الوقت - في آخر التطورات التي شهدتها تونس الأسبوع الماضي، أعلن تنظيم يدعى "الحشد الشعبي" عن وجوده في هذا البلد، وسرعان ما ربطته وسائل الإعلام المحلية والإقليمية المنحازة بهيئة الحشد الشعبي العراقية، بسبب التشابه الاسمي بينهما.
لكن التنظيم الجديد يعتبر نفسه "حراکاً مدنياً شعبياً" يركز على الشباب التونسي، ويعارض المنظمات والمؤسسات الموجودة في منظومة "الربيع العربي"، ولا يخفي دعمه العلني والصريح للنظام السوري والرئيس بشار الأسد والأنظمة الحاكمة في اليمن وليبيا.
وقال "المنصف الوحيشي" المتحدث الرسمي باسم الحشد الشعبي التونسي في بيان، إنه يؤيد انقلاب الرئيس التونسي قيس سعيد والتطورات الأخيرة في تونس، واصفاً ثورة 2011 بالخطة الصهيونية الهادفة لضرب الإسلام والوحدة العربية.
زعماء هذا التنظيم معروفون بميولهم القومية ويعارضون "الحزبية" و"الفئوية"، وكما يقول "أنيس فعدان" رئيس مجلس قيادة الحشد الشعبي تونس، فإن هذا التنظيم هو تکتل شعبي ... وهو تحالف سياسي مدني سلمي، وخلافاً لما ينشره المتحيزون، لا علاقة له بالحشد الشعبي في العراق.
وأوضح أنيس فعدان أن الحشد الشعبي التونسي لا ينتمي إلى أي توجه ديني وأيديولوجية أحدثت انقسامات في المجتمع التونسي وعداء بين مختلف فئات الشعب، مضيفًا: "يسعى هذا التنظيم إلى إيديولوجية وطنية تنطوي علی خطة إصلاحية وتنويرية وثورية، وبهذا المعنی يعترف بالنظام الحاكم والحكومة والدستور، وسيعمل بشكل قانوني لتحقيق مطالبه وأهدافه.
وحول أكاذيب بعض وسائل الإعلام حول انتماء الحشد الشعبي التونسي إلى الحشد الشعبي في العراق ووجهات النظر الخارجية لهذا التنظيم، قال رئيس المجلس القيادي للحشد الشعبي التونسي: "لا يعني مجرد التشابه الاسمي أن التنظيمين مترابطان، لأن هناك العديد من الفوارق الهيكلية والوظيفية بين التنظيمين، بما في ذلك أننا ليس لدينا أنشطة مسلحة وعسكرية، لكننا في نفس الوقت ندعم كل الثوار والمناضلين الذين يقاتلون الجماعات الإرهابية في العراق ومصر وسوريا وليبيا، لأننا نؤمن بأن لكل تنظيم الحق في الدفاع عن وطنه، والحشد الشعبي العراقي تنظيم قانوني خرج من قلوب الشعب العراقي، ولعب دورًا مهمًا في هزيمة داعش."
يعرّف الحشد الشعبي التونسي نفسه بأن ائتلاف سياسي انتخابي يعتزم دخول المشهد السياسي في البلاد، وقيل في هذا الصدد إنه سيضم أحزاباً وشخصيات سياسية، وبدأ محادثات مع بعض الأطراف بما في ذلك حزب "التحالف من أجل تونس"، ويرحب بانضمام أي تيار أو حزب إليه.
وكما صرح هذا التنظيم السياسي التونسي، فإنه يمتلك برنامجًا وخطةً فكريةً إصلاحيةً، ويبحث عن بناء حكومة متطورة وثورية واقتصادية وفكرية وثقافية، وفي هذا الصدد سيعلن عن برنامجه قريبًا، والذي يقوم على مفاهيم العدل والمساواة ومكافحة الفساد والشفافية، ويعتقد أن هذه المفاهيم تشكل أساس حكومة عادلة.
كذلك، يؤمن هذا التنظيم بأن الديمقراطية ضرورية للمجتمع لتقوده إلى مجتمع متعلم ومثقّف، لكنه يؤكد أن ما نراه من الديمقراطية في تونس هو ديمقراطية مشوهة والأحزاب السياسية هي أدوات في هذا البلد فحسب، وخاصةً خلال العقد الماضي، أي منذ عام 2011، حيث اشتد هذا الاتجاه في المشهد السياسي والاجتماعي في تونس، وتشكل الحشد الشعبي من أجل مواجهة هذا الاتجاه ومحاربة الفساد السياسي والاجتماعي والمتاجرة بالدين.
المخاوف من تشكيل الحشد الشعبي التونسي
رغم أن قادة ومؤسسي هذا التنظيم السياسي قد أعلنوا أهدافهم وبرامجهم بشکل واضح وشفاف، إلا أن بعض التيارات التابعة والرجعية في تونس أبدت قلقها من الإعلان عن وجود هذا التنظيم، واصفةً تشكيله بأنه خطة دقيقة ومعدة مسبقًا لاستهداف العالم العربي والإسلامي.
ويزعم المنتقدون أن مؤسسي الحشد الشعبي في تونس هم جماعة عسکرية ثورية من عدة دول عربية لها توجهات ووجهات نظر مماثلة لتلك التي كانت لدی الديكتاتور الليبي السابق معمر القذافي، وأن هؤلاء يشيدون بهذه الآراء ويشجعونها.
کما ينتقد المعارضون عبارة "الحشد الشعبي ومجلس قيادة الحشد"، ويعتبرون أن اسمه مشتق من هيئة الحشد الشعبي في العراق وسوريا، ويزعمون أن الحشد الشعبي التونسي بدأ نشاطه في تونس بنفس موضوع وأهداف وشعارات الحشد الشعبي في العراق وسوريا واليمن.