الوقت- لم يترك أبناء الراحل زايد بن سلطان، أول رئيس لدولة الإمارات، فصلاً من فصول الخيانة إلا وارتكبوه بحق حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"، بعد العلاقة التي كانت توصف بالدافئة مع والدهم، حيث عملوا على تقويض تلك العلاقة وتمادوا في معاداة فصائل المقاومة الفلسطينيّة وعلى رأسها حماس، وبعد "الخيانة الكبرى" التي قامت بها أبو ظبي واستقبالها وفداً صهيونيّاً - أمريكيّاً، في أول رحلة جويّة تجاريّة انطلقت من مطار بن غوريون، أوضحت حركة حماس، الاثنين المنصرم، أنّ استقبال الطائرة الإسرائيليّة، عبر الأجواء السعوديّة، يُمثّل طعنة في ظهر الشعب الفلسطينيّ، وتشكل تآمراً على نضاله، وخيانةً لمقاومته، وتكريسا للاحتلال، معتبرةً أنّ حكام أبو ظبي يُصرون على الاستمرار في "خطيئة التطبيع" بتوقيع اتفاقية العار مع العدو الصهيوني، ومن خلال الترجمة العمليّة لتنفيذ رحلة رسميّة من الأراضي المحتلة باتجاه الإمارات، عبر أجواء بلاد الحرمين الشريفين.
خطيئة التطبيع
مباشراً جاء البيان الرسميّ لحركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"، التي بيّنت أنّ إصرار حكام دولة الإمارات على الاستمرار في "خطيئة التطبيع" بتوقيع اتفاقية العار مع العدو الصهيوني، لن يُغيّر اتجاه التاريخ، ولن يصنع الوجود والقبول للعدو الصهيونيّ في وعي الشعوب، ولن يحرف بوصلة المقاومة، مشددة على أنّ خيار إنهاء الاحتلال الصهيونيّ البغيض وتحقيق حرية فلسطين سيبقى خياراً استراتيجياً مجمعاً عليه، وأنّ الخيانة لن تفلح في تزييف وعي الشعوب العربيّة عامة، وشعب الإمارات خاصة تجاه الموقف من العدو الغاصب.
وبهذا الصدد، طالبت حماس حكام دولة الإمارات بالتراجع عن اتفاقية التطبيع المُشينة، بعد أن أوضحت على لسان المتحدث باسمها، حازم قاسم، في وقت سابق، أنّ استقبال الإمارات للوفد الصهيونيّ - الأمريكيّ، لتطبيق اتفاق الخيانة، يؤكد استمرارها في مخالفة توجّهات جماهير الأمة، والإجماع الرسميّ الرافض للتطبيع مع العدو الصهيونيّ.
وفي غضون ذلك، تعبر الحركة أنّ السلوك الإماراتيّ يشي برغبتها العارمة في العمل ضد الأمن القوميّ العربيّ، وتعزيز الخلافات في المنطقة، حيث استنكر رئيس الوزراء الفلسطينيّ، محمد اشتية، الإثنين الماضي، هبوط طائرة العدو في أبو ظبي، قائلاً: "يؤلمنا جداً ونحن نرى هبوط طائرة صهيونيّة في أبو ظبي في خرق واضح وفاضح للموقف العربيّ المتعلق بالصراع العربيّ مع العدو الصهيونيّ."
ومن الجدير بالذكر، أنّ طائرة صهيونيّة انطلقت من مطار "بن غوريون"، في أول رحلة تجاريّة للاحتلال إلى أبو ظبي، عبر الأجواء السعودية، بعد أن توصلت الإمارات والكيان الصهيونيّ، في 13 أغسطس/ آب، إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما.
انقلاب المواقف
تتبع الطائرة الصهيونيّة لشركة طيران "العال" التابعة للاحتلال، وتقل وفدين الأول صهيونيّ برئاسة مستشار الأمن القوميّ، مئير بن شبات، والثاني أمريكيّ برئاسة صهر الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر، وبحسب هيئة البث العبريّة الرسميّة فإنّ السعودية وافقت على مرور الطائرة التابعة للعدو عبر أجواءها، فيما لم يصدر أيّ تعقيب من سلطات البلاد حول ذلك.
وفيما تعتبر الفصائل والقيادة الفلسطينيّة، ما قامت به الإمارات يشكل خيانة وطعنة في ظهر الشعب الفلسطينيّ، اعتبرت حماس، أنّ إلغاء أبو ظبي لقانون مقاطعة الكيان الصهيونيّ، يمثل انقلاباً في الموقف الإماراتيّ تجاه القضية الفلسطينيّة، وإعلاناً رسمياًّ عن الاصطفاف مع العدو ضد حقوق الشعب الفلسطينيّ.
وكانت الإمارات قد ألغت بموجب مرسوم رئاسيّ أصدره الرئيس الإماراتيّ، خليفة بن زايد آل نهيان، السبت المنصرم، قانون مقاطعة الاحتلال الصهيونيّ، وسمحت لمواطنيها بالتعاون التجاريّ والماليّ مع الصهاينة، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الرسميّة.
وأشارت وكالة النظام الإماراتيّ، إلى أنّ المرسوم الجديد يأتي ضمن جهود السلطات لتوسيع التعاون الدبلوماسيّ والتجاريّ مع العدو الصهيونيّ، من خلال وضع ما أسمته "خارطة طريق" نحو تدشين التعاون المشترك، وصولاً إلى علاقات ثنائيّة.
وقد جاء إعلان التطبيع الإماراتيّ – الصهيونيّ، تتويجاً لسلسلة طويلة من الخيانة الإماراتيّة، فالتعاون والتنسيق والتواصل وتبادل الزيارات بينهما، لم تكن وليدة اللحظة، لتصبح دولة الإمارات التي تسمي نفسها بالعربيّة، ثالث دولة عربيّة توقع اتفاق سلام مع العدو، بعد مصر عام 1979، والأردن عام 1994.
كذلك، سيتم تطوير العلاقات بين الكيان ودولة الإمارات في عدة مجالات من بينها الاقتصاديّ والعلميّ والتكنولوجيّ والطبيّ والثقافيّ في بداية الأمر، وسيؤدي ذلك بشكل قطعيّ إلى إقامة علاقات دبلوماسيّة بينهما، حيث أعلنت شركة "أبيكس" الإماراتيّة للاستثمار عن توقيع ما وصفته بالاتفاق التجاريّ الاستراتيجيّ، في العاصمة أبو ظبي، مع مجموعة "تيرا" الصهيونيّة، للتعاون في تطوير وتعزيز الأبحاث والدراسات الخاصة بفيروس كورونا المستجد.
وحول اتفاق الاستسلام الإماراتيّ، عبرت شخصيات عربيّة بارزة عن رفضها المطلق للتطبيع مع العدو أو الاعتراف به، معتبرين أنّ التطبيع خيانة وليس وجهة نظر، وأنّ الاعتراف بالكيان الصهيونيّ هو جريمة بحق فلسطين وشعبها والأمة العربيّة والإسلاميّة، موضحين أنّ ما حصل يعدُ طعنة في ظهر الفلسطينيين، وبيّن آخرون أنّ وجود بعض الأنظمة والكيانات مرتبط مباشرة بوجود العدو الصهيونيّ، وسط دعوات إلى استدعاء سفراء الإمارات في بعض الدول العربيّة وآخرون طالبوا بقطع العلاقات بشكل كامل مع النظام الإماراتيّ، فيما تتصاعد المخاوف من المسار الذي ربما تسلكه العلاقات بين العدو الغاصب وبعض الدولة العربيّة أو الخليجيّة، خاصة بعد مرور طائرة العدو من الأراضي السعوديّة.