الوقت- كشفت العديد من التقارير الاخبارية، عن تفاصيل اللقاء الذي تم بين الرئيس المنتهية ولايته "عبدربه منصور هادي" الخاضع في العاصمة السعودية الرياض للإقامة شبه الإجبارية ونائب وزير الدفاع السعودي الأمير "خالد بن سلمان" الخميس الماضي. وقالت تلك التقارير، إن "خالد بن سلمان أبلغ هادي أثناء اللقاء بأن أمامه أيام وجيزة فقط لتشكيل وإعلان الحكومة المناصفة بموجب اتفاق الرياض والتي يشترك فيها الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات ويستبعد فيها الإصلاح باستثناء بعض الحقائب الممنوحة له من غير الحقائب المهمة وذات التأثير". كما أكدت تلك التقارير الاخبارية، أن "بن سلمان" أبلغ الرئيس اليمني المستقيل "هادي" أن عليه الإعلان عن تشكيل الحكومة تحت أي ظرف سواء انسحب الانتقالي من عدن أم لا، وكشفت تلك التقارير أن "بن سلمان" أجبر الرئيس المستقيل "هادي" على تأجيل تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض من قبل الانتقالي الجنوبي والذي كان هادي يتخذه شرطاً أساسياً لتنفيذه قبل إعلان الحكومة وإشراك الانتقالي فيها. ولفتت تلك التقارير إلى أن "بن سلمان" التزم للرئيس المستقيل "هادي" بأن تتولى القوات السعودية في عدن حماية حكومة اتفاق الرياض التي سيتم إعلانها في قصر معاشيق بعد عودتها إلى عدن في حال لم يلتزم الانتقالي بتنفيذ التزامه بشأن الشق العسكري والأمني، مشيرة إن "بن سلمان" قال للرئيس المستقيل "هادي"، إن القوات السعودية ستحمي الحكومة في قصر "معاشيق" حتى ينفذ الانتقالي الانسحاب من عدن.
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من المصادر، أن الحكومة اليمنية تتعرض لضغوط سعودية للإعلان عن الحكومة الجديدة من دون تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض الموقع مع المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2019. وأشارت تلك المصادر إلى أن السعودية قدمت مقترحا بتنفيذ جزئي شكلي للشق الأمني والعسكري مقابل إعلان الحكومة. وأضافت تلك المصادر، أن الرياض أبلغت الرئيس اليمني المستقيل "هادي" اعتراضها على المرشحين للوزارات السيادية في الحكومة، وطلبت استبدالهم بأسماء جديدة. وكان مصدر حكومي يمني قال يوم الخميس الماضي، إن "هادي" لن يوقع على إعلان تشكيل حكومة جديدة قبل إعلان المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا التزامه بتنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض المبرم في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، في حين يصر المجلس الانتقالي على تنفيذ الشق السياسي أولا.
ولقد حذرت مصادر سياسية، من خطورة الرضوخ للضغوط السعودية والوعود الإماراتية الكاذبة، التي تحاول من خلالها كلا البلدين تمرير مخطط تشكيل الحكومة القادمة دون إجبار المجلس الانتقالي على تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض الذي تعهد بتنفيذه الامير "خالد بن سلمان"، نائب وزير الدفاع السعودي والمسؤول الأول عن الملف اليمني في الأسرة الحاكمة، خلال فترة التشاور على تشكيل الحكومة ولم يتم واليوم تطالب السعودية تأجيل تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، والذهاب إلى تشكيل الحكومة ومنح الانتقالي الحقائب الوزارية التي ستعمل تحت إدارته وأوضحت المصادر أن الرضوخ لهذه الضغوط والسير في تشكيل الحكومة يعد بمثابة انتصار للإمارات وأدواتها ممثلة بالمجلس الانتقالي، وقوى سياسية ستتحالف مع الانتقالي فور الإعلان عن التشكيلة الحكومية لإعاقة أي توجهات وطنية.
الشق السياسي والشق العسكري من اتفاق الرياض
تجدر الإشارة إلى أن المقصود بالشق السياسي من اتفاق الرياض، عدة بنود أهمها، ما يتعلق بتشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى 24 وزيرا، يعين الرئيس أعضاءها بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية، على أن تكون الحقائب الوزارية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، وذلك خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما من توقيع الاتفاق، شريطة أن يكون الوزراء "غير منخرطين في أي أعمال قتالية أو تحريضية خلال أحداث عدن وأبين وشبوة". بالإضافة إلى تعيين رئيس الجمهورية بالتشاور محافظا ومديرا لأمن محافظة عدن خلال 15 يوما من توقيع الاتفاق، فضلا عن تعيين محافظي ومديري أمن بقية المحافظات الجنوبية خلال 60 يوما. بينما يُقصد بالشق العسكري، عدة بنود أهمها، عودة جميع القوات التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه عدن وشبوة وأبين، منذ شهر أغسطس/آب 2019، إلى مواقعها السابقة، على أن تحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة خلال 15 يوما من توقيع الاتفاق. وكذلك تجميع ونقل الأسلحة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن خلال 15 يوما من توقيع الاتفاق، إلى معسكرات داخل عدن، تحددها وتشرف عليها قيادة التحالف العربي، وأيضا نقل جميع القوات العسكرية التابعة للحكومة والتشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي في محافظة عدن إلى معسكرات خارج المحافظة. علاوة على توحيد القوات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي وضمها لوزارة الدفاع.
لماذا تريد السعودية تشكيل حكومة جنوب اليمن
منذ اليوم الاول للتوقيع على اتفاق الرياض، قامت الرياض بممارسة الكثير من الضغوط على الرئيس المستقيل "منصور هادي" لتشكيل حكومة جنوب اليمن وذلك لأن اتفاق الرياض وتشكيل حكومة جديدة جنوب اليمن تعتبر فرصة ذهبية للسعودية كي تستعيد نفوذًا قديمًا صادرته الإمارات في غفلة من ولي العهد "محمد بن سلمان". لكن فضلًا عن ذلك، فهذا الاتفاق يمنح السعودية غطاءً كافٍ لتعميق نفوذها جنوبي اليمن، خصوصًا مع ضمانها الغطاء الحكومي، واستمرار شريحة مهمة من المرتزقة اليمنيين في منح التدخل السعودي صورة بيضاء، فضلًا عما يمكن وصفه بشبه الاطمئنان لموقفها تجاه قضايا جوهرية، مثل الوحدة الوطنية، والصراع ضد قوات صنعاء. وهذه المزايا باتت الآن تحت طائلة التهديد الحقيقي، مع إصرار المجلس الانتقالي، المدعوم إماراتيًا، على المضي في إجراءات "الإدارة الذاتية"، بما تخلقه من انعكاسات ستعصف باتفاق الرياض. ولعل ما يمكن تأكيده، بعد أكثر من أسبوع على إعلان المجلس الانتقالي، هو أن أسلوب التساهل واستخدام الوسائل الناعمة للضغط على المجلس، فشلت في ثنيه عن التراجع عن إعلانه الانفصالي. وهو ما يدفع الرياض أكثر بخيار استخدام القوة، باعتبارها الخيار الوحيد حاليًا أمام السعودية للضغط على "منصور هادي" لتشكيل حكومة جنوب اليمن وذلك من أجل إنقاذ اتفاق الرياض، وتأمين نفوذها السياسي والعسكري جنوبي اليمن.