الوقت- بالتزامن مع تصاعد إجرام العدو الكيان الصهيونيّ الوحشيّ الذي لا يكف عن ارتكاب أشنع الجنايات بحق الفلسطينيين، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان، الكيان الباغي بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، مؤكّدة أنّ تلك السياسات ترقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانيّة، في أعقاب المنهج العنصريّ الذي يتبعه العدو بحق أصحاب الأرض، والأخبار التي تأتي من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة خيرُ دليل على ذلك.
وفي هذا الصدد، رحبت الرئاسة الفلسطينيّة بتقرير المنظمة الدوليّة الذي يضع العدو الغاشم في دائرة ممارسة الفصل العنصريّ والاضطهاد، وفي بيان صحفيّ، وصف الناطق باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، التقرير الحقوقيّ بأنّه شهادة دولية قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة، وشدد على أنّ ذلك يستدعي تحمل المجتمع الدوليّ لمسؤولياته الفوريّة تجاه فلسطين، ومساءلة تل أبيب على جرائمها المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ، داعيّاً جميع الأطراف الدوليّة إلى مراجعة التقرير بعناية والنظر في توصياته، وتذكير الدول بالتزاماتها القانونيّة بموجب القانون الدوليّ، للجم خروقات الكيان المُعتدي.
إجرامٌ متواصل
في ظل الترحيب الفلسطينيّ بتقرير هيومن رايتس ووتش، والذي رافق تأكيد على ضرورة ترجمة مثل هذه المواقف الدوليّة إلى “إجراءات عقابيّة واضحة وعمليّة"، رفضت وزارة الخارجية في حكومة العدو ما جاء في التقرير -كما هو متوقع- ، وزعمت أنّه “غير معقول وزائف”، وبسبب فضحه للممارسات العدوانيّة للكيان، وجهت تل أبيب اتهامات للمنظمة بانتهاج ما أسمته "برنامجاً معاديّاً للعدو الصهيونيّ"، والسعي منذ سنوات للترويج لمقاطعة الكيان الغاصب.
وقبل أسابيع، أعلنت المحكمة الجنائيّة الدوليّة أنها ستحقق في جرائم حرب ارتكبها الكيان في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر، وخصت بالذكر جيش العدو، وأعلن الإعلام العبريّ حينها عن مغادرة رئيس الكيان الصهيونيّ، رؤوفين ريفلين، برفقة رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، في رحلة لعدة دول أوروبيّة، وكشفت صحيفة معاريف العبريّة، أن ريفلين وكوخافي سيتوجهان إلى ألمانيا، والنمسا، وفرنسا، في رحلة لثلاثة أيام وسيلتقون خلالها برؤساء تلك الدول التي تمتلك عضويّة في المحكمة الجنائية الدوليّة، بشأن ما وصفته الصحيفة بـ “التهديد” المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، بهدف محاولة عرقلة أو إلغاء التحقيق الذي قررت المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدوليّة فاتو بنسودا فتحه بخصوص جرائم حرب ارتكبها العدو الغاصب، حيث قدّمت فلسطين عام 2018، طلب إحالة إلى المحكمة الدولية لملف جرائم صهيونيّة تضمن ثلاث قضايا وهي الاستيطان، والأسرى، والعدوان على غزة، بما فيه انتهاكات مسيرة العودة وكسر الحصار الحدوديّة.
وبعدما انتظر أبناء فلسطين هذه الخطوة 6 سنوات منذ انتهاء حرب 2014، والتي راح ضحيّتها أكثر من 2000 شهيد فلسطيني، يعقد الفلسطينيون آمالهم على قرار محكمة الجنايات الدولية بملاحقة الكيان المجرم ووضع حد لتماديه بارتكاب الجرائم بحق صاحب الأرض، ويتمنون أخذ العبرة وعدم تكرار سيناريو "تقرير غولدستون" عن حرب عام 2008، حيث أدت الضغوطات آنذاك إلى سحب التقرير من منظمة الأمم المتحدة، حيث تتشابه الضغوط الحالية على الفلسطينيين مع تلك التي مورست عليهم في السابق، إذ بعثت حكومة العدو الغاشم فور صدور قرار المحكمة، رسائل تحذيريّة إلى السلطة الفلسطينية تتضمّن تهديداً صريحاً بأن حكومة الكيان ستواجه صعوبة في دفع العجلة السياسيّة أو إجراءات بناء ثقة على الأرض مع السلطة، في حال قيام الأخيرة بأيّ دور من شأنه أن يساعد في تسريع التحقيقات، وفقاً لما ذكرته قناة « كان» العبريّة.
وفي ظل تسارع المخططات الاستيطانيّة الصهيونيّة في الضفة الغربيّة المحتلة والقدس خلال العام 2020 من أجل محاولة وسم هوية مدينة القدس كعاصمة يهوديّة لكيان الاحتلال القاتل واغتيال أيّ مساعٍ فلسطينيّة أو دوليّة لإقامة دولة فلسطينيّة في الأراضي المحتلة عام 1967 من جهة أخرى، أشارت المنظمة في التقرير إلى قيود صهيونيّة على حركة الفلسطينيين والاستيلاء على أراض مملوكة لهم لإقامة مستوطنات يهوديّة في مناطق احتلتها في حرب عام 1967 باعتبارها أمثلة على سياسات وصفتها بأنها جرائم تفرقة عنصريّة واضطهاد، بسبب تمادي قوات المحتل الأرعن بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، بالإضافة إلى ارتفاع حدّة الاستيطان الصهيونيّ والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لصالح المستوطنين في القدس والضفة الغربيّة، والتي قارب تعداد مستوطنيها 800 ألف مستوطن.
وفي الوقت الذي لا يكف فيه جنود الاحتلال المجرم عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، جاء في التقرير الدوليّ أنّ "قوات العدو في فلسطين تريد الهيمنة على الفلسطينيين بالسيطرة على الأرض والتركيبة السكانيّة لصالح الإسرائيليين اليهود"، حتى الصهاينة أنفسهم لا ينكرون ذلك، لأنّهم أسّسوا كيانهم الإرهابيّ وفق منهج "القبضة الحديديّة" وهم يؤكّدون ذلك بكل فخر في أيّ مكان ومع كل مناسبة، فمنذ يوم 14 مايو/ أيار عام 1948، عندما صُنع هذا الكيان وحصل على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ بعد دقائق من إعلانه، وحتى اليوم، لم تتغير سياسة قادته قيد أُنملة، بل زادت ظلماً وعدواناً حتى وصلت إلى قمة الإجرام والإرهاب، بعد أن فرضه المستعمرون على العالم وعلى المنطقة، والتاريخ أكبر شاهد على الوحشيّة الصهيونيّة في فلسطين والمنطقة.
وما ينبغي ذكره، أنّ الكيان الصهيونيّ لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يتوقف عن إجرامه وقضمه لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، وخيرُ دليل على ذلك نص إعلان الدولة المزعومة، والذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من بلادهم، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في "إسرائيل" وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين.
في الواقع، لم يأتِ تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" المُكون من 213 صفحة بجديد، لكنّه أضاف تأكيداً آخر على أنّ مسؤولي الكيان يرتكبون جرائم ضد الإنسانيّة، ولا يخفى على أحد حجم المعاناة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل سجون العدو، بدءاً من ظروف الاعتقال وليس انتهاءاً عند مسألة انعدام البيئة الصحية داخل الزنازين المكتظة بالأسرى، بالإضافة إلى الانتهاكات الجسيمة بحق الأسرى خاصة منذ بداية انتشار فيروس كورونا المستجد، حيث سحب الاحتلال الصهيونيّ نحو 140 صنفاً من المنظّفات والمعقمات المُباعة داخل مقصف السجن، وصولاً إلى الإهمال الكبير وعدم اتخاذ أي إجراءات وقائيّة لحماية الأسرى، ما أدى لإصابة عدد من الأسرى بفيروس كورونا، وهذا ما أكّدته هيئة "شؤون الأسرى والمحررين"، التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة.
يُذكر أنّ العدو الصهيونيّ يعتقل نحو 4700 معتقل فلسطينيّ في سجونه، بينهم نحو 700 مريض و41 سيدة، إضافة إلى أنّ عدد المصابين من الأسرى الفلسطينيين بفيروس كورونا داخل سجون الاحتلال يتزايد بشدة، استناداً فقط إلى الأرقام التي تنشرها وسائل الإعلام، ناهيك عن الأرقام الحقيقيّة التي تتكتم عليها إدارة السجون داخل الكيان.
عنصريّةٌ لا مثيل لها
بما يؤكّد صحة نتائج التقرير الدوليّ، عنصرية الكيان الصهيونيّ الغاصب التي وصلت إلى الحافلات وتتحدث عن نفسها، فمنذ شهرين فقط تحدثت وسائل إعلام فلسطينيّة عن منهج العنصريّة التي اتبعته شرطة الاحتلال الصهيونيّ المجرم، مع حافلة أقلت 29 راكباً في الداخل الفلسطينيّ المحتل، أغلبهم من العمال الفلسطينيين وعدد من الصهاينة، وذكرت أنّه على الرغم من التزام الجميع بارتداء الكمامات واتخاذ الإجراءات الوقائيّة الخاصة بفيروس كورونا المستجد، أصرت شرطة العدو على مخالفة العمال الفلسطينيين بزعم عدم وضعهم حزام الأمان دون تطبيق عقوبتها على الصهاينة الذين يستقلون الحافة نفسها، في مشهد يظهر المنهج العنصريّ الذي يتبعه الاحتلال الصهيونيّ مع أصحاب الأرض والمقدسات.
وبحسب سائق الحافلة، محمود مجاهد، فإنّ شرطة الاحتلال الصهيونيّ أوقفت الباص وفحصت جميع الركاب، فوجدت أنهم ملتزمين بارتداء الكمامة، إلا أنّها طلبت تصاريح العمال العرب وأخذتها للفحص دون غيروهم، وبعد مرور 7 دقائق، وجد العمال الفلسطينيون أنّهم تعرضوا لمخالفة لكل واحد منهم بقيمة 250 شيكل أي ما يقارب 8 دولارات، دون مخالفة الركاب الصهاينة.
وقبل بضعة أشهر، أثارت منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية ضجة كبيرة، وهي مركز إسرائيليّ غير حكوميّ مختص بحقوق الإنسان في الأراضي التي يحتلها العدو الصهيونيّ الغاصب، حيث أوضحت أنّ حقوق الفلسطينيين أقل من حقوق اليهود في المنطقة بأكملها بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، وأنّهم يعيشون تحت أشكال مختلفة من السيطرة الصهيونيّة في الضفة الغربيّة وقطاع غزة والقدس الشرقيّة وداخل الأراضي المحتلة نفسها، ما أضاف تأكيداً جديداً من الإسرائيليين أنفسهم على منهجيّة الاحتلال العدوانيّة على أصحاب الأرض والمقدسات.
ولم تخفِ المنظمة المناهضة كليّاً للاحتلال الصهيونيّ في تقريرها أنّ إحدى النقاط الرئيسيةّ في نتائجها هي أنّ هذه منطقة جيوسياسيّة واحدة تحكمها حكومة واحدة (جيوسياسيّة: السياسة المتعلقة بالسيطرة على الأرض وبسط نفوذ الدولة في أي مكان تستطيع الوصول إليه)، وأوضحت أنّ هذه ليست ديمقراطية بجانب احتلال، بل "أبرتهايد" (نظام فصل عنصريّ) بين النهر والبحر.
وفي هذا الخصوص، بيّن مدير المنظمة الإسرائيليّ، حغاي العاد، أنّه من خلال تقسيم المناطق واستخدام وسائل سيطرة مختلفة، يخفي الكيان الصهيونيّ حقيقة أنّ ما يقارب الـ 7 ملايين يهودي و7 ملايين فلسطينيّ يعيشون في ظلّ نظام واحد ذي حقوق غير متساوية إلى حد كبير، وقال رئيس المنظمة "نحن لا نقول أنّ درجة التمييز التي يجب أنْ يتحملها الفلسطينيّ هي نفسها إذا كان أحد مواطني الكيان الاسرائيليّ أوْ إذا كان أيّ أحد آخر محاصرًا في غزة، النقطة المهمة هي أنّه لا يوجد معيار واحد يتساوى فيه الفلسطينيّ واليهوديّ بين النهر والبحر أي في فلسطين المحتلة.
يُشار إلى أنّ منظمة "بتسيلم" تأسست في 3 فبراير/ شباط عام 1989 على يد إسرائيليين ذوي تأثير، بما فيهم محامون، أكاديميون، صحافيون، وأعضاء كنيست، وتهدف إلى توثيق وتثقيف الجمهور الإسرائيليّ بما يخص الاعتداءات على حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، ومحاربة ظاهرة إنكارها السائد بينهم، بالإضافة إلى ذلك تقوم المنظمة بانتقاد خروقات حقوق الإنسان التي تتم في الأراضي المحتلة الموجهة ضد الفلسطينيين أو الإسرائيليين، وتعد من أشد منتقدي الكيان الصهيونيّ الذين استخدموا مصطلح “أبرتهايد - الفصل العنصريّ” لعقود من الزمن، تذكيرًا بنظام الحكم الأبيض والفصل العنصريّ في جنوب إفريقيا الذي انتهى عام 1994، فيما تُعرِّف المحكمة الجنائية الدوليّة "الأبرتهايد" بأنّه نظام مؤسسيّ لقمع وهيمنة منهجيين من قبل مجموعة عرقية واحدة، وفي السنوات الأخيرة مع ترسيخ الكيان الغاصب لاحتلاله الضفّة الغربيّة، تبنّى كتّاب إسرائيليون، وجنرالات سابقون وساسة معارضون لحكومتها اليمينيّة مصطلح “أبرتهايد” بشكل متزايد.
ونوّه مدير منظمة "بتسيلم" الإسرائيليّة، حغاي العاد، أنّ تطورين اثنين أخيرين غيّرا تفكير “بتسيلم”، الأوّل كان قانون القوميّة الذي تمّ تمريره في عام 2018 والذي يُعرِّف الكيان الصهيونيّ على أنه “الدولة القوميّة للشعب اليهوديّ”، والثاني يتمثّل في خطط رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، لضمّ ما يصل إلى ثلث من الضفة الغربيّة المحتلّة، بما في ذلك جميع المستوطنات اليهوديّة، التي يقطنها حوالي 500 ألف مُستوطِن.
كذلك، ترى المنظمة الإسرائيليّة بالإضافة إلى منظمات حقوقية أخرى أنّ الحدود التي تفصل بين الكيان والضفة الغربيّة قد اختفت منذ فترة طويلة، على الأقل بالنسبة للمستوطنين الإسرائيليين، الذين يمكنهم التنقل بحرية ذهاباً وإياباً، بينما يُلزَم أصحاب الأرض الفلسطينيين بحمل تصاريح لدخول الأراضي المغتصبة، وخلُص تقرير المنظمة الحقوقيّة الإسرائيليّة إلى أنّه بعد أكثر من 50 عامًا، لم تكُن هذه الفترة الطويلة كافيةً لإدراك وفهم تبعات وتداعيات استمرار السيطرة الصهيونيّة على الأراضي المحتلة، حيث تقبع الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة والقدس تحت سيطرة العدو الصهيونيّ الغاشم منذ عدوان يونيو/ حزيران عام 1967، في ظل تعنت صهيونيّ وغياب الرغبة الدوليّة، لإخراج قوات العدو من المناطق العربيّة التي احتلتها في عدوانها الهمجيّ، ومن ضمنها الجولان العربيّ السوريّ المغتصب.
وباعتراف المنظمة الإسرائيليّة نفسها، فإنّ سلطات العدو هدمت 729 مبنى فلسطينياً ومرافق ومنشآت إنسانية حيوية خلال العام 2020، بحجة البناء غير المرخص، واعتبرت أنّ سلطات الكيان الوحشيّ شردت بفعل سياساتها 1006 فلسطينيين منهم 519 قاصرًا عقب هدمها 273 منزلًا، مبيّنة أنّ تل أبيب تتذرّع بما تسميه إنفاذ القانون لكي تبرّر حملات هدم المنازل والمرافق والمنشآت، في الوقت الذي لا تمت فيه هذه السياسة إلى القانون بأيّ صلة.
بالمقابل، اعتبرت المنظمة أنّ ما يعرف بـ "جهاز التخطيط" الذي أنشأه العدو للضفة الغربيّة ضمن الإدارة المدنيّة ولشرقيّ القدس عبر بلديّة القدس يكبح أيّ إمكانيّة للتطوير والبناء الفلسطينيّ، ويمنع الفلسطينيّين من بناء منازل لهم، معتبرة أنّ المهمّة الأساسيّة لهذا الجهاز هي "الهدم" عوضًا عن تخطيط البناء بما يلبّي احتياجات السكّان الحاليّة ويُعدّ لاحتياجاتهم المستقبليّة.
علاوة على ذلك، أشارت "بتسليم" إلى أنّ قوات العدو قتلت خلال العام 2020 نحو 27 فلسطينيًّا منهم 7 قاصرين، ومن الشهداء 11 على الأقل استشهدوا دون أي مبرر، إذ لم يشكّل أيّ منهم خطرًا على حياة قوات الاحتلال أو غيرهم، سواء في لحظة إطلاق النار عليهم أو عمومًا، فيما تم توثيق 248 هجوما نفذه مستوطنون إسرائيليون على فلسطينيين، بالضفة الغربيّة، تنوعت ما بين هجمات جسديّة ورشق حجارة نحو منازل الفلسطينيين، واستهداف مزارعين أو ممتلكاتهم بضمنها 80 حادثة إتلاف أشجار ومزروعات أخرى أسفرت عن إتلاف أكثر من 3000 شجرة، في ظل دعم علنيّ ولا متناهي من قوات كيان الاحتلال المستبد، التي تساند المعتدين الصهاينة أثناء هجومهم فيما يقوم ما يطلق عليه "جهاز إنفاذ القانون" بمنع التحقيق في معظم الاعتداءات ويتيح إفلات المجرمين من المساءلة والمحاسبة.
وتشير المعطيات التي قدمتها المنظمة إلى أنّ الاعتداءات القليلة التي يتمّ التحقيق فيها تُغلق معظم ملفّاتها دون اتّخاذ أيّ إجراءات، إذ نادرًا ما حدث أن تمّ تقديم لائحة اتّهام، وفي هذه الحالات النادرة تضمّنت اللّوائح تهمًا لم تعكس الفظائع التي ارتكبها المعتدون، وفُرضت عليهم بالتالي عقوبات مثيرة للسّخريّة مقارنة بجرائمهم بحق الفلسطينيين.
وبحسب ما ذكره التقرير الإسرائيليّ، فإن قوات الاحتلال المعتدية داهمت خلال عام 2020 قرى ومدنًا فلسطينية، 3000 مرة على الأقل، واقتحمت ما لا يقل عن 2480 منزلًا، ونصبت ما لا يقل عن 3524 حاجزًا فجائيًّا، إضافة إلى الحواجز الثابتة بالضفة الغربيّة المحتلة، ناهيك عن اعتقال ما لا يقلّ عن 2785 فلسطينيًّا، مع استخدام العُنف الكلاميّ والجسديّ بغض النظر عما يسببه ذلك من آثار نفسيّة على عائلاتهم.
خلاصة القول، لا يمكن حصر الجرائم التي ارتكبها العدو الصهيونيّ السفاح بحق الفلسطينيين والعرب، وإن ما ذُكر في هذا المقال لا يعدو عن كونه استرجاع تاريخيّ قريب لأبرز الانتهاكات الصهيونيّة التي تكشف عنصريّة الكيان ودمويّته، ناهيك عن الجرائم الكثيرة التي تستهدف الأطفال والشيوخ والنساء جهاراً نهاراً، وهنا لا بدّ من القول أنّ التقارير الأمميّة رغم أهميتها في الإضاءة على جزءٍ يسير من جرائم الصهاينة، إلا أنّها لا تُقدم ولا تؤخر إذا لم تترافق مع محاسبة دوليّة تردع الظالم عن عدوانه بحق الأبرياء.