الوقت- لا يخفى على أحد عقدة النقص التي تعاني منها دويلة قطر، من ناحية الدور والتأثير في المنطقة، فالدوحة الباحثة بشراسة عن أيّ دور إقليميّ يجعلها تفرض نفسها كقوة مؤثرة في الصراعات والحروب والأزمات، التي كانت وما زالت سبباً رئيساً في بعضها، بسبب ثقلها الماليّ لا أكثر، حيث بيّنت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبريّة، أنّ رئيس اللّجنة القطريّة لإعادة إعمار غزة، محمد العمادي، وصل الثلاثاء المنصرم، إلى قطاع غزة المحاصر، عبر معبر بيت حانون-إيرز، للاتفاق على خفض التوتر بين حركة المقاومة الإسلاميّة حماس والعدو الصهيونيّ، والمثير في الأمر أنّ العمادي جاء حاملاً منحة ماليّة قطريّة، ستقدم لحماس لكنها مشروطة بوقف إطلاق البالونات الحارقة والصواريخ من غزة باتجاه المستوطنات في الأراضي المحتلة.
أشارت مواقع إخباريّة إلى أنّ رئيس اللّجنة القطريّة لإعادة إعمار غزة، محمد العمادي، سيجتمع مع رئيس حركة المقاومة الإسلاميّة حماس في قطاع غزة المحاصر، يحيى السنوار، لبحث مطالب الحركة ونقل رسائل وردود العدو الصهيونيّ على مطالب الحركة، حيث أمّنت شرطة غزة دخول السفير القطريّ، ونائبه خالد الحردان، والوفد المرافق لهما إلى القطاع.
وبالرغم من أنّ المساعدات الماليّة لقطاع غزة جاءت في وقتها الصحيح، بسبب الحصار والضغوط التي يفرضها العدو الصهيونيّ على الأهالي هناك، لكن ذلك لا يمكن أن يكون مبرراً لاستغلالها تلك الحاجة، وتكبيل أيدي المقاومين التي هزت كيان الاحتلال وأرعبته، بسبب ممارساته العدوانيّة وحصاره الخانق، في الوقت الذي تعتبر قطر نفسها من أكثر الدول الداعمة لقطاع غزة المكلوم، والمُمول الأهم للمشاريع الإغاثيةّ فيه، تحت شعارات تخفيف الحصار الظاهريّة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ "البالونات الحارقة" التي طوّرها الفلسطينيون لردع الكيان الصهيونيّ عن حصاره واعتداءاته، شكلت رعباً حقيقاً للعدو بسبب بساطة تصنيعها وسهولة إطلاقها وتسببها بحرائق كبيرة في الأراضي الزراعيّة، وقد بدأ استخدام تلك البالونات الحارقة في الأسابيع الأولى لـ "مسيرات العودة"، حيث تسببت في خسارات قدرت بمليون ونصف دولار أمريكيّ، فيما توقف هذا السلاح لفترة وعاد للظهور من جديد وبقوة هذه الأيام، ولم تفلح قوات الاحتلال بإيجاد منظومة ردع لهذا السلاح رغم محاولاتها الحثيثة.
وفي هذا الصدد، تثير الأموال القطريّة المشروطة لقطاع غزة المحاصر، غضب المسؤولين الفلسطينيين في الضفة الغربيّة بسبب تجاهل قطر للسلطة الفلسطينيّة والتنسيق مع العدو الصهيونيّ وحركة حماس.
بناء على ما تقدم، مجهولة هي الأسباب التي دفعت بالدوحة لزيارة القطاع في هذا التوقيت بالذات، وهي تحمل مساعدة ماليّة مشروطة تقدر بنحو30 مليون دولار تقدّمها شهرياً لغزة، بالإضافة إلى اقتراحات ستناقش مع مسؤولين في حماس، بهدف استعادة "الهدوء" مع الكيان الصهيونيّ و "تخفيف" الحصار الذي يفرضه على القطاع، بحسب مواقع إخباريّة فلسطينيّة.
ومن الجدير بالذكر، أنّ رئيس اللّجنة القطريّة لإعادة إعمار غزة، التقى الثلاثاء المنصرم، مع مسؤولين صهاينة موافقين على إعادة إمداد غزة بالوقود لمحطة توليد الكهرباء، وإنهاء الإجراءات العدوانيّة وتخفيف الحصار تدريجياً، بشرط إعادة الهدوء ووقف إطلاق البالونات الحارقة، التي يستخدمها الشعب الفلسطينيّ ومقاومته، في رد على للتهديدات الصهيونيّة، وللدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، ووضع حد لمعاناتهم داخل أراضي بلادهم المحاصرة من قبل العدو، لتدمير حياتهم وعزلهم، عن أراضي بلادهم المحتلة.
وتشير المعطيات، إلى أنّ الدوحة تقدّم 30 مليون دولار شهرياً، لحركة حماس للإنفاق على شراء وقود لمحطة توليد الكهرباء داخل القطاع ولمساعدة نحو 100 ألف عائلة فقيرة، و لتمويل برامج تشغيل مؤقتة لعمّال عبر منظمة الأمم المتحدة.
في غضون ذلك، فرض العدو الصهيونيّ الغاشم سلسلة من الإجراءات الإجراميّة على قطاع غزة، ما أجبر المقاومة على إطلاق البالونات الحارقة، مؤكّدة أنّ ما يسمى "غلاف قطاع غزة" سيعاني طالما غزة تعاني.
وتمثّلت الإجراءات الصهيونيّة، بإغلاق البحر أمام الصيادين ووقف إمدادات الوقود إلى القطاع وإغلاق معبر كرم أبو سالم، ما أدى لتوقّف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة عن العمل بسبب نفاد الوقود، منذ أكثر من أسبوع.
وما ينبغي ذكره، أنّ وفداً أمنيّاً مصريّاً أجرى محادثات مع حماس والكيان الغاصب قبل أسبوع، لاحتواء التوتّر في محيط قطاع غزة وتثبيت التهدئة التي تم التوصل إليها بوساطة القاهرة العام الفائت.
في المحصلة، لا يمكن إنكار أهميّة المساعدات الماليّة المقدمة لغزة، لكن ذلك لا يعني أن نضع الشروط لتكبيل المقاومة ومنعها من الضغط على العدو، لأن ممارساته الإجراميّة تتطلب ذلك بشدّة، خاصة وأنّ المحتل الغاصب لا يفهم إلا لغة القوة، وللمقاومة الفلسطينيّة كلّ الحق في استخدام أي وسيلة لطرد المحتلين، وإنّ الإملاءات القطريّة وما يشبهها تأخر ذلك بشكل حتميّ.