الوقت- منح مجلس النواب الليبي، الثقة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ، بموافقة 132 عضو، وتعهد دبيبة بإنجاز الاستحقاق الدستوري والانتخابات في الموعد المحدد وحسب الاتفاق الذي تم.
واعتمدت رئاسة مجلس النواب استخدام آلية التصويت المباشر برفع الأيدي بدلاً من التصويت السري؛ وبدأت جلسة منح الثقة بكلمة المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، حيث تلى أسماء المرشحين للمقاعد الوزارية في الحكومة الجديدة و الذين يبلغ عددهم 35 وزيراً.
بعد انتهاء التصويت قال المستشار عقيلة صالح أن عدد النواب الموافقين على منح الثقة للحكومة كان 132 نائباً وأضاف أن مدة ولاية هذه الحكومة ستنتهي في 24 ديسمبر 2021، وبعدها سيتم اعتبارها حكومة تسيير أعمال إلى حين إعلان نتائج الانتخابات المزمع عقدها.
وبدوره عبر رئيس مجلس الوزراء الجديد عبد الله الدبيبة بعد التصويت على منح الثقة عن شكره للنواب لتغليبهم المصلحة الوطنية والتئامهم في الجلسة التاريخية بحسب تعبيره مؤكداً أن «حكومة الوحدة الوطنية هي حكومة كل الليبيين»، ودعا الليبيين إلى «الالتئام وتعويض ما فاتهم في فترة الانقسام».
كما أكد الدبيبة على العمل بكل جهد لدعم المصالحة الوطنية مع المجلس الرئاسي وتعهد بالتعاون مع المفوضية العليا للانتخابات، وإنجاز الاستحقاق الدستوري والانتخابي في الموعد المتفق عليه وقال: «لا مركزية للدولة ولا مركزية للأقاليم»، مؤكداً أن «الأمة الليبية ما زالت بحاجة إلى نوابها لأن الكثير من الاستحقاقات لا زالت تنتظرهم بداية من إقرار الموازنة الموحدة وقانون الاستفتاء أولاً، وصولاً إلى قانون فعال للحكم المحلي ومن ثم الانتخابات».
ردود فعل عربية ودولية
جامعة الدول العربية كانت أولى المرحبين بتصويت مجلس النواب على منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية الجديدة برئاسة عبد الله الدبيبة واصفة ما حدث «بالتوافق العريض الذي ميز النقاشات التي دارت بين أعضاء المجلس والأغلبية الكبيرة التي نالتها التشكيلة الحكومية التي تقدم بها رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة»
حيث أعلنت الجامعة العربية، في بيان لها عن التزامها بمواصلة جهودها في مرافقة ومساندة ليبيا في سبيل استكمال بقية استحقاقات المرحلة التمهيدية، وتوحيد مؤسسات الدولة الليبية، وتمكين السلطة التنفيذية الجديدة من تنفيذ مجمل المهام المكلفة بها من قبل مجلس النواب وفق خارطة الطريق التي اعتمدها ملتقى الحوار السياسي الليبي، وصولاً إلى إجراء الانتخابات الوطنية المقررة نهاية شهر ديسمبر المقبل».
وبدورها هنأت إيطاليا حكومة الوحدة الوطنية الجديدة في ليبيا برئاسة عبد الحميد الدبيبة على نيل الثقة من مجلس النواب وقالت أن ما حدث هو نتيجة مهمة ومشجعة لعملية التطبيع في ليبيا معربة عن ارتياحها لهذه الخطوة.
وقالت وزارة الخارجية الإيطالية، في بيان نقلته وكالة الأنباء الإيطالية «آكي» إن «إيطاليا تتلقى بارتياح كبير، نتيجة التصويت في الجلسة العامة لمجلس النواب الليبي، الذي انعقد في سرت والذي أعطى الثقة لحكومة الوحدة الوطنية بقيادة رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة».
كما سارعت الولايات المتحدة الأمريكية لتهنئة رئيس الحكومة الجديد حيث رحب رحب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بتصويت مجلس النواب الليبي بالثقة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة. وقال « يعد منح الثقة لحكومة جديدة علامة فارقة نحو تحقيق خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي، ونشجع القيادة الجديدة، عند توليها السلطة، على اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان انتخابات وطنية حرة ونزيهة في 24 ديسمبر كخطوة رئيسية نحو الانتهاء من حل سياسي لإنهاء عقد من الصراع».
وأضاف أن النقل السلس والمنظم للسلطة إلى المختارين من الشعب الليبي في هذه الانتخابات «أمر بالغ الأهمية لتعزيز العملية الديمقراطية».
كما رحب أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة باعتماد مجلس النواب الليبي حكومة الوحدة الوطنية الموقتة، معتبراً ذلك خطوة مهمة نحو استعادة الوحدة والاستقرار والأمن والازدهار في ليبيا، وأثنى غوتيريس على مجلس النواب ومنتدى الحوار السياسي الليبي بسبب جهودهم لدفع العملية السياسية في ليبيا إلى الأمام». كما وجه التحية إلى «اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 والسلطات المحلية في سرت لتأمين هذه الجلسة المهمة لمجلس النواب».
من جانبه أصدر مجلس الأمن الدولي بياناً رحب به مجلس النواب الليبي الثقة لحكومة الوحدة الوطنية، المكلفة بقيادة البلاد لتحقيق الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل، مؤكداً أهمية الخطوة في مستقبل العملية السياسية الليبية. وشدد البيان على أهمية توحيد المؤسسات الليبية، على النحو المنصوص عليه في خارطة الطريق التي وافق عليها ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس، نوفمبر الماضي.
وبدوره أثنى رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي موسى فكي محمد على استكمال إجراءات تعيين حكومة الوحدة الوطنية، مثمناً التقدم المتميز على طريق السلام والمصالحة والوئام الليبي الشامل. وأكد فكي استعداد المفوضية إلى جانب كل مؤسسات الاتحاد الأفريقي لدعم الحكومة الليبية الجديدة بما تراه مناسباً في شتي المجالات ذات الصلة و وجه تهنئة لرئيس المجلس الرئاسي محمد يونس المنفي ورئيس الحكومة عبد الحميد محمد الدبيبة إلى جانب كافة مكونات السلطتين والشعب الليبي وقواه الحية.
سباق على الكعكة
لقد كان خبر تشكيل سلطة تنفيذية جديدة في ليبيا محفزاً لعدة دول من أجل البحث عن موطئ قدم لها داخل ليبيا واقتحام السوق الليبي مجدداً والفوز بعقود إعادة الإعمار ونيل حصتها من الكعكة، وذلك في سباق مشحون يعيد رسم خارطة تموقع الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين، ويقلق بلدان الجوار وخاصة مصر وتونس و التي تريد اقتناص حصص كبرى تعويضاً عن تحملها أعباء مالية ثقيلة جراء الأزمة.
وبعيد أول خطاب له بعد تعيينه على رأس الجكومة الجديدة، تعهد عبد الحميد دبيبة بإعادة إعمار ليبيا، وهي وعود أثارت لعاب الكثير من المهتمين من الشركات والمستثمرين والحكومات لإطلاق برامج إعادة تشييد البنى التحتية المنهارة وإصلاح المؤسسات على المدى البعيد.
حيث كشف تقرير المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين عن هذا التنافس بعيد الإعلان عن تشكيل الحكومة الليبية الجديدة، إذ بدأت عدة دول عربية وأفريقية وخليجية وأوروبية محاولات إعادة تموقعها داخل السوق الليبي، وانطلقت العديد من الدراسات والأبحاث لاقتحام السوق الليبية مجدداً ، خاصة أنها أصبحت سوقاً واعدة للإعمار وخصبة للاستثمار وأيضاً مناسبة لليد العاملة، حيث دخلت مصر مباشرة بمفاوضات جديدة حول إعادة مواطنيها للعمل رسمياً داخل ليبيا وزيادة حجم احتياطها من العملة الصعبة الواردة من خلال هذه العمالة.
وانطلقت عدة دول خليجية لتوقيع عقود الإعمار داخل ليبيا، بالإضافة إلى فرنسا وإيطاليا في مجال الطاقة. وقال مجلس رجال الأعمال إن أكثر من 6 آلاف مستثمر عقاري سيستفيدون من عقود إعادة الإعمار في ليبيا.
وفي هذا السياق تبذل دول لها حضور عسكري مباشر في ليبيا قصارى جهدها للحصول على نصيب الأسد في هذه السوق الضخمة، ومن بينها تركيا التي ترفض منافستها أو تضع خطوطاً حول اقتسام كعكة المشاريع الكبرى.
كل ما يحدث بعد هذه التغيرات السياسة تحاول هذه الدول التي لها سوابق استعمارية الاستقادة منه في أن تقتسم حصتها من الاستثمارات في فترة ما بعد الحرب فكل هذه التهنئات والتبريكات ليست من أجل مصالح الشعب الليبي بل هي من أجل مصالح مستثمري هذه الدول وشركاتها واقتصادها.