الوقت- لقد كان القضاء على حركة "أنصار الله" واحتلال اليمن كله وتشكيل حكومة متقاربة مع الحكومة السعودية والأمريكية من أهم أهداف المملكة العربية السعودية في بداية عدوانها على اليمن مطلع عام 2015، والتي لم تفشل فحسب في تحقيق هذه الهدف، بل أن هذا العدوان كان له نتائج معاكسة. حيث كانت "أنصار الله" حركة محلية صغيرة في اليمن عندما شن التحالف الذي تقوده السعودية هجومه على اليمن، ولكن بعد ست سنوات، نمت هذه الحركة لتصبح جهة فاعلة كاملة وحاسمة ولها ثقلها ليس فقط في اليمن ولكن أيضًا على الصعيدين الإقليمي والدولي، وحتى أصبحت الحكومة الأمريكية تصر على التفاوض معهم. فعلى الصعيد الميداني والسياسي، وفي حين كانت حركة "أنصار الله" قد تركزت قبل ست سنوات في أقل من 10 في المئة من اليمن وخاصة في صعدة، اليوم أصبح حوالي 70 في المئة من المناطق الصالحة للسكن والمهمة من الناحية الاستراتيجية، بما في ذلك صعدة وصنعاء والجوف وذمار وأجزاء مهمة من الحديدة، ومأرب وبعض المناطق الأخرى في شمال اليمن تحت سيطرة هذه الحركة المقاومة. ولم يكن من المعقول إطلاقاً على السعودية وشركائها الإقليميين والدوليين أن تسقط هذه الحركة أكثر من 380 طائرة ومروحية أباتشي وأكثر من 8900 دبابة ومركبة عسكرية وتقتل أكثر من 11 ألف ضابط سعودي وإماراتي في هذه الحرب!
ولقد أصبحت محافظة مأرب خلال الفترة القليلة الماضية التي تعتبر إحدى أهم المناطق اليمنية والاستراتيجية والقاعدة الأساسية لحزب الإصلاح الإخواني وحكومة "منصور هادي" المستقيلة، المركز الرئيس للتطورات الميدانية في البلاد، وذلك عقب نشوب الكثير من الاشتباكات العنيفة بين أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" والقوات التي تقودها السعودية. واليوم، وقت كتابة هذا التقرير، أصبحت قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" على بعد أقل من 6 كيلومترات من مركز المحافظة ووصلت إلى أبواب مأرب خلال عملية تحرير نفذها خلال الايام الماضية. وفي هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أنه خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية تمّكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، من تحقيق العديد من الإنتصارات في محيط مدنية مأرب اليمنية وتمكنوا من توجيه ضربات صاروخية موجعة على منشآت سعودية، كما أنها عمقت عملياتها العسكرية داخل الأراضي السعودية ردا على استمرار عدوان تحالف العدوان السعودي على مواقع مدنية يمنية ولقد أثار تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، الذين أصبحوا يبعدون خطوة واحدة عن تحرير محافظة مأرب بالكامل، مخاوف حكومة الفنادق وقادة الرياض وواشنطن ولندن، الداعمين الرئيسيين لتحالف العدوان السعودي في حرب اليمن.
وخلال الفترة الماضية، بذل تحالف العدوان السعودي كل ما في وسعه للسيطرة على محافظة مأرب وأرسل جميع قوات المرتزقة، بما في ذلك داعش والقاعدة، إلى جبهة مأرب، حتى يتمكن حوالي 40 ألف جندي من الحيلولة دون سقوط هذه المحافظة الاستراتيجية في أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، لذلك، فإن تحرير محافظة مأرب، والذي سيتم وفقًا للتقديرات الحالية قريبًا، يُعد نجاحًا مهمًا لحركة "أنصار الله" وحكومة صنعاء وسيغير التوازن ويفكك القوة التي تقودها السعودية في اليمن، ميدانيًا وسياسيًا وعسكريًا. ولهذا فإن الأمريكيين، على الرغم من مطالبهم بإنهاء الحرب في اليمن، يسعون بشدة إلى منع سقوط هذه المحافظة المهمة والاستراتيجية في أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" وبقائها في أيدي القوات الموالية للسعودية.
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير الإخبارية، أن الرياض أصبحت الآن في مرحلة لا تملك فيها السلطة لتقرير ما إذا كانت ستواصل الحرب أو تنهيها، وذلك لأن الأمريكيين هم من يقودون العملية عمليا، كما أن المسؤولين السعوديين وشخص ولي العهد "محمد بن سلمان" لا يجرؤون على التعليق على هذه الحرب إضافة إلى عجزهم عن اتخاذ اي قرارات تخص هذه الحرب بدون الرجوع إلى البيت الابيض، والآن إذا تحدث ولي العهد السعودي الشاب عن السلام والمفاوضات مع حركة "أنصار الله"، فمن المؤكد أنه أصبح يخاف على مستقبله السياسي عقب فشله في هذه الحرب العبثية. وهذا الامر دفع قادة الرياض إلى الاستنجاد بالدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة لإنقاذهم من هذا المستنقع الذي غرقوا فيه وبالفعل قامت تلك الدول الغربية بالتنديد بهجمات "أنصار الله" على المطارات السعودية وتناسوا الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان السعودي كل يوم في حق أبناء الشعب اليمني.
لقد تصاعدت موجة الضربات الجوية والصواريخ اليمنية على مناطق مختلفة من المملكة العربية السعودية، بحيث استُهدفت في الأيام الأخيرة مراكز اقتصادية وعسكرية عميقة في الأراضي السعودية بشكل متكرر بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار المسّيرة التابعة لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله". ولقد استهدف الجيش اليمني واللجان الشعبية مرة أخرى قاعدة الملك "خالد" الجوية في "خميس مشيط" بالسعودية، صباح يوم السبت الماضي بعد هجوم صاروخي على الرياض قبل عدة أسابيع فيما يعرف بعملية الردع الخامسة ويأتي تتويج هجمات صنعاء على القواعد العسكرية والبنية التحتية الاقتصادية السعودية، رفع تكلفة استمرار الحرب على السعودية وإجبار الرياض على عدم تبني نهج عدواني وإجرامي تجاه الشعب اليمني المظلوم، في وقت تراجعت فيه قيادة السعودية خلال العامين الماضيين وبالتحديد عقب الهجوم الصاروخي على أرامكو في سبتمبر 2019، عن قبول شروط صنعاء واضاعت العديد من الفرص التي عبّرت عن نوايا صنعاء الحسنة بالامتناع عن شن هجمات واسعة النطاق في عمق الأراضي السعودية وذلك في مقابل ايقاف الحرب على أبناء الشعب اليمني وفك الحصار، إلا أن هذا النوايا الحسنة التي أظهرتها صنعاء وحتى الضغط الدولي على الرياض لم يجبر هذه الاخيرة على إنهاء قتلها لليمنيين بضرباتها الجوية، بل إن المسؤولين السعوديين لا يزالون يواصلون إصرارهم على استمرار الحرب.