الوقت- طالب حزب النهضة، أكبر الأحزاب تمثيلا في البرلمان التونسي، يوم الثلاثاء بفتح تحقيق حول “مضمون” وثيقة لم يتم التأكد من صحتها، نشرها موقع بريطاني وتُبيّن الطريقة التي تُمسك بها الرئاسة بمقاليد الحكم.
والأحد نشر موقع “ميدل ايست أي” الإخباري ومركزه لندن وثيقة من خمس صفحات كُتب عليها “سرّي للغاية”، وأكد أنها “تسريب” من مكتب مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة.
وتفصّل الوثيقة بنود خطة تتيح للرئيس قيس سعيّد “تجميع السلطات بيده” بإعلان البلاد “أمام خطر داهم” لتدهور الوضع الصحي بسبب الجائحة وتفاقم ديون البلاد.
وهذا ما يفتح الأبواب أمام الرئيس لتطبيق الفصل 80 من دستور 2014.
وينص الفصل 80 من الدستور التونسي على أن “لرئيس الجمهورية، في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تُحتّمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب”.
وبحسب الوثيقة، فقد حث كبار المستشارين الرئيس التونسي قيس سعيد على انتزاع السيطرة على البلد من الحكومة المنتخبة في الوقت الذي تكافح فيه البلاد جائحة كورونا وارتفاع مستوى الديون.
وبموجب الخطة التي تم تسريبها، فإن الرئيس سيدعو إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن القومي في قصره بقرطاج تحت ستار الوباء والوضع الأمني والحالة المالية العامة للبلاد.
وسيعلن سعيد بعد ذلك ما أسمته الوثيقة بـ"الدكتاتورية الدستورية"، التي يقول واضعو الوثيقة إنها أداة "لتركيز كل السلطات في يد رئيس الجمهورية".
ووصفت الوثيقة الوضع بأنه "حالة طوارئ وطنية" تنص على ما يلي: "في مثل هذه الحالة يكون دور رئيس الجمهورية أن يجمع كل السلطات في قبضته حتى يصبح مركز السلطة التي تمكنه حصريا من كل السلطات".
بعد ذلك، سيعلن الرئيس سعيد للحاضرين، الذين من بينهم رئيس الوزراء هشام المشيشي ورئيس البرلمان زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي، أنه سيفعّل الفصل 80 من الدستور الذي يسمح للرئيس بالاستيلاء على السلطات في حالة طوارئ وطنية.
وتنص الوثيقة على أنه لن يُسمح للمشيشي والغنوشي بمغادرة القصر، الذي سيتم إدخاله في حالة عزلة كاملة عن الخارج، وفي تلك الأثناء سيوجه الرئيس خطابا تلفزيونيا إلى الأمة للإعلان عن انقلابه.
إقامة جبرية
تنص الوثيقة أيضا على تعيين اللواء خالد اليحياوي وزيرا للداخلية بالإنابة، وسيتم نشر القوات المسلحة "على مداخل المدن والمؤسسات والمرافق الحيوية".
وفي الوقت ذاته سيتم وضع الأشخاص الرئيسيين تحت الإقامة الجبرية، منهم من حركة النهضة: نور الدين البحيري، ورفيق عبد السلام، وعبد الكريم الهاروني، وسيد الفرجاني، ونواب ائتلاف الكرامة، ومن نواب حزب قلب تونس: غازي القروي، وسفيان طوبال، إضافة إلى رجال أعمال ومستشارين في ديوان رئيس الوزراء وغيرهم.
ولجعل الانقلاب شعبيا، تقول الوثيقة إن جميع مدفوعات الفواتير أو الكهرباء والمياه والهاتف والإنترنت والقروض المصرفية والضرائب سيتم تعليقها لمدة 30 يوما، وسيتم تخفيض أسعار السلع الأساسية والوقود بنسبة 20%.
وجاء في الوثيقة أيضا أن "الجلسة ستنتهي بعد ذلك دون السماح للحاضرين بمغادرة قصر قرطاج، مع إبقاء منطقة القصر الرئاسي، قبل وبعد ذلك، منفصلة مؤقتا عن شبكات الاتصال والإنترنت".
وقالت رئاسة الجمهورية التي تخوض صراعا سياسيا مع حزب النهضة الثلاثاء إن الوثيقة “لا أساس لها من الصحة”.
وشكك العديد من المراقبين السياسيين في تونس في صحة الوثيقة، كما نسب أنصار سعيّد إلى حزب النهضة فبركتها للإساءة لصورة الرئيس.
وتتضمن الوثيقة اقتراحا بتعيين المدير العام للادارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية العميد خالد اليحياوي للاشراف على وزارة الداخلية بالنيابة، اضافة الى وضع قياديين من حزب النهضة ومن الأحزاب الموالية لها تحت الاقامة الجبرية.
وتتضمن الخطة مقترحات لمنع أي برلماني مطلوب للمحاكم التونسية من مغادرة البلاد، وإعفاء جميع المنتمين إلى الأحزاب السياسية من مناصبهم في البلاد.
وندد حزب النهضة في بيان الثلاثاء “بشدة بما ورد في الوثيقة المسربة مطلع هذا الأسبوع والتي يعود تاريخها الى 13 ايار/مايو الحالي”.
ودعا الحزب الى “فتح تحقيق جدي وسريع حول هذه الوثيقة لكشف جميع ملابساتها، وطمأنة الرأي العام الوطني والدولي”.
من جهته، أكد مستشار الرئاسة وليد الحجام أن الوثيقة “لا أساس لها من الصحة ولم توجد”. وأضاف “افتراءات… ومسرحية رديئة الاخراج”.
وشكل حزب النهضة بعناء تحالفات مع “ائتلاف الكرامة” وحزب “قلب تونس” في البرلمان.
ويخوض هذا التحالف صراعا مع الرئيس سعيّد أستاذ القانون الدستوري السابق الذي انتُخِب بالغالبية عام 2019.
ويتهم سعيّد بعض السياسيين المنتخبين بالفساد وهم ينتقدونه لنزعته الى توسيع صلاحياته في مخالفة للدستور