الوقت- تقارير عديدة تحدثت خلال الفترة الماضية عن عمليات لنقل عناصر من الارهابيين من سوريا إلى اليمن، كان أبرزها ما كشف عنه أواخر الشهر الماضي، المتحدث العسكري باسم الجيش السوري عن "وصول طائرات تركية وإماراتية وقطرية إلى مطار عدن اليمني، تحمل على متنها أكثر من 500 مقاتل من تنظيم داعش الإرهابي كانوا انسحبوا من سوريا إثر الضربات الجوية الروسية".
وأضاف المتحدث العسكري السوري بأن عملية نقل عناصر داعش من سوريا سوف تستمر خلال الفترة القادمة. وبدوره أكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية العميد غالب لقمان، هذه الأنباء وأضاف بأن المقاتلين الذين تم نقلهم ليسوا فقط من داعش بل أيضاً من جبهة النصرة والقاعدة، إضافة إلى عناصر من شركة بلاك ووتر ومقاتلين شيشانيين وأفغان.
وفي نفس السياق تحدثت مؤخراً مصادر يمنية نقلا عن مصدر عسكري رفيع المستوى في الجيش اليمني، أن عدد العناصر التكفيرية من داعش والقاعدة الذين جلبتهم السعودية من سوريا إلى عدن قد ارتفع إلى ألف وخمسمائة عنصر.
وتتهم مصادر يمنية الحكومة التركية بشكل خاص بتكثيف نقل الارهابيين الفارين من سوريا إلى اليمن من خلال الخطوط الجوية التركية وذلك تحت مسميات عديدة كتعزيز التبادل التجاري والتعرف على المواقع الأثرية في اليمن، ويرى مراقبون بأن حركة الطيران التركية النشطة تجاه عدن لا تنسجم بتاتاً مع الوضع الأمني المتردي في المدينة، مما يعزز فرضية الأهداف العسكرية لهذه الرحلات.
وكانت الخطوط الجوية التركية قد قامت بزيادة عدد رحلاتها المباشرة الى مطار عدن الدولي الى سبع رحلات أسبوعياً، بواقع رحلة لكل يوم ابتداء من 30 اذار /مارس الماضي. وقد وصل عدد الرحلات القادمة والمغادرة التي قامت بها الخطوط التركية إلى عدن خلال العام 2014، 618 رحلة قادمة ومغادرة ونقلت على متننها حوالي 19 ألف راكباً.
"معارضة سورية" لكن تحت إمرة الملك السعودي
اجمالاً يمكن القول بأن مواقف ما تسمى "المعارضة السورية" من العدوان السعودي على اليمن، تجعل من ظاهرة نقل الارهابيين من سوريا للقتال إلى جانب قوات التحالف السعودي ضد الشعب اليمني أمراً غير مستبعد، وغير مستغرب أيضاً.
فبالعودة إلى بدايات العدوان السعودي على اليمن كان لافتاً الموقف الذي أعلنته الجماعات المسلحة في سوريا و كذلك الائتلاف السوري المعارض وجماعة الأخوان المسلمين في سوريا، بتأييد العدوان السعودي على الشعب اليمني، فالجماعات المسلحة على اختلاف ألوانها سواء تلك المصنّفة معتدلة أو متطرفة، وبالرغم من ادعائها الثورة من أجل الحرية والديمقراطية، اصطفت في خندق الحكم السعودي الوراثي اللاديقراطي في عدوانه على الشعب اليمني الفقير المطالب بحريته واستقلاله، في دلالة واضحة على هويتها التكفيرية وتبعيتها لإرادة الدول الداعمة لها، وكونها أداة لتنفيذ مخططاتها الاقليمية.
وكانت جماعة فيلق الشام أحد مكونات ما يسمى "جيش الفتح" قد أعلنت في وقت سابق عن استعدادها لارسال 2000 مقاتل إلى اليمن ووضعهم تحت أمرة الملك السعودي، "استجابة لما يمليه عليها الواجب تجاه المملكة العربية السعودية التي لم تتأخر يوما عن دعم قضايا الارهاب و التصدی لمحور الممانعة.
أما الائتلاف السوري المعارض، فقد اعتبر العدوان السعودي على اليمن "خطوة صائبة ورادعة، ويُمهد لتشكيل جبهة تتصدى لمخططات النظام الإيراني التي تستهدف المنطقة العربية برمتها".
وفي قراءة ظاهرة نقل الارهابيين من سوريا إلى اليمن، يمكن الوقوف على النقاط التالية:
أولاً: تكشف هذه الظاهرة حقيقة الدور الذي تضلع به كل من السعودية وتركيا وقطر، في إدارة وتجنيد عناصر تنظيم داعش الارهابي، وبقية الجماعات الارهابية الناشطة في سوريا، كما تؤكد ارتباط هذه الجماعات المسلحة بأجندة الدول الداعمة لها، وكونها أداة بيد أسيادها ووسيلة لتفتيت المنطقة، كما تكشف عن القدرة التي تتمتع بها تركيا في إعادة تجنيد عناصر داعش المنسحبين من جبهات القتال في سوريا، وإرسالهم مجدداً إلى اليمن، في دلالة على مدى السيطرة التركية على هذا التنظيم الارهابي.
ثانياً: بعد ثمانية أشهر من بدء العدوان السعودي على اليمن، وجدت قوات التحالف السعودي نفسها في مأزق حقيقي، وهي اليوم تقف عاجزة عن تحقيق أي من أهدافها التي أعلنتها في بداية العدوان، كما أن افتقادها للقاعدة الشعبية المؤيدة لها في اليمن، وعجزها عن التقدم الميداني حتى مع وجود المرتزقة الذين استأجرتهم من كولومبيا والسودان والصومال وغيرها، دفعها للاستعانة بالجماعات المتطرفة من داعش وتنظيم القاعدة، المتمرسة على القتال في سوريا، والتي تتحرك من خلال الدافع التكفيري والعداء لمن خالفها في الدين والمذهب.
ثالثاً: تأتي هذه الظاهرة على وقع الاستعدادات لمعركة صنعاء، حيث تحدثت مصادر مطلعة عن نية الإمارات والسعودية تجميع أكبر عدد من المرتزقة لزجهم في المعركة القادمة والإبقاء على القوات الإماراتية والسعودية في الخط الخلفي، في مسعى لتحصيل انجاز ميداني سريع يمكن استخدامه على طاولة المفاوضات، خاصة في ظل الأنباء عن ضغوط أمريكية تتعرض لها السعودية لأنهاء العدوان بعد تراكم الفشل الميداني خلال الثمانية أشهر الماضية من بدء العدوان السعودي على اليمن.
رابعا: بناء علی ما کشفته مصادر مطلعة فی عمان أن النظام السعودي، يواصل احراجه للقيادة الأردنية، حيث يسعى الى القيام بمحاولات جديدة عبر ساحة الأردن للتقدم نحو العاصمة السورية، بعد فشل كافة المحاولات العدوانية السابقة. وذكرت هذه المصادر، أن النظام السعودي نقل مئات من الارهابيين من مناطق سورية الى الساحة اليمنية عبر الأراضي التركية والأردنية لاسناد قوات النظام السعودی المهزومة في اليمن، بعد تزايد أعداد القتلى في صفوف التحالف الاجرامي. وأشارت المصادر الى أن الرياض دفعت أموالا ضخمة وطائلة لقيادات العصابات الارهابية، في سياسة اغراء تستخدمها ، خاصة في الفترة الأخيرة للارهابيين الهاربين من ضربات الجيش العربي السوري.
خلاصة القول أن هذا التوظيف للارهاب الذي تقوم به بعض الدول لتحقيق غاياتها وأهدافه السياسية لن تسكت عنه شعوب المنطقة، وستقاومه حتى النهاية، لأنه لا خيار لها غيره، أما الدول الداعمة للارهاب فلن تكون بمنأى عن نيرانه، فالتاريخ دائماً يعيد نفسه، والتجربة الأفغانية أكبر دليل.