الوقت- لا يكف الكيان الصهيونيّ ومن يدعمه في الولايات المُتحدّة عن مُلاحقة الصحفيّة الفلسطينيّة المحررة، أحلام التميمي، أملاً في إغلاق قضيتها للأبد وبأيّ طريقة كانت، حيث أشارت مواقع إخباريّة نقلاً عن مصادر سياسية مطلعة في تل أبيب، إلى أنّ الضغوط الإسرائيلية متواصلة على الإدارة الأمريكية لإقناع الأردن بتسليم الأسيرة المحررة التي يتهمها الكيان بمساعدة "عز الدين المصري" منفذ عملية مطعم "سبارو" في آب عام 2001 بالقدس المحتلة، والتي أسفرت عن مقتل 15 إسرائيلياً، وإصابة 140 آخرين.
عقب تنفيذ العملية اعتقلت قوات العدو الغاصب أحلام التميمي وحكم عليها بالسجن المؤبد 16 مرة، ومن ثم أبرمت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" والكيان صفقة "شاليط" لتبادل الأسرى في 2011، وتخللها الإفراج عنها بعد عشر سنوات على اعتقالها إضافة إلى الإفراج عن زوجها نزار المتهم بتنفيذ عملية مسلحة عام 1993، ونفيهما للأردن.
وفي هذا الصدد، أعاد الكيان الصهيونيّ اعتقال معظم الأسرى المحررين في الضفة الغربيّة بعد 3 أعوام من الصفقة، عقب عملية قتل 3 مستوطنين في محافظة الخليل عام 2014، وبحكم تواجد التميمي في الأردن، لم يعد بإمكان العدو زجها في السجن، وبقيت الجهة التي كان يمكن أنْ تطالب بمقاضاتها هي الولايات المتحدة.
ومنذ ذلك الحين، يسعى الكيان الغاشم مع مراكز القوة في الولايات المتحدة، للضغط على الأردن لكي يقوم بتسليم أول امرأة تنضم للجناح العسكريّ لحركة حماس "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، فيما يترك الموضوع تأثيره الواضح على العلاقات بين عمّان وواشنطن، حيث أفادت صحيفة "يسرائيل هايوم" العبريّة، أنّه عندما اتصل الملك الأردنيّ، عبد الله الثاني، قبل أشهر بالسيناتور تيد كروز، وطلب منه وقف الضم الإسرائيليّ للضفة الغربية، أجابه: "وماذا عن تسليم أحلام؟".
ومن الجدير بالذكر أنّ الإدارة الأمريكية في عهد ترامب استأنفت إجراء تسليم التميمي عام 2017، ووضعتها ضمن قائمة المطلوبين، حيث عرضت وكالة المخابرات المركزيّة مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يساعدها على تسليم التميمي، كذلك رفضت الخارجية الأمريكيّة الحكم الصادر عن المحكمة الأردنية العليا وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد، والذي يرفض طلب واشنطن تسليم المواطنة الأردنيّة أحلام التميمي، المتهمة بالتورط في هجوم أسفر عن مقتل مواطنين أمريكيين اثنين في العام 2001.
إضافة إلى ذلك، أوضح مسؤول أمريكيّ في إدارة ترامب، ومرتبط بهذه القضية، أنّ هذه المسألة تعتمد على الولايات المتحدة والأردن، لأن الكونغرس اشترط استمرار تقديم المساعدة لعمّان بتسليم التميمي، وهو الذي يجب أن يقرر ما إذا كان سينفذ التهديد، ولا علاقة للكيان الصهيونيّ بهذا الأمر، مع أن المصادر الإسرائيلية والأمريكية تعترف بأنّ الاهتمام بالحفاظ على بقاء النظام الأردنيّ الحليف يتقدم على أيّ شيء آخر.
علاوة على ذلك، بيّن عضو بارز سابق في مجلس الأمن القوميّ بمكتب رئيس الوزراء الصهيونيّ، بنيامين نتنياهو، أنّ الأردن أفضل حليف لتل أبيب من أيّ خيار آخر، خاصة جماعة "الإخوان المسلمين"، أو الدول التي تقف مع إيران كما في سوريّة ولبنان، أو داعش أو الفوضى، مُضيفًا: “صحيح أنّ قضية التميمي حساسة، ولكن تسليمها قد يؤدي إلى سقوط النظام، وفي مواجهة مثل هذه المصلحة، فلا يريد الكيان المجازفة”.
وفي هذا الخصوص، ذكر السفير الأمريكي السابق لدى الكيان الإسرائيلي، دان شابيرو، أنّ واشنطن خلال فترتي أوباما وترامب لم تستخدم جميع الأدوات المتاحة لديها لتسليم أحلام التميمي بسبب المصالح الأمريكيّة في ما أسماه "الاستقرار الإقليميّ"، فيما جاء إبعاد زوج التميمي إلى قطر، كخطوة لتخفيف حدة الغضب الأمريكيّ من الملك الأردنيّ، وفق زعمه.
يشار إلى أنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة تعد المزود الرئيس للأردن من ناحية المساعدات، ففي أوائل العام 2018، وقّعت إدارة ترامب اتفاقية مساعدات بقيمة 6.4 مليارات دولار لمدة خمس سنوات مع عمّان والتي زادت المبلغ السنويّ للمعونة بمقدار 275 مليون دولار إلى 1.3 مليار دولار، وقالت وزارة الخارجية الأمريكيّة حينها، أنّ هذا التعزيز يسلط الضوء على ما أسمته "الدور المحوريّ" الذي يلعبه الأردن في المساعدة على تعزيز الاستقرار الإقليميّ وحمايته، ويدعم الأهداف الأمريكية المزعومة مثل الحملة العالميّة لهزيمة داعش التي أنشأته واشنطن وفق الرئيس ترامب، والتعاون في مكافحة الإرهاب الذي تشكل أمريكا رأس الحرب فيه، والتنمية الاقتصادية، وفق المصادر الإسرائيليّة.