الوقت- في الشهر الماضي وجهت المحكمة الجنائية الدولية رسالة الى حكومة كيان الاحتلال تتضمن التحقيق بارتكاب مسؤولين إسرائيليين جرائم حرب ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقالت القناة الإسرائيلية "13" إن المحكمة أمهلت إسرائيل 30 يوما، للرد على رسالتها.
وكانت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، قد أعلنت مطلع الشهر الجاري، إطلاق تحقيق بالحالة في فلسطين. ورحبّت السلطة الفلسطينية بالقرار، فيما أدانته إسرائيل بشدة، وطلبت إلغاءه.
وذكرت القناة الإسرائيلية "13" أن الرسالة وصلت إلى إسرائيل، وإن مجلس الأمن القومي للكيان الصهيوني عكف على صياغة الرد الإسرائيلي عليها. ولفتت القناة الإسرائيلية إلى أن الرسالة جاءت في صفحة ونصف الصفحة، وعرضت بإيجاز المجالات الثلاثة الرئيسية التي تنوي تغطيتها وهي "حرب 2014 بين إسرائيل وحماس؛ وسياسة الاستيطان الإسرائيلية، واحتجاجات مسيرة العودة الكبرى (عام 2018) في غزة.
وقالت "من المتوقع أن تستخدم إسرائيل ردها كفرصة للتعبير مرة أخرى عن الحجة القائلة، بأن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص للنظر في القضية".
وأضافت وقتها ان المسؤولين الإسرائيليين يأملون بأن ينجح الجدل حول الاختصاص في تأخير القضية، حتى يتم استبدال المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية المنتهية ولايتها فاتو بنسودا، في حزيران بالنائب البريطاني كريم خان، الذي تأمل إسرائيل أن يكون أقل عدائية أو قد يلغي التحقيق".
الى ذلك اجتمع يوم الخميس الماضي رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزيرا الحرب والخارجية، ورئيس هيئة أركان الجيش، وكبار المسؤولين الآخرين، لمدة ساعتين لمعرفة طبيعة الرد على المحكمة الجنائية الدولية، وفتح تحقيق داخلي في أحداث حرب الجرف الصامد في غزة 2014، واستمرار أعمال البناء في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية وشرقي القدس.
لكن اجتماع كبار مسؤولي الكيان الصهيوني حول طبيعة الرد على محكمة لاهاي لم يؤت ثماره وبقي هؤلاء مترددين في قرارهم حيث إن المعضلة التي ستواجهها إسرائيل في هذه القضية كبيرة فعلا، فإذا أعلن عن إجراء تحقيق ذاتي، فهذا يعني الاعتراف بسلطة المحكمة في لاهاي، وبالتالي ستكون إسرائيل ملزمة بتقديم تقرير إليها كل ستة أشهر عن سير حالة التحقيق، لكن كان هناك احتمال ثالث يمكن بموجبه لإسرائيل أن تطلب تأجيلا فنيا للرد، بسبب الوضع السياسي، والانخراط الكبير بين أحزابها وحكومتها في اتصالاتها لتشكيل الحكومة المتعثرة.
وفي النهاية قررت الحكومة الإسرائيلية، رفض التعاون مع محكمة لاهاي لجرائم الحرب، وأبلغتها في رسالة موجهة إلى المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، تقول فيها إنها ليست مخولة بالتحقيق في جرائم حرب تشتبه بارتكاب إسرائيل لها، خلال الحرب مع غزة في العام 2014، أو في مشاريع الاستيطان، وتؤكد لها أنها لن تتعاون معها.
وتباينت ردود الفعل على رد حكومة الكيان الصهيوني بين المؤيد والمعارض حيث اعتبر العديد من المحللين ان عدم الرد ربما يفتح ابوابا لاجراء تحقيق فوري واعتقال ضباط ومسؤولين صهاينة. بينما عارض البعض الاخر هذا القرار مثل الخبير في القانون الاسرائيلي "نيك كاوفمان" الذي قال إن “قرار الحكومة بعدم الاعتراف بسلطة التحقيق في محكمة العدل الدولية في لاهاي لا يقدم شيئًا، وكان من الأفضل لو لم ترد على طلب بفتح تحقيق ضد ما يتردد عن الجرائم التي ارتكبتها ضد الفلسطينيين، واختيار مسار عمل قد ينقذ إسرائيل من التحقيق”.
وأضاف محامي الدفاع السابق بالمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، في حوار مع القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، أنّه “كانت هناك فرصة إسرائيلية للهروب من التحقيق الدولي، من خلال عدم الإجابة بالأساس على رسالتها، وفي هذه الحالة يمكن اقتراح مسار آخر قد ينقذ إسرائيل من التحقيق، لكن من الواضح أنّ صناع القرار في تل أبيب لا يفهمون جوهر رسالة المحكمة، وكأنّه تمّ القبض عليهم وهم مخطئون”.
وأكّد أنّ “رد إسرائيل على المحكمة الدولية في لاهاي بأنه ليس لديها سلطة التحقيق في مزاعم جرائم الحرب في قطاع غزة والضفة الغربية، جاء عقب جلستين برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وحضور وزراء الأمن بيني غانتس والتعليم يوآف غالانت والطاقة يوفال شتاينتس، والنائب العام أفيحاي ماندلبليط، ورئيس الأركان أفيف كوخافي ورئيس مجلس الأمن القومي مائير بن شبات والمدعي العام العسكري شارون آفيك”.
وختم بالقول، إن “الرد الإسرائيلي استند إلى أن المحكمة تجاهلت جرائم الحرب الحقيقية، وتطارد بدلاً من ذلك إسرائيل، كما ردت الولايات المتحدة على القرار، وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس بأن الإدارة الأمريكية تعارض القرار”، على حدّ قول كاوفمان.