الوقت- إن الهزائم المتلاحقة التي يمنی بها التحالف العسكري بقيادة السعودية الذي يغزو اليمن، إضافة إلى انهيار هذا التحالف الاستعراضي، أدت إلى توسيع الفجوة بين السعودية والإمارات باعتبارهما الحليفين والشريكين الرئيسيين في الحرب اليمنية، وهو ما أسفر عن نشوب مواجهات واسعة النطاق بين القوات العميلة للبلدين في هذه الحرب.
في سبتمبر 2019، أدت المواجهات بين قوات حكومة منصور هادي المستقيلة وقوات ما يسمى المجلس الانتقالي المقرب من الإمارات، إلى استيلاء الجنوبيين على القصر الرئاسي في عدن وطرد حكومة منصور هادي من هذه المدينة.
وقد تصاعد الصراع إلى درجة أن السعودية والإمارات قد ضغطتا على القوات اليمنية المتحالفة معهما لتوقيع اتفاق في الرياض لحل الخلاف وتقاسم السلطة، وذلك من أجل الحفاظ على التحالف ومنع حرب شاملة بين الجانبين، ونتيجةً لذلك تم التوصل إلى اتفاق الرياض.
لم يكن هذا الاتفاق، خلافًا لمزاعم الرياض، اتفاقًا دائمًا، وعلى الرغم من تأكيد الأطراف الواضح على التزامهم به، فقد تم انتهاكه مرارًا.
وفي إحدى الحالات المهمة الأخيرة لفشل اتفاق الرياض، يمکن الإشارة إلی انفجار مطار عدن يوم وصول حكومة منصور هادي المستقيلة إلى عدن.
في ذلك الوقت، عندما أراد السعوديون تنفيذ اتفاق الرياض وضمان عودة حكومة منصور هادي من خلال تكليف قوات يمنية متدربة في الرياض بحراسة مطار عدن، انتفض المجلس الانتقالي على السعودية.
حاليًا وفي أعقاب فشل اتفاق الرياض وسيطرة أنصار الله على السواحل الشمالية والغربية، وتقدمها نحو مناطق الوسط في الحرب، مصحوبًا بانتصارات متتالية على إرهابيي القاعدة والمرتزقة التابعين للسعودية والإمارات، يبدو أن التنافس بين هاتين الدولتين والقوات العميلة لهما يتزايد بشكل حاد على المناطق الجنوبية.
لطالما رغبت الإمارات في الاستيلاء علی الموانئ والجزر الاستراتيجية في جنوب اليمن، مثل سقطرى وجزر حنيش وذوقار، وقد وفرت الحرب اليمنية الظروف للإماراتيين لدفع خططهم التوسعية في اليمن.
هذا في حين أن السعودية ركزت منذ بداية الأزمة على المناطق الشمالية، ومنع أنصار الله من السيطرة على صنعاء وتعزيز الجيوسياسية الشيعية في فنائها الخلفي.
تقاسم الحصص هذا لم يعد مهمًا الآن، حيث تتطلع السعودية أيضًا إلى توسيع نفوذها وعدم التخلف عن الإمارات للاستفادة من جنوب اليمن في المستقبل؛ وقد أدى ذلك إلى نشوب خلافات بين أبو ظبي والجنوبيين الساعين إلى الاستقلال مع الرياض وقوات حكومة منصور هادي المستقيلة.
أصبحت هذه القضية الآن تحديًا رئيساً آخر في الحفاظ على تماسك ووحدة دول مجلس التعاون، بحيث يتحول هذا الخلاف تدريجياً إلى أزمة أخرى، مثل أزمة حصار قطر.
وفي هذا السياق، نقلت البوابة الإخبارية اليمنية YNP عن مصادر دبلوماسية قولها، إن "الكويت أجرت اتصالات مع الرياض وأبوظبي في هذا الصدد، حتى تتمكن من تخفيف حدة التوترات".
ومضى التقرير قائلاً إن السعودية اشترطت على المجموعة المتحالفة مع الإمارات في اليمن، أي المجلس الانتقالي الجنوبي، العودة إلى طاولة المفاوضات وتنفيذ اتفاق الرياض لعام 2019 دون قيد أو شرط.
هذا في حين أنه لا يوجد أدنى تفاؤل لحل النزاعات، وخاصةً أن الإمارات تتابع على نطاق واسع خططها التوسعية في جنوب اليمن، على الرغم من سياستها المتمثلة في الإعلان عن الانسحاب من الحرب اليمنية، وتعمل علی تقويض الاتفاق بسبب التحالف بين منصور هادي وحزب الإصلاح الإخواني.
وفي هذا الصدد، قالت عدة مصادر في جزيرة سقطرى لـ "العربي الجديد": إن الإمارات أصدرت بطاقات هوية لعدد كبير من سكان هذه الجزيرة اليمنية في الأيام الأخيرة، وتتعامل مع سكان الجزيرة وفقًا لهذه البطاقات، ولا تقبل بطاقات أخرى إذا احتاج الأمر إلى إثبات الهوية.
وأضافت المصادر: "يمكن استخدام هذه البطاقات كبطاقة هوية عند السفر إلى الإمارات، وسيتم منح حامليها بعض الامتيازات". وبحسب مصادر مطلعة في سقطرى، فإن "مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية" هي التي أصدرت البطاقات.
جزيرة سقطرى هي واحدة من أهم القواعد التقليدية لوجود أنصار تيار الإصلاح وجماعة الإخوان المسلمين بعد مأرب في اليمن، وتحاول القوات الجنوبية، بمساعدة الإمارات، السيطرة على الجزيرة، وتعتبر السيطرة على هذه الجزيرة خطوةً مهمةً على طريق الاستقلال وتقسيم الجنوب.
ويمكن تلخيص آثار هذه الفجوة في المستقبل على النحو التالي:
1- فشل اتفاق الرياض وزواله، وتصعيد الصراع في الجنوب بين قوات منصور هادي والمجلس الانتقالي.
2- زيادة شرعية نهج أنصار الله الوطني في طرد الأجانب والحفاظ على وحدة أراضي اليمن، بين المواطنين اليمنيين.
3- إضعاف جبهة التحالف المناهض لصنعاء وتعزيز تقدم أنصار الله في الحرب
4- تراجع حاد في شرعية حكومة منصور هادي المستقيلة للمشاركة في مفاوضات اليمن المستقبلية.