الوقت- بعد سنوات من الحرب وإراقة الدماء، وفي وضع لا يزال فيه انعدام الأمن يمثل مشكلة رئيسية بالنسبة للأفغان، بدأ انسحاب القوات الأمريكية، ووفقا لإدارة بايدن، وبحلول 11 سبتمبر من هذا العام، اي في الذكرى العشرين لهجمات البرجين سينتهي العمل أخيرا بالنسبة لنيويورك، وستسحب واشنطن قواتها من أفغانستان. وسيكون هذا القرار علامة بارزة في تحديد مستقبل السياسة والحكومة في أفغانستان. لكن بعد الإعلان عن هذا القرار، أيدت بعض القوى السياسية داخل امريكا وأفغانستان قرار بايدن، لكن المحافظين وحتى بعض أعضاء الحزب الديمقراطي يقولون إن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لن ينهي الحرب الأهلية في أفغانستان. وفي ضوء كل هذه التطورات، أصبحت قضية انسحاب القوات الأمريكية الآن قضية رئيسية للمراقبين السياسيين. ولمعالجة هذه القضية، تم اجراء مقابلة مع بير محمد ملازهي، الخبير البارز في الشؤون الأفغانية.
طالبان تعد الثواني لانسحاب قوات الناتو والسيطرة على السلطة
وفي تقييمه لقرار امريكا بالانسحاب من أفغانستان ورد فعل طالبان على تحرك بايدن، يرى بير محمد ملازهي أن هناك الكثير من الالتباسات في هذا الصدد. حيث تجدر الإشارة في البداية إلى أن الأمريكيين اتخذوا على ما يبدو قرارهم النهائي بمغادرة أفغانستان في الوقت الذي أعلنه بايدن في 11 سبتمبر، لكن طالبان تعتقد أن واشنطن يجب أن تنفذ اتفاق الدوحة بينها وبين زلماي خليل زاد. لذلك، أثارت طالبان قضيتين، أحدهما أنه لن تحضر اجتماع اسطنبول حتى تغادر القوات الأمريكية أفغانستان، والآخر هو أن المجموعة أعلنت أنها ستهاجم قوات الناتو إذا ما تلكأت في الخروج، الامر الذي دفع الحكومة الأمريكية لأرسال B-52 وفرقة خاصة لحماية قواتهم في أفغانستان.
وأضاف إنه "في ظل الوضع الحالي، تعتقد طالبان أنه بعد انسحاب القوات الأمريكية، يمكنهم إعداد قواتهم للهجوم ومحاولة الاستيلاء على مناطق ومراكز حساسة في أفغانستان من أجل الاستيلاء على السلطة بسهولة. لكن خطة طالبان تواجه مشكلة كبيرة تتمثل في معارضة قوية من الطاجيك والأوزبك والهزارة. حيث ان هذه القبائل، مثل طالبان، على استعداد تام لحمل السلاح. ففي الواقع، إذا أرادت طالبان الاستيلاء على السلطة من خلال العسكر، فسوف تلجأ الاقوام الأفغانية الى المقاومة ومواصلة الحرب والتغاضي عن اختلافاتهم القومية والعرقية والدينية. في الواقع، بقدر قوة طالبان، كذلك الشماليون يمتلكون الدافع والقوة. لكن في غضون ذلك، من المهم ملاحظة أن طالبان لا تتخذ قرارات مستقلة تماما، ويمكن لجهاز المخابرات العسكرية الباكستاني (ISI) أن يلعب دورا مهما في ذلك. ومن المحتمل أن تجبر إسلام أباد طالبان على حضور قمة اسطنبول بضغط أمريكي".
الحكومة المركزية تشعر بقلق بالغ إزاء تفكك البلاد وصعود حركة طالبان
وفي جانب آخر من تصريحاته حول مخاوف الحكومة الأفغانية من انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو من البلاد، يرى الخبير البارز في الشؤون الأفغانية أنه بالنظر إلى التجربة التاريخية، وخاصة تجربة حكومة الدكتور نجيب الله، نرى انه عندما سحب الروس قواتهم من أفغانستان على الرغم من عامين من المقاومة، الأمر الذي أدى في النهاية إلى التفكك العرقي للحكومة الأفغانية. وتحول البشتون إلى طالبان والطاجيك والأوزبك والآلاف إلى جيش الشمال. وفي ظل الوضع الحالي، يعتبر أشرف غني وعبد الله عبد الله أن مثل هذا الاحتمال ممكن وإمكانية تفكك أفغانستان أكثر من أي وقت مضى.
وأضاف "على صعيد آخر، لا تملك الحكومة الأفغانية القدرة على مواجهة طالبان عسكريا. وعلى الرغم من أن القوات الحكومية كانت تقاتل طالبان على الأرض، إلا أن الدعم الجوي لحلف شمال الأطلسي هو الذي هزم طالبان". وقال انه "في الوضع الحالي هناك معركة شرسة في منطقة لشكركاه وهناك أدلة على أن طالبان تعتزم السيطرة على مدينة هيلمان ونقل عاصمتها من كويتا إلى هيلمان".
امريكا تحاول إقناع طالبان لحضور قمة اسطنبول
وقال ملازهي إن "حقيقة أن امريكا وحلف شمال الأطلسي يسحبان قواتهما من أفغانستان لا يعني الإفراج عن هذا البلد، فالحقيقة هي أن امريكا لم تعد ترغب في دفع تكاليف مادية وبشرية، لذلك يمكن اعتبار هذا الخروج تغييرا في الوضع. وفي المستقبل، ستحصل الحكومة الأفغانية على دعم الولايات المتحدة، لكن الاخيرة تخطط لوضع طالبان على الطاولة في فيينا. وهناك ثلاث خطط رئيسية في هذا الصدد: الخطة الأمريكية، والخطة الروسية، وخطة الحكومة المركزية. وتُبذل الآن جهود لدمج الخطط والتوصل إلى صيغة جديدة ترعاها الأمم المتحدة لتغيير الحكومة والدستور، مع مراعاة دور ومساهمة طالبان. وفي غضون ذلك، من المؤكد أنه سيتم بذل جهود للنظر بالإضافة إلى طالبان، في اعتبار نصيب الجماعات العرقية الأخرى مثل الأوزبك والهزارة والطاجيك، وربما لتطبيق ذلك نوع من الفيدرالية لتحقيق الحفاظ على قوة كل المجموعات".