في حال عدم الاستقرار أو احتمال تصاعد الفوضى والحرب الأهلية، وإذا كان المطار تحت سيطرة طالبان، فسيكون من المستحيل على الدبلوماسيين مغادرة البلاد. ولكن إذا تولت حكومة أخرى مسؤولية الأمن وإدارة مطار كابول، فستكون عملية الإجلاء أفضل. كما ان هذا الامر سيخدم طالبان لأنه سيكون بمثابة بوابة لهم نحو الدول الأخرى.
لذلك إذا سيطرت تركيا على هذا المطار ستكون النتيجة أفضل، لأن هذا المطار هو قناة الاتصال الوحيدة لطالبان مع الدول الأخرى، فإذا رفض اقتراح تركيا، فسيتم قطع جسر التواصل الوحيد لهذه الحركة مع الدول الأخرى. لكن من غير الواضح ما إذا كانت طالبان ستقبل هذا الاقتراح أم لا.
