الوقت- أعلن مصدر رسمي، أنّ الرباط استدعت السبت السفير الإسباني المعتمد لديها للتعبير عن “سخطها” بسبب استضافة بلاده زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية لتلقّي العلاج على أراضيها.
وقال المصدر إنّ وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة استدعى السفير الإسباني للتعبير له عن “عدم فهمٍ وسخط” و”طلب توضيحات”، بعد أن أكّدت إسبانيا أنّ الأمين العام للبوليساريو ابراهيم غالي يتلقّى العلاج على أراضيها.
وكانت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا قالت خلال مؤتمر صحافي يوم الجمعة إنّ العلاقات مع المغرب لن تتأثّر بعد أن استقبلت بلادها الزعيم الصحراوي الانفصالي لتلقّي العلاج، مشدّدة على “العلاقات الممتازة التي تربط إسبانيا بالمغرب”.
والرباط حليف مهمّ لمدريد، ولا سيّما في مكافحة الهجرة غير القانونية. وكان من المقرّر عقد قمة ثنائية منذ أشهر، لكنها أرجئت رسمياً بسبب جائحة كوفيد-19.
وكان انفصاليو جبهة بوليساريو أعلنوا الخميس في بيان أنّ زعيمهم إبراهيم غالي يتلقّى العلاج و”يتماثل للشفاء” بعد إصابته بكورونا، دون أن يكشفوا مكان وجوده.
وجاء البيان ردّاً على مقال نشرته مجلة “جون أفريك” الأسبوعية قالت فيه إنّ المسؤول البالغ 73 عاماً مصاب بالسرطان وأُدخل بشكل طارئ مستشفى في إسبانيا تحت اسم مستعار جزائري.
وكشفت الخارجية الإسبانية في وقت لاحق الخميس أنّ غالي “نُقل إلى إسبانيا لدواعٍ إنسانية بحتة من أجل تلقّي علاج طبّي”، دون مزيد من التوضيح.
ورفضت وزيرة الخارجية الإسبانية الجمعة الكشف عن المكان الذي يتلقّى فيه غالي العلاج أو تفاصيل حول ظروف وصوله إلى بلادها.
وكرّرت أنّ “وجود غالي في إسبانيا يعود لأسباب إنسانية بحتة، لتلقّي العلاج الطبّي”، مشدّدة على التزام “أقصى درجات التحفّظ في ما يتعلّق بالتفاصيل”.
والسبت تناقلت وسائل إعلام مغربية تسجيلات فيديو لثلاثة صحراويين، هم رجلان وامرأة، كانوا يقيمون في مخيّمات تندوف للاجئين الصحراويين في الجزائر، وقد طالبوا في هذه التسجيلات السلطات الإسبانية باعتقال غالي ومحاكمته بتهم ارتكاب “انتهاكات لحقوق الإنسان” وعمليات “تعذيب”.
وفي تسجيل الفيديو ذكّرت المرأة الصحراوية بأنّها بصفتها “ضحية لهذه الجرائم” سبق لها وأن رفعت دعوى ضدّ غالي في إسبانيا.
ومنذ عقود يدور نزاع حول الصحراء الغربية بين جبهة بوليساريو والمغرب الذي يسيطر على أغلب أراضي المستعمرة الإسبانية السابقة
وتبدو آفاق الحلّ غائبة في المنطقة الصحراوية التي تصنّفها الأمم المتّحدة بين “الأقاليم غير المتمتّعة بالحكم الذاتي”.
وتطالب بوليساريو بتنظيم استفتاء لتقرير المصير أقرّته الأمم المتحدة، في حين يقترح المغرب الذي يسيطر على أغلب المنطقة منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته.
من هو ابراهيم غالي؟
إبراهيم غالي قائد سياسي صحراوي، يعد من أبرز الفاعلين في قضية الصحراء الغربية وأحد أشهر العسكريين الذين قادوا جبهة البوليساريو في حربها ضد المغرب(1976-1988) تولى منصب وزير دفاع الجبهة، وعمل سفيرا لها في الجزائر وإسبانيا وانتخِب يوم 9 يوليو/ تموز 2016 أمينا عاما للجبهة خلفا لزعيمها الراحل محمد عبد العزيز.
المولد والنشأة
وُلد إبراهيم غالي يوم 19 أغسطس/آب 1949 في مدينة السمارة (إقليم الساقية الحمراء) بالصحراء الغربية لأسرة من قبيلة الرقيبات، فخذ أولاد طالب.
الدراسة والتكوين
لم يتلق غالي تكوينا مدرسيا ذا شأن، وإنما اقتصر تحصيله على الكتاب التقليدي، إذ درس علوم اللغة العربية وبعض المتون الفقهية، وتميز لاحقا بين رفاقه بفضل هذا التكوين، فقد كان أغلب مؤسسي البوليساريو من خريجي المدارس العصرية الإسبانية والمغربية التي تسود فيها اللغتان الإسبانية والفرنسية.
الوظائف والمسؤوليات
تولى إبراهيم غالي عددا من المناصب الرفيعة حزبيا وسياسيا وعسكريا في نظام جبهة البوليساريو، من بينها وزارة الدفاع وعضوية اللجنة التنفيذية وعضوية الأمانة الوطنية، كما كان سفيرا لها في كل من إسبانيا والجزائر. وشارك في الوفد الصحراوي المفاوض للمغرب بدءا من عام 1989.
التوجه السياسي
مال إبراهيم غالي لأفكار اليسار في تلك المرحلة التي ساد فيها الفكر الثوري.
التجربة السياسية
انخرط وهو شاب في الحركة الصحراوية ضد الاستعمار الإسباني التي كان يتزعمها محمد البصيري، فكان أحد مؤسسي "المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء الغربية" عام 1969 بزعامة البصيري، وأصبح أمين سرها.
شارك في تأسيس "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" (البوليساريو) وانتخِب أول أمين عام لها في أول مؤتمر تعقده يوم 10 مايو/أيار 1973، فقاد أول عملية عسكرية يوم 20 مايو/أيار 1973 كانت بمثابة الشرارة الأولى لإعلان الكفاح المسلح ضد إسبانيا، ثم كان حاضرا بقوة في كل المعارك العسكرية التي خاضتها الجبهة بعد ذلك.
تنحى غالي عن الأمانة العام للجبهة في مؤتمرها الثاني (أغسطس/آب 1974) فتولاها الزعيم التاريخي للجبهة الولي مصطفى السيد، وظل فيها حتى مقتله إثر هجوم شنته البوليساريو على العاصمة الموريتانية نواكشوط يوم 9 يونيو/ حزيران 1976.
وحين أسندت قيادة الجبهة إلى محمد عبد العزيز في مؤتمرها الثالث المنعقد في أغسطس/آب 1976، عُين غالي عضوا في لجنة العلاقات الخارجية بالمكتب السياسي للجبهة، فمثلها من موقعه ذلك في العديد من المؤتمرات والمحافل الدولية، وشارك عام 1975 في الوفد الصحراوي المفاوض لإسبانيا بشأن انسحابها من الصحراء.
أعلنت جبهة البوليساريو يوم 26 فبراير/شباط 1976 تأسيس "الجمهورية العربية الصحراوية الشعبية الديمقراطية" التي ظل مقرها قائما في تندوف جنوبي غربي الجزائر، وشكلت في مارس/آذار الموالي أول حكومة لها عُين فيها غالي وزيرا للدفاع.
بقي في منصبه هذا -الذي قاد من خلاله الجبهة في حربها ضد المغرب- حتى 1989، حيث أصبح قائدا للناحية العسكرية الثانية خلال 1989-1993، ثم عاد إلى تقلد وزارة الدفاع من 1993 إلى 1998.
عينته الجبهة "وزيرا للمناطق المحتلة" ما بين 1998 و1999، وممثلا لها في إسبانيا خلال 1999-2008، ثم أصبح عام 2008 سفيرا مفوضا فوق العادة للجبهة في الجزائر. وفي المؤتمر الرابع عشر المنعقد خلال يناير/كانون الثاني 2016 تولى أمانة التنظيم السياسي في الجبهة.
وفي يوم 9 يوليو/تموز 2016 انتخبته جبهة البوليساريو -خلال مؤتمر استثنائي عقدته في مخيمات اللاجئين بتندوف- "بأغلبية ساحقة تجاوزت 90%" من المشاركين (عددهم نحو 2400 مندوب)، أمينا عاما لها ورئيسا للجمهورية الصحراوية خلفا للراحل محمد عبد العزيز الذي توفي يوم 23 مايو/أيار 2016، وتولى قيادة الجبهة بعده مؤقتا رئيس البرلمان الصحراوي خطري آدوه.
وكان غالي مرشحا وحيدا لهذا المنصب نظرا لكونه "أنسب شخصية سياسية وعسكرية محنكة بإمكانها خلافة محمد عبد العزيز في قيادة الجبهة"، حسب تعبير سياسيين صحراويين.
وقد أدى غالي بُعيد انتخابه اليمين الدستورية أمام أعضاء المحكمة العليا الصحراوية والمؤتمرين مرتديا الزي العسكري. وهو ما رأى فيه مراقبون رغبة منه في إظهار تصميم البوليساريو على تحقيق "استقلال الصحراء عن المغرب".
ألقى زعيم البوليساريو خطابه الأول أمام المؤتمرين، حيث دعا قيادات الجبهة إلى "ضرورة تحقيق إصلاحات نوعية على مستوى تقوية البناء التنظيمي والمؤسساتي" للجبهة.
وأضاف غالي إنه "تجب مواصلة وتكثيف الجهود الرامية إلى تقوية جيش التحرير الشعبي الصحراوي وتنويع برامج التكوين والتدريب العسكرية المتخصصة، ودعمه المستمر بالطاقة الشابة والنوعية، وجعله في أقصى درجات الجاهزية والاستعداد لكل الظروف والاحتمالات بما فيها الكفاح المسلح"، مؤكدا أنه "ليس أمام الصحراويين إلا حلان لا ثالث لهما: إما الاستقلال وإما الشهادة".