الوقت- بعد الإهانة الكبيرة للشعب السودانيّ التي قامت بها الإمارات، والمتمثلة بمحاولة جعل الشعب السوداني مرتزقة لأبو ظبي عن طريق خداعهم وإرسالهم للقتال إلى جانب القوى التي تدعمها الإمارات في ليبيا واليمن، بيّن عمر العبيد، المستشار القانونيّ للضحايا السودانيين الذين وظفتهم شركة "بلاك شيلد" الأمنيّة الإماراتية، بدء الاستعدادات لرفع دعاوى قضائية إقليميّة ودوليّة بحق 10 شخصيات إماراتيّة وسودانيّة وليبيّة، بتهمة الاتجار بالبشر، عقب جلبهم للعمل في الحراسة الخاصة في منشآت داخل الدولة، ومن ثم تدريبهم عسكرياً بغرض نقلهم للقتال في الخارج.
اتجار بالبشر
في الوقت الذي يعيش فيه الإماراتيون في مستوى عالٍ من الرفاهية، تصر حكومة بلادهم على تحويل حياة بعض الشعوب إلى تعاسة بكل ما تعنيه تلك الكلمة من معنى، حيث تستخدم الإمارات شباب السودان كحطب في محرقة حروبها في بعض الدول كليبيا واليمن، وتستغل حاجتهم للعمل بعد أن يقدموا على فرص عمل في دولة الإمارات، ليتم نقلهم بعد ذلك إلى ليبيا، للقتال بجانب قوات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، الذي يتحارب مع حكومة الوفاق الوطني الليبية (الإخوانيّة المشارب) في البلد الغني بالنفط.
وخلال مؤتمر صحفي في العاصمة الخرطوم، أشار المستشار القانونيّ للضحايا السودانيين، عمر العبيد، إلى مخاطبة منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدوليّة والمعنية بحقوق الإنسان، بخصوص خداع السودانيين من قبل شركة "بلاك شيلد" الإماراتية، فيما تلقوا اتصالات من لجنة الخبراء في الأمم المتحدة المعنية بالحالة الليبيّة، ووعدتهم بتضمين هذه القضية ضمن تقريرها، في ال 10 من كانون الثاني المقبل.
وتشير المعلومات إلى أنّ المتهمين هم 10 شخصيات إماراتيّة وسودانيّة وليبيّة، أبرزهم ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، وخليفة حفتر وضباط من البلدان الثلاثة، إضافة إلى أصحاب شركة "بلاك شيلد" الإماراتية ووكالة سفر سودانيّة، فيما لم تقم الحكومة السودانيّ برفع أيّ دعاوى جنائيّة في المحاكم السودانيّة.
جرائم عابرة للحدود
لا يخفى على أحد حجم التدخلات الإماراتيّة في الشؤون الداخليّة للدول الأخرى وانخراطها حرب "الإيديولوجيات الدمويّة"، فقد تحولت الجرائم الإماراتيّة إلى جرائم منظمة وعابرة للحدود، وهي بالتأكيد تخالف مواثيق الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقيّ والدول العربيّة بخصوص مكافحة الاتجار بالبشر، لكنها تلبي طموح الإمارات في صراعات تحقيق المكاسب على حساب الدول والشعوب تحت مسميات واهية.
وفي هذا الصدد، أعلن محامون سودانيون، في ال 2 من آذار المنصرم، اتخاذ إجراءات قانونيّة بحق وكالات سفر ساهمت في خداع شباب سودانيين بعقود عمل مع "بلاك شيلد"، ثم جرى نقلهم إلى ليبيا، وبحث مجلس الوزراء السودانيّ، في ال 29 من كانون الثاني الماضي، أزمة هؤلاء المتعاقدين السودانيين مع الشركة الإماراتية، عقب احتجاجات متواصلة لأسرهم في العاصمة السودانيّة الخرطوم.
يذكر أنّ صحيفة "ذا غارديان" البريطانيّة، نشرت في ال 25 من كانون الأول عام 2019، تقريراً يفضح تورط أبو ظبي في تمويل نقل مرتزقة للقتال في ليبيا بجانب قوات حفتر، المدعومة من دول عربيّة وغربيّة.
ونشر ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعيّ، صوراً لسودانيين وهم يستعدون لمغادرة مدينة "راس لانوف" السكنيّة الصناعيّة في ليبيا، على متن طائرة تحمل 275 سودانياً في طريق عودتهم إلى الخرطوم، بعد زيادة حدة الاحتجاجات على إرسالهم.
ورغم كل ما ذكر، تزعم الشركة الأمنيّة الإماراتيّة "بلاك شيلد"، أنّها شركة حراسات أمنيّة خاصة، ونفت صحة ما وصفتها بادعاءات متعلقة بخداع العاملين لديها بخصوص طبيعة العمل أو نظامه أو موقعه.
خلاصة القول، تنخرط الإمارات أكثر فأكثر في الحروب والصراعات لتحقيق المكاسب والنفوذ، أملاً بحصة أكبر من كعكة التدخلات في شؤون الدول، غير مكترثة هي وغيرها من المتصارعين في عدد الضحايا والأسر المكلومة والثمن الدمويّ، لهذا لا بد من فضح تلك الحكومة الإجراميّة ومن مثلها ومعاقبتهم أمام المجتمع الدوليّ، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من منهج "عبوديّة" العصر الحديث القائم على استغلال الحاجة الماسة للعمل.