الوقت- على الرغم من أن برات البيرق، وزير المالية والخزانة التركي السابق، قد استقال من منصبه منذ فترة طويلة وعاد إلى منزله، إلا أن هوامش قراراته وأفعاله، ما زالت ظاهرة في الإعلام والرأي العام والاقتصاد التركي.
انتقد بعض قادة حزب الشعب الجمهوري بشدة في الأيام الأخيرة برات البيرق، معلنين أنه أغرق الاقتصاد التركي في حالة إفلاس خلال فترة توليه منصب وزير المالية والخزانة، وان العواقب المترتبة على ذلك وأخطاءه لن تزول على المدى القصير.
بالطبع، ليس فقط الحزب الجمهوري الشعبي وزعيمه كمال كليجدار اوغلو ولكن أيضا المعارضين الآخرين مثل ميرال أكسينير، زعيمة حزب الخير، وعلي باباجان، زعيم حزب النهضة والديمقراطية، وأحمد داوود أوغلو، زعيم حزب المستقبل ومدحت سنجار زعيم حزب الشعب الديمقراطي تطرقوا الى مثل هذه الانتقادات.
يعتقد هؤلاء أن السياسة النقدية لصهر الرئيس دمرت 128 مليار دولار من احتياطيات تركيا من العملات الأجنبية. لهذا يمكن القول إنه بعد فترة طويلة ظهر اسم صهر أردوغان مرة أخرى، وإلى جانب وسائل الإعلام المرئية والمسموعة الرسمية والصحف والمواقع الإلكترونية، تم ذكر اسم البيرق في مئات المنشورات في الفضاء الإلكتروني. لكن الرئيس دافع عن صهره بضراوة، واصفا إياه بالشخص الذي ساهم في العديد من انتصارات تركيا.
برات بيك كان ناجحا جدا!
في الأيام الأخيرة، دافع العديد من مسؤولي حزب العدالة والتنمية عن صهر أردوغان المستقيل بطريقة توحي بوجود منظمة حزبية في الوسط. حتى ان لطفي علوان، الذي يشغل الآن منصب البيرق السابق، ووفقا للعديد من المحللين، فقد تولى زمام الاقتصاد عن كاهل بيرق وهو منهار ومضطرب، لم يدخر جهدا في دعم صهر الرئيس. لكن من الواضح أن هذا الدعم لم يكن كافياً، لذا ظهر الرئيس نفسه في المقدمة.
وقال أردوغان في مؤتمر حزبه في إزمير إن "حزب العمال الكردستاني استهدف عائلتي كلها بشن حملة ضد برات البيرق. هذه مؤامرة ضدي وعائلتي. وفي كثير من انتصارات البلاد نرى توقيع برات بك. لقد كان وزيراً ناجحاً، وبسبب أدائه اللامع تعرض الآن للهجوم، وفي وسائل الإعلام، كان يلقب بالصهر لدرجة أن انتصاراته الشخصية ونجاحاته لم تُشاهد".
وقال علي باباجان زعيم حزب النهضة والديمقراطية، والذي كان ذات يوم أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية والعقل الاقتصادي للحزب، ردا على تصريحات أردوغان: "تصريحات السيد أردوغان غير مناسبة. لقد ضخوا ما يقرب من 140 مليار دولار من موارد البنك المركزي في السوق للسيطرة على سعر الصرف ومنع الليرة من الانخفاض، ولكن دون جدوى. وفي غضون ذلك استفاد البعض كثيرا وخسرت البلاد".
وكتبت شيرين بايزن، الصحفية التركية المستقلة المعروفة: "عندما تعين أحد أفراد أسرتك وزيراً وتسلمه مفتاح ثروة الدولة وخزينة البلاد بالكامل، يجب أن تكون مستعداً أيضاً لسماع الانتقادات، وإذا لم تكن قادرا على تحمل النقد، فلا يجب عليك تسليم أموال البلد إلى زوج ابنتك. لا علاقة لنا بشؤون عائلتك. لكن الحكومة لنا جميعا ونحن جميعا نتحدث وننتقد".
البيرق من الصعود إلى الهبوط
سرعان ما أشرق نجم إقبال الشاب برات البيرق. والده صادق البيرق، صحفي إسلامي معروف وناشط سياسي من طرابزون تركيا، ولطالما كانت له مكانة خاصة بين المحافظين وكان يحظى بالاحترام.
شقيق برات الأكبر، سرهد البيرق، كان أيضا مسؤولا إعلاميا قويا ومعروفا. ونشأ برات في مثل هذه العائلة ودرس إدارة الأعمال والاقتصاد في تركيا وبريطانيا وامريكا، وبعد عودته للبلاد عمل في عدة شركات عائلية. لكن عندما تزوج ابنة أردوغان الكبرى، مهد الطريق أمامه لدخول عالم السياسة.
كان البيرق لا يزال عضوا بسيطًا في البرلمان، والذي اصطحبه أردوغان إلى اجتماع مع أوباما وآخرين، وأظهرت الأدلة أنه كان لديه مستقبل مشرق لصهره الأكبر.
البيرق هو وزير الخارجية التركي الوحيد وأحد الوزراء القلائل في العالم الذين التقوا بالرئيس الأمريكي في المكتب البيضوي في البيت الأبيض، ويبدو أن هذا النموذج من الاهتمام بالصهر هو عامل مشترك بين ترامب وأردوغان.
يعتقد العديد من المحللين السياسيين الأتراك أن أحد أكبر أخطاء أردوغان السياسية في السنوات الأخيرة كان فرض البيرق كوزير للطاقة والموارد الطبيعية على حكومة داوود أوغلو.
وقال داود أوغلو بعد مغادرته حزب العدالة والتنمية: "قلنا للسيد أردوغان انه ليس من المقرر تولي أقارب مسؤولي الحزب من الدرجة الأولى مناصب" لكنه قال "البيرق صهري".
وبعد تغيير النظام السياسي وتشكيل الحكومة الرئاسية الأولى، أعطى أردوغان أعلى منصب اقتصادي، وزارة المالية والخزانة، إلى البيرق، ما أثار الكثير من الانتقادات.
وبنظرة على شخصية البيرق وطريقة عرضه وخطابه وسلوكه وإيماءاته الجريئة تظهر أنه حاول أن يكون مثالاً لأردوغان نفسه في كل إيماءاته.
وذهب إلى حد القول إن العديد من المحللين يعتقدون أنه إذا حدث شيء لأردوغان أو ترك السياسة، فإن الخيار الأول ليكون الرئيس القادم لتركيا هو البيرق، وكانت فرصه كبيرة للغاية أكثر من المشاهير مثل هاكان فيدان وإبراهيم كولين وسليمان صويلو ونعمان كورتولموس وغيرهم.
لكن ذلك لم يحدث، وبسبب خلاف كبير ومهم، لم يتم تسريب تفاصيله إلى وسائل الإعلام، دفع البيرق إلى الاستقالة والانتقال إلى فيلا والده في طرابزون. لكن الآن، مع دفاع أردوغان الكامل عن البيرق، هناك احتمال أنه قد يعود إلى السياسة وحتى يشغل منصبا مهما كنائب للرئيس.
ويبقى أن نرى ما التغيير الذي ينتظر صهر أردوغان الأكبر في الأيام المقبلة، مع بقاء القليل من الوقت للمؤتمر الرئيس لحزب العدالة والتنمية.
وباختصار، فإن تعيين صهر الرئيس التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية قد كلف الحزب الحاكم ثمناً باهظاً، حيث انه لم يخفض من نسبة تصويت الحزب، ولكنه قام أيضا بابعاد عدد كبير من القادة الاقتصاديين البارزين مثل علي باباجان ومهمت شمشك من قائمة حلفاء أردوغان ووضعهم في صفوف خصومه ومنافسيه.