الوقت- كشف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان النقاب عن نيته بيع حصص من شركة أرامكو للصناعات النفطية لمستثمرين أجانب، وأضاف محمد بن سلمان في مقابلة تلفزيونية يوم الثلاثاء الماضي مع الإعلامي عبد الله المديفر، إن بيع الحصص سيكون لمستثمرين أجانب خلال العام أو العامين المقبلين وأن الحصة المزمع بيعها هي 1% من أسهم الشركة، مشيراً إلى أن "أرامكو" لديها فرصة لأن تكون من أكبر الشركات الصناعية عالمياً!.
کما ادعى محمد بن سلمان أن رؤية المملكة 2030 ستحقق العديد من أهدافها قبل حلول العام 2030، مستعرضا خلال الحوار منجزات الرؤية في تنويع مصادر دخل المملكة من غير الثروة النفطية. ولکن يبدو أن الأمير نسي أن السعوديين كانوا قد أعلنوا عن غضبهم نتيجة رفع أسعار المشتقات النفطية في المملكة التي ادعى أميرها حينما أطلق رؤيته أنها ستستغني عن النفط بحلول عام 2020 ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن! وكل الخطط و المشاريع السعودية التي يطرحها الأمير السعودي لم تعد تساوي قيمة الورق الذي تكتب عليه ولم يعد المواطن السعودي ينخدع بهذه الأرقام والأهداف الخيالية التي يطرحها الأمير.
ویقول محمد بن سلمان أن رؤية 2030 وضعت من أجل تحقيق الطموح الأكبر في اقتصاد أكثر قوة وحياة أفضل للسعوديين! عبر تعزيز الاقتصاد بصناديق واستثمارات ستشكل رافدا مستقبليا للاقتصاد، بجانب تحفيز القطاع الخاص ليكون داعما أساسيا بمستهدفات الرؤية. ولکن ما يشهده المواطن السعودي حتى اليوم هو خلاف ذلك فالموازنة السعودية تشهد عجزاً منقطع النظير دفع بالحكومة السعودية إلى الاقتراض من الخارج و رفع ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15% ووقف صرف بدل غلاء المعيشة للمواطنين السعوديين.
وعود جديدة ونسيان للوعود السابقة
هل نسي ابن سلمان وعوده وخطاباته السابقة؟! ففي عام 2016 وعد ابن سلمان، بمستقبل واعد للنهوض بالمملكة، وقال إن أزمات البلاد تكمن في الاسكان والبطالة، لكن “الفرص أمامنا أكبر بكثير من هذه القضية، طموحنا سوف يبتلع هذه الأزمات وغيرها”.
وقال ابن سلمان، في لقاء متلفز آنذاك: “طموحنا كيف يكون اقتصادنا أكبر! كيف نخلق بيئة جذابة في وطننا! فإذا ارتفع النفط سوف يخلق داعم قوي لخططنا”. وأكد ابن سلمان بتصريحاته في عام 2016 لو النفط توقف في المملكة في 2020 نستطيع أن نعيش!.
وفي عام 2017، عاد ولى العهد بتكرير تصريحاته قائلا: “اقتصادنا سيكون أقوى في تلقى الصدمات، دون اتخاذ إجراءات صعبة!”.
وماذا حدث بعد كل تلك الخطابات؟ وجد المواطن السعودي نفسه في عام 2020 أمام أكبر موجة غلاء في تاريخ المملكة، حيث ارتفعت الضرائب الجمركية حتى على السلع الغذائية، صحيح أن أزمة كورونا ضربت معظم اقتصادات دول العالم ولكن التخبط الاقتصادي داخل المملكة يسير بها إلى الهاوية نعم صحیح أن كل الدول تمر بأزمات، لكن حينما يكون القرار بيد شخص ليس فقيه بالاقتصاد، ولا في السياسية، فهذا أمر کارثي ونتائجه وخيمة.
كذبة صندوق الاستثمارات العامة
يقول محمد بن سلمان إن صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي) يستهدف النمو ليصبح صندوقا ضخما، وبالتالي لن يحول أرباحه في الوقت الحالي إلى ميزانية الدولة، وسيستهدف زيادة نمو حجم الصندوق، بأكثر من 200% في السنوات الخمس المقبلة.
وتابع: وفي المستقبل لن تتجاوز المصروفات من هذا الصندوق نسبة 2.5%، وسيكون هو بمثابة نفط جديد للمملكة إضافة إلى مصادر دخل أخرى من التنوع في الاقتصاد، من مختلف استراتيجيات الاستثمار الأخرى للمملكة بما فيها النفط.
ولكن في تقرير لصحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أظهرت البيانات أن صندوق الاستثمارات العامة التابع للمملكة – ويخضع تحت سيادة ولى العهد محمد بن سلمان – أنفق مليارات الدولارات خارج البلاد التي تشهد أزمة اقتصادية طاحنة جراء أزمتي انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها، أنه وبالرغم من المعاناة الاقتصادية، وفرض المملكة إجراءات تقشفية على شعبها، أنفق صندوق الاستثمارات العامة منذ بداية عام 2020 فقط 325 مليار دولار على صفقات خارجية
إذاً المواطن السعودي أمام إنفاق في الخارج وتقشف وغلاء في الداخل وتخبط في سياسات الأمير المقامر بأموال الشعب السعودي.
البحث عن سيولة لتعويض العجز
أصبح واضحاً للعديد من المحللين والخبراء الإقتصاديين أن محمد بن سلمان يسعى للحصول على سيولة مالية في الوقت الراهن لتعويض العجز الكبير في الميزانية الحالية للملكة السعودية وسط وتوقعات بارتفاعه في ميزانية العام المقبل أيضاً ، مضافاً إلى ذلك الخسائر الكبرى التي تتكبدها المملكة بسبب نفَقات الحرب في اليمن، وصفقات الأسلحة الضخمة اللازمة في ظل تصاعد التوتر مع إيران.
الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة، يريد أن يستخدم عوائد بيع أسهم شركة أرامكو لتمويل مشاريع “رؤية 2030” التي تركز على تنويع مصادر الدخل، وتقليص الاعتماد على النّفط كمصدر أساسي للثروة الوطنية، وما زال من المبكر القول بأن هذه العوائد التي جاءت أقل كثيرا من التوقعات الأُولى بسبب تراجع أسعار النّفط ستؤدي هذا الغرض.
هل أرامكو مكان آمن للاستثمار؟
نشير هنا إلى أن قيمة شركة أرامكو تراجعت أيضا بعد الضربات الأخيرة التي استهدفت منشآتها النفطية في بقيق وخريس وقبلها في حقل الشيبة في مِنطقة الرّبع الخالي، فالمستشمرون الأجانب يبحثون دائما عن مناطق آمنة، أو الأكثر أمنا لوضع أموالهم واستثمارها ولا يمكن للمستثمرين أن يضعوا أموالهم في شركة تتعرض بشكل يومي لتهديدات بسبب سياسات الحكومة السعودية ضد الشعب اليمني
بشكل عام هذه الفكرة الجديدة للأمير محمد بن سلمان سيكون لها مؤيدون ومعارضون، وإذا تركنا المؤيدين جانبا، فإن المعارضين يرون في شركة أرامكو درة التاج في ثروات المملكة، وهي من الأُصول المهمة ماليا وعاطفيا للشعب السعودي، وإدخال مستثمرين أجانب فيها، يعني الشفافية المطلقة، واطّلاع هؤلاء على كل أسرار الشركة، والصناعة النفطية السعودية، مضافا إلى ذلك أنها قد تكون مقدمة لبيع شركات عمومية أُخرى مثل “سابك”.
فهل سيقف الشعب السعودي ويشاهد كيف أن الأمير يبيع مقدرات بلده ليقامر بها في حربه باليمن ولتأمين كرسي حكمه أم سيكون له رأي آخر؟ ما علينا إلا الانتظار والمتابعة لمعرفة كيف ستسير الأمور مع مغامرات الأمير الشاب.