الوقت- أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إنه يريد بناء علاقات جيدة مع إيران. واتخذ نبرة تصالحية تجاه إيران، معلنا أن إيران دولة جارة وأن السعودية تريد علاقة جيدة مع طهران.
الى ذلك جاءت تصريحات بن سلمان هذه في أعقاب تقارير غير مؤكدة عن محادثات مباشرة بين طهران والرياض. ويُقال إن المحادثات في بغداد هي أول حوار سياسي كبير بين البلدين منذ عام 2016. وفي غضون ذلك، صرحت إيران مرارا أنها ترحب بالمحادثات مع جيرانها وتخفيف التوترات مع السعودية.
لكن ما أثار انشغال المحللين والمراقبين هو ان ولي العهد السعودي، اتخذ موقفاً عدائياً تجاه ايران منذ توليه الحكم في السعودية، بل تحدث عن جر الحرب إلى داخل إيران، لكنه الان يتحدث عن بناء علاقات جيدة مع إيران؟ فهل هذا تغيير في اللهجة أم تحول في السياسة الخارجية السعودية؟ ما هي العوامل التي دفعت الرياض نحو نهج جديد؟
تغيير اللهجة أم تحول في السياسة؟
ويرى محلل في شؤون المنطقة أن تصريحات ولي العهد السعودي الأخيرة بشأن العلاقات مع إيران ليست تغييرا في الموقف بل تغييرا في اللهجة، ويعتقد أنه إذا اتبعت الرياض نهجا عقلانيا، فإن إيران ستكون منفتحة على الحوار.
إيران ترحب بتغيير اللهجة السعودية
رحبت إيران بتغيير اللهجة السعودية، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده. حيث ان إيران والسعودية دولتان مهمتان في المنطقة والعالم الإسلامي ولديهما فرصة لبدء فصل جديد من التعاون والعمل المشترك لإرساء الاستقرار في المنطقة وتنميتها من خلال اتباع نهج بناء. ولطالما رحبت إيران بالحوار المشترك. ولطالما اقترحت طهران مبادرات وخطط للحوار والتعاون في منطقة الخليج الفارسي، بما في ذلك خطة هرمز للسلام، وبالتالي فهي ترحب بالتغيير في اللهجة السعودية. قد يكون شهر رمضان بداية التقارب بين دول العالم الإسلامي، وبدلاً من التوتر والصراع يمكن أن يسود السلام في المنطقة.
قلق تل أبيب من التقارب بين الرياض وطهران
تل أبيب التي كانت في عصرها الذهبي في عهد ترامب، وكانت ثملة من تطبيع العلاقات بين بعض الدول، كانت تأمل في أن تقود السعودية إلى تطبيع العلاقات معها، لكن يبدو ان تغيير اللهجة السعودية تجاه إيران أقلقها. حيث كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، أن السعوديين أكدوا خلال المباحثات بين إيران والسعودية في بغداد أنهم لا يريدون تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
وتعتقد دوائر الأمن والاستخبارات في الكيان الصهيوني أنه مع تقارب إيران والسعودية من بعضهما البعض، سيحدث شرخاً في معسكر المعارضة الإيرانية. ومع اقتراب السعودية من إيران، سيتم كبح قطار التطبيع ورفع آثاره المدمرة على المنطقة والعالم الإسلامي. ومن ناحية أخرى، يعتبر الصهاينة ان أي تحالف بين الدول العربية بمثابة ضربة قاتلة لهذا الكيان وسياساته المدمرة، وبالتالي يعتبرون أي تعامل بين الدول الإسلامية مع بعضها البعض كابوسا.
سر تغيير اللهجة السعودية تجاه إيران
إن تغيير اللهجة، الذي يشير إليه البعض على أنه تحول في السياسة الخارجية السعودية، بدأ فعليا بعد وصول جو بايدن إلى السلطة في امريكا، الأمر الذي لعب دورا مهما في تغيير موقف الرياض، أيضا لأن واشنطن تميل إلى التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي، الامر الذي أثار انتقادات واسعة النطاق للحكام السعوديين. ومع وجود بايدن في السلطة، لم تعد الأمور كما هي. حيث بدأت نقطة الانطلاق لهذه التطورات مع المصالحة مع قطر في يناير من هذا العام. والآن، بعد خمس سنوات من قطع العلاقات، تحولت السعودية إلى إيران.
يمكن تلخيص أسباب التغيير في الموقف تجاه إيران في الحالات التالية:
- تنصيب بايدن وانتهاء العصر الذهبي لترامب وبالتالي للسعودية: لم تعد الولايات المتحدة مستعدة لدفع تكاليف حماية حلفائها في غرب آسيا ومنطقة الخليج الفارسي. ومن ناحية أخرى، فهي تركز على أجزاء أخرى من العالم، وخاصة شرق آسيا والصين، وكذلك روسيا.
وقد دفعت المقاربة بين امريكا وإيران بن سلمان إلى التساؤل عن سبب عدم ميله للتحدث عندما يتحدث الأمريكيون أنفسهم مع إيران. وهناك مؤشرات متزايدة على أن امريكا تفكر بجدية في تحويل تركيزها من الشرق الأوسط. والشيء المهم هنا هو ما لا تفعله امريكا: الاستمرار في طمأنة شركائها الأمنيين، كما فعلوا في الماضي، بأنهم سيحصلون على دعم غير مشروط من واشنطن لأي سلوك طائش.
- الضربات اليمنية القاتلة والكابوس الذي يسمى حرب اليمن: الضربات المميتة لأنصار الله اليمنية ألانت رأس بن سلمان. إضافة إلى تآكل اقتصاد السعودية، أصبحت هذه الضربات ببطء أزمة تبتلع السعودية نفسها. حيث ان الوضع على جبهة مارب دليل على ما فعله المقاتلون اليمنيون بالسعوديين. وأصبحت الرياض عاجزة وأدركت أن الأمور لا يمكن فعلها بالمقاتلين والأسلحة. وتدرك الرياض الآن بشكل أفضل أن اليمن مقبرة للمعتدين. وهم الان يلتمسون اي خيط لإنقاذ انفسهم من هذا المستنقع ويرون في إيران خيط النجاة للتخلص من هذا المستنقع.
- الاقتصاد السعودي المتراجع، والذي بالإضافة إلى توقف المنشآت النفطية بسبب الضربات الصاروخية وطائرات أنصار الله اليمنية بدون طيار، والأزمة الناجمة عن كورونا وتراجع الطلب على النفط، وضعه تحت الضغط اكثر فاكثر.
- عدم فاعلية السياسات السابقة في سوريا: يقال إن رئيس المخابرات السعودية سافر إلى دمشق لأول مرة منذ اندلاع الحرب السورية والتقى بنظيره السوري. وينظر إلى الاجتماع، الذي عقد في العاصمة السورية يوم الاثنين، على أنه مقدمة لمصالحة وشيكة بين الرياض ودمشق. حيث قطعت سوريا والسعودية العلاقات بعد بدء الحرب في سوريا عام 2011 ، لكن مسؤولين في الرياض قالوا لصحيفة الغارديان إن تطبيع العلاقات بين البلدين يمكن أن يبدأ بعد فترة وجيزة من عيد الفطر. وقال مسؤول سعودي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "تم وضع الخطط لكن لم يتم فعل شيء." "لقد تغيرت الأحداث في المنطقة، وقد توفرت الأرضية للانفتاح".
- إيران خيار أرخص وأكثر أمانا: السعوديون في عجلة من أمرهم بشأن إيران ويعتبرون إيران خيارا أكثر أمانا.
الوضع الداخلي للسعودية: وضع ولي العهد السعودي داخل السعودية يزداد سوءا يوما بعد يوم، والوضع في هذا البلد، وخاصة اقتصاديا، أسوأ بكثير مما كان عليه قبل وصول محمد بن سلمان إلى السلطة.