الوقت - أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في الأيام الأخيرة أن انسحاب القوات الأمريكية سيبدأ في الأول من مايو، وفقًا لجدول زمني.
قوبلت خطوة بايدن هذه بمعارضة بعض النخب السياسية الأمريكية والأفغانية وموافقة البعض الآخر. وتتجه كل الأنظار الآن إلى مستقبل النظام السياسي في أفغانستان، وتأثير هذا الخروج على التطورات الداخلية في أفغانستان.
تسهيل شروط المفاوضات
قال بايدن في خطاب يوم الأربعاء إنه ما كان ليبرم مثل هذا الاتفاق لو كان خلال فترة إدارته، لكنه الآن يرث اتفاقًا من الإدارة السابقة يتردد في تركه للمستقبل.
إن الإنجاز الأكثر أهميةً والذي يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنه تحقق منذ محادثات الدوحة في سبتمبر 2020، هو أن طالبان تعهدت بعدم استخدام الأراضي الأفغانية والمناطق التي تسيطر عليها طالبان لمهاجمة المصالح الأمريكية أو عودة ظهور القاعدة.
بايدن دافع بشكل غير مباشر عن غزو أفغانستان بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وقال إن "المهمة حققت ما خططت للقيام به، لقد تم سحق القاعدة بالفعل، وهربت من أفغانستان".
ولتبرير مغادرة أفغانستان، وهو يعتبر قبولاً للهزيمة في هذه الحرب المکلفة، أضاف: "كان علينا التأكد من أن أفغانستان لن تصبح مكانًا لمهاجمة وطننا مرةً أخرى، وقد حققنا ذلك".
على الرغم من أنه من الواضح أن بايدن يحاول تمهيد الطريق للنهوض بالمحادثات من خلال عكس المواقف السابقة بشأن بقاء القوات الأمريكية على الأراضي الأفغانية، إلا أن تصريحاته تشير إلى نوع من التناقض وعدم اليقين بشأن نتيجة المفاوضات، ومحاولة تجنب النتائج السلبية عبر إطلاق التهديدات.
إضافة إلى جولتي محادثات الدوحة في سبتمبر وديسمبر 2020، جرت محادثات أفغانية بين ممثلين عن طالبان والحكومة الأفغانية في موسكو سابقاً.
في هذا الاجتماع الذي انعقد بين طالبان والحكومة الأفغانية في موسكو في 20 مارس، تعتقد الحكومة الأفغانية أن محادثات الدوحة قد أسفرت عن معظم النتائج لطالبان وأقل نتائج للحكومة الأفغانية.
ولهذا السبب رفضت الإفراج عن 5000 سجين من طالبان مقابل 1000 سجين من الحكومة الأفغانية، كشرط مسبق للمفاوضات. ولکن في النهاية، وافقت على تبادل الأسرى على مضض.
لذلك، لم تسفر المحادثات بين الأفغان حتى الآن عن أي نتائج مهمة، وكان تهديد البيت الأبيض للمسؤولين الأفغان هو الذي أبقى كابول متماشيةً مع المحادثات.
مخاوف بشأن المغادرة غير المسؤولة للولايات المتحدة
في تبريره لانسحاب القوات الأمريكية، قال بايدن إن الديمقراطية غير ممكنة عبر الأدوات العسكرية، لكن الولايات المتحدة ستواصل الدفاع عن حقوق الشعب الأفغاني والنساء بطرق أخرى. ومع ذلك، أثيرت مخاوف بشأن انسحاب القوات الأمريكية من بعض القادة الأفغان.
علی سبيل المثال، حذر رئيس مجلس النواب "مير رحمن رحماني" من انسحاب القوات الأمريكية، وقال: إن "انسحاب القوات الأجنبية في ظل الوضع الراهن قد يؤدي إلى تفاقم الوضع واندلاع حرب أهلية".
إن الميزة الوحيدة التي يأمل بها بايدن هي تقليص الإنفاق العسكري والأمني الأمريكي وغياب القاعدة على الأراضي الأفغانية. وهذا الأمر يصبّ في مصلحة الولايات المتحدة، بغض النظر عن المخاوف الأمنية للحكومة والشعب الأفغاني.
لقد قبلت حكومة الولايات المتحدة عملياً بالهزيمة في أفغانستان؛ ومنذ بداية الغزو العسكري الأمريكي لأفغانستان، قتل 2488 جنديًا أمريكيًا وأصيب أكثر من 20722 في الحرب في أفغانستان. کما قتل أكثر من 40 ألف جندي أفغاني في الصراع منذ 2014، عقب إعلان انسحاب قوات الناتو.
من ناحية أخرى، لم تعلن الولايات المتحدة عن أي سياسة أمنية متماسكة لأفغانستان بعد انسحاب قواتها. بل أوكل بايدن، في تصريحات عامة وسياسة غير مسؤولة، حماية أمن أفغانستان إلى دول حول أفغانستان مثل روسيا والصين وتركيا والهند.
ولکن على سبيل المثال، ليس لدى الهند والصين سياسة أمنية مشتركة في أفغانستان، بسبب الاختلافات السياسية والجيوسياسية. من ناحية أخرى، سيكون للجمهورية الإسلامية الإيرانية التأثير الأكبر على أمن أفغانستان في المستقبل، بسبب القواسم الثقافية المشتركة وكذلك الحدود الجغرافية، لكن بايدن لم يذكر دور إيران في خطابه يوم الأربعاء.
جذور تحديات أفغانستان المستقبلية
بالنظر إلى عملية المحادثات الأمريكية مع طالبان، والمحادثات بين الأفغان، واجتماعات موسكو حول أفغانستان، هناك قضايا رئيسية رفض الجانبان حتى الآن مناقشتها بشكل فعال، وأهمها هيكل النظام السياسي المستقبلي لأفغانستان.
من ناحية أخرى، تؤكد طالبان على الإمارة الإسلامية. من جهة أخرى، ترفض الحكومة الأفغانية بشدة مثل هذا النظام وتعارضه. وقد ألقت هذه الخلافات بظلالها على قمة اسطنبول المقرر عقدها في مايو.
وقال فريدون خوزون، المتحدث باسم المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية، بشأن الوثيقة التي أعدتها لجنة الوحدة الأفغانية، "بمجرد التصديق عليها، ستكون وثيقة جمهورية أفغانستان الإسلامية والتي ستعرض على الاجتماع في تركيا".
بالإضافة إلى ذلك، تقترح خارطة الطريق السياسية الأفغانية التي ستعرض في اجتماع اسطنبول خيارين: الأول هو خيار حكومة السلام، والثاني هو حكومة سلام انتقالية مع تغيير نسبي في هيكل السلطة.
لم تعلِّق طالبان بعد على هذا الموضوع، لكن في محادثات سابقة مع بعض ممثلي طالبان على هامش قمة الدوحة، تحدثوا عن نوع من الإمارة الإسلامية مع بعض الاختلافات عن الماضي.
ومع ذلك، بينما تسعى طالبان للحصول على دعم شعبي للحضور في مستقبل النظام السياسي في أفغانستان، إلا أن الشعب الأفغاني متشكك في مزاعم الجماعة باحترام حقوق المرأة وقبول وسائل الإعلام مثل الإذاعة والتلفزيون والتغييرات الجديدة.
من ناحية أخرى، فإن طالبان والولايات المتحدة لا يثقون في بعضهما البعض في عملية سحب القوات. وكتب المتحدث باسم طالبان في قطر، محمد نعيم، على صفحته على تويتر، أنهم لن يحضروا أي مؤتمر دولي حول أفغانستان حتى يتم الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية. وقد أدى ذلك إلى تأجيل اجتماع اسطنبول من 16 أبريل إلى 24 أبريل.
إن الخلافات والانقسام السياسي القائم من قبل بين أشرف غني وعبد الله عبد الله، مع انسحاب الولايات المتحدة وتقوية حركة طالبان كثقل ثالث لقوة أفغانستان المستقبلية، جعل الاتفاق على هيكل للسلطة السياسية مقبول لجميع الفئات في هالة من الغموض.