الوقت- أخيرا وبعد شهور من المفاوضات، وافقت الأطراف في ليبيا على تشكيل حكومة مؤقتة شاملة.
وفي هذا الصدد كانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن أطراف الصراع الليبي انتخبت "محمد يونس منفي" رئيساً للمجلس الرئاسي و"عبد الحميد دبيبة" رئيس وزراء للحكومة المؤقتة في اجتماع عقد في جنيف.
هذا وبدأت المحادثات الجارية بين وفود الحكومة الليبية المعترف بها ومقرها طرابلس وممثلي الحكومة المنافسة في شرق البلاد بدعم من الجنرال خليفة حفتر، يوم الاثنين 1 فبراير في جنيف بسويسرا.
ومن المقرر أن تظل الحكومة الليبية المؤقتة في السلطة حتى إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر، وبعد ذلك سيتم استبدالها بحكومة ديمقراطية شرعية.
في أكتوبر من العام الماضي، اتفقت الأطراف المتنافسة في ليبيا على وقف إطلاق النار بعد صراع دموي بوساطة الأمم المتحدة.
ثم في يناير 2020، استضافت ألمانيا محادثات السلام الليبية، ومن خلال عقد مؤتمر دولي في برلين، سعت إلى إرساء الأساس لإيجاد حلول لإنهاء الحرب الأهلية الليبية.
كيف تم انتخاب الحكومة الليبية المؤقتة؟
يتولى محمد منفي وعبد الحميد دبيبه منصب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء حتى 24 ديسمبر 2021. كما تم انتخاب موسى الكوني وعبد الله اللافي نائبين في المجلس الأعلى للحكومة الليبية.
وضمت القائمة الأولى محمد منفي وعبد الحميد دبيبة وموسى الكوني وعبدالله اللافي وحصلت على 39 صوتا من أصل 74 عضوا في ملتقى الحوار السياسي الليبي.
كما ضمت القائمة الثانية عقيلة صالح وفتحي باشاغا وأسامة جويلي وعبدالمجيد سيف النصر الذين حصلوا على 34 صوتا. ولم يشارك أحد أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي في التصويت.
وعقد ملتقى الحوار السياسي الليبي الأخير في 25 تشرين الثاني بمشاركة 75 ممثلاً من مختلف أنحاء البلاد وبقيادة الأمم المتحدة.
وانعقد الاجتماع الأول للحوار السياسي الليبي في تونس يومي 9 و15 نوفمبر، واتفق الطرفان على إجراء انتخابات رئاسية وعامة في البلاد في 24 ديسمبر 2021.
ووفق تقارير إعلامية عربية، فإن "محمد يونس منفي" هو دبلوماسي مخضرم من شرق البلاد.
عبد الحميد دبيبة، الذي انتخب رئيسا لوزراء الحكومة الانتقالية، يوصف أيضا بأنه رجل أعمال مدعوم من غرب ليبيا.
دعم الأمم المتحدة للحكومة الليبية المؤقتة
رحب الأمين العام للأمم المتحدة بتشكيل حكومة مؤقتة جديدة في ليبيا ودعا جميع الأطراف الليبية والدولية إلى احترام هذا القرار.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس في مؤتمر صحفي "أحث الجميع على الاعتراف بهذه النتائج وقبولها والعمل مع المسؤولين المنتخبين حديثا".
وتابع: "من الضروري جدا أن تتحد ليبيا وتتقدم نحو السلام.
ووصفت المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز اتفاق الأطراف الليبية على تشكيل حكومة مؤقتة بأنه "لحظة تاريخية".
وقالت ويليامز "بالنيابة عن الأمم المتحدة، أتطلع إلى الإعلان عن أننا نشهد لحظة تاريخية".
من هو رئيس وزراء الحكومة الليبية المؤقتة؟
كما ذكرنا سابقا فقد صوت ملتقى الحوار السياسي الليبي في الانتخاب الثاني للسلطة التنفيذية الجديدة لإدراج محمد يونس المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي وعبد الحميد محمد الدبيبة رئيساً لوزراء الحكومة الانتقالية الليبية.
الدبيبة هو رجل أعمال وسياسي ليبي، حاصل على درجة الماجستير في الهندسة من كندا، وهو رئيس مجلس إدارة شركة ليدكو للتنمية والاستثمار الليبية، ومؤسس ورئيس حركة المستقبل الليبية.
وهو من عشائر مصراته يبلغ من العمر 59 عاما وقد أشرف على إنشاء البنية التحتية الليبية مثل المطارات والملاعب ومشاريع إمدادات المياه. كما يتمتع الديبة بعلاقة وثيقة مع النظام التركي.
وخلال ترشيحه لرئاسة الوزراء، تعهد بإجراء الانتخابات ودعم اللجنة الوطنية العليا للانتخابات وإبلاغ الجمهور بالانتخابات والاستعانة بمنظمات دولية مثل الأمم المتحدة لمراقبة الانتخابات الليبية.
وفي حديثه في ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف يوم الأربعاء، قال الدبيبة إنه سيستخدم التعليم والتربية كأداة لتحقيق الاستقرار في البلاد وتنفيذ الدستور وإنشاء أجهزة أمنية محترفة وسيجعل السلاح حكرا للدولة.
قوات حفتر ترحب بانتخاب رئيس تنفيذي جديد في ليبيا
رحب جيش شرق ليبيا، المعروف باسم "الجيش الوطني" بقيادة خليفة حفتر، بنتائج ملتقى الحوار السياسي الليبي والفرع التنفيذي الجديد لقيادة البلاد إلى الانتخابات المقرر إجراؤها في وقت لاحق من هذا العام.
وفي هذا الصدد هنأ المتحدث باسم القيادة العامة للجيش الوطني أحمد المسماري الشعب الليبي على نتائج ملتقى الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، وأشاد بالجهود المتسقة والحقيقية التي يبذلها نائب الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز.
وأكد المسماري أن هذه الجهود أدت إلى اختيار هيئة تنفيذية جديدة تتماشى مع الأهداف الليبية، مضيفا ان القيادة العامة تبارك للشخصيات الوطنية المنتخبة، خاصة محمد يونس المنفي الذي يترأس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد محمد دبيبة رئيس مجلس الوزراء.
وقال المتحدث باسم قوات حفتر: "يأمل الليبيون أن يبذل المسؤولون المنتخبون جهدا دؤوبا ويقدمون الخدمات ويهيئون البلاد للانتخابات العامة في 24 ديسمبر، وستكون هذه بداية للعملية الديمقراطية وبناء ليبيا جديدة كدولة مؤسسات وقانون".
كما رحبت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة بانتخاب مجلس رئاسي وحكومة موحدة لقيادة البلاد في الانتخابات العامة.
وأعلنت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 + 5) بدء إزالة الألغام في 10 شباط مع فتح الطريق الساحلي بين برقة وطرابلس.
ورحبت اللجنة في بيان لها بالتزام قادة الجيش بوقف إطلاق النار وشددت على ضرورة طرد المرتزقة والتنفيذ الكامل لبنود اتفاق جنيف الموقع في 23 تشرين الأول.
الترحيب العربي والغربي بتشكيل الحكومة الليبية المؤقتة
رحبت ثماني دول عربية، من بينها مصر والإمارات والسعودية، بنتائج الحكومة الليبية المؤقتة. كما رحبت جامعة الدول العربية بالتصويت الذي أجراه ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف في الفترة من 1 إلى 5 فبراير، والذي أدى إلى انتخاب أعضاء الحكومة الليبية المؤقتة. كما رحبت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وامريكا بالاتفاق على تشكيل حكومة مؤقتة جديدة في ليبيا، مؤكدة أنه لا يزال يتعين القيام بالكثير من العمل.
ودعت وزارة الخارجية المصرية، في بيان رحبت فيه بنتائج تصويت الجمعية، الليبيين لمواصلة إعطاء الأولوية لمصالحهم الوطنية.
كما أعربت الوزارة عن أملها في التعاون مع الحكومة الليبية المؤقتة في المرحلة المقبلة حتى انتقال السلطة إلى الحكومة المنتخبة بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 24 ديسمبر.
كما رحبت الخارجية الأردنية في بيان بتشكيل الحكومة الليبية المؤقتة، ووصفتها بأنها خطوة إيجابية، ومتمنية لها التوفيق في إدارة هذه الفترة الانتقالية إلى حين إجراء الانتخابات ونقل السلطة إلى الحكومة المنتخبة.
ورحبت الخارجية السعودية في بيان بنتائج التصويت معربة عن أملها في عودة الأمن والاستقرار في ليبيا وأن يحمي هذا الإنجاز وحدة ليبيا وسيادتها.
كما رحبت وزارة الخارجية الإماراتية بتشكيل حكومة مؤقتة جديدة في ليبيا، وأكدت تعاونها الكامل مع الحكومة الجديدة.
كما رحبت وزارة الخارجية القطرية بالخطوة في بيان، ووصفتها بأنها علامة فارقة مهمة، وشددت على ضرورة التزام جميع الأطراف الليبية بالموعد المحدد للانتخابات والعمل على المصالحة الشاملة.
ورحبت وزارة الخارجية الكويتية بالخطوة معربة عن أملها في أن تلبي مطالب الشعب الليبي بما في ذلك الأمن والاستقرار.
وشددت الخارجية البحرينية في بيان لها على أهمية هذا العمل لتعزيز الأمن والاستقرار في ليبيا وتلبية مطالب الشعب، ودعت كل فئات المجتمع الليبي إلى اتخاذ خطوات نحو السلام وإعطاء الأولوية للمصالح الوطنية.
وأشادت تونس في بيان صادر عن وزارة الخارجية بجهود الأمم المتحدة ودورها المحوري في تحقيق هذا النجاح، وهنأت الشخصيات المنتخبة في الاستفتاء، وتمنت لهم التوفيق في مهامهم حتى موعد الانتخابات. وأكدت تعاونها مع الحكومة الليبية المؤقتة لتعزيز العلاقات الثنائية والارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
ووصفت هذه الدول تشكيل حكومة مؤقتة جديدة في ليبيا بأنه "خطوة مهمة" وشددوا على أنه "لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به".
وشددوا في بيان مشترك على أنه يتعين على الحكومة المؤقتة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتوفير الخدمات العامة الأساسية للشعب الليبي وإطلاق برنامج مصالحة قوي ومعالجة احتياجات الميزانية العامة وإجراء انتخابات عامة.
كما رحبت جامعة الدول العربية بعملية التصويت التي أجراها ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف في الفترة من 1 إلى 5 فبراير، والتي أدت إلى انتخاب أعضاء الحكومة الليبية المؤقتة.
ورحب مصدر في أمانة الجامعة بنجاح ملتقى الحوار الليبي وأعرب عن أمله في أن يتم تشكيل المجلس الرئاسي الليبي برئاسة محمد المنفي والحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الحميد دبيبة في أقرب وقت ممكن، وأن يبدؤوا أعمالهم والتحضير للجلسة الرئاسية والبرلمانية والانتخابات في نهاية هذا العام.
وجدد مسؤول الجامعة العربية دعم الجامعة العربية لكافة الجهود الوطنية للتوصل إلى حل نهائي ودائم لليبيا، ودعا إلى تكامل المواقف الدولية والإقليمية دعما لوفد الأمم المتحدة في جهوده لايجاد المصالحة في ليبيا.
إضافة إلى ذلك، قالت الخارجية التركية في بيان: "نرحب بانتخاب الرئيس الجديد وأعضاء المجلس الأعلى للرئاسة الليبية ورئيس الوزراء الجديد، الذين سيظلون في المنصب حتى الانتخابات المقبلة في 24 ديسمبر من هذا العام. "
وأكدت الخارجية التركية أن المجتمع الدولي لن يسمح لأحد بتفويت هذه الفرصة التاريخية في ليبيا هذه المرة.
مشهد ليبيا المشرق
يمكن اعتبار المحادثات الأخيرة بين الجماعات الليبية والاتفاق على تشكيل حكومة نقطة تحول في عدم الاستقرار في هذا البلد. وفي الوقت نفسه، ساهمت التطورات الدولية في نجاح هذه الاتفاقية.
نظرا لأن ليبيا كانت دائما مسرحا للتنافس بين الجهات الأجنبية مثل تركيا وفرنسا ومصر والإمارات في السنوات الأخيرة منذ سقوط العقيد القذافي، يمكن أن يتأثر الاتفاق الداخلي بين مجموعات هذا البلد بشكل كبير ببعض التهدئة بين تركيا ومصر. حيث انه في السنوات الأخيرة، دعمت تركيا الحكومة في غرب ليبيا، بقيادة فايز سراج، ودعمت مصر والإمارات وإلى حد ما فرنسا، الحكومة والمسلحين في شرق ليبيا، بقيادة الجنرال حفتر.
يشار إلى أنه في الشهرين الماضيين تحركت تركيا نحو نوع من التهدئة مع مصر والإمارات، بل أعلنت مصر استعدادها لتطبيع علاقاتها مع تركيا بشروط معينة. حيث يمكن رؤية تراجع التصعيد في العلاقات التركية الإماراتية خلال الأسابيع القليلة الماضية. وفي هذه الحالة، ومع انحسار التوترات بين الجهات الأجنبية، تم التوصل إلى اتفاق بين الجماعات المحلية في البلاد.
ومن ناحية أخرى، كانت ليبيا مصدرا للهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر إلى أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية، وقد بذلت الدول الأوروبية العديد من الجهود لإنشاء حكومة شاملة في البلاد، حيث أظهرت استضافة ألمانيا للمحادثات الداخلية الليبية أن الأوروبيين كانوا يحاولون الخروج من أزمة عدم الاستقرار في ليبيا، ويبدو أن هذا الجزء من الاتفاق بين المجموعات الداخلية في ليبيا وتحركات الجهات الأوروبية قد أتى بثماره.
ومع ذلك فمن خلال الحد من تضارب المصالح للأطراف الأجنبية في التطورات في ليبيا والتوصل إلى اتفاق داخلي في البلاد من أجل تشكيل حكومة شاملة ومؤقتة، يمكن أن نأمل أن تنخفض موجة عدم الاستقرار في هذا البلد الواقع في شمال إفريقيا.